الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية المركزية للمواطن عبد تعبان-قصة قصيرة

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2022 / 9 / 6
الادب والفن


القضية المركزية للمواطن عبد تعبان
قصة ماجد الحيدر

اجفل المواطن عبد تعبان وتعوذ من الشيطان حين سمع طرقا على الباب الحديدي الصدئ المؤدي الى المجاز المظلم، فقد حسب ان صاحب المولدة الكهربائية قد جاء لينفذ تهديده بقطع الخط عن بيته لتأخره في سداد الاجور.
لكنه تفاجأ بشابة منفوخة النهدين والمؤخرة والشفتين تحمل في يدها ميكروفونا يرافقها مصور مسدل الشعر ويحيط بهما عدد من أطفال الزقاق.
- مرحبا عمو. نحن من برنامج المسابقات الرمضانية في قناة السعادة. (راحت تتحدث بسرعة وهي تلوي الكلمات) عندنا سؤال ان أجبت عليه ستحصل من قناتنا على جائزة قيمة مقدارها ألف دولار.
مادت به الارض من الفرح وتخيل ما سيفعله بالنقود وطلب منها بتذلل:
- ارجوك ليكن سؤالك سهلا.
- بالطبع هو سؤال سهل ويعرف اجابته كل مواطن شريف. والسؤال هو (وأدارت وجهها المثقل بالمساحيق نحو الكاميرا) ماهي قضيتنا المركزية؟
فتح فمه كالأبله وطلب منها إعادة السؤال.
- قضيتنا المركزية عمو. يعني ماذا تريد؟ ما هي أهدافك كمواطن صالح؟ ما هي أهم قضية تشغل بالك وبال المواطنين؟
- الشرفاء؟
- نعم الشرفاء! (قالت بشيء من التذمر)
- لا أعرف بالضبط ماذا يريد الآخرون لكنني.. لكنني أظن أن قضيتي المركزية هي الخبز!
- كَت ! (صاحت المذيعة بالمصور) أوقف التصوير! (والتفت الى الرجل الذي انكمش كالفأر) ما بك يا هذا؟ أقول لك ماهي قضيتنا، قضيتك وقضية كل المواطنين المركزية. كيف أفهمك؟ أنني أسألك عن أهم شيء تناضل من أجله.
- أناضل؟ لا أتذكر. آخر مرة ناضلت فيها كنت في المتوسطة. أخرجونا من المدرسة وداروا بنا في الشوارع ونحن نصرخ ونهتف. قالوا لنا اننا نناضل من أجل.. (ثم حك قذاله وهو يحاول أن يتذكر) اعذريني ايتها الخاتون هل يمكن ان استشير زوجتي؟
- تفضل. لكن استعجل.
ناداها فجاءت مسرعة وهي تدخل خصلات من شعرها النافر تحت حجابها الذي حال لونه، فشرح لها ما يجري وأعاد السؤال فأجابت مستنكرة غباءه:
- يا! اشبيك يا رجّال؟ نسيت ان اخر علبة حليب قد اوشكت على النفاذ؟ (والتفتت الى المذيعة) عيني معليج بي هذا دايخ من الشغل طول النهار تحت الشمس. اني اجاوب (وواجهت الكاميرة) بسم الله الرحمن الرحيم. بالنسبة لهاي قضيتنا المركزية فهي مثل ما تعرفون الحليب!
تبرمت المذيعة وأوشكت على مغادرة المنزل. وفي هذه الأثناء كان العديد من سكان الزقاق قد تجمعوا حولهم. واقترب جار لهم وهمس في اذنه:
- ايها الأثول! انها تسأل عن قضيتنا المركزية يعني اهم ما يشغل بالنا وبال عيالنا.
لكنه ازداد ارتباكاً:
- رحمة لأمك. ماذا اقول؟
- قل لها مثلاً: الحصة التموينية، التعيين، الكهرباء..
لكن ابنه الذي انتهى سريعا من غسل وجهه وتمشيط شعره كان قد دخل على الخط:
- المهر، المهر يا معودين. البنت ستطير من يدي!
ونادت الجدة العمياء من زاويتها في قعر البيت:
- ماذا يجري عند الباب؟ ما هذا الصخب؟
فأجابتها صغرى حفيداتها:
- هؤلاء من الحكومة، من التلفزيون، ويسألون أبي عما نريد.
- الولد (قالت العجوز) اريد ان اعثر على قبر ولدي.
وهتفت ابنتهم الصغيرة:
- اريد ثيابا جديدة. البنات يعيرنني كل يوم في المدرسة.
اختلطت الاصوات واستطاعت المذيعة بالكاد ان تتخلص من الحشد وتنفست الصعداء حين ارتمت في مقعد السيارة وصاحت بالسائق دون أن تنتظر المصور المسكين:
- اطلع بسرعة! اغبياء! أنا المذنبة حين دخلت هذا الزقاق القذر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة