الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ذا لاين-، مدينة خيالية واحلام يقظة

الاء السعودي

2022 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مشروع مدينة "ذا لاين" السعودي التابع لنيوم، والذي يعتبر الواجهة الاساسية لمشروع مدينة نيوم الضخم التي ستشمل مناطق زراعية وصناعية ومناطق جذب سياحي والكثير من المعايير الحضارية والذكية لاي مدينة مستقبلية، إلى جانب هذا، سيتمكن 40% من سكان العالم الوصول إلى المدينة المستقبلية هذه في غضون 4 ساعات أو أقل، هذا دون التغاضي ان ما قرابته 13% من حركة التجارة العالمية ستمر بهذه البقعة من البحر الأحمر، مدينة غايتها "الانسان"! واختصار وقته وتسهيل امور حياته بما يتوافق مع مبادئ الاستدامة ومثالية العيش والتناغم مع الطبيعة، ضمن 170 كيلومترا فقط، ستبدأ رحلة معيشية فريدة وستتوفر جميع مؤهلات الحياة المرفهة وستتحقق احلام الكثير في العيش ضمن مكان سيجدون فيه كل ما قد يحتاجونه دون بذل الكثير من الجهد! الا ان هنالك الكثير من تضارب الاراء حول المشروع، ما بين مادح وقادح، خصوصا لعدم وجود تفاصيل كافية صاحبت الفيديو الترويجي للمدينة، فهنالك من يؤمن ان المشروع سيكون خطوة ملحوظة للسعودية وسعيها في تخطي العالم اجمع في مدن بهذه الفكرة الجديدة كليا، وهنالك من يعتقد انها ستكون مدينة خانقة كسجن كئيب لن يدخلها ضوء شمس ولا رياح ولا نسمات لطيفة، وهنالك من يظن ان فكرة المشروع هي مجرد استعراض ويستحيل تنفيذه على ارض الواقع، ولكنه هو مشروع قديم الطراز والفكرة، والذي يتشابه تصميمه وفكرته مع مثيل له يعود للعام 1965 للمهندسين الأميركيين مايكل جريفز وبيتر آيزنمان كما افصح احد الاساتذة المعماريين في جامعة تورنتو بكندا، والتي تضمنت رؤيتهما إنشاء مدينة خطية على طول الساحل الامريكي تمتد من بوسطن إلى واشنطن.
الحقيقة منذ ان شاهدت الفيديو الاعلاني المرفق للمدينة، ولا اعلم الغاية المرجوة من حصر المساكن وتقييد بؤر المعيشة والسكن في عرض بسيط بهذا الشكل! بناء عملاق مستمر بطول 170 كم، محدود بين مرآتين ضخمتين في قلب الصحراء! هذا دون الاخذ بالحسبان ان الكثافة السكانية ستكون عالية جدا في الكيلومتر الواحد، ومعدل الضوضاء سيكون مرتفعا جدا لتلاصق المباني، او حينما يشرع احدهم لفتح نافذته، سيصطدم بصره بالمباني المرتفعة والمتلاصقة جدا، لا فراغات ولا مساحات، عرض المدينة سيكون 200 متر فقط، وهو عرض صغير جدا بالنسبة لـ"مدينة"! هنالك مبانٍ ومساحات خضراء واماكن اخرى ستقبع ضمن الحيز الضيق والمحدود جدا هذا! سيكون للمكان الضيق هذا فرص كبيرة لانتشار الامراض المعدية، الايجابية الوحيدة الواضحة من المشروع ستكون التقليل من التلوث والانبعاثات الضارة من وسائل النقل والسيارات وووو… ولكن، ماذا عن الجامعات والمدارس، ابن ستبنى؟ وكم عدد الجامعات والمدارس التي سيم تشييدها لتلبية احتياجات 9 ملايين نسمة؟! وما هي الية بناؤها؟ وكيف سيتم حصار جامعة باكلمها ضمن 200 متر عرضًا فقط؟! ماذا عن مراكز التسوق كذلك؟ وكم عدد الاسواق، مراكز التاهيل، مراكز الترفيه، المستشفيات، الحدائق والكثير من الاماكن  التي ستبنى بما يتوافق مع الغاية من المشروع في الوصول الى اي احتياجات ضمن خمس دقائق فقط مشيا على الاقدام، في مكان يتمتع بكثافة سكانية ستفوق كثافة نيويورك ومانيلا او حتى بكين! 
ولكن يبق السؤال الاهم والذي يتخبط بالعقول محاولا استفزازها، الا وهو ما الحاجة للبدء من الصفر في وقت تقبع هنالك الكثير من المدن التي يمكن استغلالها وتحويلها الى مدن خالية من الانبعاثات والسيارات دون الحاجة للبدء من جديد! او استغلال المدن الحالية وتحسين جودتها دون الحاجة لبناء مدن جديدة، كما ان الكاتب المتخصص في شؤون الطاقة والسلع، ديفيد فيكلينغ، أَعرب عن رايه حول نيوم قائلا: "ما يجب ان تؤمن به المملكة العربية السعودية هو ان تطوير البنية التحتية والممتلكات سيكون مجدٍ بشكل أفضل عندما يكون ذلك باتباع الناس، بدلا من محاولة قيادتهم وحصرهم ضمن مدن ضيقة واجواء خانقة"! 
اضافة الى ان تصميم الزجاج والمرايا المسلطة بزوايا متقابلة، ستجعل أشعة الشمس ترتد ذهابا وايابا كما صرح بول رادولف احد المهندسين المعماريين ساخرا من المشروع، مما يجعل حرارة الشارع كالفرن، مما يضعف غاية المشروع في خفض الحرارة ويناقضها تماما! كم اشفق على الطيور التي ستكون ضحية لهذا الجدار الزجاجي من المرايا التي ستصطدم وتتعثر بها ظانة انها مساحات خالية لصحاري ممتدة! 
كما ان سياسة المملكة في اتباع منهجية "التقليل من الغازات المبتعثة" تحمل الكثير من التناقض! فتارة نرى لهفة المملكة تجاه نيوم، المدينة التي تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة، الخالية من التلوث والانبعاثات والغازات الضارة، وتارة نجدها تسعى لزيادة عدد محطات المترو والسكك الحديدية التي ستربط المدن بشكل نجمي مع مكة والمدينة، دون ان يكون هنالك اي بادرة فعلية ومباشرة في محاولة التقليل من تلك الانبعاثات! الذي يكون اساسه بناء وعي جديد للشعوب لا بناء مدينة جديدة ومن الصفر! 
برأيي، لو ان نصف مبلغ مشروع "ذا لاين" المقدر ب500 مليار دولار وُضِع لاستغلال الصحراء واستصلاحها وزراعتها وتشجيرها، ستغدو كل مدن السعودية (بالمعنى الحرفي لـ"كلها") ذا لاين! ولكن على اية حال، السنوات تقترب و2030 ليست ببعيدة.. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق