الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءة على كتاب -الكتابة على ضوء شمعة-

رائد الحواري

2022 / 9 / 11
أوراق كتبت في وعن السجن


هذا الكتاب الذي أعده وحرره كل من حسن عبادي وفراس حج محمد، يتحدث عن رؤية الأسرى للكتابة، ودورها في تأكيد إنسانيتهم، وعلى أنهم أصحاب مشروع تحرر وطني، وليسوا مخربين/ إرهابيين، كما يدعي المحتل، وكيف أنهم يعتبرون الكتابة شكلاً آخر لمقاومة المحتل، ما يميز الكتاب أنه تناول ستة وثلاثين أسيرا، منهم أسرى ما زالوا يقبعون داخل سجون الاحتلال، وأسرى تم تحرريهم، في القسم الأول لا نجد حضورا لأي من الأديبات الأسيرات، بينما في القسم الثاني نجد مجموعة جيدة منهن، وهذا يعود إلى أن الأسيرات أقل عددا من الأسرى، وأنهن بعد أن يخرجن من الأسر يكن أكثر استعدادا للكتابة، وهذا ما وجدناه في تجربة "وداد البرغوثي، وعائشة عودة، ونادية الخياط، ومي الغصن" اللواتي قدمن أعمالا روائية متميزة.
وإذا ما علمنا أن العدد بحد ذاته كبير ويحتاج إلى مجهود وطاقة استثنائية، فكيف سيكون عليه الحال إذا ما علمنا أن هؤلاء الأسرى لهم إنجازات أدبية ليس على مستوى الكمية فحسب، منهم من له أكثر من عشرة مؤلفات، بل على صعيد النوعية، كل هذا يجعل قيمة الكتاب الأدبية تتوازى وحتى تتفوق على القيمة المعرفية/ الوطنية.
وهنا لا بد من الاعتذار من الأدباء والأديبات الأسرى الذين لم تتناولهم هذه المداخلة.
سنحاول التوقف قليلا عند بعض الأسرى، وكيف أنهم يؤكدون إنسانيتهم من خلال الكتابة، وبأنهم أصحاب مشروع وطني ومشروع أدبي معا، جاء في شهادة الشاعر "أحمد العارضة": "ولأنك منتهك حتى في عظامك، وتكسوك قناعة بأنك مراقب حتى بانفعالاتك، تتخذ من الإرجاء هوايتك الجديدة، ربما في ذلك هروب، لا من الكتابة كفعل، إنما من الخوف على تشوه نصك حتى لا تكمله، فلا يستحيل رصيدك أنصاف قصائد، يحدث ونمزقها لأن حوافها المبتورة قد جفت وأبنت والتأمت ناقصة، فميلاد النص إن لم يكن قد استوفى شروط ابتعاثه، لن تتخلله صرخات بكائه الدالة على الحياة" ص17 و18، إذا ما توقفنا عند ما جاء في هذه الشهادة، نجد فكرة الكتابة الوافية والكاملة حاضرة، وهذا يشير إلى أن الأسرى لا يكتبون (أي شيء وكيفما كان)، بل يكتبون بإتقان وحرص واحترافية، من هنا جاء الحديث عن "ونمزقها"،
رغم مشقة الكتابة في السجن، وما يلازمها من مراقبة/ مطاردة/ محاصرة المحتل، ومع هذا إذا لم تكن كتابة وافية لشروط الأدب لا يقبل بها الأديب/ الأسير، وهذا يشير إلى العناية المركزة التي يولها الأديب للكتابة.
هذا على صعيد الفكرة، أما إذا ما توقفنا عند اللغة التي استخدمها الشاعر فسنجدها لغة عالية جدا، حتى أن بعض الأدباء الأحرار لا يمتلكونها ولا يقدرون عليها، فاللغة بحد ذاتها توصل للمتلقي فكرة أن كاتبها أديب محترف، ويتقن فن الكتابة الأدبية، وإلا ما كانت المتعة حاضرة في النص، ونلاحظ أن الشاعر يستخدم صيغة تداعي ضمير المخاطب، وهذا الشكل من الخطاب يجعل القارئ يشعر وكأنه هو المخاطب، ويشعره بالحميمية تجاه النص، وتجاه الكاتب الذي قدم فكرة إنسانية/ وطنية/ أدبية/ معرفية/ شخصية وممتعة في الوقت ذاته.
الأسير يتعامل مع الكتابة كالولادة تماماـ وبما أنه يعيش في غابة سجون الاحتلال الذي يراقب أي مخلوق جديد ليقوم بافتراسه، فإن هاجس الخوف والقلق والترقب يبقى حاضرا/ مسيطرا على الأسير حتى يرى مولوده سالماً وآمناً.
يتحدث الأديب "أسامة الأشقر" عن هذا الأمر بقوله: "يقول لي أحد الأسرى الذين يستعدون لإطلاق روايته الخاصة بأنه يخبئها في أكثر من مكان، وهو يعيش حالة من الخوف والتوتر الشديدين كلما يأتي السجانون للتفتيش داخل القسم، وهذا حال المئات من الكتاب الأسرى الذين يعتبرون إنتاجهم جزءا من شخصيتهم وذكرياتهم وتاريخهم الخاص، بل إنها أشبه بأبناء حقيقيين لهؤلاء الكتاب" ص22 و23، رغم (عادية اللغة) المستخدمة، إلا أن عمق فكرة الكتابة التي ماثلها الكاتب مع حالة الولادة، كافية لإعطاء القارئ أن هناك (هولاكو) جديداً يحارب المعرفة ويعمل على محو أي أثر للأدب، فهو يتعامل مع الأسرى كمجرمين، ويراهم ويرى كل ما يصدر منهم وعنهم هو إجرام، وهنا يكون "أسامة الأشقر" قد أعطا صورة عن المجرم/ القاتل الحقيقي، وأوضح من هو الضحية ومن هو الجلاد.
للكتابة وجهان/ دوران، فهي بالنسبة للأسير كالماء الذي يطفئ ظمأه لإثبات الذات، كفرد، وكشعب ما زال يصارع ويقاتل أشرس وحش في المنطقة، وبالنسبة للمحتل هي نار، بلهيبها وحرها تحرق أكاذيبه وبنورها تكشف جرائمه، يقدم الروائي "أيمن الشرباتي" هذه الثنائية بقوله: "والشرر المتطاير من نار السؤال، أشعل فتيل خيالنا، فسارعنا إلى سكب حبر أقلامنا، وسفح
مداد نصوصنا، وطرح هشيم سيرتنا وإلقاء أغصان فصاحتنا وتجميع حطام ذكرياتنا، وتكديس عشب مفرداتنا في موقد السؤال المستعر.
فتلظى ناره وتتشظى أفكاره حتى تتبخر العتمة ويذوب الظلام ويصبح ليل السجن نهارا وضاحا صداحا تشرق فيه شمس السؤال وتشدو فيه طيور الجواب، حين يزاول ملكة الكتابة يصدح بملء صوته قائلا: أنا أكتب إذا أنا موجود رغم القيود" ص24، المذهل في هذا المقطع أن "أيمن الشرباتي" يتحدث عن نارين، نار عليه، ونار على المحتل، فناره يطفئها بالحبر الذي سرعان ما يتحول إلى نار تحرق المحتل.
فالأسير يستخدم عين أداة الصراع تجاه عدوه؛ "النار"، فالنار التي يستخدمها المحتل لحرق الأسير وحرق كل ما ينتجه/ يصدر عنه، بعد استخدام الحبر، تغيير مسارها وتتجه نحو مرسلها، فتقوم بدورها في "تتبخر العتمة، ويذوب الظلام، ويصبح ليل السجن نهارا وضاحا صداحا"، فالحبر/ الكتابة من يحقق الانتصار ويزيل الظلام.
أليس من حق من يكتب بهذه الروح، وهذه اللغة، وهذه الصور، وهذا الإصرار على الحياة أن يكون حرا ؟
هناك طقوس خاصة لكل أديب، فهو يتعامل مع الكتابة على أنها فعل مقدس، يتوجب عليه إبداء الاحترام أمام هذا المقدس، لهذا نجد الروائي "حسام شاهين" يتعامل مع الكتابة كما لو أنها حبيبته/ ابنته: "من طقوسي الخاصة والغريبة التي أعتدت عليها بمرور الوقت، هي إقدامي على تقبيل القلم والورقة قل الشروع بالكتابة، لذلك استعيض معنويا عن تقبيل حبيبتي بتقبيل الورقة والقلم، وكلما شعرت بدفء القبلة أكثر، جاءت الكلمات أعمق وأدفأ على قلوب وألسنة القراء" ص30، الجميل في هذا المقطع أن الروائي "حسام شاهين" يؤكد فاعليه عناصر الفرح: "المرأة، الكتابة، الطبيعة، التمرد" فهو يزاوج/ يجمع بين الكتابة والمرأة.
في الحالة الطبيعية/ السوية تكون المرأة هي الباعث/ الموجد على الكتابة ولبقية عناصر الفرح، لكنها هنا جاءت (مخلوقة/ مكونة/ ناتجة) عن الكتابة، وهذا يعود إلى حالة الأسير وما يتركه السجن من أثر نفسي وجسدي عليه؛ فهو عندما أوجد المرأة وأحضرها بواسطة الكتابة، أكد إنسانيته، وبأن يتعامل بحب وعاطفة مرهفة مع الكتابة/ المرأة، فإذا تعامل مع الجماد "ورقة
وقلم" بهذا الحب، فكيف سيتعامل مع إنسانة، مع حبيبة، مع امرأة؟ بهذا الشكل الأدبي أوصل "حسام شاهين" إنسانية الأسير الفلسطيني، إنسانية عادية، وإنسانية أدبية.
وعن عناصر الفرح "المرأة، الكتابة، الطبيعة، التمرد" يقدم الروائي والشاعر "منذر خلف" نصا مثيرا يجمع فيه كافة العناصر: "كأرنبة برية طلت لتوها من جحر الأرض بين الأعشاب الخضراء تقفز إليك الفكرة... تطاردك كفتاة ترفض الترجل عن ظهر قلبك، وتلقي إليك تحية المساء، ليحملها قلبك إلى قلب الليل، وقلب الكتابة حيث قد أحكمت وثاقها إلى قلبك بخيط قنب قد أتقنت جدله على شاكلة جدائلها القديمة". ص71
بداية نتوقف عند الطبيعة التي جاءت من خلال: "أرنبة، الأرض، الأعشاب، الخضراء" ثم نتوقف عند المرأة/ الأنثى التي جاء في: "كفتاة/ كأرنبة" والكتابة إن كان صريحة أم مستترة: "الكتابة" والتمرد الذي جاء من خلال فكرة النص ومن خلال تكرار "لفظ" قلبك/ قلب" خمس مرات، فهذا اللفظ يشير إلى تمتع "منذر خلف" بإنسانيته وبمشاعره المرهفة، فالسجن وما فيه لم يستطع أن يؤثر على مشاعر الكاتب ولا على لغته، من هنا وجدناه يتحدث بلغة أدبية ناعمة، جامعة للفرح، وبصور تتناول فكرة الصراع بألفاظ هادئة، فبدا الكاتب، بعدم استخدامه ألفاظا قاسية كأنه يقول للسجان: لك لغتك ووسائلك القاسية، ولي لغتي التي ما زالت تنبض بمشاعر الحب والفرح، فها أنا ما زلت إنسانا سوياً، بينما أنت مستمر ببطشك وقتلك.
هناك بعض الأدباء من قدم فكرة مختزلة ومكثفة عن رؤيته للكتابة، بحيث يمكن أخذ ما قالوه إلى جغرافيا أوسع وإلى شعوب/ أمم أبعد، يقول الروائي "سائد سلامة": "وأنا لست إلا ذاك الشخص الذي وضع في ظروف استثنائية ويحاول أن يبتكر حالة طبيعية ضمن الشروط غير طبيعية" ص45 و46، الجميل في هذا القول إنه يحمل فكرة التحدي/ التمرد، وعدم الرضى بما هو حاصل/ سائد، وأيضا جعل نتيجة هذا التحدي فعلاً خلاقاً، شيئاً مذهلاً (يسر الناظرين).
ولكي لا يكون ما قاله مجرد (قول) يقدم خطة/ نهجاً في العمل من خلال: "صراعي محموم بترويض عنجهية المزاج واقتناص أجزاء من الوقت لتغدو طيعة لأمري، الصراع من المزاج والروتين هو صراع يتوقف حسمه على مدى قربنا أو ابتعادنا، وعن مواطن الطاقة الكامنة فينا، والكتابة طاقة ما زالت تصارع المزاج لإخضاعه وما زالت تصارع زمن السجن لكي أصبح سيد
وقتي ولحظاتي" ص47، إذا ما توقف القارئ عند الألفاظ المجردة سيجد أن هناك تكراراً لـ "صراع/ي" خمس مرات، وهذا يشير إلى طبيعة الحالة/ الظرف/ المكان الذي يتواجد فيه الروائي "سائد سلامة" الذي يجد ذاته مجبرا على خوض هذا الصراع.
وإذا علمنا أن أي معركة/ صراع يخوضه الشخص بحاجة إلى طاقة معنوية وأخرى مادية، عرفنا المبرر ولماذا جاء تكرار لفظ "طاقة" التي تعين النفس على الاستمرار في المعركة وحسمها، والطاقة المادية المقرونة بالكتابة، وقد جاءت على أنها وسيلة/ أداة "لإخضاع زمن السجن" ولتحقيق الهدف: "أصبح سيد وقتي".
عن صراع الكتابة مع المحتل يقول الشاعر "ناصر الشاويش": "هل الكتابة في الأسر معركة مع الغياب لإثبات الحضور أم هي معركة مع من يريدونك جاهلا متجاهلا أم هي تفريغ لشحنات الكبت العاطفي الذي يقودك لدفن آهاتك في بياض الورق، أم نكتب لنثبت لأنفسنا من خلال الكتابة أننا ما زلنا على قيد الوطن، وأن من نكتب عنهم ولهم ما زالوا على قيد ذاكرتنا؟" ص76و77، أسئلة مثيرة وهذا بحد ذاته يجعل القارئ يتوقف عندها متسائلا: ما المراد/ الهدف/ الدافع للكتابة، لن نبحث في الإجابة الصريحة والواضحة، بل سنبحث عنها في الكتابة ذاتها، في الألفاظ المجردة التي استخدمها الشاعر، جاء في الشهادة: "تبدأ بفض بكارة الأوراق التي تلح عليك بإغواء صامت متشحا بالبياض الناصع لكي تفض بكارتها بأسنة أقلامك المتعطشة للصهيل وللانطلاق في قرار النص الشعري وواحات قصيدتك التي اكتملت بكامل عناصرها وأسباب وجودها، مبتلة بالغيمة الماطرة ينطلق قلمك فوق الصفحات فتمتزج رائحة الورق والحبر مع دخان سجائرك المتصاعد في فضاءات السجن الضيقة نحو سقف سجنك الأبيض فتحاول استعادة الشعرية التي تفر للحظات من سماء سجنك المحاطة بأطنان الأسلاك الشائكة الفولاذية التي تحجب عنك الحياة بكامل تفاصيلها" ص76، بداية نجد المقطع مكوناً من سبعة أسطر ونصف، لكن الشاعر لم يضع فيه إلا فاصلتين فقط، وهذا يشير إلى اندفاعه في الكتابة، بمعنى أنه عندما يكتب ينسى/ يتخلص/ يتحرر من واقعه كأسير ويتوحد مع الكتابة التي تعطيه كل ما يحتاج، من هنا وجدنا حاجاته تكمن في المرأة التي أراد (فض بكارتها)، فتكرار هذا الاستخدام يحمل بين ثناياه ما يريده العقل الباطن للشاعر، فهو كرجل بحاجة إلى المرأة، من هنا كان مندفعا في فعل (فض البكارة) بحيث لم يعطِ لنفسه الفرصة ليتوقف ولو قليلا عند هذا الفعل إلى أن انتهى منه.
وإذا ما توقفنا عند الفاصلة الوحيدة في المقطع سنجدها جاءت بهذا الشكل: "وواحات قصيدتك التي اكتملت بكامل عناصرها وأسباب وجودها، مبتلة بالغيمة الماطرة ينطلق قلمك فوق الصفحات فتمتزج رائحة الورق والحبر" فالكامل، اكتمال عملية (الفض) أوجب على الشاعر أن يتوقف ليرتاح قليلا، فهناك "مبتلة/ غيمة/ماطرة" وهذا يشير إلى إنهاء العملية، وبداية شيء جديد، أو حالة جديدة، فما قبل الفاصلة كانت (المعركة) بين الشاعر والكتابة/ المرأة: "بفض بكارة الأوراق، بإغواء، المتعطشة" بينما بعد "اكتملت، بكامل" وبعد الفاصلة أصبح الصراع بين الشاعر والسجن: "سجنك المحاط بأطنان الأسلاك الشائكة الفولاذية" فبدا الشاعر وكأنه بعد أن أخذ حاجته من المرأة/ الكتابة أصبح أكثر استعدادا وقوة على مواجهة عدوه وواقعه، فالمرأة/ الكتابة مدته بطاقة وقوة ليواصل دربه.
هذا بخصوص الأسرى الذين ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال، أما عما تحرروا من الأسر فقد جاءت الشهادات تتضمن مجموعة من الأسيرات، من هنا سنحاول التوقف عند الطريقة التي تناولن فيها الكتابة، تقول "جيهان فؤاد دحادحة": "كنت قبل أن أشرع في الكتابة أتساءل كيف يمكن إخراج ما أكتب فكل شيء هنا مقيد، حتى مشاعرك المخبأة على هذا الورق مقيدة لا تخرج إلا مهربة، وإن خرجت بأيديهم ستصل فاترة بحكم وقتها الطويل" ص106، رغم أن الأسيرة المحررة تتحدث عن الكتابة، إلا أن القارئ يستطيع أن يصل إلى صوت الأنثى فيها من خلال لفظ: "مقيدة (مكرر)، المخبأة" فهذان اللفظان لهما علاقة بالأنثى/ بالمرأة في المنطقة العربية، فهي أن فكرت في (الخروج/ التمرد) فإنه يكون خروجاً (مهرباً/ فاتراً) فعندما تحدثت "جيهان فؤاد دحادحة" عن الكتابة حملتها شيئا من واقعها، من ذاتها كأنثى تعيش في مجتمع ذكوري، فجاءت حالة الكتابة والكاتبة بذات الصفات، وتحملان عين الموقف/ الظرف.
أما الروائية والقاصة "عائشة عودة" فتقول في شهادتها:
"ما أكثر القضبان!
ما أكثر السجون!
ما أكثر السياط!
ما أعظم التحدي! وما أعظم المسير! وما أعظم الحرية!
والحرية جوهر الأرواح، مشدودة إليه أبدا، تسير في كل دروبه، تجري نحو ذلك الجوهر، كما تجري المياه إلى مصباتها، نطارده كما يفعل الزمن مع أعمارنا، والحرية صفة الإله المطلقة، إنها جوهر كلي تتبع منه كل الصفات والأسماء" ص132، نلاحظ أن هناك توازناً بين "القضبان/ التحدي، السياط/ المسير، السجون/ الحرية" وهذا يشير إلى أن الصراع مسألة (طبيعية) في الوجود، ففي القسوة "قضبان، سجون، سياط" نجدها بمجملها جاءت بصيغة المذكر، وهي وسائل قسوة تمارس على الإنسان، بينما في الفعل الإيجابي نجد مذكرين "التحدي، المسير، ومؤنث "الحرية" التي يستوقفنا التركيز عليها ـ تكررت ثلاث مرات، فهي تحمل معنى مطلق الإيجابية، وجاءت بصيغة الأنثى، فالكاتبة أوصلت للقارئ فكرة الحرية من خلال المعنى الذي يحمله المقطع، ومن خلال صيغة المؤنث التي أوجدت عناصر/ أشياء أخرى مفرحة: "الإله المطلقة، جوهر كلي، تنبع منه كل الصفات والأسماء" فبدت الأنثى/ الحرية هي مكوناً وموجدا للخير على الأرض وللإنسان، وهي من يمحو القضبان، السجون، السياط. بهذا الشكل الثنائي استطاعت "عائشة عودة" أن توصل فكرتها عن الحرية/ حرية الكتابة، حرية المرأة، حرية الإنسان.
* الكتاب من منشورات الرعاة للدراسات والنشر، رام الله، فلسطين، ودار الجسور للنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة
2022








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان


.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي




.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ