الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع

امال قرامي

2022 / 9 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


التفّ عدد من الشبّان/ات حول «قيّس سعيّد» لأنّهم رأوا فيه الرجل البسيط و«العادي» والقريب من شرائح كثيرة من المجتمع، والعمول على كسر الصور النمطية التي تُسيّج النخب (النرجسية، الاستعلاء،...)، والحريص على تجاوز العراقيل والحدود، والطامح إلى إحداث التغيير في الواقع. فكان في نظرهم، الأستاذ /الأب/المخلّص/ و...والقائد «الثوري» الذي «يشبههم» ويقاسمهم الحلم،والأمل... ويشترك معهم في التعبير عن مشاعر الغضب والاستياء وفي مقت «أصحاب الامتيازات»...

وقد وعد الرئيس «قيس سعيّد» في رحلة سعيه إلى الرئاسة، كلّ من التفوّا حوله بأن يسعى إلى ترسيخ نظام عادل يحمي حقوق المسحوقين والمهمّشين على وجه الخصوص، ويحقّق لهم جزءا من أحلامهم. فكان تعيين بعض الولاة والمعتمدين معبّرا عن هذا التصوّر.
ولئن كان العمل على تجاوز واقع استشرت فيه «الحقرة» واتّسعت فيه الفجوة بين الطبقات محمودا فإنّ تدبير ملفّ الهجرة غير النظامية يثبت التناقض فلا نعثر على اهتمام كبير بالشبان/ات وسائر المواطنين، بل نرى غياب الخطط، وعجز المسؤولين عن الاهتمام بهذا الملف ووضعه ضمن الأولويات، وعدم حرصهم على إيقاف هذا «النزيف مثلما عجزوا في إدارة ملفّ التلوّث...

وهنا حقّ التساؤل عن أسباب التمييز بين الشبّان؟ فما هي معايير الفرز بينهم؟ هل أنّ المعيار جندريّ فالأولوية هي للشبّان في مواقع صنع القرار ولا «عزاء للشابّات»؟ هل أنّ المعيار سياسي/أيديولوجي فمن لم يُناصر المشروع «القيسي» لُفظ؟ (وهنا نحاكي سياسات من «ثرنا عليهم» وانتقدنا سياساتهم). ثمّ ما هي سياسة الدولة تجاه الحريصين على مغادرة البلاد سواء أكانوا من أصحاب الوظائف والأملاك(المُعارين) أو من المعطّلين والمفقّرين؟

تُطالعنا التقارير، ونتابع الإحصائيات واستطلاعات الرأي ونشاهد الوثائقيات التي تنجزها وسائل الإعلام الغربية والعربية على حدّ سواء، وتوظّفها أيّما توظيف، ونواكب نجاح «الأدمغة التونسية» هنا وهناك، ونستمع إلى الشهادات: كيف يكون تدبير الهجرة/الحرقة، وما هي مسالكها الجديد، ومن هم/ن الملتحقون مؤخرا بهذه الأعداد الضخمة من التونسيين/ات المصمّمين على مغادرة بلاد صارت في نظرهم، «الجحيم»، وتصدمنا صور الحوامل والأطفال والرضّع، وأصحاب الاحتياجات الخاصّة، والقطط الأليفة وأغاني المزود، والضرب على الدفّ احتفاء بسفرة دون عودة...
ومن حقّنا كمواطنين/ات أن نتساءل: ما ردّ فيلق من الوزراء على صيحات الأهالي وانتحاب الثكالى: وزير الشؤون الاجتماعية، ووزير الاقتصاد، ووزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، ووزير الشباب والطفولة، ووزير الشؤون الخارجية، ووزير الداخلية...؟ ألا تكتسي مطالبة الأهالي الدولة بوضع السياسات الشمولية في أسرع وقت، شرعيتها ضمن مشروع العدالة الاجتماعية وخطاب وعد بـ«العدل» بين كلّ التونسيين أم أنّ هؤلاء المُحتجين لا يعتبرون من «الشعب»؟ كيف نقرأ ارتفاع عدد المهاجرين/ات غير النظامين بعد 25 جويلية؟ وكيف نفسّر تحوّل الهجرة اللانظامية إلى مشروع عائلي موسّع ؟ و

كيف نحمي الرضّع والقصّر من أسر زجّت بهم قسرا في مشروع «الحرقة»؟
يُخيّم الصمت على الرئيس المتعاطف مع الشبان والمستضعفين والمكدودين ... ويصمت أعضاء الحكومة أو يُصمّتون فلا ذكر لهذه الشريحة من المواطنين في الخطاب الرسميّ لأنّهم ببساطة، صاروا من اللامرئيين. وحدها المعالجة الأمنية والعقابية الكفيلة بإرجاع من فرّ وأحرق جوازه وتنكّر لجنسيته ولغته... لا حبّا فيه والتزاما باحترام حقوقه بل إذعانا للاتفاقيات المبرمة والضغوط المسلّطة على بلد لم يراقب حدوده فهبّت الجموع زُرافات ووُحدانا.
وفي انتظار استفاقة الضمير والشعور بالمسؤولية ونداء الواجب وتوفّر الاستعداد لدى المسؤولين عن تسيير البلاد والمتحمسين لتحقيق التنمية المستدامة والكرامة والعدل والإنصاف... يتخّد الملف أبعادا جديدة تزيد الموضوع تعقيدا. فنحن إزاء الهجرة المناخية، وهجرة الفارّين من سوريا وليبيا وعدد من البلدان الأفريقية بسبب النزاع والحرب الأهلية، وبسبب التطرّف العنيف (مالي، والنيجر، والموزانبيق...) وغيرها. فكيف لدولة أن تتعاطى مع الوافدين إليها، والراغبين في الاستقرار بتونس وهي التي لم تستطع أن تخاطب مواطنيها وتتفاعل معهم وتشرح لهم وتقنعهم بـ«الصبر الجميل»؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس