الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم قد نموت .. ولكننا ... سنقتلع الموت من أرضنا

خالد بطراوي

2022 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


صراحة، في مقالتي هذه التي أخاطب بها أهلنا وأحبتنا وإمتدادنا في العالم العربي لأبدأ بالقول أننا نثمن عاليا وننحني اجلالا واكبارا لكل قطرة دم عربي عروبي سقطت في الدفاع عن قضية العرب الكبرى ... قضية فلسطين.
وإذا نقدر في ذات الوقت حجم المآسي والويلات التي خلفتها النزاعات الداخلية في هذا البلد العربي أو ذاك، والتشريد والمعاناة التي لا نتمناها لأي فرد في العالم، كيف لا ونحن من يعاني بشكل مستمر من ممارسات الإحتلال الصهيوني القمعية.
لا شك أنكم جميعا تابعتم الإضراب المفتوح عن الطعام الذي نفذه المعتقل خليل العواودة فقط لتحقيق مطلب واحد ألا وهو وقف إعتقاله الإداري. والاعتقال الاداري حسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية هو اعتقال الانسان احترازيا دونما تهمة أو محاكمة لفترة أقصاها ستة أشهر قابلة للتجديد. وقد شاهدتم بأمهات أعينكم كيف تحول جسد هذا المناضل الى " الجلد والعظم" الى أن إستطاع أن ينتزع حقه في الافراج عنه في الثاني من تشرين الأول القادم بإذنه تعالى.
ولا شك أنكم على علم بأن المعتقل ناصر أبو حميد يصارع الموت في سجنه نظرا لإصابته بالمرض الخبيث في مراحله الأخيرة، ونحن ندعو الخالق المولى له بالشفاء.
في ذكريات سجون الاحتلال هناك الكثير الكثير كي يسرد عليكم كل من تعرض للاعتقال والسجن ما حدث معه أو مع غيره من محطات نضالية فردية وجماعية.
من بين الذكريات الإضراب الجماعي عن الطعام في أكثر من مرة لتحقيق مطالب حياتية بسيطة، كأن يتم تزويد كل معتقل "ببطانية" أو فرشة إسفنجية ( سماكة 3 سم) والسماح بزيارة الأهالي بصورة منتظمة وتبادل الرسائل وإطالة فترة الفسحة اليومية "الفورة" وتأمين العلاج لمن هو بحاجة له. وكان المعتقلون – وفقا لبرتوكول الإضراب عن الطعام المعتمد لدى الصليب الأحمر – يشربون فقط الحليب والماء والملح ( ما يسمى بالزوندا) ليس لأيام بل لأشهر.
هذا الصباح أرى وجه الشهيد أسعد جبرا الشوا في معتقل النقب الصحراوي، ورفيقه بسام السمودي ، كان ذلك بتاريخ 16/8/1988 عندما تقدم قائد المعسكر الصهيوني " تسيمح" وصاح قائلا " اللي فيكم زلمة يفرجيني حالو" أسرع الرفيق أسعد جبرا الشوا الى الشبك وفتح قميصه وقال " تسيمح .. نحن رجال ، أنا زلمة ، واذا كنت انت زلمة يا جبان .. طخ " أسرع أسعد جبرا الشوا قبل أن يفعل ذلك غيره ،فاستشهد، حيث اطلق عليه النازي تسيمح رصاصاته الحاقده وأتبعها بقتل بسام السمودي ... وصف الشاعر عبد الناصر صالح معتقل أنصار (3) في صحراء النقب الحارقة بالقول
هو السجن
مدرسة للنضالات
اضبارة للعلاقات
شمس تخلف أجسادنا
مضغة للسواد
هناك أيها الأحبة تفاصيل صغيرة ذات لمسات انسانية خالصة وحكايا تفوق حكايا " الف ليلة وليلة". ذات إعتقال عام 1985 ، أقلع معتقل طاعن في السن عن التدخين وهو المدخن الشرس وكان يبادل حصته من السجائر بحبات "ملبس" متناهية في الصغر .. وكنا نستغرب ذلك. جلس أثناء زيارة الأهل الى جانبي وكنا ننتظر دخول الأهل والشبك يفصل بيننا، وفقال لي " غطيني عن أعين الحراس" وعندما بدأت الزيارة، قمت بتغطيته كي يهرّب من بين فتحات الشبك حبات الملبس الصغيرة لحفيده. لم أهتم بوالدتي ووالدتي وزوجتي أثناء الزيارة، كل همي كان أن تصل حبات " الملبس" الى الحفيد ... وقد وصلت.
على أمتداد نضال الشعب العربي الفلسطيني ... لم يحقق لنفسه تحريرا للأرض ... لكنه نجح في وقف الزحف الصهيوني لقيام دولة الكيان على كافة الأرض العربية، شكّل الشعب العربي الفلسطيني خط الدفاع الأول للصمود في وجه الزحف الصهيوني التوراتي حيث أجهض الحلم الصهيوني بإقامة دولة الكيان الغاصب من " النيل الى الفرات" وجعلهم يتحوصلون داخل شرنقتهم المتمثلة في جدار الفصل العنصري.
فهل تتم مكافأة الشعب العربي الفلسطيني بالهرولة والتطبيع مع الكيان الغاصب؟ ذلك سؤال موجه للأنظمة العربية المطبعة بالدرجة الاولى ومن تبعها من المحسوبين عليها، أما الشعوب العربية فهي ترفض التطبيع والتاريخ يدلل على ذلك بوضوح والأمثلة كثيرة.
تحضرني هنا قصدية للشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو كنا نرددها داخل السجون والمعتقلات الصهيونية حيث تقول
نعم قد نموت ... ولكننا
سنقتلع الموت من أرضنا
هناك هناك ... بعيدا بعيد
سيحملني يا رفاق ... الجنود
ويلقون بي في ظلام رهيب
ويلقون بي في جحيم السجون
لقد فتشوا غرفتي يا أخي
فما وجدوا غير بعض الكتب
وأكوام عظم هم أخوتي
يأنون ما بين أم وأب
لقد أيقظوهم بركلاتهم
لقد أشعلوا في العيون الغضب
أنا الان بين جنود الطغاة
أنا الان أسحب للمعتقل
وما زال وجه أبي ماثلا
يسلحني بشعاع الأمل
وأمي تئن أنينا طويل
ومن حولها اخوتي يصرخون
ومن حولهم بعض جيراننا
وكل له ولد في السجون
أنا الان بين جموع الرفاق
أضم لصرختهم صرختي
أنا الان أشعر أني قوي
وأني سأهدم زنزاني
هناك أرى عاملا في الطريق
أرى قائد الثورة المنتصر
يلوح لي بيد من حديد
وأخرى تطاير منها الشرر
نعم سوف تبلغ صرخاتنا
الى كل حي يحب الحياة
ولو أشعلوا النار
في أجسادنا
ولو ألهبتنا سياط الطغاة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا