الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ملاحق الخطاب الأوّل ) من كتاب الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...

شادي الشماوي

2022 / 9 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة ( ملاحق الخطاب الأوّل ) من كتاب
الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 42 / جوان 2022
شادي الشماوي
الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعيّ الثوريّ ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة

( ملاحظة : الكتاب برمّته متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
-------------------------------------------------------

مقدّمة الكتاب 42

في مستهلّ هذه المقدّمة ، نعرّج قبل كلّ شيء على الثلاث نقاط المسترسلة في العنوان الذى إصطفيناه للكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فقد عمدنا إلى ذلك عمدا عامدين بحثا منّا عن تجنّب التعسّف على الواقع الموضوعي و إضافة مرغوب فيها إلى ضروريّة و ممكنة . الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالفعل ضروريّة و ممكنة كما ترشح ذلك أعمال بحثيّة علميّة مستندة إلى التحليل الماديّ الجدليّ العميق للمجتمع و تناقضاته و إمكانيّات و مسارات تطوّره في عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكية و المصالح العميقة للجماهير ليس فقط في الولايات المتّحدة بل عالميّا أيضا ، أي المصالح الأساسيّة للإنسانيّة . و هذا ما تبيّنه بجلاء أعمال بوب أفاكيان ، خطاباتا و بحوثا و دستورا ، التي يقوم عليها هيكل هذا الكتاب و فصوله . إلاّ أنّ هناك بُعدٌ آخر لا يزال غائبا بصفة ملموسة ألا وهو بُعدُ المرغوبيّة بمعنى أن تكون هذه الثورة فضلا إلى ضرورتها و إمكانيّتها مرغوب فيها جماهيريّا و شعبيّا . القيادة و الحزب الطليعي و البرنامج و الإستراتيجيا و طريق الثورة و ما إلى ذلك متوفّرين في الأساس كعنصر ذاتيّ و الوضع الموضوعيّ متفجّر و قابل للتفجّر اكثر و يحتمل حلّين راديكاتليّين ، كما يقول بوب أفاكيان ، إمّا حلّ رجعيّ و إمّا حلّ ثوريّ يمكن إنتزاعه إنتزاعا – حين ينشأ وضع ثوريّ تستغلّه الطليعة الشيوعيّة لتقود الجماهير الشعبيّة لصناعة التاريخ بالإطاحة بالنظام و الدولة القائمين و بناء نظام و دولة جديدين و غايتهما الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالميّ - شرط أن تصبح الثورة الشيوعيّة مرغوب فيها من قبل الجماهير الشعبيّة التي ينبغي أن يرتقى وعيها الطبقي و الشيوعي فتغدو ثوريّة و تبذل قصارى جهدها لإنجازها . و هذه المرغوبيّة في الثورة الشيوعيّة – الإشتراكية حاليّا في هذا البلد الإمبريالي – هي محور نضالات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة و مهمّته المركزيّة راهنا . و خطابات بوب أفاكيان و كتاباته تتنزّل في هذا الإطار .
قبل سنوات في العدد التاسع من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " الذى إخترنا له من العناوين عنوان " المعرفة الأساسيّة لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( من أهمّ وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) "، صغنا مقدّمة عرّفنا بفضلها بإختصار بهذا الحزب و بالصراعات العالميّة حينها و نعتقد أنّ بضعة فقرات من تلك المقدّمة لا تزال مفيدة اليوم في التعريف بهذا الحزب بشكل مقتضب :
" الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية حزب ماركسي - لينيني - ماوي تأسّس أواسط السبعينات من القرن العشرين و تعود جذوره إلى الستينات و السبعينات أي هو نتيجة الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية و الصراع الطبقي على النطاق العالمي لا سيما النضال ضد التحريفية المعاصرة عالميا و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين و تأثيرها المزلزل عالميا كثورة داخل الثورة و قمّة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى تقدّمها نحو الشيوعية.
تأسّس الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى خضمّ صراع طبقي محتدم فى البلاد و عالميّا سنة 1975 و جاء ثمرة نضالات عدّة مجموعات ثورية أهمّها " الإتّحاد الثوري" و إمتدادا لنضالات الستينات و السبعينات على شتى المستويات ، على أنّه تحوّل نوعي بإعتبار تبنّى المبادئ الشيوعية الثورية الحقيقية ووسائل النضال البروليتارية الثورية و غاية الثورة البروليتارية العالمية ، تحقيق الشيوعية من خلال الثورة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهلية لتحطيم دولة البرجوازية الإمبريالية و إرساء دولة إشتراكية كقلعة من قلاع الثورة البروليتارية العالمية تعمل على السير صوب تحقيق الشيوعية على النطاق العالمي .
وقد شهد هذا الحزب فى مساره عدة صراعات الخطين منها نذكر على وجه الخصوص الصراع الكبير حول الموقف من الصين بعد إنقلاب هواو - دنك عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 حيث عدّ البعض من القادة و الكوادر أنّ الصين لا تزال على الطريق الإشتراكي فى حين أكّدت الأغلبية إستنادا لدراسات على مختلف الأصعدة أنّ الصين شهدت تحوّلا من صين إشتراكية إلى صين رأسمالية و بالتالى وجب القطع معها و فضحها عالميّا . و خرج الخطّ الشيوعي الثوري الماوي منتصرا ما جعل أنصار دنك سياو بينغ يستقيلون من الحزب أو يطردون منه .
و مثّل ذلك حدثا جللا بالنسبة للبروليتاريا العالمية إذ أنّ الحزب الشيوعي الثوريّ الأمريكي وقد حسم الموقف لصالح الشيوعية الثورية و الماوية و الدفاع عن إرث ماو تسى تونغ و الثورة البروليتارية العالمية صبّ جهوده نحو إعادة البناء الثوري للأحزاب و المنظمات بإتّجاه الإعداد للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية على شتّى المستويات. و للتاريخ نذكّر بأنّه بمعيّة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي صاغا مشاريع وثائق كانت بمثابة أرضية منذ 1981 لتوحيد الماركسيين - اللينينيين الحقيقيين [ الماويّين ] بدعم هام من الحزب الشيوعي لسيلان لتنتهى هذه النضالات و النقاشات التي شملت الكثير من المنظمات و الأحزاب الأخرى عبر العالم إلى تشكيل الحركة الأمميّة الثوريّة على قاعدة الندوة الثانية و بيان 1984 و إلى إصدار مجلّة " عالم نربحه " منبرا فكريا للنواة السياسية الساعية لإعادة بناء قيادة عالمية جديدة للحركة الشيوعيّة العالميّة. و بموجب تطوّر الصراعات الطبقية عالميّا و بفعل الصراع الداخليّ للحركة الأمميّة الثورية حصلت قفزة نوعيّة أخرى فى 1993 بإعلان تبنّى الحركة جميعها للماركسية - اللينينية - الماوية علما للثورة البروليتارية العالميّة ... "
( إنتهى المقتطف )
و حدث إنشقاق صلب الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى تقريبا 2006 و إنقسمت الماويّة إلى إثنين ( أنظروا كتاب " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، العدد 13 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ) و أنتج الحزب الشيوعي الثوري أعمالا عدّة خائضا صراع الخطّين داخل الحركة الماوية و الحركة الشيوعيّة العالميّة تجدون أهمّها في عدّة كتب بمكتبة الحوار المتمدّن وهي موثّقة في فهارس كتب شادي الشماوي كملحق لهذا الكتاب 42 . و إلى ذلك لزاما علينا أن نذكر أبرز كتابين مطوّرين للماركسية – اللينينيّة – الماويّة : الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة لمهندسها بوب أفاكيان " إختراقات الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة خلاصة أساسيّة " ( الكتاب 35 ) و " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ( الكتاب عدد 38 ) . و من يتطلّع إلى التعرّف على بوب أفاكيان فعليه ، على سبيل المثال لا الحصر ، بسيرته المعروضة في هذين الكتابين .
و نكتفى بهذا مدخلا و ندعو القرّاء للتمعّن مليّا في مدي أهمّية ظفر ثورة إشتراكية هدفها الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالمي و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في قلب الغول الإمبريالي الأمريكي ، بالنسبة للحركة الشيوعية العالميّة و للبروليتاريا العالميّة و لجماهير الإنسانيّة ...
و محتويات هذا الكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فضلا عن هذه المقدّمة :
الفصل الأوّل - الخطاب الأوّل : لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة
I - وحدها ثورة فعليّة بوسعها أن تحدث التغيير الجوهريّ الذى نحتاج إليه ؛
إضطهاد السود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة
إضطهاد النساء و العلاقات الجندريّة الإضطهاديّة
حروب الإمبراطوريّة و جيوش الاحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة
شيطنة المهاجرين و تجريمهم و ترحيلهم و عسكرة الحدود
تحطيم الرأسماليّة – الإمبرياليّة للكوكب
- كيف يمكننا أن ننجز حقّا ثورة ؛II
ملاحق الخطاب الأوّل (4) ( حسب التسلسل التاريخيّ و هي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها )
-1- بصدد إمكانية الثورة
- ردّ جريدة " الثورة "
- رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة :
- إستنتاجات جديدة و هامّة :
* بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة
- 2-" بصدد إستراتيجيا الثورة "
- مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة :
- التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته :
- ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية :
- 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة "
- 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
- ما نحتاج القيام به الآن
- كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
الفصل الثاني - الخطاب الثاني : أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة
1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة
2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة
- الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم "
- الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة
- سياسات الهويّة و الفرديّة
- الفرديّة و " اللامبالاة "
3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة
4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة
5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟
- كسر قيود الفرديّة الطفيليّة
6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله !
هوامش
الفصل الثالث - الخطاب الثالث : شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛
أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة
...
ملاحق الخطاب الثالث ( 5 )
1- ثورة حقيقيّة ، تغيير حقيقي نكسبه – المزيد من تطوير إستراتيجيا الثورة
- النضال ضد الفاشيّة الآن و النضال المستقبلي الشامل
- إلحاق الهزيمة ب " التطويق و السحق " و التقدّم بالنضال الثوري
- " عدد من جريدة الثورة خاص بالجولة الوطنيّة تنظّموا من أجل الثورة – ماي 2019 : 5-2-6 : 5 أوقفوا ؛ 2 خياران و 6 نقاط إنتباه
2- سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء
3- بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة
هذه الثورة ليست مجرّد " فكرة جيّدة " – إنّها عمليّا ممكنة
4- هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة
- أوّلا ، بعض الحقائق الأساسيّة
- لماذا يعدّ هذا الزمن زمنا تصبح فيه الثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا
- ما يجب القيام به لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة
- خاتمة
5- لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا راديكاليّا – فهم علميّ أساسي
- مثال توضيحي لهذه العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّتين : لماذا لا يزال السود مضطهَدين بعدُ بخبث ؟
- يتوفّر الآن أساس تحرير كافة الناس المضطهَدين و كافة الإنسانيّة
- من أجل التغيير الجوهريّ للمجتمع ، ينبغي إفتكاك السلطة
- هذه الثورة ممكنة و الحاجة إليها ملحّة
الفصل الرابع - دستور المجتمع البديل : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مقترح )
تقديم : حول طبيعة هذا الدستور و هدفه و دوره
يشمل هذا الدستور مدخلا و ستّة أبواب :
الباب الأوّل : الحكومة المركزية .
الباب الثاني : الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية .
الباب الثالث : حقوق الناس و النضال من أجل إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد كافة .
الباب الرابع : الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا .
الباب الخامس : تبنّى هذا الدستور .
الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور .
----------------------------------------
بمثابة الخاتمة : التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح
ملحق الكتاب 42 : فهارس كتب شادي الشماوي
--------------------------------------------------------------------------------------------------
ملاحق الخطاب الأوّل (4)
( حسب التسلسل التاريخي وهي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها )

ملاحق الخطاب الأوّل (4) ( حسب التسلسل التاريخيّ و هي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها )
-1- بصدد إمكانية الثورة
- ردّ جريدة " الثورة "
- رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة :
- إستنتاجات جديدة و هامّة :
* بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة
- 2-" بصدد إستراتيجيا الثورة "
- مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة :
- التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته :
- ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية :
- 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة "
- 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
- ما نحتاج القيام به الآن
- كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
-1- بصدد إمكانية الثورة
( رسالة قارئ و ردّ الجريدة )
جريدة " الثورة " عدد 102 ، 23 سبتمبر 2007

تلقّت جريدة " الثورة " فى المدّة الأخيرة الرسالة التالية من أحد القرّاء :
الأعزّاء الساهرون على جريدة " الثورة " ،
لقد إطلعت بكبير إهتمام على العدد الخاص لجريدتكم الصادر تحت عنوان" مفترق الطرق الذى نواجه ، و القيادة التى نحتاج " ( " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007 ) . و قد وجدت أنّه باعث على الحيويّة و التفكير ، خاصة أنّه جرى نقاش مسائل الثورة و طبيعتها و القيادة الضروريّة لها نقاشا جدّيا على نحو نادر جدّا هذه الأيّام . و قد إستوقفنى بوجه خاص قسم أكتب بشأنه هو القسم الذى يعالج " المسائل الصعبة " المتّصلة بالثورة . و بالأخصّ ، أحيلكم على المكان الذى يتمّ فيه التطرّق إلى واقع " يقول الفكر السائد إنّ الثورة غير ممكنة فى بلد مثل الولايات المتّحدة " ثمّ يستطرد ليقول :
" لا يمكن إنكار أنّ الأمر قد يبدو بالتأكيد على ذلك النحو . لكن إن كانت الثورة ضروريّة – و هي كذلك - عندئذ مهما كانت العراقيل التى تبدو أمامنا ينبغى أن نتصوّر ، كيف يمكن أن تحدث " ( ص 2 ) لكن بعد ذلك ، فى هذا عدد الخاص ، لا يقع التعمّق فى الحديث عن مسألة " كيف يمكن أن تحدث " أكثر من التشديد على المبدأ الحيوي ل " مثل هذه الثورة – كي تكون ثورة حقيقيّة – يجب أن تكون نتيجة العمل الواعي و المصمّم للملايين " و أنّه " لا يمكن أن تقوم إلاّ عندما يكون النظام فى أزمة عميقة و تكون الجماهير مقتنعة بوجود طريق آخر " ( ص 2 ).
أُدرك أنّ هدف هذا العدد الخاص لم يكن التوغّل عميقا فى هذه المسألة ؛ و فى إرتباط بالتوجّه الذى وقع التأكيد عليه فى ذلك العدد الخاص و بأنّ هذه المسألة يجب أن يتمّ التعاطى معها بغاية الجدّية ، ألقيت نظرة على كتابات وخطابات أخرى أين يتمّ عرض وجهات نظركم حول هذا الموضوع . و على هذا الأساس ، أعتقد أنّ تلخيصا دقيقا للموقف الأساسي الذى تقدّمتم به بشأن كيفيّة القيام بالثورة فى بلد مثل الولايات المتّحدة ، سيكون كالآتى :
بمعنى عام ، هناك نوعان مختلفان من البلدان فى العالم – حفنة صغيرة من البلدان الإمبرياليّة ، مثل الولايات المتّحدة ، و عدد كبير من البلدان المضطَهَدة فى العالم الثالث – و هناك تبعا لذلك طريقان للثورة :
الحرب الطويلة الأمد فى بلدان العالم الثالث و تكون فيها الحرب هي الشكل الأساسي للنضال تقريبا منذ البداية و خلال السيرورة الثوريّة ، و تنطلق فيها هذه الحرب ، من الجانب الثوري ، على نطاق ضيّق و تدريجيّا تُراكم القوى مشيّدة قوّتها و مركّزة على المناطق الريفيّة ، و بصفة متصاعدة محاصرة قلاع سلطة النظام القديم ، فى المدن ، ثمّ عندما تنشأ الظروف الضروريّة ، تُخاض المعارك النهائيّة متركّزة فى المناطق المدينيّة للإطاحة التامة بالنظام القديم ؛ و ما أُطلق عليه " طريق أكتوبر " فى البلدان الإمبرياليّة . ( و هذا حسبما فهمت يتأتّى من كون أوّل ثورة مظفّرة أدّت إلى قيام دولة إشتراكيّة عمّرت عقودا جدّت فى أكتوبر 1917 بروسيا بقيادة لينين و البلاشفة و أنشأت الإتّحاد السوفياتي ) . و يعنى نموذج " طريق أكتوبر " فترة طويلة نسبيّا من النضال السياسي [ غير العسكري فى الأساس ] خلالها يكون الهدف ، كما وضعه لينين ، إعداد العقول و تنظيم القوى من أجل تغيير راديكالي - حينها فقط بإستطاعة نضال مسلّح أن يُشنّ على أساس صحيح و بأفق الظفر. و إضافة إلى ذلك ، لمّا يشنّ هذا الكفاح المسلّح ، فى ظلّ هذه الظروف الثوريّة ، سيتّخذ شكل أوّلا إنتفاضات جماهيريّة تحدث فى نفس الوقت ، فى عدد من المناطق المدينيّة الكبرى ، مع ظهور قوى ثوريّة تفتكّ المبادرة و تظلّ فى موقع هجومي بهدف إلحاق الهزيمة السريعة بقوى النظام القديم و تركيز نظام جديد ثوري على أكبر قدر ممكن من أراضي البلاد . و تاليا ، فى مواجهة أفق محتمل جدّا لأن تتجمّع الطبقة الحاكمة المطاح بها و قوى رجعيّة أخرى و تشنّ هجوما مسلّحا ضد النظام الثوري الجديد ، سيضطر هذا الأخير إلى خوض المزيد من الحرب ، حرب أهليّة ، لإلحاق الهزيمة النهائيّة و التامة بالقوى الرجعيّة و القوى المطاح بها .
و إنطلاقا ممّا إطلعت عليه ، فى هذا النموذج من الثورة الذى تمّ التنظير له بصدد البلدان الإمبرياليّة ، وقع وصف النضال الفعلي لإفتكاك السلطة - الذى سيتبع فترة تامة متميّزة بالعمل الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي – بصيغة الإنتفاضة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهليّة .
أشاطر بقوّة التشديد فى هذا النموذج على أنّه لكي تنجح أيّة ثورة حقيقيّة فى بلد إمبريالي ، و خاصّة قوّة إمبرياليّة عظمى ، ستكون هناك حاجة إلى وضع ثوريّ يؤثّر فى كافة المجتمع ، و يطال كافة المؤسّسات الحاكمة بما فيها آلة الطبقة الحاكمة للقمع ، و يؤدّى إلى مقاومة نضاليّة من أعداد كبيرة من الناس فى قاع المجتمع و من طبقات أخرى أيضا . و سيكون من الخطإ نهائيّا و حتى من الإنتحاري محاولة خوض نضال ثوريّ من أجل السلطة ، أو حتّى الشروع فى نوع من العمليّات العسكريّة من المستوى الأدنى ، فى غياب هذه الظروف .
لكن المشكل كما أرى يكمن فى أنّه حتّى فى مثل هذه الظروف ، لا يبدو نموذج الإنتفاضة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهليّة واقعيّا . و خاصّة ، لا يبدو على الأرجح أبدا أنّ الإنتفاضات المدينيّة ، حتى إن شملت أعدادا هائلة من الناس و وقعت بشكل متزامن فى عدد من المدن ، ستنجح فى النهوض ضد حتّى عدد صغير نسبيّا من القوى العسكريّة للنظام القديم التى ستبقى بالتأكيد تقريبا عتيّة جدّا و جيّدة التنظيم و التدريب و التجهيز . و بطبيعتها ، ستحتاج الإنتفاضات الثوريّة إلى إلحاق الهزيمة بالقوى العتيّة للنظام القديم و تفكيكها فى فترة زمنيّة وجيزة للغاية ، ما سيتطلّب الدخول فى معارك حاسمة و على نطاق واسع من البداية تقريبا .
و مع ذلك ، ستحاول القوى الثوريّة فى حدّ ذاتها فعلا القيام بهذا " منذ البدايات الأولى " ودون أن تمتلك وقتا و تجربة لبناء نوع القوى التى ستكون لديها فرصة كسب معارك من هذا القبيل . و أكثر من ذلك حتّى إن إستطاعت القوى الثوريّة بطريقة ما أن تفلح فى هذه الإنتفاضات الأوّليّة ، سيبدو أنّ أي نظام سترسيه سيكون عُرضة بدرجة كبيرة إلى القوّة المراكمة لعنف القوى الرجعيّة الباقية و المتجمّعة من جديد . و فى ظلّ هذه الظروف ، كيف سيكون من الممكن الإبقاء على النظام الثوريّ و الدفاع عن أراضيه و توفير حاجيات شعبه و كذلك متطلّبات قوى دفاع الدولة الثوريّة المتشكّلة حديثا ؟ و مرّة أخرى ، سيبدو من غير المحتمل جدّا أنّ ذلك سيكون ممكنا ، و عوض ذلك فإنّ هذا النظام الثوريّ الجديد سيمنى بالهزيمة و ستسحق قوّاته فى ظرف زمني وجيز .
هذه فى تقديري مشاكل حقيقيّة جدّا بشأن ما أفهمه على أنّه نموذج " طريق أكتوبر " للثورة فى البلدان الإمريالية . و أثير هذا هنا تماشيا مع و مع تقديري لكون الثورة فعلا مسألة جدّية للغاية و يجب التعاطى معها بجدّية كبيرة – بذات روح محاججة العدد الخاص من جريدة " الثورة " ( عدد 84 ، 8 أفريل 2007 ) بأنّه " إن كانت الثورة ضروريّة – و هي كذلك - عندئذ مهما كانت العراقيل أمامنا ، ينبغى أن نتصوّر كيف يمكن أن تحدث " . و هكذا يظلّ السؤال ماثلا : حتّى فى أفضل الظروف ، فى بلد إمبريالي قويّ مثل الولايات المتّحدة ، هل ستكون الثورة ممكنة حقّا – وإن كان الأمر كذلك ، فكيف ؟
====================================================

ردّ جريدة " الثورة "

من البديهي أنّ المسائل التى أثارتها هذه الرسالة فى منتهى الأهمّية . أنواع المشاكل التى تشير إليها هي أشياء ستطرح نفسها بالفعل بصورة بارزة فى الوقت الذى سيتمّ فيه خوض نضال ثوريّ لإفتكاك السلطة فى بلد إمبريالي . إنّها مسائل تلمس فعلا الموضوع الجوهريّ لما إذا يمكن لنوع النضال الثوري الذى تمّ الحديث عنه فى هذه الرسالة أن يحقّق النجاح . إنّها مشاكل تسلّط الضوء على الحاجة إلى فهم إستراتيجي- أو فى بعض المظاهر الهامّة إعادة صياغة فهم إستراتيجي - فى مجال المقاربة النظريّة و الإستراتيجيّة ، كجزء من تطوير التوجّه الأساسي الذى يمكن أن ينير طريق ثورة مظفّرة .
فى خطاب له فى السنة الفارطة ، " التقدّم بطريقة أخرى " ( الذى جرى نشره كسلسلة من المقالات فى جريدة " الثورة "، وهو متوفّر بأكمله على الأنترنت بموقع (www.revcom.us
لفت بوب أفاكيان الإنتباه إلى واقع أنّ هناك " شيئان إثنان لا نعرف كيف نتعامل معهما – تحديدا ، مواجهة القمع و الإنتصار عمليّا عندما يحين الوقت . و الآن نقطة قول إنّ هذين الشيئين لا نعرف كيف نتعامل معهما ... هو لفت إنتباه إلى واقع أنّه حريّ بنا أن نشتغل عليهما – بالطريقة المناسبة و ليس بالطرق غير المناسبة " .
و يستمرّ ليقول فى ما يتعلّق بمسألة الإنتصار عندما يحين الوقت :
" علينا أن نتعاطى مع و نقارب مسألة الإنتصار بطريقة جدّية للغاية و ليس بطريقة طفوليّة ، و ليس بطريقة تجعله من الأيسر لهذا النوع من القوّة الرجعيّة المتمركزة [ المجسّدة فى الطبقة الحكمة الإمبريالية ] لسحق أيّة محاولة لإيجاد نوع جديد من العالم " .
و لمزيد التشديد على هذا التوجّه ، يُضمِّن بوب أفاكيان فى " التقدّم بطريقة أخرى " فقرة من نصّ نُشر فى جريدة الثورة " تحت عنوان " بعض النقاط الحيويّة للتوجّه الثوري – معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة " . و يُستهلّ هذا النصّ ب :
" الثورة مسألة غاية فى الجدّية و يجب أن نتعاطى معها بريقة جدّية و علميّة ، و ليس عبر التعبيرات الذاتيّة و الفرديّة عن الإحباط و إتّخاذ موقف القيام بأفعال تذهب ضد تطوير الحركة الثوريّة الجماهيريّة التى تهدف إلى - و يجب أن تتميّز بطرق تتناغم جوهريّا مع و تخدم إيجاد- عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير . الثورة ، و بوجه خاص الثورة الشيوعيّة ، هي و لا يمكن إلاّ أن تكون من صنع الجماهير الشعبيّة المنظّمة و المقادة لإنجاز نضال واعي متصاعد للقضاء على كافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و تخطّى الإنسانيّة لها ." ( و يعاد نشر " بعض النقاط الحيويّة ..." فى هذا العدد من جريدة " الثورة " ) .
فى إنسجام مع هذا التوجّه ، فى" التقدّم بطريقة أخرى " ، إنطلاقا ممّا قيل فى" بعض النقاط الحيويّة..."، يدعو أفاكيان إلى الدراسة و الخوض فى مجال النظريّة و الفهم فى ما يتّصل بمشكل الإنتصار عندما يحين الوقت . و مثلما يضع المسألة :
" الآن فى خطابات سابقة ، تحدّثت عن مسارين إثنين فى علاقة بالإنتصار و إفتكاك السلطة عندما يظهر وضع ثوري و شعب ثوري بالملايين . و على ضوء ما قد قرأت للتوّ ( وهو كامل نصّ " بعض النقاط الحيويّة ..." ) و بهذا كعارضة، إن شئتم ، أو كأساس - و من زاوية نظر إستراتيجيّة و ليس آنيّة ، يجب أن نفهم دور هذين المسارين و علاقتهما الجدليّة . إنّهما مساران منفصلان ، وفقط بتغيّر نوعي فى الوضع ( مثلما وقع الحديث عنه فى ما قرأته للتوّ من نصّ " بعض النقاط الحيويّة ..." ) يمكن أن يحصل إندماج بين المسارين الإثنين . و إلى تلك النقطة ، لا يمكن سوى أن يُطوَّرا على نحو منفصل .
المسار الأوّل ، الذى هو محور تركيز و لبّ المسائل الآن ، هو العمل السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي المسترشد بالتوجّه الإستراتيجي للجبهة المتّحدة فى ظلّ قيادة البروليتاريا ، واضعا النظر و معدّا سياسيّا لظهور وضع ثوري و شعب ثوري على نطاق جماهيري . و هذا ما يعنيه " التعجيل بينما ننتظر " تطوّر وضع ثوريّ .
و المسار الثاني يحيل على ، وهو جوهريّا ، تطوير النظريّة و التوجّه الإستراتيجي للقدرة على التعاطى مع الوضع و القدرة على الإنتصار عندما يمكن و يجب على المسارين الإثنين أن يندمجا – مع تغيّر نوعي فى المجال السياسي الموضوعي و مع ظهور وضع ثوري و شعب ثوري ( مثلما تحدّثت عن ذلك هنا و مثلما وقع تكثيفه فى " بعض النقاط الحيويّة ..." ). و المناسب الآن فى هذا المضمار هو الإنتباه إلى مجال النظريّة و التفكير و الفهم الإستراتيجيّين ، و التعلّم بطريقة عميقة و شاملة من أنواع مختلفة من التجارب . هناك حاجة إلى دراسة كافة هذه الأنواع المختلفة من التجارب و إلى تلخيصها من أفق إستراتيجي صحيح - و كلّ هذا لأجل مراكمة المعرفة قصد تعميق الفهم النظري و الفهم الإستراتيجي .
و منطلقا من نقطة أثارها ماو تسى تونغ ، شدّد أفاكيان على التوجّه الجوهري بأنّه فى منتهى الأهمّية عدم النزوع إلى التطيّر و التقاليد – و ما إعتُبر ، إلى حدّ الآن ، صحيحا – و إنّما عوضا عن ذلك مقاربة كافة المشاكل بتفكير نقدي و خلاّق إعتمادا على مبادئ و مناهج علميّة .
رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة :
على ضوء ما تقدّم ، إليكم بعض نقاط التوجّه الأساسيّة التى تمّ التوصّل إليها بفضل مزيد الدراسة و تعميق الفهم النظري .
+ تحليل نوعي البلدان والمقاربتين ( الطريقتين ) الإستراتيجيّتين للثورة و التمييز بينهما ، المقاربتان اللتان وقعت الإشارة إليهما فى رسالة القارئ هذه ، يظلاّن فى الأساس صالحين و هامين . و فى نفس الوقت ، تشير التغيّرات الكبرى فى العالم، و فى بلدان العالم الثالث على وجه الخصوص – بما فيها خاصة النزوح الجماهيري و المتواصل للفلاّحين ( سابقا ) من المناطق الريفية نحو المناطق المدينيّة ، و تضخّم الأحياء القصديريّة بالمدن ، فى عديد هذه البلدان – تشير إلى الحاجة إلى مزيد العمل النظري لبلوغ فهم أعمق لهذه التطوّرات الهامة ، و السيرورة و الديناميكيّة الأشمل التى هي جزء منها و إنعكاسات هذا على النضال الثوري ، حتّى حيث يظلّ الفهم و المقاربة ( الطريق ) الإستراتيجيّين الأساسيّين ، فى بلدان العالم الثالث ، جوهريّا نفسهما – يعنى ، حرب الشعب طويلة الأمد لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف و ثمّ فى النهاية إلحاق الهزيمة بسلطة الطبقات الحاكمة الرجعيّة المتمركزة فى المدن .
+ فى ما يتّصل بالبلدان الإمبرياليّة ( و المسائل المثارة فى رسالة القارئ هذه تركّز على هذا النوع من البلدان ) يبقى صحيحا و نقطة توجّه حيويّة أنّه من أجل أن توجد قاعدة لخوض نضال جدّي من أجل السلطة الثوريّة ، و إمكانيّة الإنتصار فى مثل هذا النضال ، ينبغى أن يوجد تغيّر كبير ونوعي فى الوضع الموضوعي بما فى ذلك المشاعر السياسيّة و مزاج الجماهير الشعبيّة و أعمالها . و مثلما وُضع فى " بعض النقاط الحيويّة للتوجّه الثوري – معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة " :
" و قبل تطوّر الوضع الثوري - و كمسألة مفتاح فى العمل بإتجاه تطوّر شعب ثوري ، فى بلد مثل الولايات المتّحدة – يترتّب على الذين يرون الحاجة إلى ثورة و يتطلّعون إلى المساهمة فيها أن يركّزوا جهودهم على رفع الوعي السياسي و الإيديولوجي للجماهير الشعبيّة و بناء مقاومة سياسيّة جماهيريّة للطرق الأساسيّة التى تتركّز فيها فى أي وقت من الأوقات الطبيعة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة لهذا النظام فى سياسات و أعمال الطبقة الحاكمة و مؤسّساتها و وكالاتها – باذلين قصارى الجهد عبر كلّ هذا لتمكين أعداد متنامية من الناس من إدراك كلّ من الحاجة إلى الثورة و إمكانيّتها عندما تنشأ الظروف الضروريّة بفعل تطوّر تناقضات النظام نفسه و كذلك بفعل النضال السياسي و الإيديولوجي للثوريّين . "
إستنتاجات جديدة و هامّة :
و فى نفس الوقت ، أشارت الدراسة و الفهم النظري كذلك إلى بعض التوجّهات الجديدة و الهامّة :
- حتّى مع وضع ثوري و ظهور شعب ثوري ، فإنّ مشاكلا من النوع الذى تثيره هذه الرسالة و تشدّد عليه ، يمكن تقريبا بصفة مؤكّدة أن لا تعالج بإستراتيجيا الإنتفاضات المدينيّة المتزامنة مؤدّية بسرعة إلى إرساء نظام ثوريّ ثمّ ، على الأرجح، إلى خوض حرب أهليّة لإلحاق الهزيمة النهائيّة بالقوى المتبقّية للطبقة المطاح بها و القوى الرجعيّة الأخرى . و من الأكيد تقريبا أنّ الأمر سيستدعى مقاربة إستراتيجيّة مغايرة عندما تظهر الظروف اللازمة كما تتجسّد فى أزمة ثوريّة فى المجتمع ويظهر شعب ثوري ( مرّة أخرى ، أنظروا " بعض النقاط الحيويّة ..." ).
و إستثناء ممكن لهذا الإستنتاج سيكون تطوّر وضع ثوريّ وفق خطوط تكون شبيهة فى الأساس بما حدث فى" ثورة أكتوبر" الأصليّة فى روسيا . فى مثل ذلك الوضع ، شملت العوامل التى قادت إلى الإنتفاضة المظفّرة :
- واقع أنّ روسيا بينما كانت قوّة إمبرياليّة لها إمبراطوريّة ممتدّة الأطراف ، كانت بلدا متخلّفا للغاية ، ذى مستويات أدنى بكثير فى التطوّر الصناعي من البلدان الإمبرياليّة الأخرى و ذى علاقات إقطاعيّة واسعة الإنتشار لا تزال قائمة لا سيما فى الريف الواسع حيث لا يزال يعيش معظم المجتمع و لا يزال يعانى الأمرّين ؛
- ظروف إستغلال و بؤس شديدين فى أوساط الغالبيّة العظمى من الشعب فى ذلك البلد ، إلى جانب الطبيعة القمعيّة إلى درجة عالية للنظام الأوتوقراطي الحاكم ( الذى كان على رأسه ملك يتمتّع بسلطات مطلقة ، القيصر ) ؛
- و إضافة إلى ذلك ، إحتدام كلّ هذا و حتى منتهى البؤس و اليأس المتزايدين فى صفوف جماهير الشعب جرّاء مشاركة روسيا لسنوات عدّة فى الحرب العالميّة الأولى ، و العبء الفظيع الذى كان على عاتق الشعب فى روسيا و فى صفوف الجيش الروسي .
- واقع أنّ النظام القيصري أُطيح به نتيجة تمرّد جماهيري و كذلك مؤامرة برجوازيّة و إمبرياليّة ، فى الجزء الأوّل من سنة 1917 ( ثورة فيفري ) و أنّ الحكومة البرجوازيّة الجديدة التى صعدت إلى السلطة بفعل ثورة فيفري هذه لم تكن تنوى و فى الأساس لم تكن تستطيع الإنسحاب من الحرب ، رغم تفاقم الغضب الكبير و المتصاعد بإستمرار تجاه الحرب و مطالبة جماهيريّة متعاظمة بإخراج روسيا منها .
فى هذه الظروف و على أساس تعزيز روابطهم و جذورهم ضمن العمّال المستغَلّين ( البروليتاريين ) فى أكبر المناطق المدينيّة فى روسيا – و مع نظام البرجوازيّة الجديدة و قد إزداد ضعفا ( للإسباب المشار إليها أعلاه ) و أقسام من جيشه إلتحقت بالجانب الثوري - إستطاع لينين و البلاشفة ( الشيوعيّون الروس) أن يقودوا الإنتفاضات الجماهيريّة التى أطاحت بالأحرى بسرعة و نسبيّا بقدر صغير من الحرب العمليّة بالحكومة البرجوازيّة و أرست على أنقاضها دولة بروليتاريّة ( الحكم السوفياتي ). و فى حين كانت هذه ثورة حقيقيّة شاركت فيها الجماهير بتمرّد إنتفاضي – و لم تكن مجرّد إنقلاب دفعت إليه أقلّية من المتآمرين – فى هذه الظروف التى جدّت فى روسيا زمنها ( التى لخّصنا هنا بإيجاز ، فى بعض المظاهر الأساسيّة ) كانت الحكومة البرجوازيّة تنهض على قاعدة ضعيفة و متعاظمة الفساد ، و بالأساس غير قادرة على حشد أيّة قوّة ذات دلالة لسحق النهوض الإنتفاضي فى بدايته فسقط النظام القديم بسهولة و سرعة نسبيّتين .
مجمل القول ، كان ذلك مزيجا نادرا من الظروف التى أدّت إلى نجاح ثورة أكتوبر هذه ، فى شكل إنتفاضات مدينيّة جماهيريّة و تقريبا متزامنة .
و بطبيعة الحال ، إن كان الشعب الثوري و كانت قيادته لتجد نفسها فى وضع مشابه جدّا لذلك الذى وُجد فى روسيا سنة 1917 ، عندئذ سيبدو من الجنون و بالفعل من الإجرام أن يخفقا فى إغتنام مثل هذا الوضع للإطاحة بالنظام القديم الفاسد بسرعة و إرساء سلطة ثوريّة جديدة ، وهو أمر ممكن تماما من خلال إنتفاضات مدينيّة جماهيريّة ، مثلما حصل فى روسيا . لكن من المهمّ أن نبقي فى أذهاننا أنّه من المرجّح إلى درجة كبيرة جدّا أن لا تظهر مجدّدا ظروف مشابهة جدّا لتلك فى بلد إمبريالي ، و خاصة فى بلد إمبريالي عالي التطوّر و شديد القوّة . و من المهمّ أيضا أن نبقي فى أذهاننا أنّه رغم أنّ هذه الأحداث فى أكتوبر1917 فى روسيا قد أدّت إلى إنتصار سريع للثورة الإشتراكيّة ، فى مرحلتها الأولى، كان على النظام الثوري الجديد حينها أن يقاتل طوال سنوات من الحرب الأهليّة ضد قوى رجعيّة أعادت تجميع شتاتها بما فيها ضبّاط و فرق من الجيش الرجعي القديم كانت تتمتّع بمساندة عدد من البلدان الإمبريالية ، و البعض منها عمليّا غزت أراضي الجمهوريّة السوفياتيّة الفتيّة أثناء هذه الحرب الأهليّة .
لذا بإقتضاب ، كلّ هذه النقاط تشير إلى إستنتاج أنّ فى المستقبل الثورات فى البلدان الإمبريالية لن تكون على الأرجح قادرة على الإنتصار عندما يصبح النضال من أجل السلطة على جدول الأعمال ، بمحاولة إتّباع المسار الذى سلكته التمرّدات الإنتفاضيّة لثورة أكتوبر فى روسيا .
- فى ما يتعلّق إذن ب " طريق أكتوبر " ككلّ ، هناك بعض المظاهر الأساسيّة التى لا تزال بعدُ قابلة للتطبيق فيما هناك مظاهر أخرى هامة من الأكيد تقريبا أنّها لن و لا يمكن تطبيقها لخوض نضال مظفّر من أجل السلطة .
ما يظلّ قابلا للتطبيق ، بالمعنى الأساسي ، هو أنّ طريق الثورة فى البلدان الإمبريالية يتطلّب فترة كاملة من النضال السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي للإعداد للظهور الممكن لأزمة ثوريّة عميقة و ظهور شعب ثوري ( إعداد العقول و تنظيم القوى من أجل الثورة كما وضع ذلك لينين ) .
و ليس بوسع أيّ كان أن يتنبّأ مسبّقا بالضبط بمدى إمتداد هذه الفترة ( و طبعا سيختلف ذلك من بلد إلى آخر ). لكن مثلما تمّ التشديد عليه فى " التقدّم بطريقة أخرى " ( و فى غيره من المواضع ) ، دور الثوريّين ليس مجرّد الإنتظار بسلبيّة ظهورا سحريّا نوعا ما لوضع ثوريّ و إنّما هو " التعجيل بينما ننتظر " تطوّر هذا الوضع ، هو إنجاز النضال الشامل الإيديولوجي و السياسي لإعادة الإستقطاب داخل المجتمع ، إلى أكبر قدر ممكن ، بإتّجاه أن يكون من وجهة نظر إستراتيجيّة ، أكثر مواتاة للثورة و للإعداد المتنامي لصفوف الشعب ، فى أسفل المجتمع و ضمن الطبقات الأخرى ، و كذلك إعداد الحزب الطليعي نفسه ، لظهور الوضع الثوري .
و فى نفس الوقت ، مثل هذا الوضع ليس شيئا يمكن أن " يقال له كن فيكون " بفعل الإرادة أو حتّى عبر جهود الثوريّين لوحدهم . مثلما يوضّح ذلك " بعض النقاط الحيويّة " ، يأتى هذا " بفعل تطوّر تناقضات النظام نفسه و كذلك بفعل النضال السياسي و الإيديولوجي للثوريّين " . من جهة ، و هذا جدّ هام ، سيكون من الخطإ و عمليّا سيمضى ضد الثورة أن تكون لدينا و أن نفرض على الواقع بعض " الصيغ " و القوالب الجاهزة لكيفيّة تطوّر وضع ثوري و كيف سيبدو عندما يظهر . و من جهة أخرى ، إنّه لأمر واقع أنّ مثل هذا الوضع الثوري سيتّسم ببعض المظاهر و المميّزات المحدّدة جدّا التى ليست ببساطة الإنطباعات الذاتيّة للطليعة الثوريّة ، بل هي تعبيرات موضوعيّة للإحتداد العميق للتناقضات فى المجتمع و فى العالم ككلّ .
و يرتبط هذا بواقع أنّ ، بالمعنى الأساسي ، المعايير التى صاغها لينين ، زمن الثورة الروسيّة لما يميّز وضعا ثوريّا و ما هي الظروف الضروريّة و الأساسيّة لخوض النضال من أجل إفتكاك السلطة فى بلدان مثل روسيا ( أي عموما البلدان الإمبريالية ) تظلّ كذلك صالحة و قابلة بعدُ للتطبيق . قال لينين إنّه فى وضع ثوري :
تغرق الطبقة الحاكمة فى أزمة عميقة تتميّز ضمن ما تتميّز به بنزاعات حادة فى صفوف الطبقة الحاكمة ذاتها ، و من ثمّة تجد نفسها غير قادرة بصفة متصاعدة على الحكم بالطريقة القديمة ؛
و إلى جانب ذلك ، يوجد حزب ثوري يطوّر بإستمرار تأثيرا واسع النطاق وعلاقات ممتدّة و عميقة ضمن أعداد متنامية من المستغَلّين و المضطهَدين فى المجتمع و ضمن كافة الشرائح فى المجتمع ، حتى يكون قادرا على تقديم تعبير أكثر وعيا، و كذلك شكلا و توجّها منظّما لتحديد الأعداد الجماهيريّة الحقيقيّة من الناس اللازمة لإحداث مثل هذا التغيير الراديكالي .
و متحدّثا عن البلدان الإمبريالية ، شخّص لينين أيضا ثلاثة شروط ضروريّة لنضال ثوري من أجل السلطة :
1- يرتهن النضال و خاصة النضال الذى يجسّد أهدافا شيوعيّة ليس فحسب بنشاطات حزب طليعي فقط بل بطبقة متقدّمة تمثّل أساس و إمكانيّة إعادة تشكيل المجتمع على نحو يعالج التناقضات الأساسيّة للمجتمع لصالح المستغَلّين و المضطهَدين، و فى النهاية لصالح الغالبيّة العظمى من الناس . و فى عالم اليوم ، هذه الطبقة المتقدّمة هي البروليتاريا . و كطبقة تمثّل البروليتاريا الوسائل الجماعيّة التى عبرها تتمّ الحياة الإقتصاديّة الأساسيّة و يتمّ السير الأساسي للمجتمع ؛ وهي تجسّد إمكانيّة المسك بوسائل الإنتاج - التقنية و الأرض و المواد الأوّليّة و ما إلى ذلك – التى هي فى حدّ ذاتها نتاج العمل الجماعي ، و تغييرها خطوة خطوة إلى موارد جماعيّة للمجتمع . ( الأرض و المواد الأوّليّة فى حدّ ذاتها " توفّرها الطبيعة " لكن كي تصبح جزءا من سيرورة إنتاج الثروة ، بشكل أو آخر ، يجب أن تندمج فى نوع من نظام الإنتاج الإنساني و العلاقات الإجتماعيّة و أن يشتغل عليها البشر- يزرعونها أو يستخرجونها إلخ - و تتحوّل هكذا و عبر سيرورة الإنتاج بأكملها – و فى المجتمع الرأسمالي ، فوق كلّ شيء ، يجرى هذا عبر العمل الجماعي جوهريّا ) . و إلى جانب هذا ، تكمن مصالح البروليتاريا كطبقة فى تحويل و تثوير كلّ العلاقات الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و الهياكل والمؤسّسات السياسيّة التى تتناسب، فى ظلّ الرأسمالية، مع التملّك الفردي للثروة المنتجة إجتماعيّا و تقسيم العمل للمجتمع إلى مستغِلّين و مستغَلّين . و حلّل لينين أيضا كيف أنّه مع تطوّر الرأسمالية إلى نظام إمبريالي عالمي – و مع أقصى الإستغلال والنهب الإمبرياليّين للعالم الثالث – هناك قسم من الطبقة العاملة فى البلدان الإمبريالية أي، ليس إلى درجة قليلة ، يرتشى من غنائم الإمبريالية ، و من الضروري للثورة فى البلدان الإمبريالية أن تعوّل على ما أسماه لينين الشرائح " الأدنى و الأعمق " من البروليتاريا التى تتناسب ظروف حياتها من طبقة ليس لها ما تخسره سوى أغلال الإستغلال و الإضطهاد . و دور حزب البروليتاريا الشيوعي الطليعي أن يمكّن هؤلاء البروليتاريّين و أناس من شرائح أخرى يبحثون عن تغيير راديكالي للمجتمع من أن يمسوا واعين بالمصالح الثوريّة للبروليتاريا كطبقة والدور الخاص لشرائحها " الأدنى و الأعمق " كحجر زاوية تعتمد عليه الثورة الشيوعية .
2- يجب أن يُعوّل النضال الثوري من أجل السلطة على الشعب الثوري - جماهير الشعب التى تتقدّم ليس فقط ضمن البروليتاريا بل أيضا من شرائح أخرى من الشعب المضطهَد والشرائح الواسعة من المجتمع ، التى ( بكلمات " بعض النقاط الحيويّة ..." ) هي واعية بالحاجة إلى التغيير الثوري و مصمّمة على القتال من أجله .
3- و يجب على النضال الثوري من أجل السلطة أن يُشنّ فى ظروف تكون فيها الطبقة الحاكمة غير قادرة على الحكم بالطريقة القديمة ، و تكون فيها الجماهير الشعبيّة لا تنوى الحياة بالطريقة القديمة و حسب و إنّما كذلك القوى و البرامج الممثّلة للمعارضة الضعيفة و المتردّدة و نصف المصمّمة للنظام القديم قد تبيّن بصفة متصاعدة أنّها غير قادرة على تلبية حاجيات الوضع و طلبات الجماهير الناهضة سياسيّا و الواعية ثوريّا ، بالملايين .
و شدّد لينين على أنّ تحقيق هذه الشروط الثلاثة يمثّل خطّ تمييز أساسي بين ، من جهة ، نضال ثوري حقيقي من أجل السلطة من قبل الجماهير الشعبيّة ، بقيادة الطليعة الشيوعية ، و من الجهة الأخرى ، أشكال متنوّعة من ما يسمّى اليوم عامة ب " الإرهاب " . و بالمعنى العام تحديد لينين لشروط ومعايير وضع ثوري و نضال ثوري من أجل السلطة لا يظلّ صالحا فقط بل تتواصل أهمّيته الحيويّة خاصة مطبّقا على البلدان الإمبرياليّة ، ليس فى التمييز بين الثورة الحقيقيّة و " الإرهاب " فحسب بل أيضا فى إرساء القاعدة الأساسيّة لتشخيص فرصة ثوريّة و القدرة على إستغلالها بنجاح عندما تظهر .
و من جهة أخرى ، حتّى مع وضع ثوري و شعب ثوري ، حتّى فى ظروف حيث المعيار و الظروف الأساسيّة التى تحدّث عنها لينين ( مثلما لخّصنا للتوّ أعلاه ) ستكون قابلة للتطبيق ، ما سيتطلّبه الحصول على فرصة الإنتصار من الثوريّين فى بلد إمبريالي هو خوض نضال مديد أكثر من نوع الإنتفاضات الجماهيريّة التى قادها لينين نفسه فى روسيا فى 1917. سيقتضى الأمر نضالا لن يستغرق على الأرجح عقودا لكن من المرجّح أن يستغرق سنوات – و نضالا سيكون فيه أكيد تقريبا من الضروري للقوى المنظّمة للثورة أن تتجنّب مواجهة كامل قوّة القوى الرجعيّة و آلتها المنظّمة للعنف و كذلك أن تتجنّب لبعض الوقت المواجهات المباشرة و الأكثر تقليديّة مع أي شيء مثل تشكيلات كبرى و جيّدة التنظيم و أقوى من ضمن تشكيلات القوى الرجعيّة أيضا .
ويمثّل هذا إختلافا أساسيّا و هاما للغاية عن ثورة أكتوبر 1917 فى روسيا و عن هذا المظهر من " طريق أكتوبر " .
+ و إلى جانب هذا ، سيكون الحال على الأرجح ، فى المراحل الأولى من هذا النضال الطويل الأمد ، و لبعض الوقت ، أنّ القوى الثوريّة لن ترسي نظاما شكليّا ( و إن وُجد ، عليه أن يحقّق الأهداف التى وقع الحديث عنها فى رسالة القارئ ، مثل الدفاع عن أراضي محدّدة و تسييرها على أساس مستمرّ ). و بالفعل سيكون إرساء مثل هذه الدولة الثوريّة هدف هذا النضال الطويل الأمد و سيصبح ممكنا فى الوقت الذى أو مع تقريبا إقتراب مباشر للهزيمة النهائيّة و التامّة للقوى الرجعيّة و الإنتصار النهائي و التام للثورة .
و أثناء هذا النضال الثوري الأطول مدى ، ستكون نواة قوى الثورة المنظّمة " متداخلة " مع و بالمعنى الجوهري مصانة و محميّة من قبل الشعب الثوريّ الأوسع – عشرات و عشرات الملايين الذين تمّ كسبهم لمساندة الثورة بطرق مختلفة حتّى بينما عند أية نقطة معطاة ، العديد منهم لن يشكّلوا جزءا من القوى الأساسيّة المنظّمة للنضال الثوري . وعلى هذا النحو ، ستشبه نواة القوى الثوريّة كما قال ماو تسى تونغ ، السمكة فى بحر جماهير الشعب الثوري . هنا ، ثمّة شيء هام نتعلّمه من رؤية ثاقبة لإستراتيجي إمبريالي هو الجنرال البريطاني روبارت سميث ، مؤلّف كتاب " فائدة القوّة " . و مثلما هو شائع فى صفوف الذين لهم رؤية الإمبرياليين ، يخلط سميث بين ما سيكون قوى ثوريّة حقيقيّة و المجموعات " الإرهابيّة " المتنوّعة ، لكن مع ذلك ، تظلّ ملاحظته هذه مناسبة جدّا و حاملة لمعنى فى علاقة بالنضال الثوري الحقيقي من أجل السلطة، فى ظروف يمكن فيها لمثل هذا النضال أن يُخاض على أساس صحيح : قوّة إنتفاضيّة " تحدّد أبعاد النزاع " ( كتب سميث) تكون " بشكل إفتراضي قد قدّمت قوّة و سلطة بديلين ". ( سميث ، " فائدة القوّة " ، ص 385 ).
+ فى السابق ، هذا النوع من الفهم الإستراتيجي الذى تحدّثنا عنه هنا ، بمعنى النضال الثوري الطويل الأمد ، كان مستبعدا لأنّه كان يُعتقد أنّه من غير الممكن الإنخراط فى مثل هذا النضال الطويل الأمد و الحفاظ عليه فى بلدان إمبرياليّة ذات تطوّر تكنولوجي عالي و ذات تمدين عالي ، حتّى حين يوجد وضع ثوري و شعب ثوري . لذا من المهمّ مزيد تفحّص عوامل مفاتيح متنوّعة مرتبطة بذلك .
من الواضح جدّا أنّه فى مثل هذه البلدان الإمبرياليّة المتطوّرة تكنولوجيّا ، محاولة القيام بمثل هذا النضال – أو أي نوع من الحرب – دون و قبل ظهور وضع ثوري و شعب ثوري سيؤدّى إلى هزيمة نكراء للثورة و إلى إحباط للجماهير الشعبيّة التى ترنو إلى عالم مختلف راديكاليّا و أفضل . إنّه لأمر – أمر سيسانده كلّ إنسان له حسّ بالعدالة – أن تدافع الجماهير الشعبيّة عن نفسها ضد فظائع الإضطهاد و القمع العنيف . بيد أنّه أمر آخر تماما – خاطئ و ضار للغاية – أن تجري محاولة خوض نضال مسلّح فعلي ، فى شكل " حرب عصابات فى المدن " أو وفق فهم آخر للحرب ، فى ظروف حيث لا يُوجد فيها بعدُ وضع ثوريّ و شعب ثوري – مرّة أخرى ، ينزع إلى بناء حركة ثوريّة على نحو يمكن أن يؤدّي فى نهاية المطاف إلى الإنتصار عندما يحين الأوان .
لماذا تنحو مثل هذه المحاولات إلى الفشل و تؤدّى إلى كارثة ؟
هناك عدّة أسباب أساسيّة منها :
فى غياب وضع ثوري و شعب ثوري – فى غياب الشروط و المعايير الأساسيّة الملخّصة أعلاه ، بناء على ما قاله لينن ، بمعنى النضال من أجل السلطة فى بلد إمبريالي – محاولات خوض حرب ثوريّة من نوع ما فى بلد إمبريالي لم تستطع أن تعوّل على الجماهير المضطهَدَة و على الشعب المستغَل ، لم تستطع أن تبعث ديناميكيّة تتمكّن فى خضمّها الجماهير بأعداد أكبر فأكبر و من شرائح متنوّعة من المجتمع و تندفع و تعبّأ ليس لمساندة مثل هذا النضال فحسب بل لتنخرط فيه بنشاط . و بالعكس ، ستكون الديناميكيّة ديناميكيّة تنعزل خلالها أكثر فأكثر القوى الساعية لمثل هذا النضال عن الجماهير إلى أن تجد نفسها إضطرارا فى موقع سلبيّ و عُرضة للقوّة المركّزة لقمع الدولة – و مهزومة على الأرجح بسرعة و نهائيّا بالمعنى الحيوي .
و بوجه خاص فى البلدان الإمبريالية أين تمثّل أكثر الجماهير الشعبيّة إستغلالا و إضطهادا قسما له دلالته فى المجتمع لكن مع ذلك لا تمثّل بعدُ الأغلبيّة ؛ و أين هناك طبقة وسطى عريضة ظروفها ، " فى الأوقات العاديّة " ، لا تتميّز بنوع من اليأس و الفظائع التى تميّز حياة أولئك فى أسفل المجتمع ؛ فى مثل هذه الظروف ، محاولة شنّ نضال ثوريّ من أجل السلطة عندما لا توجد بعدُ أزمة ثوريّة حادة فى المجتمع ، و حقّ و كذلك قدرة الطبقة الحاكمة على الحكم لم توضع بعدُ جوهريّا موضع السؤال ضمن قطاعات واسعة جدّا من السكّان ، من عديد الشرائح المختلفة سيؤدّى ، فى هذه الظروف ، إلى وضع تستطيع فيه الطبقة الحاكمة أن تحدث إستقطابا للمجتمع أكثر مواتاة لها ، بينما فى أفضل الأحوال ستتلقّى القوى الثوريّة المساندة من تلك الشرائح من المجتمع التى ستقع بالفعل محاصرتها و قمعها – و حتّى فى صفوف هذه الشرائح من الناس ، سيخسر النضال الثوري المساندة مع معاناة هذه الجماهير بصورة متصاعدة للقمع الفظيع والعنف الهدّام الموجّه ضدّها من طرف الطبقة الحاكمة ، فى حين سيخسر النضال الثوري على نحو متصاعد زخمه و مبادرته و على نحو متصاعد ستقع محاصرة القوى الثورية و عزلها و سحقها .
فى بلد إمبريالي ، فقط بتطوّر أزمة ثوريّة حادّة تؤثّر بعمق فى المجتمع برمّته ، و مع ظهور شعب ثوري – قوّة شعب واعي بالحاجة إلى تغيير ثوري و مصمّم على القتال من أجله ، قوّة تعدّ الملايين ، و حجر زاويتها أكثر الناس عرضة للإستغلال و الإضطهاد و تجذب إليها أناسا من كافة الشرائح ؛ فقط فى مثل هذه الظروف ستتوفّر إمكانيّة بلوغ عبر خوض نضال طويل الأمد من أجل السلطة ، ديناميكيّة ستكون بصورة عامة مواتية للجانب الثوري و إستقطاب فى المجتمع ككلّ سيكون هو الآخر على نحو متنامي مواتيا للثورة .
لهذه الأسباب يشدّد " بعض النقاط الحيويّة " على أنّه فى بلد مثل الولايات المتّحدة :
" فى غياب الوضع الثوري - و فى تناقض مع التوجّه الثوري و النضال السياسي و الإيديولوجي الثوري اللازم عمليّا – الشروع فى أو الدعوة إلى أعمال عنف منعزلة يقوم بها أفراد أو تقوم بها جماعات صغيرة ، منفصلة عن الجماهير الشعبيّة و محاولة تعويض الحركة الثوريّة للجماهير الشعبيّة ، أمر خاطئ جدّا و فى منتهى الضرر حتّى – أو خاصّة – إن كان هذا يجرى بإسم " الثورة " ، و سيمضى ضد و بالفعل سيلحق ضررا جدّيا بتطوّر الحركة الثوريّة العمليّة للجماهير الشعبيّة و كذلك ببناء المقاومة السياسيّة لفظائع هذا النظام و ظلمه حتّى قبل وجود وضع ثوري : سيساعد قوى النظام القائم القمعيّة للغاية فى سعيها إلى عزل و مهاجمة و سحق كلّ القوى الثوريّة و قوى المعارضة السياسيّة الأوسع التى تسعى إلى بناء مقاومة سياسيّة جماهيريّة و بلوغ تغيير إجتماعي له دلالته و حتّى عميق من خلال النشاط السياسي – الواعي للجماهير الشعبيّة و مبادرتها ."
إنّ إعادة تفحّص هذه الأشياء بآفاق و رؤية ثاقبة نظريّة جديدة قد زاد تأكيد واقع أنّ محاولة هذا النوع من النضال الطويل الأمد المتحدّث عنه هنا ، ستنتهى إلى الفشل و الكارثة ، قبل ظهور وضع ثوري و شعب ثوري . هذا من جهة ، لكن من جهة أخرى ، أشارت إلى أنّ إستنتاج أنّه مع مثل هذا الوضع الثوري و الشعب الثوري ، سيكون على الأرجح ضروريّا ، وقد يكون ممكنا ، خوض هكذا نضال طويل الأمد – و بالفعل تقريبا من الأكيد أنّه سيكون الوسيلة الوحيدة التى ستكون ممكنة لدى الشعب الثوري لينتصر عمليّا .
* و مظهر خاص و مميّز للوضع الذى سيكون فيه من الممكن و الصحيح بالنسبة للقوى الثوريّة أن تشنّ نضالا طويل الأمد، سيكون أنّ العنف القمعي و الرجعي للدولة القائمة ومؤسّساتها قد فَقَدَ شرعيّته - ستنظَر إليه شرائح واسعة جدّا من المجتمع على أنّه عنف غير عادل و غير شرعي . و هذا من المؤشّرات المفاتيح على الوضع الثوري و الأسس المفاتيح لظهور شعب ثوري .
و سيكون ردّ القوى الثوريّة على هذا العنف القمعي الرجعي فى هذا الوضع – فى بداية النضال الثوري الطويل الأمد – ذى طبيعة ومميّزات خاصّة تجعل من الواضح أنّ سلطة مختلفة – سلطة ثوريّة ، تعترف بها أعداد كبيرة و متنامية من الناس على أنّها شرعيّة و أنّ لها الحقّ إلى جانبها – تصبح فى نزاع الآن بطريقة جدّية و إستراتيجيّا شاملة ضد السلطة القديمة ، الرجعيّة ؛ و أنّه بينما لا تقدّم نفسها للقوى الرجعيّة بهذه الطريقة التى تجعل من الممكن بالنسبة لها أن تدمّرها و تسحقها ، فإنّ هذه السلطة الثوريّة تقاتل بهدف إستراتيجي هو إرساء شكل جديد من السلطة السياسيّة فى المجتمع تفتح الباب أمام إيجاد علاقات إقتصاديّة و إجتماعيّة و سياسيّة جديدة – علاقات خالية من الإستغلال و الإضطهاد .
و واقع أنّ الأهداف الإستراتيجيّة لمثل هذه القوى الثوريّة التى تقودها الشيوعيّة – هدف وضع نهاية فى آخر المطاف لكافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة – ستجد تعبيرا عنها فى عقيدة و مبادئ و مناهج و وسائل قتال هذه القوى الثوريّة بما فيها دور النساء النشيط و المطلق العنان بشكل متنامي فى القتال و كلّ مستويات القوى الثوريّة المنظّمة – هذا سيسلّط ضوءا على الإختلاف الجوهري بين مثل هذه القوى الثوريّة و الرجعيّين من شتّى الأرهاط الذين سيعارضون الثورة وسيبحثون عن سحقها .
* فى هذه المقاربة برمّتها ، بينما ستبحث الطبقة الحاكمة القديمة و قوى النظام القديم عن إرهاب الناس و إبعادهم عن مساندة الثورة و ستحاول أن تعزل نواة قوى الثورة المنظّمة وتسحقها ، ستكون قوى الثورة مرّة أخرى مثل السمكة فى البحر وسط الصفوف العريضة و الآخذة فى الإتّساع للشعب الثوري . و التحرّكات الوحشيّة و الدمار الغاشم الذى سيخلّفه الإمبرياليّون و الرجعيّون المتحالفون معهم ، سيخدمان خلال مسار النضال ، أعمق الفضح لطبيعتهم الحقيقيّة و يدفعان عددا أكبر من الجماهير الشعبيّة نحو القضيّة الثوريّة ، لا سيما عندما تستطيع القوى الثوريّة أن تقود عمليّاتها على نحو يجعلها ( متذكّرين مرّة أخرى جملة روبارت سميث ) " تحدّد معايير " النزاع و تحبط محاولات الإمبرياليين و الرجعيين لجرّ القوى الثوريّة إلى أوضاع حيث يمكن تدميرها و سحقها .
و لنستعير صيغة أخرى من روبارت سميث ، سيعنى هذا أنّ القوى الثوريّة ستعمل بطريقة تمكّنها من أن تظلّ ، على الأقلّ لغالبيّة النضال الطويل الأمد ، " تحت عتبة فائدة قوّة " الإمبرياليين . و يشير سميث إلى أنّه فى الحرب ، أي نوع من الحرب ، ليست قوّة الجانبين المتنازعين ، بالمعنى المطلق ، هي المهمّة و إنّما بالأحرى القوّة التى يقدر كلّ جانب عمليّا على إستعمالها لصالحه فى إطاره ضد عدوّه – هذا ما يقصده سميث لمّا يتحدّث عن " فائدة القوّة " ( و على سبيل المثال ، يمكن أن يمتلك جانب أسلحة نوويّة إلاّ أنّه لا يستطيع إستعمالها فى هذا النزاع ، عندئذ لا تكون لهذه الأسلحة فائدة القوّة ). و لا يعنى هذا أنّ الإمبرياليين سيتورّعون عن جلب قوّة تحطيم هائلة ضد الثوريّين و جماهير الشعب التى تساندهم – نظرا لطبيعتهم الرجعيّة ، سيكون من الضروري إعتماد واقع أنّ الإمبرياليين سيقومون بذلك – غير أنّ المسألة الحيويّة ستكون ما إذا ، عبر كلّ هذا ، سيتمكّن الإمبرياليّون من عزل قوى الثورة المنظّمة وتحطيمها أم أنّ بالعكس هذه الأعمال الوحشيّة للإمبرياليين ستعمّق كره الأعداد المتنامية من الناس تجاه الإمبرياليّين و تضاعف تصميم الذين يساندون بعدُ الجانب الثوري و تكسب الناس أكثر إلى التعاطف معه و دعمهم عمليّا للقضيّة الثوريّة .
و كذلك يجب أن نتوقّع أن يبحث الإمبرياليّون كعنصر حيويّ فى مقاربتهم الإستراتيجيّة عن إستهداف إلغاء أولئك الذين شخّصوهم على أنّهم قيادة الثورة تبعا لعقيدة " قطع الرأس " التى تطبّقها عموما القوى الإمبريالية و الرجعيّة . و فى مواجهة هذا ، سيحتاج الجانب الثوري أن يمزج بطريقة صحيحة و بمهارة المركزيّة إيديولوجيّا ، و بمعنى المقاربة الإستراتيجيّة ، مع قدر كبير من اللامركزيّة تنظيميّا و تكتيكيّا ، و المبادرة على المستويات المحلّية و القاعديّة . و سيكون من الضروري المزج بين نضال مصمّم للدفاع عن القيادة و حمايتها و إحباط محاولات " قطع رأسها " ، و توجّه عقيدي و جهود عمليّة لتطوير قادة جدد و تدريبهم و إعطائهم المبادرة بإستمرار. و فى كلّ هذا ، من الجانب الثوري ، سيوجد تطبيق هام لمبدأ " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " .
يُعدّ توصيف سميث للقوى التمرّديّة التى تقاتل عدوّها " تحت عتبة فائدة القوّة " صيغة ، من وجهة نظر الإمبرياليّين ، لبعض المبادئ الأساسيّة للحرب التى طوّرها ماو تسى تونغ خلال الحروب الطويلة الأمد فى الصين – و خاصّة مبدأ شدّد عليه ماو ألا وهو أنّ القوى الثوريّة ينبغى أن تتجنّب المواجهات الإستراتيجيّة التى تكون لها تبعات حاسمة على نتيجة الحرب ككلّ ، إلى أن يحين وقت إمكانيّة خوض المواجهات بإمتيازات للقوى الثوريّة و يمكن أن تعجّل إنتصارها النهائي . هذا مبدأ أساسي ستحتاج القوى الثوريّة أن تُبقيه واضحا فى ذهنها و أن تطبّقه تطبيقا صحيحا على الظروف الخاصّة ؛ إنّه شيء إن تمّ تجاهلته تدفع قضيّة الثورة ثمنه باهضا .
* الأهداف الأساسيّة للثوريين فى خوض نوع النضال الطويل الأمد المتحدّث عنه هنا ، فى الظروف التى ستجعل هذا النضال ممكنا ، ستكون : كسب أعداد حتّى أكبر من الناس من خلال المواجهة و المقارنة الحيّة بين السلطتين المختلفتين راديكاليّا ، بينما فى نفس الوقت ، يتمّ إحباط القوى الإمبريالية و الرجعيّة و تفكيكها و بثّ اليأس فى صفوفها - القوى الإمبريالية و الرجعيّة التى ستسعى بالقوّة إلى إعادة فرض و إعادة تعزيز النظام القديم و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و الهيمنة القديمة – و من ثمّة فى النهاية إلحاق الهزيمة بالقوى الرجعيّة . فى خضمّ هذا ، ستسلك القوى الثوريّة مسارا للتحرّكات المصمّمة و المخطّط لها إستراتيجيّا و المتميّزة بالنضالات المحدّدة ضد القوى الرجعيّة ، يجتهد فيها الثوريّون لكسب المزيد و المزيد من المبادرة دون الدخول قبل الأوان فى مواجهات تمثّل خطرا إستراتيجيّا بهزيمة و سحق حاسمين. و فى علاقة بأولئك الذين شكّلوا صفوف القوى الرجعيّة ، لا سيما أولئك الذين جُلبوا عمليّا من صفوف المضطهَدين و المستغَلّين فى المجتمع ، و الذين تكمن مصالحهم الموضوعيّة جوهريّا إلى جانب الثورة ، سيواصل الثوريّون توجيه نداءات سياسيّة لهم ليلتحقوا بجانب الثورة .
* و فى الأخير ، عندما يتمّ إيجاد الظروف الضروريّة من خلال كافة هذا النضال الشديد و كذلك الطويل الأمد برمّته ، عندئذ ستواجه القوى الثوريّة هذا التحدّى و الأفق ، إلحاق الهزيمة النهائيّة بالقوى العنيفة الباقية لدى الإمبرياليّة و الثورة المضادة . لكن حتّى عند هذه النقطة ، ستحتاج القوى الثوريّة على الأرجح إلى تجنّب مواجهة خاصة " النواة الصلبة " للعناصر الرجعيّة مبكّرا ، لا سيما فى أوضاع و إطار لا يزالان مواتيين لها ، من مثل نوع المواجهات بين القوى المراكمة التى كانت شائعة فى الحروب بين القوى المسلّحة تسليحا تقنيّا ثقيلا ( على سبيل المثال ، فى الحربين العالميتين فى القرن العشرين ) أو ذات نوع المعارك الوحيدة الجانب التى خاضتها الولايات المتّحدة ضد القوى النظاميّة لنظام صدّام حسين فى الحروب فى العراق ، فى 1991 و فى 2003 . و بدلا من ذلك ، حتّى خلال المرحلة الأخيرة ، وخاصة عند الخطوات الأوّليّة لهذه المرحلة ، قد تحتاج القوى الثوريّة إلى مزج حيل متنوّعة لكي تعزل أكثر و تفكّك هذه العناصر الرجعيّة المكوّنة ل " النواة الصلبة " ، و إرساء أساس مواجهة و إلحاق الهزيمة التامة و الحيويّة بما تبقّى من القوى الرجعيّة ، حينما تكون قد ضعفت بما فيه الكفاية .
و كلّ هذا سيكون مختلفا راديكاليّا ، فى فلسفته القياديّة و أهدافه و مناهجه عن ما يمكن أن يُعدّ عموما إستراتيجيا " إرهابيّة " – تعنى عمليّات منعزلة عن الجماهير الشعبيّة و / أو توجيه النار إلى القوى غير المقاتلة و إستعمال وسائل و مناهج تبحث عن إرهاب الناس بالقوّة ، أو إرهاب قطاعات منهم ، ليقبلوا بأهداف الذين يمارسون هذا النوع من العنف – و عامة يكون مختلفا راديكاليّا عن الأهداف و المقاربات و المناهج الرجعيّة للقوى التى عفا عليها الزمن تاريخيّا و ليس أقلّها الإمبرياليّون ذاتهم .
-------------------
إنّ ما عرضنا أعلاه عناصر أساسيّة للفهم – و فى مظاهر هامة ، إعادة فهم – متّصلة بمسألة إمكانيّة الثورة . و بالطبع ، لفترة زمنيّة كاملة قبل وجود وضع ثوري و شعب ثوري ، تظلّ هناك الحاجة المستمرّة إلى تطوير فهم أعمق و أشمل لديناميكيّة الثورة عامة و النضال الثوري من أجل السلطة عندما تظهر الظروف الضروريّة .
و فى الختام ، للردّ على السؤال الجوهري الذى أثارته رسالة القارئ : نعم الثورة ممكنة ، نعم ، حتى فى أقوى البلدان الإمبريالية ، و فى الحصون الرجعيّة و الحكم الإضهادي عبر العالم ، يمكن للثورة أن تحقّق الظفر ، يمكن أن تنشأ مجتمعا مغايرا راديكاليّا و أفضل ، و تقدّم مساهمة كبرى فى بلوغ عالم مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير – شرط أن تتمّ قيادتها بتوجّه و مقاربة و طرق جدّية و علميّة – شرط أن يُضطلع بالعمل الثوري بشكل صحيح فى الفترة السابقة لوجود وضع ثوري و شعب ثوري ، و شرط أن يسترشد النضال الثوري من أجل السلطة بنظريّة و فهم إستراتيجين صحيحين عندما تحدث قفزة نحو وضع ثوريّ و يظهر شعب ثوري بالملايين و الملايين ، شعب ثوري واعي بالحاجة إلى التغيير الثوري و مصمّم على القتال من أجله .
------------------------------------------------------------------------------------------------
[ و إليكم فضلا عن ذلك تقديم جريدة " الثورة " لرسالة القارئ و الردّ عليها :
بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة
جريدة " الثورة " عدد 102 ، 23 سبتمبر 2007
الثورة مسألة غاية فى الجدّية و يجب أن نتعاطى معها بطريقة جدّية وعلميّة ، و ليس عبر التعبيرات الذاتيّة و الفرديّة عن الإحباط و إتّخاذ موقف القيام بأفعال تذهب ضد تطوير الحركة الثوريّة الجماهيريّة التى تهدف إلى - و يجب أن تتميّز بطرق تتناغم جوهريّا مع و تخدم - إيجاد عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير . الثورة ، و بوجه خاص الثورة الشيوعيّة ، هي و لا يمكن إلاّ أن تكون من صنع الجماهير الشعبيّة المنظّمة و المقادة لإنجاز نضال واعي متصاعد للقضاء على كافة أنظمة و علاقات الإستغلال و الإضطهاد و تخطّى الإنسانيّة لها .
و حجر الزاوية فى الفهم العلمي الذى يجب أن ينهض عليه تطوّر مثل هذه الحركة الثوريّة هو :
النظام برمّته الذى نعيش فى ظلّه قائم على الإستغلال – هنا و عبر العالم قاطبة . إنّه عديم النفع و لا تغيّر أساسي للأفضل يمكن أن ينشأ إلى أن تتمّ الإطاحة به .
و أنّ : فى بلد مثل الولايات المتّحدة ، لا يمكن للإطاحة الثوريّة بهذا النظام أن تتحقّق إلاّ عندما يوجد تغيّر كبير نوعي فى طبيعة الوضع الموضوعي ، بحيث أنّ المجتمع ككلّ يقع بين براثن أزمة عميقة جرّاء أساسا طبيعة النظام نفسه و سيره ، و إلى جانب ذلك يظهر شعب ثوري يعدّ الملايين و الملايين ، يكون واعيا بالحاجة إلى التغيير الثوري و مصمّما على القتال من أجله . و فى هذا النضال فى سبيل التغيير الثوريّ ، سيواجه الشعب الثوري و الذين يقودونه القوّة القمعيّة العنيفة لآلة الدولة التى تجسّد النظام القائم على الإستغلال و الإضطهاد و تعزّزه ؛ و من أجل أن يكلّل النضال الثوري بالنجاح ، سيقتضى الأمر مواجهة القوّة القمعيّة العنيفة للنظام القديم الإستغلالي والإضطهادي و إلحاق الهزيمة بها.
و قبل تطوّر الوضع الثوري - و كمسألة مفتاح فى العمل بإتجاه تطوّر شعب ثوري ، فى بلد مثل الولايات المتّحدة – يترتّب على الذين يرون الحاجة إلى ثورة و يتطلّعون إلى المساهمة فيها أن يركّزوا جهودهم على رفع الوعي السياسي و الإيديولوجي للجماهير الشعبيّة و بناء مقاومة سياسيّة جماهيريّة للطرق الأساسيّة التى تتركّز فيها فى أي وقت من الأوقات الطبيعة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة لهذا النظام فى سياسات و أعمال الطبقة الحاكمة و مؤسّساتها و وكالاتها – باذلين قصارى الجهد عبر كلّ هذا لتمكين أعداد متنامية من الناس من إدراك كلّ من الحاجة إلى الثورة و إمكانيّتها عندما تنشأ الظروف الضروريّة بفعل تطوّر تناقضات النظام نفسه و كذلك بفعل النضال السياسي و الإيديولوجي للثوريّين .
و فى غياب الوضع الثوري - و فى تناقض مع التوجّه الثوري و النضال السياسي و الإيديولوجي الثوري اللازم عمليّا – الشروع فى أو الدعوة إلى أعمال عنف منعزلة يقوم بها أفراد أو تقوم بها جماعات صغيرة ، منفصلة عن الجماهير الشعبيّة و محاولة تعويض الحركة الثوريّة للجماهير الشعبيّة ، أمر خاطئ جدّا و فى منتهى الضرر حتّى – أو خاصّة – إن كان هذا يجرى بإسم " الثورة " ، و سيمضى ضد و بالفعل سيلحق ضررا جدّيا بتطوّر الحركة الثوريّة العمليّة للجماهير الشعبيّة و كذلك ببناء المقاومة السياسيّة لفظائع هذا النظام و ظلمه حتّى قبل وجود وضع ثوري : سيساعد قوى النظام القائم القمعيّة للغاية فى سعيها إلى عزل و مهاجمة و سحق كلّ القوى الثوريّة و قوى المعارضة السياسيّة الأوسع التى تسعى إلى بناء مقاومة سياسيّة جماهيريّة و بلوغ تغيير إجتماعي له دلالته و حتّى عميق من خلال النشاط السياسي – الواعي للجماهير الشعبيّة و مبادرتها . ]
- 2 -" بصدد إستراتيجيا الثورة "
بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( فيفري 2011 )

فى ظلّ هذا النظام الرأسمالي ، و في هذا المجتمع ، يضطرّ عدد كبير من الناس إلى تحمّل مصاعب كبرى و معاناة و إستغلال و لامساواة و عنف ، بينما تهدّد الحروب و التدمير الجاري للبيئة الطبيعية مستقبل الإنسانية ذاته . لقد قدّم حزبنا فى " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا (مشروع مقترح ) " رؤية ملهمة و إجراءات ملموسة لبناء مجتمع جديد ، مجتمع إشتراكي غايته الأسمى عالم شيوعي حيث يتحرّر الناس في أنحاء كوكبنا من علاقات الإستغلال و الإضطهاد و النزاعات العدائية الهدّامة و يصبحون من المعتنين بكوكب الأرض بيد أنّه لتحويل هذه الإمكانية إلى واقع نحتاج إلى ثورة .
و يؤكّد العديد من الناس أنّه " لا يمكن أن تقع ثورة في هذه البلاد فالسلطة القائمة قوية للغاية و الشعب منغمس كثيرا و غارق إلى حدّ كبير فى مسايرة الأمور و حجم القوى الثورية صغير للغاية " . هذا خطأ – الثورة ممكنة فعلا .
بالطبع ليس بوسع الثورة أن تحدث في الظروف و بالشعب الراهنين . لكن الثورة يمكن أن تحدث مع تغيّر في الظروف و تغيّر فى وعي الشعب و تنظيمه بفعل التطوّرات في العالم و بفضل نشاط الثوريين ... مع توصّل الشعب إلى رؤية أنّ الأمور لا يجب أن تكون على ما هي عليه ... مع توصله إلى إدراك لماذا الأشياء على هذه الحال و كيف يمكن لها أن تكون مغايرة جذريّا ... و مع إلهامه و تنظيمه للإلتحاق بالحركة الثورية و مراكمة القوى .
لن تحدث ثورة بالنشاط نشاطا غير معقول - محاولة الإطاحة بهذا النظام القويّ بينما لا توجد بعدُ قاعدة للقيام بذلك - أو بمجرّد إنتظار " اليوم المناسب " ، يوم تصبح الثورة بمفعول سحريّ نوعا ما ممكنة . فالثورة تتطلّب عملا مستمرّا في بنائها إنطلاقا من فهم جدّي و علمي لما يقتضيه عمليّا بلوغ نقطة الثورة و كيف تتوفّر فرصة حقيقية للإنتصار .
و كي تكون الثورة ثورة حقيقية ينبغى أن توجد : أزمة ثورية و شعب ثوري يعدّ الملايين ، بقيادة حزب ثوري عالي التنظيم و الإنضباط و يتمتّع ببعد النظر . و بوضوح ، هذا غير متوفّر واقعيّا الآن . لذا ، كيف يمكن لهذا أن يوجد ؟ و ما هي الخطّة الإستراتيجية لتحقيق ذلك ؟
تكمن إمكانية أزمة ثورية في صميم طبيعة النظام الرأسمالي ذاته - بتقلّباته الإقتصادية المتكرّرة و بطالته و فقره و لامساواته العميقة و تمييزه العنصري و إنحطاطه و عنفه و تعذيبه و حروبه و تسيّبه الهدّام . فكلّ هذا يتسبّب فى عذابات هائلة . و أحيانا يؤدّى إلى أزمة على مستوى معيّن أو آخر - و رجّات و إنهيارات مفاجأة في " السير العادي " للمجتمع يدفع العديد من الناس إلى التساؤل و مقاومة ما كانوا إعتادوا الرضوخ له . ليس بوسع أي كان أن يتنبّأ مسبّقا و على وجه الضبط بما الذي سيستجدّ في هذه الأوضاع - درجة تعمّق هذه الأزمة ، و طرق ومدى رفعها تحدّيات أمام النظام ككلّ ، و درجة و كيفية دفعها إلى الإضطراب و التمرّد في صفوف الناس الذين عادة ما يكونون أسيري هذا النظام أو عادة ما يشعرون بأنّه لا قدرة لديهم على الوقوف ضدّ سير هذا النظام . لكن هناك نقطتان هامتان هما :
1- مثل هذه " الإنقطاعات " فى " السير العادي " للأمور حتى و إن لم تتطوّر تماما إلى أزمة جوهرية بالنسبة للنظام ككلّ تنشأ أوضاعا خلالها يبحث عدد أكبر فأكبر من الناس عن أجوبة و يصبح أكثر تقبّلا للتغيير الجذري . ينبغي أن يتمّ العمل من أجل بناء حركة ثورية بإستمرار في كافة الأوقات إلاّ أنّه في هذه الأوضاع من الإنقطاعات الحادّة فى" السير العادي". هناك إمكانية أوفر و إحتمال أكبر للتقدّم و يجب الإعتراف بهذا تمام الإعتراف و البناء على أساسه إلى أبعد الحدود . الممكنين حتى تحصل خلال هذه الأوضاع قفزات فى بناء الحركة و تنظيم قوى الثورة ، مشيّدين على هذا النحو قاعدة أقوى إنطلاقا منها نعمل من أجل مزيد التقدّم الأعمق .
2- و في أوضاع معيّنة ، قد تقع أحداث كبرى ، أو تغيّرات كبرى في المجتمع و العالم و يمكن أن تتكثّف فتهزّ النظام و أسسه هزّا ... و يمكن أن تحصل إنهيارات عميقة و تتوسّع لتشمل صفوف الهياكل و المؤسسات الحاكمة ... و يمكن فضح علاقات الإضطهاد القاسي بشدّة ... و يمكن أن تتعمّق النزاعات بين القوى السائدة بحيث لن تتمكّن من معالجتها بسهولة و يغدو أصعب بكثير بالنسبة لها أن تمسك الأمور بقبضة واحدة و أن تسحق الشعب . فى وضع من هذا القبيل، يضع الكثير من الناس موضع السؤال جدّيا و مباشرة " شرعية " النظام القائم و حقّ القوى الحاكمة و قدرتها على الإستمرار فى الحكم و يتلهّف الملايين من الناس إلى تغيير جذري لا يمكن أن تحدثه سوى الثورة .
نحتاج إلى تعلّم المزيد و سنفعل ، المزيد بشأن كيف يمكن للنضال الثوري أن ينتصر عندما تنشأ هكذا ظروف ، لكن الرؤية و المقاربة الإستراتيجية الأساسيتين قد وقع تطويرهما من أجل إلحاق الهزيمة بالقوى المضطهِدة و مؤسسات هذا النظام و تفكيكها فعليّا - و إنشاء مؤسسات جديدة لنظام جديد ثوري - حينما تتوفّر أزمة ثورية و شعب ثوري . ( و هذه الرؤية و المقاربة الأساسيين جرى تقديمهما فى " بصدد إمكانية الثورة " – وهي أيضا مدرجة ضمن كرّاس " الثورة و الشيوعية: أساس و توجّه إستراتيجي" من منشورات حزبنا ).
لكن إمكانيات الثورة لن تنضج حقّا إلاّ إذا كان الذين يقرّون بالحاجة إلى ثورة يعدّون الأرضية لذلك سياسيّا و إيديولوجيّا من الآن : يعملون قصد التأثير على تفكير الناس فى إتجاه ثوري و تنظيمهم في النضال ضد هذا النظام و كسب أعداد متزايدة للمساهمة بنشاط في بناء حركة ثورية . هذا هو الشغل الشاغل لحزبنا و ما نقصده بقول إنّنا " نسرّع بينما ننتظر" التغييرات التي تجعل الثورة ممكنة . هذا هو مفتاح إختراق الوضع حيث ليست توجد بعدُ الظروف و القوى اللازمة للقيام بالثورة ، بيد أنّ هذه الظروف و هذه القوى لن تولد أبدا بمجرّد إنتظار ظهورها .
طوال الطريق ، فى كلّ من " الأوقات العادية " و لا سيما فى أوقات إحتداد الإنقطاعات فى " السير العادي " ، من الضروري العمل بلا هوادة لمراكمة القوى - لإعداد الأذهان و تنظيم الناس بأعداد متنامية - من أجل الثورة فى صفوف الملايين و الملايين الذين يعيشون جهنّم كلّ يوم فى أقسى أشكالها فى ظلّ هذا النظام ؛ لكن أيضا فى صفوف عديد الآخرين الذين يمكن ألاّ يشعروا ، على أساس الحياة اليومية ، بالثقل الساحق لهذا النظام الإضطهادي لكنهم في ذُلّ و محتقرون و مغترِبون و غالبا ناقمون على ما يفعله بهم هذا النظام و على العلاقات التي يشجّعها بين الناس و يعزّزها و أيضا على العنف الذي يجسّده .
كيف ننجز هذا العمل ؟
مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة :
هذا شطر كبير من الإجابة . يحتاج الناس إلى المقاومة و بالفعل نراهم يقاومون العديد من طرق إستغلال البشر و البيئة و إحتقارهم و تدميرهم و حتى تحطيمهم من قبل هذا النظام . غير أنّه لجعل تلك المقاومة أشدّ – و مزيد المضي بها قدما نحو القضاء على كلّ هذا – يحتاج الناس إلى تعلّم أنّ المشكل الجوهري هو النظام الرأسمالي و أنّ الحلّ هو التخلّص منه و إيجاد نظام جديد ، إشتراكي هدفه الأسمى هو عالم شيوعي . ومقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة جزء مفتاح فى مقاربتنا الإستراتيجية يوفّر لحزبنا طريقة للتوحّد مع الناس و قيادتهم بإتجاه تغيير أنفسهم و هم يساهمون في النضال في سبيل تغيير العالم ... لرفع رؤوسهم
و توسيع نظرتهم بغية التعرّف على نوع العالم الممكن ، و مصالحهم الحقيقية و من هم أصدقاؤهم الحقيقيون و أعداؤهم الحقيقيون ، و هم ينهضون ضد هذا النظام ... ليتبنّوا نظرة ثورية و قيم و أخلاق ثورية مع إلتحاقهم بآخرين في مقاومة جرائم هذا النظام و بناء أساس للنضال الثوري الشامل لكنس هذا النظام نهائيّا و إيجاد طريقة جديدة لتنظيم المجتمع ، طريقة جديدة كلّيا للحياة ... و التحوّل إلى محرّري الإنسانية .
كي يحدث كلّ هذا و كي تتمكّن الثورة من الحصول على فرصة حقيقية للإنتصار ، القيادة أمر أساسي . و هذه القيادة متوفّرة غير أنّ الكثير من العمل ينتظرنا :
دعم حزبنا و تعزيزه كقيادة شاملة لهذه الثورة : بقدر ما تنتشر وجهة النظر و الإستراتيجيا الثوريتين لحزبنا ، بقدر ما تكسب تأثيرا عبر المجتمع ... وبقدر ما يتوصّل الناس إلى فهم غاية حزبنا و القبول بها و الإنضمام إلى صفوفه على ذلك الأساس ... بقدر ما يبلغ " تأثير" الحزب كلّ ركن من أركان البلاد ... و بقدر ما تنمو قوّته التنظيمية و قدرته على الصمود و قيادة الشعب في السير إلى الأمام في مواجهة قمع الحكومة الهادف إلى سحق المقاومة و وأد الثورة ، بقدر ما يتمّ الإعداد للثورة و إمكانية الإنتصار تكون أكثر مواتاة .
التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته :
لقد كرّس بوب آفاكيان حياته منذ الستينات لقضية الثورة و الشيوعية . وهو يقدّم القيادة العملية للحزب و الحركة الثورية ، درس بعمق التجربة التاريخية العالمية للثورة الشيوعية و البلدان الإشتراكية التي نشأت عنها – المكاسب العظيمة و كذلك الأخطاء الجدّية - و لخّصها و درس عديد مجالات التجربة و المعرفة الأساسيتين . لقد تقدّم بعلم الشيوعية و أنجز إختراقات حيوية في النظرية و المنهج و إستراتيجيا الثورة و الهدف النهائي للشيوعية عبر العالم . و من الحيوي لأعداد متنامية من الناس معرفة خطاباته و كتاباته و دراستها ... و الدفاع عنه و حمايته ... و المسك بالقيادة التي يقدّمها و التي تفتح دروبا جديدة للثورة .
ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية :
و لهذا دور محوري في تحقيق إستراتيجيتنا . و من خلال نشر أعمال بوب آفاكيان ، و عبر عديد المقالات و الحوارات الصحفية و الرسائل و الصور و غيرها من الأشياء ، تمكّن جريدة " الثورة " الناس من الفهم الحقيقي و العمل على تغيير العالم جذريّا ... و تقدّم للناس صورة حيّة و تحليلا علميّا لما يحدث في العالم و لماذا ... و تفضح الطبيعة الحقيقية لهذا النظام و تبيّن كيف أنّ أحداثا كبرى في المجتمع و العالم تمثّل تعبيرا مركّزا عن التناقضات الأساسية لهذا النظام الإضطهادي و المتعفّن ... و تبرز حيويّة الحاجة إلى الثورة و إمكانيتها و الحاجة إلى مجتمع و عالم جديدين كلّيا ... و ترفع من قدرات الأعداد المتزايدة من الناس ، فى كافة أنحاء هذه البلاد ، على النشاط سياسيّا بشكل موحّد ، و على الصراع و المساعدة على إيجاد حلول لمشاكل حركتنا ، على أساس وعي ثوري متنامى ... إنّها الأداة المفتاح فى تطوير شبكة سياسية منظّمة في صفوف الأكثر إضطهادا و الفئات الأخرى من الناس ، الذين يمكن أن يكون لهم التأثير المتنامي على المسرح السياسي و المجتمع ( و العالم ) ككلّ ، بانين قوى الثورة و مأثّرين حتّى في أعداد أوسع من الناس ... إنّها توفّر أساسا و وسيلة لنشر " تأثير" الحركة الثورية و بناء قواعد لهذه الحركة - في الأحياء حيث يعمل الناس و يدرسون فى المعاهد و حيث يتجمّعون - و بخاصة حيث يقاومون هذا النظام و يتمرّدون عليه .
كلّ هذا يمكن أن يسلّح الحركة الثورية ، و الحزب في موقع القلب منها ، لمواجهة الحواجز الحقيقية جدّا في طريقها و تخطّيها ... و التقدّم و النموّ ، عبر النشاط الجاري و عبر سلسلة قفزات حيوية في أوقات الإنقطاعات و الإنكسارات الفجئية ل" السير العادي "... و إعداد الأرضية و مراكمة القوى من أجل الثورة – و توفير فرصة حقيقية للإنتصار . كيف يمكن التقدّم بالآلاف و توجيههم و تنظيمهم و تدريبهم على نحو ثوري ، بينما ندخل في تواصل مع الملايين و نأثّر فيهم، حتى قبل وجود وضع ثوري ... ثمّ حينما يوجد وضع ثوري ، بإمكان هذه الآلاف أن تمثّل حجر الزاوية و القوّة المركزيّة فى كسب الملايين للثورة و تنظيمهم في النضال للقيام بالثورة .
إلى الذين يتوقون إلى بعالم مغاير تماما و يحلمون عالم خال من الجنون و الآلام التي يتسبّب فيهم هذا النظام يوميّا ... إلى الذين تجرؤوا على الأمل بإمكانية هكذا عالم – و حتى إلى الذين يرغبون إلى الآن في رؤيته لكنّهم قبلوا بأنّ هذا لن يحدث أبدا... نقول إنّ هناك مكان ودور ، حاجة و وسيلة للآلاف الآن و فى النهاية للملايين ليساهموا في بناء هذه الحركة من أجل الثورة بشتّى الطرق المختلفة ، الكبيرة منها و الصغيرة - بالأفكار و بالمساهمة العملية ، بالدعم و بالأسئلة و النقد . نقول لهم إنضمّوا إلى حزبنا ، تزوّدوا بالمزيد من المعلومات عن هذه الحركة و كونوا جزءا منها و أنتم تتعلّمون ناشطين في وحدة مع آخرين في هذه البلاد ، و عبر العالم ، وغايتكم تحقيق الهدف الباعث على التحدّي الكبير و الملهم والتحرّري - و نعم الممكن - ألا وهو هدف تحرير الإنسانية جمعاء عبر الثورة و التقدّم صوب العالم الشيوعي ، العالم الخالي من الإستغلال و الإضطهاد .
================================================================


- 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة "
" العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا ، لكن بوسع الإنسانية أن تتجاوز الأفق ، الجزء الأوّل "
مقتطف من الجزء 2 : بناء الحركة من أجل الثورة
بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة
جريدة " الثورة " ، 8 مارس 2011
البلدان الإمبريالية
فى ما يتعلّق بالبلدان الإمبريالية ، يستحقّ الأمر منّا مراجعة مقتضبة للتوجّه المناقش فى " بصدد إمكانيّة الثورة " (6) بينما نحيلكم على العمل ذاته الذى يمثّل بشكل مكثّف جدّا المبادئ الأساسيّة التى أودّ التحدّث عنها هنا . فالتوجّه الأساسي الذى يدافع عنه و يشدّد عليه فى " بصدد إمكانيّة الثورة " هو الحفاظ على فهم أنّ البلدان الإمبريالية بوجه خاص ، فقط مع تغيّر نوعي كبير فى الوضع – أي إندلاع أزمة ثوريّة و ظهور شعب ثوري بالملايين و الملايين – يغدو من الممكن خوض نضال شامل لإفتكاك السلطة ؛ و عندما يمسى من الممكن القيام بذلك ، مع التغيّر النوعي فى الوضع و ظهور الظروف التى، على عكس ما كان يُعتقد سابقا ، لا ينبغى على هذا النضال أن يتّخذ شكل إنتفاضات جماهيريّة متزامنة فى عدد من المدن الكبرى بل بالأحرى نضال أطول مدى ، ستكون له بعض المظاهر المشتركة مع – فيما يكون كذلك متباينا مع بعض المظاهر ذات الدلالة – التوجّه الإستراتيجي المطلوب فى بلدان العالم الثالث أين يكمن طريق الثورة على وجه العموم فى حرب الشعب طويلة الأمد .
و كنقطة توجّه حيويّة ، من المهمّ التشديد على أنّ نوع النضال الطويل الأمد الذى يتمّ الحديث عنه فى " بصدد إمكانيّة الثورة " لا سيما فى ما يتّصل بالبلدان الإمبرياليّة ، فى الوقت الذى ينطوى فيه على بعض المظاهر المشتركة مع النضالات فى بلدان العالم الثالث التى تهيمن عليها أو حتى تحتلّها تماما الإمبريالية سيختلف أيضا فى هذا - و هذا الإختلاف هام جدّا: فى البلدان الإمبريالية ، يجرى النضال الثوري فى " القاعدة المحلّية " للإمبرياليّين ؛ و لا يمكنه أن يتمحور حول طرد قوى غازية أو محتلّة – إستنزاف قواها و جرّها فى النهاية إلى الإنسحاب – و إنّما عوضا عن ذلك يتطلّب عمليّا إلحاق الهزيمة بالقوى الإمبريالية و تفكيكها تمام التفكيك بالضبط حيث هي متمركزة فى الأساس .
وهذا إختلاف عميق له إنعكاسات عميقة للغاية بمعنى ليس فحسب الهدف بل كذلك وسائل خوض النضال لبلوغ ذلك الهدف . ظاهرة مختلفة و ديناميكيّة جدّا لمّا يكون هدفنا ببساطة هو إستنزاف قوى عاتية محتلّة أو غازية و إجبارها على التخلّى و الإنسحاب ، ثمّ خوض نضال ضد القوى الرجعيّة المحلّية الباقية – هذا مختلف جدّا مقارنة بوضع حيث يكون من الضروري أن تقاتل عمليّا الإمبرياليين في " أرض موطنهم " الذى هو مشترك بين الجانبين و إلحاق الهزيمة بالقوى الرجعيّة و تفكيكها تمام التفكيك فى هذا الوضع . بكلمات أخرى ، لن يتخلّى الإمبرياليّون و لن ينسحبوا فى هذه الظروف . وبمعنى المقاربة الإستراتيجيّة ، فإنّ مثل هذه النتيجة – دفعهم و إجبارهم على مغادرة البلاد - أمر لا يجب التعويل عليه ، أمر لا ينبغى أن تمحور حوله إستراتيجيّا القوى الثوريّة نضالها . و بدلا من ذلك ، مرّة أخرى ، يجب أن تتمّ مواجهة الهدف مواجهة تامة : إلحاق الهزيمة بالجهاز القمعي للنظام القديم و للقوى الرجعيّة التى تقاتل من أجل ذلك النظام القديم و تفكيكه تماما .
هذا يسلّط الضوء على و يشدّد على نقطة هامة أخرى مرتبطة ب " بصدد إمكانيّة الثورة " لا سيما مثلما تطبّق فى البلدان الإمبريالية التى هي بؤرة تركيزه . ضرورة الأمد الطويل فى هذا النضال – عندما توجد الظروف التى تجعل ذلك ممكنا – متّصلة بالحاجة إلى تجنّب المواجهات الحاسمة مع الجانب الآخر ( مواجهات تكون لنتيجتها إنعكاسات إستراتيجيّة على كامل مسار النضال و مآله ) قبل وجود إمكانيّة أن تكون لمثل هذه المواجهات نهاية إيجابيّة بالنسبة للقوى الثوريّة و بالنسبة لأهدافها الثوريّة الأساسيّة . و سيتطلّب الأمر طول الأمد كذلك للحفاظ على ضرورة تجنّب إرساء نظام ثوري جديد قبل الأوان، عندما يكون هكذا نظام عُرضة إلى درجة كبيرة لهزيمة ساحقة – قبل وجود ظروف إلحاق الهزيمة النهائيّة بالقوى الإمبريالية و الرجعيّة .
هذا من جهة و من جهة أخرى ، لن يكون مثل هذا النضال و لا يجب أن يتميّز ب " حطّ الرحال فى طول الأمد " لأنّ ذلك أيضا سيكون على الأرجح وصفة للهزيمة - للتعرّض للتدمير والسحق . بالأحرى، ستكون هناك حاجة و تحدّى للبحث الدّائم عن وسائل لإفتكاك المبادرة – لإفتكاكها و إعادة إفتكاكها عندما تقع إضاعتها . و ستوجد حاجة إلى توجيه كلّ هذا بنوع من " محدوديّة " التوجّه – حتّى بينما سيكون هذا طويل الأمد ، يجب كذلك أن يكون محدودا زمنيّا . و قد مثّلت ظاهرة " طول الأمد دون توجّه ل " التحديد الزمني " مشكلا حتّى فى بلدان العالم الثالث . ففى بعض الأحيان ، ضاع معنى محدوديّة الزمن أي ضاع توجّه القوى الثوريّة ، و بات النضال فى الأساس " شيء فى ذاته " ؛ و إن لم يكن ذلك عن وعي فإنّه كان كذلك على الأقلّ موضوعيّا بشكل عملي ، يتمّ وضع الإفتكاك النهائي للسلطة عبر البلاد برمّتها فى الخلفيّة ، ليس فقط كهدف مباشر لكن أيضا بالمعنى الأشمل و الأكثر أساسيّة . لهذا، مهما كان الوضع الخاص - و هذا ينسحب بوجه خاص على البلدان الإمبرياليّة - ستوجد حاجة إلى طول الأمد ، لكن ليس إلى " حطّ الرحال فى طول الأمد " و ستوجد حاجة إلى نضال مستمرّ لإفتكاك المبادرة - و إعادة إفتكاكها حين تفقد - و لتوجّه " المحدوديّة الزمنيّة " فى نفس الوقت مع " طول الأمد ".
و ثمّة أيضا و هذا غاية فى الأهمّية ، مشكل تطوير الظروف السياسيّة و الإيديولوجيّة للإنطلاق فى هذا النضال من أجل إفتكاك السلطة - و التعبير المنظّم للتأثير السياسي و الإيديولوجي للطليعة - ضمن الجماهير القاعديّة و كذلك إلى أبعد درجة ممكنة فى كلّ خطوة فى المسار ، ضمن طبقات أخرى من الشعب أيضا ، لأجل تكوين أفضل قاعدة ممكنة للتقدّم بالنضال من أجل السلطة عندما يكون قد تمّ تفجيره و ليس ، فى الواقع ، للإنحسار و التعرّض إلى السحق بل لتوفير أفضل قاعدة ممكنة ل" كسر التطويق " حينما تكون الظروف الضروريّة قد ظهرت و يكون كلّ هذا النضال من أجل السلطة قد إندلع ، فى هذه الظروف . و من المهمّ التشديد على هذه النقطة : ليس مجرّد زمن الإنطلاق فى هذا النضال الطويل الأمد و خوضه لمّا تكون الظروف قد نشأت - ليس مجرّد ذلك الزمن و فى تلك الظروف سيحتاج العمل الضروري لأن يُقام لإيجاد أساس عدم الوقوع فى تطويق و سحق فى مناطق محدودة . بالأحرى ، سيحتاج النضال السياسي و الإيديولوجي ، وهذا التناقض فى البال ، إلى أن يُنجز خلال كامل الفترة السابقة لظهور الظروف الضروريّة و قبل شنّ مثل هذا النضال . يمكن أن يقارن هذا بالفلاحة ، بالزراعة و الحصاد : لا يمكنك أن تحاول الحصاد بالضبط بعد عمليّة الزرع ، دون أن تدع لما زرعت عمليّا وقتا للنموّ و النضج . و من هنا يجب القيام بالعمل دون أفق إستراتيجي على كامل الطريق حتّى بينما سيكون طابع الأشياء مختلفا نوعيّا عندما تكون الظروف الموضوعيّة الضروريّة قد ظهرت و الصراع الشامل من أجل السلطة قد شُنّ .
و فى إرتباط بهذا ، من المهمّ أيضا مواصلة دراسة التجربة التاريخيّة المتّصلة بهزيمة قوى ثوريّة تقريبا إستطاع العدوّ محاصرتها – و كانت بالفعل – محاصرة بمعنى قاعدة مساندتها الجماهيريّة ضمن شرائح أقلّيات من السكّان . إذا وقع شنّ نضال من هذا القبيل الذى نتحدّث عنه هنا حينما تظهر الظروف الضروريّة و لكن لم يقع إنشاء قاعدة واسعة مسبّقا – ليس فى ما يتعلّق بتطوّر الظروف الموضوعيّة ، بل أيضا بمعنى العمل السياسي و الإيديولوجي – لنشر هذا النضال إلى أبعد من أكبر قاعدة صلبة له ضمن السكّان ، و جعل شرائح واسعة من السكّان يتبنّونه و يقدّمون له مستويات متنوّعة من المساندة و الدعم ، فإنّ ذلك سيكون على الأرجح وصفة للهزيمة و مسارا لها . و عليه ، ستوجد الحاجة لإرساء أساس للحيلولة دون مثل هذه المقاربة الإستراتيجيّة و لتجاوزها من قبل الطرف الآخر ، الذى يطبّقها على الأرجح ، و قد طبّقها فى التجارب الماضية - بحثا عن عزل نضال ثوري من هذا القبيل ثمّ سحقه .
يمكن أن نفكّر فى أمثلة من التاريخ الحديث نسبيّا كمثال إرلندا الشماليّة و المالايا ( بُعيد الحرب العالمية الأولى ) حيث إندلعت عموما نضالات ثوريّة أو نضالات نهضت ضد السلطة القائمة هناك ، و وقع حصر هذه النضالات فى قسم من السكّان كان لها فيه أقوى الدعم و بالتالى إستطاعت القوى الرجعيّة أن تفصلها و إلى درجة هامة جدّا أن تسحقها و فى حال مالايا ، أن تلحق بها هزيمة تامّة .
هناك جملة من الأمثلة التاريخيّة . و هناك الكثير و الكثير للدراسة و التعلّم من التاريخ ، التاريخ الأحدث و الأبعد أيضا ، فى ما يخصّ هذا المبدأ الأساسي : فى حين يمكن أن يكون الحال – و إن كنّا نتحدّث عن أشياء فى بلاد كالولايات المتّحدة ذى الدرجة العالية من الطفيليّة ، على الأرجح أنّ هذا هو الحال – أنّه سيوجد بون ، بون هام ، بين الأساس الأكثر صلابة لهذه الحركة الثوريّة و شرائح أخرى من الشعب ، إذا ما أريد تحويله إلى هوّة عميقة لا يمكن سدّها ، و وحدها تلك الشريحة النواة الصلبة من السكّان تتحرّك بإتّجاه الإنخراط فى و الدعم النشيط لهذا النضال ، عندئذ يمضى هذا النضال فى طريق الهزيمة . هذا شيء ينبغى التفكير فيه و العمل إنطلاقا منه ليس فحسب لمّا تشهد الظروف تغيّرا نوعيّا و يكون هناك نضال شامل من أجل السلطة - لكن لمدّة طويلة قبل ذلك ، بمعنى كيف يخاض النضال السياسي و الإيديولوجي و التنظيمي .
و ثمّة أيضا ضرورة المواجهة المباشرة لما سيكون تقريبا حتميّا التدمير الوحشيّ و بلا رحمة للقوى الإمبريالية ( و الرجعيّة الأخرى ) التى لن تدّخر جهدا فى محاولات التدمير و السحق التامين لأي مسعى لإنشاء مجتمع جديد عبر نضال ثوريّ لا سيما بالضبط حيث توجد قاعدة سلطتها . يمكن أن نفكّر فى أمثلة مجدّدا من التاريخ الحديث . فهناك تجربة حديثة للفالوجة بالعراق وإلى أي مدى مضى الإمبرياليّون الأمريكان فى تدمير تلك المدينة و سكّانها - قاذفين بالقنابل المستشفيات و مرتكبين مجازرا فى حقّ المدنيّين عندما كان غالبيّة المتمرّدين قد تركوا فعلا المدينة زمن الهجوم الثاني للولايات المتّحدة عليها . هذا ما قام به الإمبرياليّون الأمريكان للإنتقام و " لإعطاء درس " للشعب ليس فى تلك المدينة و حسب بل فى ذلك البلد و على نطاق أوسع فى العالم . ليس الحال أنّ الإمبرياليين الأمريكان قد أطلقوا العنان لكلّ ما كان بوسعهم إطلاق العنان له فى تلك المدينة ، بل أنّهم مضوا أشواطا بعيدة فى التنكيل الهائل ليس فقط بمن يمثّلون النواة الصلبة للمقاتلين ضدّها بل بالسكّان بشكل أعمّ .
و بالتأكيد أنّه فى وضع تتعرّض فيه سلطتهم بالذات و قدرتهم بالذات على إصدار الأوامر و الإستغلال عبر العالم للتحدّى وجها لوجه ، لا شكّ فى أنّهم سيطلقون العنان للدمار الوحشي و بلا رحمة على نطاق واسع . إيديولوجيّا و كذلك عمليّا ، سيكون من الضروري أن نكون مستعدّين لهذا – و أن نعدّ الجماهير له - و لكي نحوّل هذا ضدّهم ، مع تصميم الشعب فى قلب الصراع و الأعداد المتنامية من الجماهير – و ليست الجماهير القاعديّة و حسب بل أيضا أناس من شرائح أخرى أوسع – ليكونا متحمّسين لإلحاق الهزيمة بالإمبرياليين و الرجعيين لكافة الجرائم التى إقترفوها وقتها بالذات و كذلك لكلّ شيء قاموا به و أدّى إلى ذلك . سيكون هذا نضالا حقيقيّا فى المجال الإيديولوجي و فى المجال العملي .
و سيستحقّ الأمر كذلك كنوع من الفهم النظري ، رؤية الطابع الأساسي " للمرحلة الإفتتاحية " لهذا النضال الطويل الأمد . و مرّة أخرى ، أحيلكم إلى كيفيّة وصف هذا فى " بصدد إمكانيّة الثورة " ، بما فى ذلك :
" مظهر خاص و مميّز للوضع الذى سيكون فيه من الممكن و الصحيح بالنسبة للقوى الثوريّة أن تشنّ نضالا طويل الأمد ، سيكون أنّ العنف القمعي و الرجعي للدولة القائمة ومؤسّساتها قد فَقَدَ شرعيّته - ستنظَر إليه شرائح واسعة جدّا من المجتمع على أنّه عنف غير عادل و غير شرعي . و هذا من المؤشّرات المفاتيح على الوضع الثوري و الأسس المفاتيح لظهور شعب ثوري . "
و دون التوغّل فى تحليل مفصّل للمسألة هنا فهي قد طُرحت فى " بصدد إمكانيّة الثورة " . لمّا يكون التغيّر النوعي الضروري قد جدّ ، وتتوفّر القاعدة الموضوعيّة الضروريّة للنضال الطويل الأمد ، سيحتاج طابع " المرحلة الإفتتاحية " للنضال الطويل الأمد لأن يكون واضحا فى طبيعته ذاتها بشأن أنّه صارت توجد الآن على الساحة قوّة ثوريّة جدّية تنازع بنشاط من أجل السلطة ، و لها رؤية و برنامج للتغيير الراديكالي للمجتمع ، و لها هدف جوهري هو إجتثاث علاقات الإستغلال و الإضطهاد .
و بهذا المضمار ، مجدّدا ، سعيا لإستخلاص الدروس العامة من التجربة التاريخيّة ، ثمّة نقطة هامة فى كتاب " أيّام حرب الأنصار فى إرلندا ، رواية شخصيّة للحرب الأنجليزيّة – الإرلندية " ( محيلا على الحرب التى شبّت بالضبط عقب الحرب العالميّة الأولى ) ، ألّفه توم بارى الذى شارك بنشاط فى تلك الحرب إلى جانب المقاومة الإرلندية للهيمنة البريطانيّة . و يروى بارى كيف أنّ التمرّد شرق إرلندا ، أثناء الحرب العالميّة الأولى – حتى و إن سحقته بريطانيا و هزمته – كان له أثر كبير خاصة على شباب إرلندا ، بمن فيهم بارى نفسه . و من المهمّ أنّه فى نفس وقت حدوث ذلك ، كان بارى بالفعل فى خدمة الجيش البريطاني يقاتل ضد التحالف التى كانت ألمانيا تقوده فى الحرب العالميّة الأولى ، و مع ذلك مثّل هذا التمرّد منعرجا فى حياته – و يقول فى حياة عديد الإرلنديّين الآخرين ، خاصة الشباب حينها – حتّى و إن فشل . لذا هناك شيء هام نتعلّمه من هذه التجربة – حتّى بينما لا يجب إعادة الأشياء بنفس الشكل لتؤدّى إلى نفس النتائج . إعادة صياغة هذا الدرس على ضوء الفهم النظري المقدّم في " بصدد إمكانيّة الثورة " – فهم نضال ثوري طويل الأمد لمّا تظهر الظروف الضروريّة –و بالأخصّ بالنظر إلى " المرحلة الإفتتاحيّة " لمثل هذا النضال ، ما يبرز هو دلالة أن نوضّح للناس عبر المجتمع ، و بالفعل عبر العالم ، أنّ هناك قوّة تقاتل و لها رؤية مختلفة راديكاليّا لما يجب أن يكون عليه المجتمع ، و قد أعلنت عن وجودها ، و عن جدّيتها فى القتال فى سبيل تحقيق هذه الرؤية .
و عنصر هام آخر حريّ بنا لفت النظر إليه ، فى ما يتّصل بهذا النضال الشامل ، هو دور التحرّكات الجماهيريّة المتكرّرة بين الفينة و الأخرى و كذلك النضال الآخر السياسي و الإيديولوجي لمواصلة كسب و تنظيم أعداد متنامية من الجماهير فى هذا النضال الثوري – ليس فقط من القاعدة الصلبة لهذا النضال بل كذلك من الشرائح الأوسع – و لمزيد التأثير فى " المجال السياسي " و إنجاز إعادة الإستقطاب السياسي ضمن شرائح متنوّعة بما فيها تعميق الإنقسامات فى صفوف العدوّ فى إتجاه أكثر مواتاة للثورة . و سيتمّ هذا فى خضمّ – و بالفعل لجعل الظروف بصورة متصاعدة أكثر مواتاة – للمهمّة الرئيسيّة و النقطة المحوريّة للنضال وقتها : إستهداف إفتكاك السلطة من خلال إلحاق الهزيمة الحاسمة بالقوى الرجعيّة ، فى إنسجام مع المبادئ الأساسيّة المعروضة فى " بصدد إمكانيّة الثورة " .
و من الهام أيضا أن نتذكّر العلاقة العامة بين الجماهير العريضة – " الملايين و الملايين " التى ستشكّل الشعب الثوري حينها و أعدادها المتزايدة – من جهة و من الجهة الأخرى ، القوّة الثوريّة المنظّمة لنواة النضال الفعلي لإفتكاك السلطة ليس فحسب بمعنى كيف أنّ هذه العلاقة ستتشكّل و يتمّ التعبير عنها فى البداية بل عبر هذا النضال مع الطابع الطويل الأمد لكن مع ذلك المحدود زمنيّا .
كلّ هذا مرّة أخرى ، يسلّط الضوء على و يشدّد على أهمّية العمل الذى ينجز قبل أن يوجد تغيّر نوعي فى الظروف الموضوعيّة . و يسلّط الضوء خاصة على دور الحركة الجماهيريّة للثورة التى سيقع تغييرها – مع تطوّر وضع ثوريّ و نموّ هذه الحركة لتشمل الملايين – نوعيّا إلى قوّة تخوض و تدعم النضال الشامل من أجل السلطة مثلما نُوقش في " بصدد إمكانيّة الثورة " ) . و فى نفس الوقت ، سيوجد تداخل لهذا مع ظاهرة " الحرب الأهليّة بين القسمين من الناس " ( بالمعنى العام ، القسم أو القوى الثوريّة و القسم أو القوى المعادية للثورة عامة ) التى من الأكيد تقريبا أنّها ستكون مظهرا كبيرا لمثل هذا النضال . ستوجد ضرورة ، فى هذه الظروف المستقبليّة لإنجاز كلّ من مثل هذه المعركة بين القسمين من الناس – متداخلة مع النضال ضد قوى النظام القديم القمعيّة الأساسيّة – و العمل على بلوغ إعادة إستقطاب مستمرّ بمعنى أكثر مواتاة ، خلال سيرورة النضال الشامل ، و كسب أكبر عدد ممكن من الناس من صفوف الثورة المضادة إلى جانب الثورة ، أو على الأقلّ سياسيّا تحييدها لكي تكفّ عن المشاركة فى معارضة الثورة . و كلّ هذا تعقيد إضافي يجب التعاطى معه فى خضمّ هذا النضال الطويل الأمد .
و ثمّة كذلك الحاجة ، بمعنى مزيد تطوير الفهم النظري و الإستراتيجي ، لتخصيص قدر أكبر من الإنتباه إلى مشكل القيادة. و هذه مسألة لا تطرح بالمعنى العام فحسب بل أيضا بالمعنى الأخصّ فى علاقة بإستراتيجيا قوى النظام القديم ، إسترتيجيا " قطع الرؤوس " . و سيستحقّ مثل هذا العمل فى مجال الفهم النظري إلى التركيز على أهمّية القيادة ليس فقط فى المستويات الأعلى ، و الإستراتيجيّة عامة ، بل كذلك، و هذا هام جدّا ، على المستويات الدنيا التى إلى جانب القيادة الإستراتيجيّة العامة، ستكون حيويّة فى مثل هذا النضال الطويل الأمد لمّا تظهر ظروفه . و فى حين أنّها ليست مجمل ما يحتاج القيام به بهذا الصدد ، فى هذه الظروف المختلفة نوعيّا سيُطبّق تطبيقا هاما لمبدأ المركزة الإيديولوجيّة و اللامركزيّة التنظيميّة .
و مشكل لا يزال يطرح نفسه بشكل حاد – و سيكون قويّ الحضور فى الفترة السابقة و تاليا بطريقة شديدة فى أثناء النضال الطويل الأمد من أجل السلطة – هو مشكل الطبيعة الإحاديّة الجانب لإصطفاف الأشياء و الإستقطاب فى المجتمع فى تلك الأيّام ، لا سيما كما سيُعبّر عنه حتى اليوم فى ما يساوى مناهضة التمرّد من قبل السلطة القائمة و الموجّهة ضد الجماهير القاعديّة و الحال أنّه لا وجود بعدُ لتمرّد فى صفوف هذه الجماهير . و حتّى لمّا تكون الأمور ضمن النضال الطويل الأمد ، سيكون الناس الذين يخوضون هذا النضال ، من الجانب الثوري ، قد خرجوا للتوّ من وضع كان فيه ، لفترة زمنيّة مديدة ، إستقطاب غير موات ؛ و ستكون هناك حاجة إلى العمل بإستمرار على إعادة إستقطاب الأمور ، بمعنى أكثر مواتاة للثورة، فى أثناء هذا النضال الطويل الأمد . لكن هذا يُطرح بعدُ بحدّة ، كنتيجة خاصة للطبيعة الإحاديّة الجانب لما أشرت إليه ( و قد تحدّث بعض الناس الآخرين الصادرين عن وجهات نظر مختلفة كذلك عن هذا بكلمات مشابهة ) كمناهضة للتمرّد موجّهة ضد الجماهير القاعديّة فى وقت ليس فيه بعدُ تمرّد فى صفوفها ، و بصفة أعمّ الطابع غير المناسب للإستقطاب السياسي / الإيديولوجي الراهن فى المجتمع برمّته ، بما فى ذلك ضمن الشرائح الوسطى .
و بشأن مناهضة التمرّد هذه الموجّهة إلى الجماهير القاعديّة ، حتّى زمن ليس فيه تمرّد فى صفوفها ، يمكن أن نفكّر فى أشياء مثل " الحرب على المخدّرات " ، و السجن الجماعي ، و " قف و تجمّد " و الدخول فى تطبيق " قانون معطيات " الملايين و الملايين من شباب المدن الداخليّة ، بما فى ذلك عديد الأوضاع أين قد إقترفوا جرائما . ما الهدف ، متحدّثين إستراتيجيّا ، من قيام الطبقة الحاكمة بكلّ هذا ؟ ليست تقوم ب " الحفاظ على النظام " فحسب فى الظروف الحاليّة و إنّما ، على الأقلّ من جهة بعض أكثر المفكّرين الإستراتيجيين ، تقوم بذلك و المستقبل فى ذهنها – فى سعي للحيلولة دون إمكانيّة التمرّد الحقيقي ، و الوجود فى موقع يضطرّها إلى السحق المباشر و بلا رحمة ، إن حدث ذلك بالرغم من كلّ جهودها .
الآن ، بالنظر إلى الإستقطاب الحالي غير المواتى فى صفوف الطبقات الوسطى ، هناك العمل الذى أنجزته الطبقة الحاكمة فى ما يتعلّق بطريقة دعايتها بأشكال متنوّعة ( بما فى ذلك من خلال وسائل الإعلام و " الثقافة الشعبيّة " ) التى تنزع الإنسانيّة من الجماهير القاعديّة و تصوّرها على أنّها وضيعة و على أنّها خطيرة . و من الباعث جدّا على الإضطراب أنّه علينا أن نقول ذلك لكن علينا أن ندرك أنّه على نطاق واسع ضمن الطبقات الوسطى هناك قبول إلى درجة كبيرة ، لهذه النظرة إلى الجماهير القاعديّة ، و للشباب خاصة فى المدن الداخليّة ، التى تروّج لها الطبقة الحاكمة . إن لم يكن الأمر كذلك ، حتّى مع الفرديّة المنغمسة فى الملذّات المستشرية فى ثقافة هذه الأيّام ، سيوجد إحتجاج و مقاومة أكبر جماهيريّا عندما يحدث شيء مثل الموت الفاضح لأوسكار غرانت – فيما ، عوض ذلك ، يعمّ الصمت و عدم التحرّك ، ليس تماما لكن إلى درجة كبيرة جدّا ، لا سيما ضمن الطبقات الوسطى و خاصّة ضمن البيض .
و هذا طبعا يرتبط بالنقطة التى شدّدنا عليها سابقا حول " كسر التطويق " عندما تكون الظروف مختلفة نوعيّا و يجرى خوض النضال الطويل الأمد من أجل السلطة – و دون السماح للأشياء بأن تستقرّ فى إطار أين تكون فقط أكثر القاعدة الصلبة للنضال الثوري فى موقع مساندة و إنخراط عمليّين – و سيعنى هذا كذلك أنّه ، قبل زمن طويل ، حتّى تلك القاعدة لا يمكنها التحمّل . لقد سجّل ماو هذه النقطة ( أعتقد فى " ربّ شرارة أحرقت سهلا " ، متحدّثا عن الوضع الذى كانوا يعيشونه فى المرحلة الأولى من حرب الشعب الطويلة الأمد فى الصين ، حيث شيّدت القوى الثوريّة قواعد إرتكاز فى الريف : إن لم يكونوا قادرين على توسيع مناطق قواعد الإرتكاز و تشريك المزيد من الناس فى ذلك ، حذّر ماو من أنّ فى المصاف الأوّل ، الطبقات الوسطى فى قواعد الإرتكاز – الفلاّحون الأفضل حالا و كذلك أصحاب الصناعات التقليديّة و شرائح وسطى أخرى – ستلوذ بالفرار ثمّ حتّى الجماهير القاعديّة من الفلاحين الفقراء و المتوسّطين و البروليتاريّين ، لن تقدر على التحمّل . و هناك وجه شبه بين ذلك و الوضع و المشاكل التى ستتعيّن مواجهتها بمعنى نوع النضال الثوري الطويل الأمد فى البلدان الإمبريالية الذى جرى الحديث عنه فى " بصدد إمكانيّة الثورة " .
و مجدّدا ، يشير كلّ هذا و يشدّد على أهمّية ، حتى الآن ، إعادة الإستقطاب – مع توجّه إستراتيجي لبناء حركة من أجل الثورة – إعادة الإستقطاب السياسي و الإيديولوجي ، الآن و بصفة مستمرّة .
و هكذا ثمّة بعض النقاط التى تستحقّ لفت النظر إليها فى علاقة بما وقع عرضه فى " بصدد إمكانيّة الثورة " فى البلدان الإمبريالية تحديدا .
===============================
- 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية
جريدة " الثورة " عدد 457 ، 19 سبتمبر 2016
http://revcom.us/a/457/how-we-can-win-en.html
لإنجاز هذا نحتاج إلى معرفة الآتى :
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
- ما نحتاج القيام به الآن
- كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
لا تعنى الثورة الفعليّة محاولة إحداث بعض التغييرات فى إطار هذا النظام – بل تعنى الإطاحة بهذا النظام و إنشاء نظام مختلف جذريّا و أفضل بكثير . فهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي لا يمكن إصلاحه . فى ظلّ هذا النظام ، ما من وسيلة لإنهاء عنف الشرطة و جرائمها و الحرب و تحطيم البشر و البيئة و إستغلال ملايين و مليارات الناس بمن فيهم نصف الإنسانية ، الإناث ، هنا و عبر العالم و إضطهادهم و إهانتهم – فكلّ هذا متجذّر فى التناقضات العميقة القائمة صلب سير هذا النظام و علاقاته و هياكله الأساسيّة . وحدها ثورة فعليّة بوسعها إحداث التغيير الجوهري المرجوّ .
ما نحتاج القيام به الآن
للقيام بهذه الثورة ، نحتاج أن نكون جدّيين ، أن نكون علميين . نحتاج أن نأخذ بعين النظر القوى الفعليّة لهذا النظام ، و أكثر من ذلك ، نقاط ضعفه الإستراتيجية إعتمادا على تناقضاته العميقة و المحدّدة له . نحتاج أن نبني هذه الثورة ضمن أولئك الذين يرفضون العيش فى عالم أين يتسبّب هذا النظام فى فظائع لا تحصى و لا تنتهى و يتمّ " تبرير " ها و حتّى تقديرها على أنّها " عظمة " .
نحتاج أن نتولّى الإضطلاع بمهمّة نشر الكلمة ليعلم الناس بأنّنا نملك القيادة و العلم و الإستراتيجيا و البرنامج و أسس تنظيم الشعب من أجل ثورة فعليّة ، ثورة تحريريّة ؛ لدينا بوب أفاكيان قائد هذه الثورة و مهندس إطار جديد للثورة ، الخلاصة الجديدة للشيوعية . ولدينا الحزب الذى يقوده بوب أفاكيان ، الحزب الشيوعي الثوري ، و أساسه النظري هو الخلاصة الجديدة للشيوعية للبناء من أجل الثورة . لدينا نوادى الثورة أين يمكن للناس أن يشاركوا و يناضلوا بحماس من أجل الثورة بطريقة منظّمة و هم يثرون معارفهم عن الثورة و يتقدّمون نحو الإلتحاق بالحزب. لدينا موقع أنترنت الحزب، revcom.us و جريدته " الثورة " و يفضح هذا الموقع فضحا شديدا جرائم هذا النظام و يحلّل تحليلا علميّا لماذا لا يمكن إصلاحه ؛ و يقدّم الإرشاد و القيادة للجماهير لتعمل على نحو موحّد من أجل الثورة . و لدينا " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة لشمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان و تبنّته اللجنة المركزيّة للحزب و الذى يوفّر رؤية شاملة و ملموسة و " مخطّطا " من أجل مجتمع جديد راديكاليّا و تحرّريّا . يحتاج الناس فى الأحياء الشعبية فى المدن و فى السجون و الطلبة و الجامعيون و الفنّانون و المحامون و غيرهم من المهن الأخرى ؛ و الشباب فى الضواحى و فى المناطق الريفيّة – الناس فى كافة أنحاء المجتمع – إلى معرفة هذا و تبنّيه بجدّية .
يحتاج الذين تحرقهم نار جحيم هذا النظام و الذين أقرفتهم الفظائع التى لا نهاية لها المقترفة من قبل هذا النظام إلى الإلتحاق بهذه الثورة . يحتاج الآلاف إلى التنظّم ضمن صفوف الثورة الآن فيما يتمّ التأثير فى الملايين لصالح الثورة . لقد رأينا إمكانية هذا فى الإحتجاجات التى جدّت ضد عنف الشرطة و جرائمها و بطرق أخرى تجمّع فيها عدد كبير من الناس ضد السلط القائمة و ضد " قوانين اللعبة " السياسيّة . لكن يجب تغيير هذا ، عبر النضال ، إلى فهم وتصميم وتنظيم ثوريين . و يجب أن تغدو القوى المنظّمة و قيادة هذه الثورة " السلطة " التى ينظر إليها و تتبعها أعداد متزايدة – و ليس سياسيّو و وسائل إعلام هذا النظام ، محترفو الكذب – و ليس أولئك الذين يوجهون الجماهير ضد بعضها البعض بينما هي فى حاجة إلى الوحدة من أجل الثورة . و فى حين أنّ العديد من الناس سيقومون بأشياء جيّدة فى معارضة هذا النظام ، نحتاج إلى مقاربة كلّ شيء – تقييم كلّ برنامج سياسي و كلّ قوّة منظّمة فى المجتمع و كلّ نوع من الثقافة و القيم و طرق التعاطي مع الناس – إنطلاقا من كيفيّة إرتباطها بالثورة التى نحتاج و بالقضاء على كلّ الإضطهاد . يجب أن نوحّد الناس كلّما كان ذلك بمستطاعنا و نصارعهم كلّما إحتجنا إلى ذلك ، للتقدّم بالثورة .
وبينما نترقّب الظروف الضروريّة للهجوم الشامل للقيام بالثورة ، نحتاج أن نسرّع فى هذا وأن ننجز بنشاط " الإعدادات الثلاثة " : إعداد الأرضيّة و إعداد الناس و إعداد الطليعة من أجل الثورة – الإعداد لزمن يمكن فيه قيادة الملايين للقتال قتالا شاملا ، بفرصة حقيقيّة للإنتصار . نحتاج إلى مقاومة السلطة ، و تغيير الناس ، من أجل الثورة – الإحتجاج و التصدّى لظلم النظام و فظائعه ، و كسب الناس إلى تحدّى و نبذ هذا النظام الفاسد و طرق تفكيره و إلى تبنّى النظرة و القيم ، و إستراتيجيا و برنامج الثورة ، و مراكمة القوى و قيادتها . مع كلّ " رجّة " فى المجتمع – كلّ أزمة – كلّ حدث فظيع جديد ، حيث يضع الكثير من الناس موضع السؤال و يتصدّون لما يقبلون به عادة – نحتاج إلى إستغلال هذا للتقدّم بالثورة و توسيع قواها المنظّمة. نحتاج إلى معارضة وتمزيق تحرّكات السلط الحاكمة بإتّجاه عزل و" المحاصرة " و التعنيف و السجن الجماعي و القمع الإجرامي ضد الذين يعيشون أقسى حياة فى ظلّ هذا النظام و الذين هم أكثر المحتاجين إلى هذه الثورة . نحتاج إلى " محاصرتهم " – بإيجاد الموجة تلو الموجة من المتمرّدين فى معارضة مصمّمة لهذا النظام .
و يهدف كلّ هذا إلى شيء محدّد بدقّة – وضع ثوري : حيث يقع النظام و سلطه الحاكمة فى أزمة جدّية و تشاهد قطاعات عريضة من المجتمع العنف الذى يستخدمانه لفرض هذا النظام كما هو – عنف إجرامي و غير شرعي ؛ حيث تصبح النزاعات فى صفوف القوى الحاكمة عميقة و حادة حقيقة – و تردّ الجماهير الشعبيّة على هذا ليس بالتمترس وراء جانب أو آخر من الحكّام المضطهدين ، بل بالإستفادة من الوضع لمراكمة القوى من أجل الثورة ؛ حيث يرفض الملايين و الملايين أن يُحكموا بالطريقة القديمة – و ينوون و يصمّمون على التضحية بكلّ شيء للإطاحة بهذا النظام و إنشاء مجتمع و حكم جديدين إستنادا إلى " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا " . هذا هو وقت المضي إلى الهجوم الشامل لتحقيق الظفر . هذا ما نحتاج إلى العمل من أجله و ما نعدّ له بنشاط الآن .
كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
" بصدد إمكانية الثورة " بيان هام جدّا للحزب منشور على موقع الحزب على الأنترنت . إنّه يحدّد أساس – الفهم و العقيدة الإستراتيجيين – لكيفيّة القتال بفرصة حقيقيّة للإنتصار عندما يتمّ إيجاد شعب ثوري بالملايين و الظروف الضروريّة للثورة. الآن ليس بعدُ وقت خوض هذا النوع من القتال – و محاولة القيام بذلك الآن لن تؤدّى إلاّ إلى هزيمة مدمّرة – لكن العمل جاري لمزيد تعميق هذا الفهم و هذه العقيدة الإستراتيجيين و المستقبل فى ذهننا . و الآتى ذكره بعض الأشياء الهامة التى ستحتاج القيام بها القوى الثوريّة عندما توجد ظروف شنّ الهجوم الشامل للقيام بالثورة .
♦ حينما يكون الوضع الثوري آخذ فى الظهور ظهورا واضحا ، التحويل السريع للقسم الأساسي من قوى الثورة إلى قوى قتالية منظّمة فى مناطق إستراتيجيّة مفاتيح و إنجاز التدريب الضروري و الحصول على التجهيز الضروري و توفير الحاجيات اللوجستيّة الأساسيّة لهذه القوّة القتاليّة الثوريّة للشروع فى الهجوم القتالي الشامل ، فيما يتمّ منع العدوّ من سحق القوى الثوريّة فى هذا الظرف الحيوي . دعم نواتات القوى القتاليّة هذه بالملايين الإضافيّة المنظّمة فى قوى " إحتياطيّة " للثورة .
♦ الإنطلاق فى عمليّات عبر البلاد تكون مصحوبة بإعلان جريء للعالم يوضّح أنّ هناك قوّة منظّمة مصمّمة على إلحاق الهزيمة بقوات النظام القديم و إنشاء نظام جديد ، نظام ثوري . و إثر الإنتهاء من هذه العمليّات الأوّلية ، يجرى تجميع القوى بسرعة " لمواصلة " العمليّات و الحفاظ على زخم الثورة .
♦ التصدى لقوى العدوّ المتفوّقة فى قدرتها التدميريّة بالبحث عن القتال فحسب فى سياقات مناسبة لنا و تجنّب المواجهات الحاسمة تجنّبا نشيطا ، ما سيحدّد نتيجة الأمر بأسره ، إلى أن يتحوّل " ميزان القوى " بصورة غالبة إلى صالح الثورة . إستخدام الجهيزات التى نفتكّها من العدوّ بطرق تناسب الإستراتيجيا القتاليّة للثورة . بناء قواعد الدعم السياسيّة و اللوجستيّة فى المناطق الإستراتيجية إلاّ أنّه لا يجب أن نحاول السيطرة و التحكّم بصورة مفتوحة على الأرض إلى أن يتمّ بلوغ " ميزان قوى مناسب لنا " .
♦ الحفاظ على المبادرة – أو إن فقدناها مؤقّتا إستعادتها – عبر المفاجأة و المناورة . و القتال بطرق لا يتوقّعها العدوّ . و القيام بعمليّات للإبقاء على العدوّ فاقدا للتوازن ، و تقطيع أوصال مركزة قواه و إستعماله لها و المساهمة فى تفكيكها . و دائما القيام بعمليّات و التحرّك بأشكال تنسجم مع النظرة و الأهداف التحريرية للثورة و تحويل العمليّات الوحشيّة للعدوّ ضدّه – لكسب قوى أكبر إلى جانب الثورة بما فيها قوى قادمة من صفوف العدوّ .
♦ مزج القيادة والتنسيق الإستراتيجيين للقتال ككلّ مع عمليّات غير مركزيّة ومبادرة للوحدات و القيادات المحلّية . التعويل على الدعم الجماهيري و المعلومات الإستخباراتيّة التى يوفّرها ذلك للثورة و منع العدوّ من الحصول على معلومات إستخباراتيّة ؛ وإحباط جهود العدوّ للعثور على القيادة الثوريّة و على الوحدات القتاليّة المفاتيح و إيقافها و سحقها . و التعويض السريع للقوى و للقادة الذين نخسرهم – مدرّبين بإستمرار وناشرين قوى وقيادات جديدة .
♦ المعالجة الصحيحة للعلاقة بين هذا القتال الشامل و الوضع – بما فى ذلك طبيعة النضال الثوري و مستواه – فى بلدان فى الجنوب ( و فى الشمال ) .
♦ و لمّا يتغيّر " ميزان القوى " لصالح الثورة ، إنجاز عمليّات تستهدف تحقيق الإنتصار النهائي بينما نواصل " تقدير معايير " هذه العمليّات كي نستمرّ فى تجنّب المواجهات الحاسمة إلى أن تصبح قوى النظام القديم على حافة الهزيمة التامة – ثمّ نكسر شوكة قوى العدوّ المتبقّية و نفكّكها كلّيا ونهائيّا .
و يعتمد كلّ هذا على كسب الملايين إلى جانب الثورة فى الفترة التى تؤدّى إلى نضج الوضع الثوري و إلى فرصة إلحاق الهزيمة بهم عندما يحين الوقت – فرصة التخلّص من هذا النظام و إنشاء شيء أفضل بكثير – علاقة وطيدة بما نفعله الآن . و يحتاج كلّ من يتطلّع إلى عالم مختلف راديكاليّا ، خالى من الإستغلال و الإضطهاد و العذابات غير الضروريّة التى يتسبّب فيها هذا النظام ، إلى العمل الآن بتصميم ناري لجعل هذا يحدث كي تتوفّر لنا فرصة حقيقيّة للإنتصار .
==============================================================
====================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري