الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة الشهيد محمد الصالح حجيرة

أسامة هوادف

2022 / 9 / 7
سيرة ذاتية


نبذة عن حياة الشهيد محمد الصالح حجيرة الملقب ب (بنز)

مولده ونشأته

ولد محمد الصالح حجيرة سنة 1934 ببلدة نڨاوس من أبوين متوسطي الحال ، كأغلب الأهالي في تلك الحقبة المظلمة هما : أحمد بن ساكر ، وحدة بنت الغربي حجيرة.

وما إن درج حتى أدخله والده أقرب كتاب لتحفيظ القرآن الكريم شأن أترابه يومئذ ، متتلمذا على يدي شيخين فاضلين من ألمع مقرئي كتاب الله في البلدة ، المعلمين عبد الله هروس ، ومحمد عجال ، فحفظ ما تيسر له من سوره ، غير أن الحاجة إضطرته إلى التوقف لمساعدة والده في فلاحة الأرض ، وزراعتها ، وتسويق ما يدره إنتاجها الزراعي ، وبيعه في ساحة سبعة الرقود ، الذي أتخذه والده موضعا قارا لبيع الخضر ، والفواكه الموسمية لسد حاجيات الأسرة من مردودها الزهيد بعد أن أخلي سبيله من آداء الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية¹.

في هذا الحيز الضيق الذي غلب عليه نشاط تجاري متواضع ، وفي هذه البيئة المحلية الأهلية التي إتسم فيها الأهالي بالتلقائية ، و البساطة نشأ محمد الصالح مستأنسا بطبائع مرتادي المكان من الباعة ، والزبائن ، متأقلما ، ومتعايشا مع الحالين به من فلاحين ، ومثقفين ، وسياسيين ، متفاعلا بإيجابية مع هذا الجو المفعم بالإختلافات ، والمتناقضات فاكتسب من العامة روح الدعابة ، والمرح ، آخذا من الساسة والمثقفين صفات الحس المدني ، والوطني ، وخصال الإيثار ، والتضحية ، وهي عوامل إختمرت مجتمعة في نفسيته ، فكونت منه نموذجا فريدا في الجرأة والشجاعة والإقدام.



انضمامه المبكر إلى صفوف المجاهدين في جيش التحرير الوطني



_ إثر إندلاع الثورة التحريرية المباركة ، عمدت فرنسا إلى إحصاء أبناء الأهالي لتجنيدهم في صفوف الجيش الفرنسي ، وكان محمد الصالح من هؤلاء المنتقين المؤهلين للعملية ، حيث إقتيد سنة 1955 م إلى إحدى ثكنات سطيف، لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية ، ومن هذا المكان خطط رفقة زميل له في الجندية ، أصوله من أولاد تبان للفرار معا بعد أن تشاورا ، وتواعدا على الإلتحاق بالثوار في الجبال القريبة، وكان ذلك لعهد قطعه على نفسه يوم زاره مجموعة من الثوار أثناء إجازته طالبين منه الإنضمام إليهم غير أنه تعذر عليه ذلك في وقته لما قد ينجر عليه من عواقب وخيمة على العائلة ، على أن يتم الأمر آجلا من الثكنة التي يقيم فيها بعيدا عن ذويه ، وفعلا نجحت الخطة المرسومة بعد فرارهما وتمكنهما من الالتحاق بالمجاهدين في منطقة بريكة الناحية الرابعة الولاية الأولى ، ومع أن عملية الفرار تمت بعيدا عن الديار إلا أن والده حمل جريرتها ، فأعتقل من طرف طغمة الساتيام ، وناله منهم أشد ألوان التعذيب طيلة أشهر رغم مرضه وكبر سنه² .

بعض الكمائن والاشتباكات التي شارك فيها :

1- إشتباك الصفية من ريف نقاوس

شارك ليلة 28/02/1958 مع مجموعة من الرفاق قوامهم 30 مجاهدا تحت قيادة المجاهد الصالح خبرارة في إشتباك مباغت لقوات العدو بمشارف الصفية من ريف نڨاوس أدى إلى القضاء على 16 عسكريا وقائد البلدة الذي لقي مصرعه في المكان.



2- أختطاف رقيب قرب حانة ببريكة :



شارك ببسالة في عملية أختطاف رقيب فرنسي قرب حانة فليكس بمساعدة فوج من رجال الصاعقة ( الكومندو ) وتمت تصفية المعني في منطقة عين جحوش من حوز سفيان³ .



2- 3-اشتباك منطقة ذراع الشرف قرب لاصاص بنڨاوس عام 1959 م



في إحدى الليالي الشتوية من عام 1959 كانت مجموعة مكونة من 4 مجاهدين يقودها القائد الصالح حجيرة تنتظر أخرى مساندة للالتئام معها قرب ذراع الشرف لشن هجوم على مقر ( لاصاص ) غير أنه في اللحظة كانت مجموعة من عساكر العدو عائدة إلى المقر المذكور ، بعد دورية قامت بها إلى منطقة الحواجب ، و اعتقدت مجموعة المجاهدين المتواجدة في عين المكان في أول الأمر أن القادمين هم إخوانهم المنتظرون في المكان ، و لحسن الحظ أن القائد تفطن في الوقت المناسب إلى جلبة العساكر ، و تبجحهم ، و رطانة بعضهم أثناء حديثهم ، فأمر مجموعته بالاستعداد لإطلاق النار عند الإشارة ، و فعلا عند أول تكبيرة منه أمطر المجاهدون مجموعة عساكر العدو بوابل من الرصاص ، وأسفرت هذه العملية البطولية عن القضاء على 20 عسكريا ، و في الحين انسحب المجاهدون دون أن تسجل في صفوفهم أية إصابة⁴.



4_ اشتباك بحي الجوالة في أحدى ليالي خريف 1961 م





في إحدى ليالي خريف 1961 حلت مجموعة من المجاهدين بحي الجوالة في زيارة ميدانية عملية، في الأثناء تلقوا دعوة لتناول العشاء في ضيافة أحد المواطنين ، بحضور مسؤولي لجان منطقة الحواجب، و بعد نهاية المأدوبة و في حدود منتصف الليل غادرت المجموعة المكان تحت جنح الظلام متسللة خارج الحي عبر البساتين المحيطة به، وكانت الوجهة المقررة جبال مقونسة غير أنهم خلال عملية الانسحاب، تفاجأوا بدورية من جند العدو تقترب من مكان تواجدهم، فكمنوا لها على الفور في أماكن محصنة، في انتظار إشارة قائدهم محمد الصالح حجيرة، لبدء الهجوم ، و لما صار كل أفراد العساكر في متناولهم ناريا ، أعطيت الإشارة المنتظرة ، ليمطر المجاهدون جند العدو بوابل من الرصاص ، و كانت حصيلة الهجوم المسلح القضاء على 3 جنود ، و تشتت صفوف البقية في اتجاهات مختلفة ، و انضم خلالها أحد المجندين إجباريا من أبناء الأهالي في الجيش الفرنسي المدعو (مرزوق بن العطرة) إلى صفوف إخوانه المجاهدين، و كانت تلك فرصة ذهبية انتظرها بفارغ الصبر ، و هكذا انسحب المغاوير من المكان بعد أن كبدوا العدو خسائر بشرية ، سالمين غانمين مدعمين بمجند مدرب ومسلح منضما إليهم لتقوية صفوفهم و شد إزرهم⁵.





المعركة التي خاضها وأسر فيها من طرف قوات العدو :





_ في الثامن جانفي 1962 حضرت قيادة الناحية الرابعة لاجتماع تنظيمي تقييمي ، وتنسيقي بذراع الحصن من قرية الحيمر بمنطقة بريكة ، حضره أول الأمر إخباري الناحية الملازم الأول طيايبة ، وإخباري القسمة مسعود غالمي ( النڨبة ) ببيت المناضل سي علي قيري ، وبعد استراحة قصيرة تلت وجبة الغذاء ، سارع المجاهد مسعود غالمي إلى امتطاء صهوة جواده بغية إحضار بقية الأعضاء من مسؤولي الناحية الذي تقرر حضورهم في الاجتماع المذكور ، غير أن هذا الأخير تم رصده من بعيد من طرف فلول قوات العدو التي عملت على مطاردته مستعملة كل ما لديها من ترسانة نارية مستغلة وسائل لوجستية متعددة ، مما أدى إلى إصابة المجاهد مسعود غالمي إصابة بليغة أستشهد على إثرها متأثرا بجراحه.

في الأثناء عمد العدو إلى تطويق المنزل الذي تسلل منه الشهيد مسعود مقتحما فناءه ، وذلك بأمر من قائده الملازم الفرنسي المتعجرف الذي طلب بنبرة حادة ربة المنزل المداهم لتدله على مخبأ (الفلاڨة) فتلقى منها نفيا قاطعا على أي وجود كان للمجاهدين ، غير أنه أصر على فتح البيت المشكوك فيه ببجاحة ليجابه بوابل من رصاص ببندقية المجاهد الحاج طيايبة فسقط على إثرها جثة هامدة دون حراك ، كما سقط 11 عسكريا من جيش العدو بعد إشتباك حاد دام لعدة ساعات بين الطرفين ، نجم عنه إستشهاد كل من المجاهد الحاج طيايبة ، والمجاهد دالي لخضر ، وأسر المجاهد محمد الصالح حجيرة بعد إصابته بجروح بليغة جراء وطأة قصف المدفعية التي دكت البيت كاملا على رؤوس من به ونجاة زوجة علي قيري ، وابنته اللتين اسعفتهما يقظتهما رغم هول الموقف الى إخفاء محفظة الشهيد إخباري الناحية التي تضمنت وثائق هامة تتعلق بأسرار الثورة⁶ وكان رد فعل العدو الفرنسي في اليوم الثاني حصار المشتى التي عاثوا فيها فسادا و أحرقوا المنازل المجاورة للمنزل الذي وقعت فيه هذه المعركة.





إستشهاده:





بعد أسره في معركة ذراع الحصن المذكورة من قرية عين الحيمر ، سلط عليه جند العدو أبشع ألوان العذاب رغم جراحه البليغة ، بغية أنتزاع اعترافات تدلهم على أماكن تواجد الثوار في المنطقة إلا أن البطل ، اعتصم بإبائه و وطنيته ، وأصر على رفضه الإذعان لتهديداتهم غير أنه بعد أن تيقن من قرب أجله قادهم في سخرية من عقولهم إلى مغارة لا حجر فيها ولا بشر بجبل القصبات ، وهناك تعرض لطلقات مسدس قائد الجيش الفرنسي بعد شعوره بالإهانة والمسخرة والأستخفاف التي أوقعهم فيها الشهيد ، أردفها رمي أحد جنده قنبلة يدوية على جسده الطاهر إمعانا في التمثيل بجثته الطيبة ، وبعد إنصراف جند العدو قام الأهالي بنقله ثم دفنه في بيت غير مأهول حتى أستقلال البلاد من ربقة الاستدمار ، حيث أعيد دفن رفاته في مقبرة الشهداء بعين تاسة ، وفي أيامها أقيم نصب تذكاري يخلد ملحمة معركة ذراع الحصن بالمكان تمجيدا لذكرى استشهاد أبطالها المجاهدين من شهدائنا الأبرار رحمهم الله في عداد الأولياء والصالحين.

¹⁾ شهادة شقيقه عبد القادر حجيرة

²⁾ المرجع سابق

³⁾ شهادة المجاهد ميهوب محنش

⁴⁾ مخطوط هذه هي نقاوس بين حواضر الحضنة والأوراس الأستاذ فاروق معمر معامير

⁵⁾ المرجع سابق

⁶⁾ صفحة متوسطة الشهيد طيايبة الحاج



بقلم الأستاذ معامير معمر فاروق

جمع المعلومات / الباحث أسامة هوادف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير عن ضربة إسرائيلية ضد إيران وغموض حول التفاصيل | الأخب


.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2




.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب


.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا




.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة