الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُمُّهُ

مجدي مهني أمين

2022 / 9 / 9
المجتمع المدني


الخميس‏، 08‏ أيلول‏، 2022
يتحدث سِفْر الملوك الأول في العهد القديم للكتاب المقدس، عن الملك سليمان والمرأتين، ورد ذلك في الإصحاح الثالث في الأعداد من 16 إلى 27 من السِفْر المذكور، وتتلخص القصة في إمرأتين تتنازعان على طفل؛ كل واحدة تدعي أن الطفل طفلها، فقال الملك:«اِيتُونِي بِسَيْفٍ». فَأَتَوْا بِسَيْفٍ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. فَقَالَ الْمَلِكُ: «اشْطُرُوا الْوَلَدَ الْحَيَّ اثْنَيْنِ، وَأَعْطُوا نِصْفًا لِلْوَاحِدَةِ وَنِصْفًا لِلأُخْرَى» (ملوك أول: 3: 24-25). وهنا تكلمت الأم الحقيقية "لأن أحشاءها اضطرمت على ابنها، وقالت: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ»، وهنا أجاب الملك سليمان بأن يعطوا الطفل لتلك الأم التي رفضت أن يشطر الملك الطفل، وقال الملك سليمان: «أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُمُّهُ».

وهنا، حسب السِفْر، رأى الشعب حكمة الله في ملكهم، الملك سليمان، أو سليمان الحكيم. والحقيقة نحن نجد أن وجه الشبه بين قصة المرأتين وقصة "الطفل شنودة" في الطفل نفسه، طفل يزمع الملك أن يمزقه، أو شنودة الذي يتمزق فعلا، وقد لا نرى هنا أي تَمَزُّق، فشنودة بكامله في دار الأيتام.

نعم هو هناك، وراء أسوار الدار، بكامله، ولكن قلبه تمزق، قلبه لم يتمزق، قلبه انفصل عن جسده، قلبه عنده أمه السيدة "أمال إبراهيم ميخائيل"، وفي الرابعة من عمره قد لا يجيد التعبير عن نفسه، ولا عما يحدث معه، فتنقلب مشاعره لغُصة موجعة. شنوده منذ أيامه الأولى في الحياة لم يرَ سوى "أمال إبراهيم"، ولم ينادِ سواها بلقب "أمي"، هي أمه، هكذا يعي قلبه وعقله، وهكذا تعي السيدة "أمال إبراهيم"، بكل ما منحته لشنودة من محبة ورعاية حقيقية، إنها رابطة حين نقطعها نكون قد قطعنا أسباب الحياة، أو قطعنا معنى الحياة.

• هل جَرَّب أحدُنا وهو في الرابعة من عمره أن يُنزَع من أمه بعض الوقت؟ أو أن يُنزَع منها للأبد؟ فيكون هو وهي على قيد الحياة؛ ولا يرى أحدهما الآخر؟
• هل تقبل قلوبنا هذه الصورة بارتياح؟

علينا مراجعة قلوبنا، فنحن بشر من لحم ودم، وقلوبنا كذلك من لحم ودم، ومهما تحجرت قلوبنا فكلنا أمام الأطفال لا نملك سوى قلوب من لحم ودم، فبراءتهم تضعنا في خانة ضيقة، فقد تتحجر قلوبنا مع الكبار، فأفعالهم وردود أفعالهم قد تعطينا مبررا للقسوة، ولكن الأمر يختلف مع الأطفال، ملائكة يتصرفون كما خلقهم الله كائنات لا تعرف السياسة، ولا تعرف المناورة، ولا تملك حيالنا قوة.

وهنا لا نملك أمامهم حول ولا قوة، وان ملكنا وتجبَّرنا ستوخزنا ضمائرنا بنفس قوة الغُصة التي تسببنا لهم فيها، دون ذنب لهم، نعم دون أي ذنب، فهم أمامنا "يا مولاي كما خلقتني"، سلاحهم الوحيد هو الثقة الكاملة فينا نحن مجتمع الكبار، وحذار ان نخون الثقة ونلتهم قلوبهم، قلوبهم النقية بصوتها السماوي الملائكي، حذار أن نخون ثقتهم وتؤذيهم، حذار من ضمائرنا، لأنهم هم بلا حول ولا قوة، هم "يا مولاي كما خلقتني."

الذراع الذي جذب شنودة من صدر أمه هو ذراع قانون جائر، فما معني أن طفلا بلا أهلية هو طفل مسلم بالفطرة؟ أي طفل بلا أهلية هو طفل بلا أهلية، يمكن أن يكون مسلما لو احتوته أسرة مسلمة، ويمكن أن يكون مسيحيا، لو احتوته أسرة مسيحية، أو طفل بأية ديانة طبقا للأسرة التي ستولى اهتمام بهذا الطفل، هكذا تُفْهم المسألة، ليكون على أية ديانة، المهم ان يتلقى رعاية وتربية سوية، دور الدولة أن تضمن الرعاية التي يتلقاها، الرعاية التي تُعِدَّه كي يكون مواطنا صالحا، مسلما أو مسيحيا أو على أية ديانة أخرى.

الكثير يرون أن "طفل مسلم بالفطرة" مسألة بها تمييز ضد الآخر، والبعض يرى أن بها إزدراء للأديان، وقد يكون بها تمييز وإزدراء، ولكن الأمر أبعد قليلا من التمييز والازدراء، ليصل إلى أن بها تجاهُل تام للآخر، "الأخر مش موجود اساسا علشان نميز ضده أو تزدريه"، وتلك نظرة بقدر مخالفتها للواقع، لأنه في الواقع فيه آخر، وفيه أديان ومذاهب بعدد شعر رأسنا، فهي بقدر مخالفتها للواقع، فبها الكثير من التيه والغلو، هذه النظرة لا تبني تعايشا سلميا، نظرة تَقْسِم ظهر الوحدة الوطنية، وتتم هذه المرة بمعرفة الدولة ذاتها، ويتم التعبير عنها بقوانين تسنها الدولة بنفسها.

• فأي إرهاب علينا أن نقاومه؟ أي تعصب علينا مواجهته؟ هل هذا القادم بالقتل والخطف والتنكيل؟ أم ذاك القادم بالقوانين والتعليمات والقرارات الوزاية؟ هل هذه هي الجمهورية الجديد؟ بشكل جديد ومضمون متعصب يميز بين عنصري الأمة؟

الأديان جاءت من أجل هدايتنا، مصابيح تنير الطريق، بحث عنها الإنسان منذ ميلاد الوعي والإدراك، ومهما اختلف السُبُل فالهدف واحد وهو سعادة الإنسان وسلامته، وكلنا في البحث شرق، كلنا نحاول، نخطئ ونصيب، علينا أن نشدد بعضنا البعض؛ بلا تعالي، ودون تفاخر، ودون غلو، فالأمر يشرح نفسه،

• فها نحن بالتفاخر والتمييز والغلو، نكاد أن نحرم طفل من أمه،

والبعض سيقول: أنه بأسم الدين قد كسرنا قلب طفل، ولكن الحقيقة هي أن باسم التمييز والغلو وتجاهل الآخر نزمع أن نكسر قلب طفل. نحن نضم صوتنا لصوت الدكتور النبيل "خالد منتصر"؛ الذي يناشد الجهات المسؤولة بإعادة الطفل شنودة إلى أسرته المسيحية التي ربته منذ كان رضيعا قائلا:

• نحن لسنا في مباراة مصارعة دينية .. الرحمة بهذا الطفل المسكين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا