الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاتل والمقتول في النار

اسماعيل شاكر الرفاعي

2022 / 9 / 1
المجتمع المدني


تنسج المعايشة تحت سقف التحديات الضخمة كالحروب ، والسجون والتعذيب وأنواع الاضطهادات : ذكرياتها الخاصة التي لا يمكن نسيانها بسهولة ، ولا تفرط بها المجموعة البشرية التي عاشتها . ولقد سمعت العشرات من تلك القصص التي نسجت علاقات إنسانية عميقة بين مجاميع بشرية تشاركت في الخوف ، وتقاسمت الاحساس الرهيب بالألم وبالمهانة والذل في السجون وفي لحظة التعذيب . وهذا التشارك في لحظات إنسانية فريدة هو الذي يدفع بعض الجنود ، وحتى قبل ان يوجه لهم قائدهم العسكري أَمراً : الى التحزم بشهامتهم وبإنسانيتهم وعبور الارض الحرام ، والعودة بأجساد رفاقهم الذين سقطوا في المعركة ، خوف ان تنهش لحومها الطيور الجارحة ومخالب الحيوانات المفترسة ...

جلدتني كالسياط كلمات قائد التيار الصدري ، كنت انتظر منه تأبيناً لمن قتلوا من تياره في معركة " الخضراء " ، فاذا هو يوجه لهم عقاباً قاسياً : بكلمات غير إنسانية بالمرة ، وفاقدة لروح الألفة والرفقة .. اقسم بأنني قفزت كالملدوغ حين سمعتها ، وكل حواسي تتساءل : كيف اباح مقتدى الصدر لنفسه : ان يطلق هذا الحكم اللاعادل على 33 عضواً من حركته ، ماتوا من اجله ، فهو الذي ورطهم بتسلق جدران المنطقة الخضراء ودخول البرلمان والقصور ..

بالإضافة الى قسوتها : تحمل كلمات مقتدى : حرماناً كاملاً من الحقوق التي يمنحها القانون للقتلى من العسكريين والحشد الشعبي . وصدت آباءهم وعشائرهم من التفكير بالمطالبة بما يترتب على القتلة من ديات كعرف عام سائد . لقد وجهت كلمات مقتدى الصدر الى اهالي القتلى : صفعات متتالية على وجوههم اطارت الشرر من عيونهم ، وتركتهم في ظلمة حالكة يدورون على انفسهم ولا يعرفون ماذا يفعلون : فبدلاً من ان يتلقوا قصائد تمدح ثبات ابنائهم وشجاعتهم وإخلاصهم للقائد ، وهدايا معنوية وأخرى مادية ، تلقوا حرماناً كاملاً في الدنيا وناراً مستعرة في الآخرة ...

أشارك آباءكم وأمهاتكم وعشائركم وأصدقاءكم الاحياء : الحزن على شبابكم المغدور ، وموتكم المجاني من اجل قائد لم يقدر تضحياتكم الكبيرة هذه ( والجود بالنفس أقصى غاية الجود ) واشاركهم الأسى العميق على هذه النهاية العجيبة التي المّت بكم ، واطالب بان تخصص عطلة سنوية لذكراكم ، فأنتم تستحقون حداداً وطنياً للمأساة التي حلت بكم ، اذ جردوكم من كل شيء يشير الى أنكم كنتم تتحلون بالعقلانية والحكمة ، وسلبوكم حقوقكم الشرعية في الدنيا ، وبخلوا عليكم بصفة الشهيد التي تضمن لكم مقعداً في الجنة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي


.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا




.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر


.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي




.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6