الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجذور العالميّة لإضطهاد النساء و النضال العالمي ضدّه

شادي الشماوي

2022 / 9 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


جريدة " الثورة " عدد 766 ، 29 أوت 2022
https//revcom.us/en/osyan-global-roots-and-global-struggle-against-womens-oppression

ملاحظة الناشر :
بلغنتنا هذه الوثيقة من منظّمة عصيان ( و تعنى عصيان باللغة الفارسيّة " تمرّد " ) . و عصيان / تمرّد مجموعة من النساء الإيرانيّات و الأفغانيّات اللواتى يمثّلن صوت تمرّد النساء للتعبير عن تصميمهنّ و خدمة النضال ضد جمهوريّة إيران الإسلاميّة و طالبان . و هذه الوثيقة نصّ خطاب ألقي أثناء ندوة فيديو في 17 أوت 2022 ، عبر الأنترنت بصدد تحرير النساء نظّمته مجموعة من الأشخاص و المنظّمات من إيران و أفغانستان . و حدث هذا بالضبط عقب الذكرى الأولى فنسحاب الولايات المتّحدة من أفغانستان و بعد مضيّ سنة على حكم طالبان التي أبعدت النساء من الحياة العامة و التعليم الثانوي و منعت سفر النساء دون مرافقة رجل تطبيقا لقانون الشريعة التيوقراطي . و الذين تحدّثوا في الموضوع عل النترنت ينحدرون من آفاق متباينة حول كيفيّة رؤية قضيّة إضطهاد النساء و الحلول الممكنة و تبادلوا وجهات النظر و عبّروا عن رغبتهم في التنسيق في التحرّكات النضاليّة العالميّة . و للإطلاع على فحوى خطاب تونى رادترى [ عن الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة ] فى هذه الندوة هنا (https//revcom.us/en/abortion-womens-rights-and-revolution-shattering-chains-female-enslavement-and-emancipation-all) . و تجدر الملاحظة إلى أنّ الترجمة إلى الأنجليزيّة و بعض التعديلات الطفيفة أنجزها متطوّعون يعملون مع موقع revcom.us .
-----------------------
تحيّاتى للجميع و أشطركم على إستضافتى . أنّا أمثّل مجلّة و مجموعة عصيان . و دعونى أعبّر لكم عن كيف ننظر إلى عالميّة قضايا النساء .
إنّه لأمر واقع أنّنا نعيش في ظلّ نظام رأسمالي – إمبريالي . و ماذا يعنى هذا القول . يعنى أنّ الرأسماليّة نظام إقتصادي و سياسي قائم على الإستغلال و الإضطهاد و الإمبرياليّة هي الطبيعة العالميّة لهذا النظام . و في ظلّ هذا النظام تهيمن الشركات و البنوك و المؤسّسات الماليّة الرأسماليّة الأخرى التي تسيطر على كمّيات ضخمة من المال ، و كانت أمريكا و لا تزال في قمّة هذا أي قمّة هرم هذا النظام الإمبريالي لسنوات .
و يقع الرأسماليّون في أسر منافسة لا هوادة فيها و تدميريّة فيما بينهم و هدفهم هو السيطرة على العالم ، لا سيما البلدان الأفقر من أجل الإستغلال الأقسى للشعوب .
و هذا النظام هو الذى يولّد بإستمرار الظروف التي تجعل الحياة يائسة جدّا أو حتّى خطيرة بالنسبة إلى عدد متنامى من الناس بمن فيهم أولئك في أفغانستان .
و مثل هذه الظروف تُجبر الناس على الهجرة إلى بلدان أخرى و حتّى قارات أخرى ، و تاليا عندما يهاجرون بحثا عن اللجوء السياسي أو الهروب من الظروف التي لا تُطاق ، تتمّ معاملتهم مثل المجرمين . و يفضى هذا النظام و متطلّباته على الحروب : حروب غزو الأمم و الشعوب ، و حروب التحكّم في أنحاء مفاتيح من العالم كالشرق الوسط ، و حتّى حروب بين البلدان الرأسماليّة – الإمبرياليّة التي تملك أسلحة نوويّة لتحدّد من من هذه البلدان ستمثّل الطاغية الأقوى في العالم . و طبعا ، ليس واضحا إن كان سيبقى أي شيء من هذا العالم إثر حرب أو حروب نوويّة ...
و بالرغم من كون إضطهاد النساء ليس النتاج الوحيد للرأسماليّة – الإمبرياليّة ، فقد إتّخذ هذا الإضطهاد أبعادا أخرى في حدّ ذاتها و أدخل عليه هذا النظام أشكالا جديدة مع إحتفاظه و دمجه لأشكال سابقة من إضطهاد النساء . لهذا نقول إنّ كافة النساء عبر العالم قاطبة مضطهدات .
في بلدان كإيران و أفغانستان ، يشتدّ هذا الإضطهاد بفعل بُعد مضاف من الحجاب الإجباريّ و قوانين الشريعة الإسلاميّة العنصريّة و الإضطهاديّة . و في بلد كالولايات المتّحدة ، يجرى التنكّر لحقّ الإجهاض إلخ . كلّ هذه وجوه من إضطهاد النساء ، على أنّه يتّخذ أشكالا متباينة و يقع في في أنحاء مختلفة من العالم .
لذا ، أشدّد على أنّنا نعيش في ظلّ نظام ضخم نطلق عليه إسم الرأسماليّة – الإمبرياليّة غير أنّ العالم عامة منقسم إلى إثنين : البلدان افمبرياليّة كالولايات المتّحدة الأمريكيّة و روسيا و الصين ، من جهة ؛ و البلدالن المهيمن عليها أو الأمم المضطهَدَة كإيران و أفغانستان من الجهة الأخرى .
و سير هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي هو الذى أفرز نظامين تاريخيّا فات أوانهما . و هذان النظامان اللذان فات أوانهما يعنيان هيكلان إنتهت صلوحيّتهما التاريخيّة كما تنتهى صلوحيّة المواد الغذائيّة فتفسد . و بالنسبة لهما البقاء على قيد الحياة و الإزدهار يساوى التسبّب في العذابات للإنسانيّة ، لا سيما للنساء .
و أحد هذين النظامين الفاسدين ( اللذين فات أوانهما ) هو النظام الإمبريالي و الآخر هو الأصوليّة الإسلاميّة . و هذه النظريّة لم تصغنا منظّمة عصيان بل هي نظريّة بوب أفاكيان مهندس الخلاصة الجديدة للشيوعيّة [ الشيوعيّة الجديدة ] (1).
و دعونى أشير بإقتضاب إلى أنّ الوضع في النظام العالميّ على نحو يجعل تقريبا جميع القوى و الحركات السياسيّة في نهاية المطاف تصطفّ و تتّحد مع أحد هذين النظامين اللذين فات أوانهما . فإمّا تصبح حليفة للإمبرياليّة أو تقف إلى جانب الأصوليّة الإسلاميّة تحت يافطة الوقوف ضد الإمبرياليّة .
صحيح أنّ الإسلاميّين تمتّعوا بدعم الولايات المتّحدة في فترة تكوّن جمهوريّة إيران الإسلاميّة إلاّ أنّ هذا الدعم لا يعنى أنّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة من صنع الولايات المتّحدة كما لا يعنى حتّى أنذ الأصوليّة الإسلاميّة و الإمبرياليّة ، خاصة الإمبرياليّة الأمريكيّة ليسا متصارعين أو لا يخوضان حروبا ضد بعضهما البعض .
لقد مثّل الإسلام السياسي مشكلا أساسيّا للولايات المتّحدة بالخصوص في شكل الجهاد المناهض للغرب . و في الواقع ، مصالح و مقاربة هتين القوّتين اللتين فات أوانهما مختلفة في ما يتعلّق بإدارة المجتمع . و في الوقت نفسه ، الوقوف إلى جانب واحدة من هتين القوّتين اللتين فات أوانهما يساعد على تعزيز كلا القوّتين اللتين فات أوانهما . نُصرة الأصوليّين الإسلاميّين أو الوقوف إلى جانبهم يتسبّبان في دفع الإمبرياليّين لأجنداتهم و مصالحهم معوّلين على إستخدام خوف الناس من القوى الإسلاميّة .
و بالطريقة ذاتها ، دعم الإمبرياليّة أو الوقوف على جانبها يؤدّى إلى مزيد الغزوات و الحروب التي يخوضها الإمبرياليّون و بوسع الأصوليّين الإسلاميّين أن يجيّشوا الناس ضد الإمبرياليّة بخطّهم و تفكريهم و إيديولوجيّتهم .
ما جدّ بالضبط خلال العشرين سنة من إحتلال الولايات المتّحدة لأفغانستان أفضى إلى صعود طالبان مجدّدا إلى سدّة الحكم و هذه المرّة تتمتّع طالبان بمساندة شعبيّة أكبر من المرّة الأولى التى بلغت فيها السلطة .
و بعد هذا أبيّن مظاهرا من هذا التوجّه و الإنقسام بين النظامين اللذين فات أوانهما بأمثلة من إيران و أفغانستان و الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
فى إيران ، وُجدت مروحة عريضة من الأفكار الإصلاحيّة التي حاولت بلوغ تغييرات في إطار هيكلة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة بواسطة إصلاحات متنوّعة أصبغت الشرعيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة .
و مظهر من هذه النظرة كان التفكير في أنّه للتواجد في معارضة الإمبرياليّين ن بالأخصّ الإمبرياليّين الغربيّين ، هناك حاجة إلى الفكر الإسلاميّ الفاسد في السلطة أي إلى جمهوريّة إيران الإسلاميّة . و تجلّى هذا التفكير الإصلاحيّ في الحركة النسويّة في شكل حملة مليون إمضاء ن حملة أسُسها الفكريّة شكّلتها نساء لائكيّالت و أحيانا يساريّات سابقا ، و تاليا ، إضافة إلى هذا المشهد ، لقيت هذه الحملة مساندة من قسم من النساء في الحكم . و إستهدفت هذه الحركة إستصدار بعض القوانين الخاصة بالنساء كالمساواة في المال المعيّن للزواج بين الرجال و النساء ، أو تعديل قانون الإرث و ما شابه .
لم ينظر أصحاب هذه المبادرة أبدا إلى الأسباب الأصليّة لإضطهاد النساء و قد إعترفوا و على الدوام إحترموا الخطوط الحمراء للجمهوريّة الإسلاميّة بشأن مسألة النساء .
بديهيّا ، كان الحديث عن الحجاب الإجباري أحد الخطوط الحمراء الأساسيّة لحملة المليون إمضاء هذه . الذين يقفون وراء الحملة ومساندوها و الناشطين في الترويج لها متنوّعون أسماؤهم معروفة الآن لدي على عكس ما كان الحال في السابق .
و ما جدّمع سقوط الإصلاحات هو أنّه حتّى مع تبخّر وهم إصلاح الجمهوريّة الإسلاميّة في صفوف بعض هذته النساء ، فإنّ تفكير الإصلاحيّة و نظرتها ظلّت جذورهما ممتدّة ما أجبر أتباع هذه النظرة الآن على افصطفاف إلى جانب الإمبرياليّة الأمريكيّة . التخلّى عن واحدة من القوّتين اللتين فات أوانهما أدّى إلى البحث عن القوّة الفاسدة الأخرى و الوقوف إلى جانبها. و الجانب الإعلاميّ لهذا المثال في صفوف الحركة النسويّة يمكن ملاحظته في أشباه مسيح علي نجاد .
و بطبيعة الحال ، نظرا للإخفاقات المتكرّرة للإمبرياليّة الأمريكيّة في العراق و أفغانستان ، لم يكن من الممكن توقّع وجود هذه النزعة او رؤيتها تتبلور بوضوح قبل 20 سنة غير انّ هذا التفكير و هذه الرغبة في الوقوف إلى جانب الولايات المتّحدة تتجسّد في سياسة التركيز على شغل النساء في إيران و أفغانستان . و إلتزام الصمت بشأن ما يجرى للنساء في الولايات المتّحدة لا سيما عقب إلغاء حقّ الإجهاض ، مثال بيّن عن التوجّه الموالي لأمريكا .
و في أفغانستان ، يمكن ملاحظة النظامين الفاسدين و اللذين فات أوانهما في تيّارات سياسيّة و فكريّة مختلفة بما في ذلك في صفوف الحركة النسويّة .
لقد وقع رجم شابة عمرها 19 ربيعا بالحجارة رجما وحشيّا إلى حدّ الموت و ذلك في قرية تسيطر عليها طالبان ، سنة 2016 لرفضها زواجا مفروضا و هروبها مع رجل غير الذى أُريد فرضه عليها . و غذّت الحرب الإمبرياليّة للولايات المتّحدة إعادة ظهور طالبان و أصوليّتها الإسلاميّة الرجعيّة و البطرياركيّة . و الخطّ الذى دافع عن الغزو الأمريكي لأفغانستان و حتّى عقب 20 سنة من الوجود العبثيّ اليوم ، أو بصيغة أصحّ ، الوجود الأمريكي المدمّر في أفغانستان ، لا يزال يدافع عن هذا الغزو و هذا الاحتلال .
هذا الأفق السياسيّ الذى كان نشاطه العمليّ في أفغانستان متركّز عامة في المنظّمات غير الحكوميّة و المنظّمات و المؤسّسات القريبة من السلطة لم يساعد في تحرير النساء بل حوّل مسألة إضطهاد النساء أساسا إلى مواقع شغل و الحصول على شغل للنساء في إطار الحكومة القائمة و في الأعمال التجاريّة . و أغمض عينه عن معارضة جرائم الحكومة الجهاديّة لأشرف غاني و أمثاله . و لم ينبس ببنت كلمة لمعارضة الجرائم الإمبرياليّة الأمريكيّة في ظلّ راية قتال طالبان ما لعب دورا هاما في دفع الجماهير نحو طالبان . و اليوم ، يتطلّع العديد من هؤلاء الناس إلى " عهد لامع " في حضور الولايات المتّحدة لمواجهة حكومة طالبان .
و في الوقت نفسه ، ثمّة نظرة خاطئة أخرى هي أنّه إثر مشاهدة ما عرفته أفغانستان و ما عرفته النساء فيها في ظلّ غزو و إحتلال الإمبرياليّة الأمريكيّة في العشرين سنة الأخيرة ، الوقوف إلى جانب نظام آخر فاسد / فات أوانه و تقديم الدعم للنشاطات الأصوليّة الإسلاميّة بشكل أو آخر على غرار دعم نشاطات القوى من مثل قوّات القدس ( أي فروع جهاز الحرس الثوريّ الإسلامي الإيراني العاملة خارج إيران ، في بلدان أخرى من المنطقة ). و هذا يعنى دعم تدخّل اجمهوريّة إيران الإسلاميّة و قتلها للناس في بلدان أخرى و حـّى دعم بعض بقايا الجهاديّين الأفغانيّين .
و بينما يجب أن يكون من الجليّ أنّ إضطهاد النساء عامود من الأعمدة الفكريّة لهذه القوى الإسلاميّة فإنّ تأثير هتين القوّتين اللتين فات أوانهما ليس يمتدّ فقط في الشرق الأوسط بل بالأحرى في الولايات المتّحدة عينها حيث بعض الحركات الإجتماعيّة " اليساريّة " برّرت عدوان الولايات المتّحدة و الناتو على أفغانستان سواء تحت إدارة الحزب الجمهوريّ أو الحزب الديمقرؤاطي و تبقى هذه الحركات اليوم صامتة إزاء إلغاء حقّ الإجهاض أو هي موافقة على هذا الإلغاء.
و كما بوسعكم رؤية ذلك إستنادا إلى هذه الأمثلة ، هذان النظامان الفاسدان و اللذان فات أوانهما يشبهان دوّامة تجذب إليها القوى المختلفة و التيّارات الفكريّة المختلفة ، من إيران و أفغانستان إلى الولايات المتّحدة و عديد أنحاء العالم الأخرى . و نقص في فهم سير هذا النظام الذى نعيش في ظلّه يعنى أنّ الرأسماليّة – الإمبرياليّة لا تسمح بقدر كبير بأن يكون للتيّارات الفكريّة أفق أبعد من إصلاح هذا النظام و تقودها إلى خيار بين خيارين ، إمّا هذا النظام أو ذاك من النظامين اللذين فات أوانهما .
و رغم جميع هذه الإختلافات ، كلّ من النظامين الفاسدين اللذين فات أوانهما يتقاسمان إضطهاد النساء كأساس من أسس جذورهما . إضطهاد النساء عالمي لأنّ الرأسماليّة – الإمبرياليّة عالميّة و بالتالى ، يجب على القتال ضد إضطهاد النساء هو بدوره أن يكون عالميّا و إثر تشخيص الجذور الحقيقيّة لإضطهاد النساء بفضل فهم علميّ شامل ، بمستطاعنا أن نتوجّه إلى العمل بناء على ذلك .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال متظاهرين أغلقوا جسر البوابة الذهبية في كاليفورنيا بعد


.. عبد السلام العسال: حول طوفان الأقصى في تخليد ذكرى يوم الأرض




.. Britain & Arabs - To Your Left: Palestine | الاستعمار الكلاس


.. الفصائل الفلسطينية تسيطر على طائرة مسيرة إسرائيلية بخان يونس




.. مسيرة في نيويورك لدعم غزة والشرطة الأمريكية تعتقل المتظاهرين