الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عود على بدء : نحن والخط الثالث

صلاح بدرالدين

2022 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يجري تداول عبارة – الخط الثالث – على أكثر من صعيد ، وفي أكثر من مناسبة ، ومقام ، وعلى سبيل المثال عدما يتنافس حزبان رئيسيان في الدول المستقلة للفوز بالسلطة ، تظهر قوى او أحزاب أو تيارات سياسية وتحاول خرق الاستقطاب الثنائي ، وتطرح نفسها بديلا كخط ثالث ، وفي بلدان أخرى عندما تشتد الازمة بين اهل النظام السياسي الطائفي ، وتعلى وتيرة المواجهات ، تنبري منظمات قوى المجتمع المدني كقوة وطنية مستقلة محايدة كطرف ثالث غير طائفي لاصلاح النظام ، وحل الازمة ، وفي حالات أخرى لدى استمرارية الصراع العنفي والسياسي ، والثقافي بين نظام دكتاتوري مستبد ، وبين المعارضة من دون حسم او التوصل الى حلول ، تنمو قوى جديدة لم تتورط في اعمال العنف ، او الفساد ، او الاجرام بحق المجتمع ، وتطرح مشروعها الانقاذي كقوة ثالثة بمعزل عن الطرفين .
" الخط الثالث " في الحالة الكردية السورية
في الأنماط التي اشرنا اليها أعلاه كأمثلة ، تتعلق بدول مستقلة ذات سيادة ، وبأنظمة سياسية ، وحكومات تجري فيها اللعبة الديموقراطية حول تداول السلطة ، أو يتم فيها خاصة في بلدان الشرق الأوسط استخدام الدين ، والمذهب ، والطائفة ، والقومية لأغراض حزبية ، ومنافع فئوية ، وبالاخير لاستحواز السلطة باي ثمن ، ثم تظهر فيها الخيارات ( الثالثة ) كبديل مطروح محتمل لتحكم بدلا عنها .
من الملفت ان هناك في ساحتنا من يقلد بصورة خاطئة تلك الأنماط من دون تمييز بين ظروف المكان ، والزمان ، وطبيعة المرحلة التاريخية ، فنحن بالحالة الكردية السورية الخاصة لسنا في مرحلة الصراع على السلطة في كيان كردي مستقل ، حتى نزاحم أحزابا حاكمة ، او ننخرط في معارضة ضد نظام قومي كردي قائم كخط ثالث ، ثم نتخذ مسارا وسطيا محايدا بين حزبين او طرفين متنافسين .
نحن مكون قومي من السكان الأصليين نعيش ضمن الدولة السورية الحديثة منذ نحو قرن ، وتجاهلنا هذا الكيان في الدستور والقوانين ، والحقوق ، نشأت حركتنا القومية ، والوطنية منذ عشرينات القرن الماضي كحاجة موضوعية للتعبير عن هويتنا وارادتنا وتمثيل طموحاتنا ، بعد تخلي كل التيارات السياسية في الحركة الوطنية السورية القومية العربية ، واليسارية ، والإسلامية عن الدفاع عن وجودنا ، وحقوقنا ، وخلو برامجها من القضية الكردية ، وقد قامت تعبيرات الحركة الكردية السياسية ، والثقافية خلال اكثر من مائة عام بتبني طموحات واهداف شعبنا ، وقدمت التضحيات الجسيمة ، واصابت واخطأت ، وحققت خطوات خاصة بمجال الحفاظ على الوجود القومي ، واخفقت في تحقيق اهداف أخرى ، ولكنها ظلت الأداة النضالية الوحيدة بكل علاتها ومازالت على درب النضال مع كل التطورات ، والتبدلات في المراحل ، والبرامج ، والافراد ، ومع كل الملاحظات ، والمآخذ .
وهكذا فان حركتنا الكردية السياسية قوية كانت ام ضعيفة ، موحدة كانت ام مفككة ، سليمة كانت ام مأزومة ، تبقى هي الاطار الوحيد لمجالنا الحيوي ، وسلاحنا الأوحد في نضالنا الراهن ، والمستقبلي ، ومتنفسنا ، ومصدر الهامنا على درب التغيير ، من دونها لن تكون لنا قائمة ، ولا دور ، وبدونها لن نحقق خطوة واحدة تجاه نيل الحقوق ، وتحقيق الإنجازات ، وحل القضية الكردية سلميا وديموقراطيا ، والمشاركة في الواجبات الوطنية ضد الاستبداد ، ومن اجل الديموقراطية ، والتغيير .
هذه الحركة تنوء الان تحت اثقال عجز وهزائم الأحزاب الكردية لدى طرفي الاستقطاب ، تصدعت ، وانقسمت ، تحت ضربات أصحاب المصالح الحزبوية الضيقة ، وانشطرت ، وارتمت بين احضان المانحين الخارجيين الذين صادروا استقلاليتها ، ويستخدمونها لخدمة اجنداتهم ، وعلينا انقاذها ليس باستخدام نفس أساليب المسؤولين المتنفذين في تلك الأحزاب ، بل بالطرق المدنية الديموقراطية وبكل شفافية ، ومن يقوم بهذه المهمة النبيلة هم من صلب شعبنا ، ومن شاباتنا وشبابنا ، ووطنيينا المستقلين ، وفي الحالة هذه سموا المنقذين ماشئتم : خط ثالث او اول او ثاني لايهم وهم بالحقيقة خط غالبية الوطنيين الكرد السوريين ، ولايبحثون لا عن سلطة ، او جاه ، او حكم ، او معارضة ، انهم يبحثون عن سبيل توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، الذي سيقرر المشروع الكردي للسلام القومي ، والوطني ، وسينتخب من يمثل الشعب الكردي ، بل ان تحقيق ذلك بات مدخلا لابد منه لحق تقرير المصير .
مسألة إعادة بناء الحركة الكردية السورية لم تعد تتحمل التأجيل فتزداد تعقيدا كلما طال امدها ، حيث التراجعات تصيب بنيتها التحتية يوما بعد يوم بفعل مخاطر العبث في بنية الفكر القومي التي جلبها الوافدون معهم من كهوف قنديل ، وانحرافات المسؤولين المتنفذين في أحزاب – الانكسي – عن الخط الديموقراطي المستقل ، وعمليات تسخيف الوعي ، واسكات الأصوات الحرة ، وشراء الذمم في الظروف الاقتصادية الصعبة ، الجاري على قدم وساق .
اذا كان بنات وأبناء جيلنا الشاب ، وسائر الوطنيين المستقلين ، ليس بمقدورهم الان حل القضايا المعيشية ، والاجتماعية ، ومواجهة الانحرافات الفكرية ، والنهوض بالثقافة القومية الثورية الديموقراطية ، وتحقيق مشاريع التنمية ، وبناء المشافي ، والمدارس والجامعات ، وتنشيط حركة المجتمع المدني ، وإيجاد حل للقضية الكردية ، فان باستطاعتهم توفير السبل لتحقيق ذلك مستقبلا ، واولها سبيل إعادة بناء وتوحيد الحركة الكردية ، وقد يطول الطريق او يقصر الا ان ذلك هو المخرج الوحيد .
من اجل تحقيق مانصبو اليه لابد لنا من العمل على جبهتين : الأولى – إيجاد طريقة عملية غير مكلفة للتواصل الافتراضي المباشر ( وهي متوفرة بفضل تقديمات التكنولوجيا ومواقع التواصل ) ، وتبادل الآراء ، والتشاور حول الحاضر والمستقبل ، والتعاون عبر الحوار لصياغة المشروع السياسي النظري الذي لابد منه من اجل الاتقان في الخطوات العملية ، او قراءة واجراء تعديلات على مشاريع جاهزة ، وصولا الى إقرار مايجمع ، وماهو مشترك وأساسي ومفيد ، في مرحلة الاعداد والتحضير ، والثانية – تحقيق الحد الأدنى من تنظيم الطاقات العلمية ، والفكرية ، والثقافية ، والإعلامية ، والابداعية ، ليس على طريقة التنظيمات الحزبية ،بل باشكال شفافة راقية ولامركزية ، وجماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة