الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان وعودة الوعي: هل هو اعتذار عثماني للعلويين؟

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 9 / 7
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير



لطالما تبجح وتباهى وتفاخر أردوغان بدولة الخلافة العثمانية، وسلاطينها السفاحين، واعتبرهم قدوته، ومنارته السياسية وحاول خلال توليه الرئاسة التركية، وقبلها رئاسة الوزارة التركية، إحياء وتكريس القيم العثمانية،(الإسلامية بنسختها القومية الفاشية الطورانية)، فيما اعتبره كثيرون انقلاباً على القيم العلمانية التي حملت رئيس وزراء إسلامي، من التيار الإخواني، إلى سدة الرئاسة وقيادة البلاد.
ولوحظ في الفترة القريبة الماضية، وخلافاً لما كان عليه خلال عقدين من الزمان في قيادة البلاد، حالة من الهيام والغزل بالمكون "العلوي" التركي، الذي ما زال كتيار سياسي محافظاً على القيم العلمانية، ومتزعماً بشكل رمزي لمناهضة ومعارضة سياسات أردوغان القومية والإسلامية، عبر جسده السياسي حزب الشعب الذي يتزعمه "العلوي" من أصول كردية كمال كليتشدار أوغلو المعارض العنيد اللدود لأردوغان، ومحاولة التقرب منه- أي من المكون العلوي - النافذ والهام والورقة المؤثرة في الحياة والساحة السياسية التركية التي يتنازع دفتها الإسلاميون، ويتشكل هؤلاء عموماً من السنة، والعلمانيون الذين يضمون بقايا الأتاتوركية بمن فيهم سنة متنورون فيما يشكل العلويون والأكراد السنة والعلويون والأرمن والأقلية المسيحية العصب الأساس لما تبقى من علمانية أتاتوركية، وتأتي مناورات أردوغان المحكوم عليها بالفشل سلفاً، بسبب توجس الشارع العلوي منه، ومن دعمه لما تسمى بـ"الثورة السورية"، وخطابها الطائفي العنصري التكفيري الإجرامي التحريضي ضد علويي سوريا وربطهم، كلياً قشة لفة، بواقع جيو-سياسي قائم بالمنطقة..
وفيما يبدو محاولة منه لكسر احتكار العلويين للمعارضة الداخلية، ونزع ورقتها من أيديهم وفي تطور لافت، قام أردوغان قبل فترة وجيزة، وفي محاولة إظهار نفسه كزعيم سياسي وقائد وطني لكل الأتراك على خلاف ما كان يحاول الظهور عليه كـ"أسد السنة" ويقدم نفسه كزعيم سني إخونجي، ممثلاً للتيار الإسلامي في مواجهة بقية المذاهب، بزيارة لأحد مناسبات "الجمع" العلوية، كما تعرف هناك، وهي مناسبات وأعياد تقليدية للعلويين، وشاركهم احتفالهم هذا في تطور أثار الكثير من اللغط والدهشة والتساؤلات، وبدا كاعتذار رسمي "إخونجي" (باعتباره خليفة الإخوان المتوج والناطق الرسمي باسمهم)، عن سلسلة الفظائع والمجازر والإبادات الشهيرة التي ارتكبها أجداده العثمانيون بحق العلويين في سوريا وتركيا، وكان أشهرها في العصر الحديث تلك التي نفـّذتها العصابات الإرهابية العثمانية بحق العلويين الأكراد في تركيا بين عامي ١٩٣٧ و ١٩٣٨ م وراح ضحيتها أكثر من ٧٠ ألفاً من الشيوخ والنساء والأطفال المعروفة باسم "ديرسيم"، وكان آخرها مجزرة فندق ماديماك بحق العلويين حيث وقعت المجزرة أثناء اجتماع لمجموعة من الشعراء والكتاب العلويين ومن بينهم الكاتب الساخر والمشهور عزيز نيسين وكان الاجتماع في مدينة سيواس، وسط، تركيا وأثناء الاجتماع هاجم مجموعة من المتطرفين الإسلاميين من حزب العدالة والتنمية الإخواني على فندق ماديماك بقيادة تامال كرم الله أوغلو والذي أصبح رئيسا لبلدية المدينة وقُتل يومها معظم المجتمعين وكان من بين الناجين عزيز نيسين، حدث ذلك في يوليو 1993 وكان هدف هذه المذبحة هو القضاء على الفكر الذي يعرقل حزب الإخوان المسلمين في تركيا لأن عزيز نيسين كان يشبّه الإخوان المسلمين في كل كتاباته بالحمير؛؛ كان يقصدهم ويصفهم بالحمير التي تقود الدببة وهنا يقصد بالدببة جمهور ومؤيدي الأخوان لذلك كان هدفهم بالهجوم على فندق ماديماك، ولا ينسى علويو سوريا مجازر "التلل" بحلب ولا خازوق السلطان سليم، وكلها أحداث تشكل وصمة عار في جبين العثمانية القديمة، والعثمانية الجديدة التي يحمل لواءها اليوم، أردوغان، وبنى عليها كل أمجاده وتاريخه السياسي والشخصي وكات سلـّماً لصعوده وارتقائه السلطوي..
وفي أحدث تسجيل مرئي له، ظهر أردوغان، كواحد من أولئك الملالي "الشيعة" الذي يتفاخر ببطولات علي وذو الفقار، ويشرح المعاني العظيمة للعلوية، والتفاخر بها، داعياً لمنع الاختلاف، وأنه لا يمكن عزل العلوية عن الله، كما قال، ولا عن النبي، ولا عن علي بن أبي طالب، ولا يمكن أن تكون بدون دين وإيمان، ولا يمكن أن تكون مبنية على الشهوات المنحرفة، ولا يمكن أن يكون الإسلام هكذا، ولا يمكن أن تعني التركية، ولا الكردية (هنا تلميح لعلويي تركيا الأكراد ورسالة غزل لكيتشدار أوغلو)، وهنا يناقض ويفند أردوغان فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه التي تبني "الفرقة الناجية جل عقيدتها، وإيديولوجيتها على فكره، وعزا أردوغان ما هو موجود في الشارع من تشرذم وشروخ طائفية وانقسامات مذهبية إلى "خطط خبيثة" كما قال (بمعنى أنه يبرىء الإسلام وثقافته ووو من كل ما جرى)، لكن بريطانيا وأمريكا وإسرائيل لم تكن موجودة أيام الفتنة الكبرى، والسقيفة، وصفين والجمل ووو...
يبدو الأمر أيضاً في أحد قراءاته، ومن دون التعريج على تقاربه مع دمشق وتودده كرسالة ومد يد للنظام بسوريا تجسيداً لرغبته العارمة في إمامة صلاة بالجامع الأموي، تراجعاً وانعطافة أردوغانية إيديولوجية واضحة تنسف الكثير من المسلّمات الإخوانية التكفيرية وحتى الإسلامية التقليدية بحق العلويين وابقية الأقليات، وتتراءى لكثيرين كاعتذار من أردوغان "بابا المسلمين" اليوم، كما حدث مع بابا الفاتيكان يوم اعتذر عن الحروب الصليبية، وتظهر قراءة الموقف والتصريحات أن "بابا المسلمين" يقدم اعتذاراً عن جرائم الإبادات العثمانية والفظائع الكبرى التي جرت بحق العلويين عبر التاريخ العثماني الأسود في المنطقة، فهل تكر سبحة الاعتذارات بحق بقية الأقليات في المنطقة وما جرى ضدهم من تكفير وعنصرية و"جزية" وسبي ووو، ومن مراجع "سنية" كبيرة ومعتبرة، كالأزهر وهيئة كبار العلماء، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وسواهم، أم أن الأمر لا يعدو كونه مناورة "إسلاموية" معتادة تتسم بالتقية والنفاق المعهود والخطاب الرومانسي الزائف، لاعتبارات واستحقاقات سياسية وانتخابية بانتظار "بابا المسلمين" رجب طيب أردوغان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع