الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان إدماج الشيوعية الطبقية باللاارضوية؟/ملحق أ

عبدالامير الركابي

2022 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لايوجد الكائن البشري على كوكب الارض عارف بالحقائق الكونية والوجودية، وهو بالاحرى متعلم سائر بالتجربة، وذاهب عبر مزيج الخطا والصواب الى التماس مع المنطويات والاسرار التي يحتويها العالم، حيث تتزايد مقومات وممكنات الاحاطة العقلية ويتنامى العقل، وصولا لماهو مهيأ لبلوغه بعد عثرات وتوهمات صغرى وكبرى، وضلالات ونقص، كان من اكبرها ماقد ترافق مع النهضة الاوربية الحديثة، وماواكبها تحت وطاة ماتحقق من منجز علمي تطبيقي شامل، وتصورات واعتقادات حولتها كظاهرة الى مايقارب المطلق، والى مستودع للحقيقة التاريخيه المجتمعية، منفرد ومختص من دون سواه، فكانت المصادرة المفهومية، ووطاة نموذجية النوع المجتمعي الكياني، اهم خاصيات هذا الطور من التاريخ البشري، بقدر ماهو من اكثر ماعرفته البشرية من قبل، من انطواء على الوهم الممزوج بالخطر الوجودي، وعلى احتمال انتفاء ممكنات استمرار النوع البشري.
ويتصادم مانذهب اليه بهذا الخصوص مع ماقد صار راسخا من مفاهيم "التقدم"، وموجبات السير الى الامام، وهو ماقد استند الى قواعد في النظر والحكم، مجتزاه، راهنية محدودة بحدود النمط المجتمعي التي هي منه، من دون اية محاولة جادة للبحث عن الاليات الاشمل الناظمة للعملية التاريخيه من جهة، وتعدد النمطية المجتمعية التي هي مصدر ومادة عمل الاليات التاريخيه وتفاعلاتها ومستهدفاتها، وبالاساس وقبلا انقسام الظاهرة المجتمعية الى "لاارضوية" و"ارضوية"، وتبعا لها الى ازدواجية، واحادية، الامر الذي ظل مبعدا عن الاحاطة، وعجز الغرب ومنجزه على هذا الصعيد من ان يقاربه، او يحقق اللازم الضروري بخصوصه، الامر الذي كرس من وقته المنظورات الذاتيه الانيه الحداثية، وكانها مقطوعة عما قبلها، وماقد سبقها، بحيث وجدت ساعية للانفصال عن الاطار الاوسع لحركة وتصيّر التاريخ، تجتهد لمصادرته وتسعى قصورا امامه، لاقتطاعه، لتفرض عليه "قوانينها" كما تراها موافقه للحظتها.
ولم يكن من المستحيل وقتها على الغرب ان يكرس نفسه سيدا على التاريخ والمجتمعات، فالعقل البشري في الاصل ينشأ، في حالة قصور وعجز عن ادراك منطويات الظاهرة المجتمعية، وسبر حقيقتها، وكما ظلت مسالة الطبقات كمثال، والصراع الطبقي مطوية الى القرن التاسع عشر، فلقد استمرت الحقيقة المجتمعية اللارضوية الازدواجية والتفاعليه التاريخيه المجتمعية واهدافها، خافية على العقل البشري، ومعها اجمالي لوحة المجتمعات وانماطها، وتوزعها التفاعلي على مستوى المعمورة، الامر الذي اتاح للتوليفات الاوربية الحداثية الذاتيه، المجال لكي تسيد منظورها الاني كي يعيد تكريس نقيصة اصليه، وقصور استمر باقيا اليوم، وبرغم النهضة الاوربية الكبرى، كما كان، وعلى ماهو عليه.
يعتمد الغرب كمبدا اساس، بغض النظر عن انطوائه على مقاصد حقيقية موضوعه او لا، القول بحرية الراي والمعتقد، فليقل هو بناء عليه مايراه عن نفسه، وعن العالم، على ان يسمح لغيره ان يقول مايراه ومايعتقده عن العالم، والمجتمعات وحركتها واغراضها المضمرة فيها، وعنه هو خارج هيمنته، وعن موقعه الفعلي ضمن الحركة الكونية الاشمل كحالة لازمه مؤقته ضرورية، ضمن الاطار العام للتفاعليه المجتمعية التي هي في المبتدا والاصل، حركة ذهاب الى اللامجتمعية، تبدا باللاارضوية المجتمعية، وتنتهي مع انتفاء اسباب استمرار المجتمعية الارضوية، ومنها وعلى راسها اكثرها ديناميه ضمن نمطها الاحادي الغربي الاوربي المنشطر طبقيا، والمهيأ بناء عليه للانقلابية الالية، المتغير النوعي الضروري، واللازم لاجل الانقلاب مابعد المجتمعي، المنتظر منذ وجدت المجتمعات.
وسواء بالرؤية الحداثية الغربيه، او الرؤية اللاارضوية التحولية الازدواجية المجتمعية، فان مقياس الحكم الذي يجيز او لايجيز التجرؤ على اطلاق الاحكام العامة الشامله، هو الدليل العقلي الذي يبدو من زاوية ما متدرجا لهذه الجهه، فكانما اكتشاف الطبقات والصراع الطبقي في المجتمعات الغربية الازدواجية، المنشطرة طبقيا، من نوع الاستهلال، او المقدمه التي قد تكون ضرورية لجهة الايحاء من بعض الزوايا، قبل انبلاج الرؤية المجتمعية الاصطراعية الارضوية اللاارضية الكبرى، مع قصر المسافه بين المحطتين بالقياسات التاريخيه، مابين منتصف القرن التاسع عشر، وبداية الواحد والعشرين، حين تبدا القفزة الاعقالية المؤجله، ويصير العالم على الابواب، اقرب الى ادراك الحقيقة الوجودية التحولية الكبرى، غير المماط عنها النقاب.
لابل وقد يكون ثمة تداخل يجمع اللحظتين ويزيد في احتداميتهما، وتشابك عناصرهما الحائل دون الانتقال من احداهما الى الاخرى، مادام التحقق الاول مايزال لم يكشف كليا عن عدم تطابقه مع المطلوب والغاية، والوقت لم يتح بعد، امكانيه التحرر من وطاة ورسوخ الموضوعات المتصلة بالتحولية الارضوية الحداثية ككل، والمتعلق منها باطروحة الصراع الطبقي على وجه التعيين. واكاد اكون متاكدا شخصيا من نوع ردود الافعال التي يصدرها نفر غير قليل من الببغاويين، ممن قد يدفعهم الفضول ويقراون ارائي، بينما هم يقلبون شفاههم مبتسمين ابتسامة تعال بلهاء، ويميلون برؤوسهم ويهزون ايديهم سخرية.
غير ان هذا الصنف لن يكون هو من يستحق التركيز او الاهتمام، مقارنه بلوحة الحياة ومايمكن ان يستعر داخلها خارج حركة الافكار وحضورها، مولدا المناخات التحسسية ماقبل الاقتناعية، فالعالم الراهن ومنذ العقدين الاخيرين من القرن المنصرم، انقلب واقعا وصار اقرب لمغادرة المصفوفة الغربية على الصعد المختلفة اقتصاديا واجتماعيا، وبما يتعلق بالمعروف ب " النظام الدولي"، والمتغيرات المتسارعة والمتشابكة التي تتملص من الطاقة الاحتوائية للغرب والولايات المتحدة في ازدياد، والكوارث البيئية في تعاظم مطرد ينذر باقتراب لحظة من المستحيل اليوم تقدير حجمها، او نوع التيه الرهيب المدمر،الذي تنذر به والمتوقع ان يكون من صنف وحجم المسببات التي اوجدتها، وفي وضع كهذا لن تتوقف القصورية الاصلية الاوربية عن الحضور لتتحول الى عجز متزايد فاضح، ماسيكرس وليس بعيدا، واقعا ومعيشيا، نقيصة القصور الاصل، والسبب فيما الت وستؤول اليه الحال على مستوى المعمورة.
غير ان الحياة والحقيقة الكامنه المطوية والغائية الكونية العليا، لن تكون غائبة، ولاهي قد تركت الوجود طوع ارادة او رغبات من كان راغبا، وكرس منطقه التوهمي ليصل بغيره وبذاته الى الطريق المسدود، حيث تنبلج اليوم الرؤية المؤجلة والنطقية العظمى التي ظلت متفوقة على الطاقة العقلية، ومامتاح للعقل حتى اليوم من قدرة على الاحاطة، لندخل الزمن الاخير، والغاية التي تحكم التاريخ وتنتظمه حركة وتصيّرا، لتطل علينا من الان افاق الانتقال من الانتاجوية اليدوية الى العقلية، وتلتقي اللاارضوية بالتكنولوجيا العليا، مزيحة من الطريق ومن الاعتبار، توهمية الغرب القائلة بالانتقال من اليدوية، الى الالية، بفعل العجز عن ادراك كون الاله وسيلة متغيرة وظيفة ونوعا، من الوسيلة المصنعية الانتقالية، الى التكنولوجية المتطابقة مع العقل وقد صار هو المنتج بدل وسائل الجسدوية، واليدوية في مقدمتها.
هل للشيوعية المقامه بناء للتوهمية التحولية الارضوية الاحادية الماركسية من مكان، او دور يمكن ان تلعبه ويفترض بها وبالنابهين المرهفين من الذين يقفون في معسكرها، ان يتصدوا له بكل طاقتهم، بينما هم يقفون على عتبة الزوال، وفقدان الضرورة والدور، الامر البديهي المتفق مع السياقات التاريخيه لا التي قررها ماركس ولنين، بل تلك الاشمل التي تتجاوز الرؤية اليوتويبة الارضوية "المادية"، المحدودة ضمن سقف الارضوية، وبالنسبه لحركة جوهر وجودها الحيوي، الرغبة في التغيير الجذري، فانها تقف اليوم امام امتحان كسر التكلس الايديلوجي الولائي الايماني البحت، بمحاولة القفز، من التحولية الارضوية الماركسية، الى التحولية اللارضوية، وقد تكون هذه الجهة المنتشرة من دون سواها على مستوى المعمورة " امميا"، والقادرة على العمل المشترك عالميا على تعدد كياناتها القطرية، على موعد مع انتفاضة كبرى، قد تخرج بها، لابل هي ستخرج بها من الموت المحتم بعد الاحتضار الحالي، الى استعادة الدور الحيوي الفعال على مستوى المعمورة، وفي اطار تحولي انقلابي شامل، اكثر واقعية وجذرية من ذلك الذي كانت تحمل لواءه ابان الطور الماركسي.
ولن يكون مثل هذا التصور، او الدعوة هينا، او مما يمكن توقع حدوثه بين ليلة وضحاها، لكن وضع الاشارات واشعال الضوء عند اخر الطريق، ليس من دون فائده، وان جاء مبكرا، مع انه ينبغي التوضيح، بان حركة او تيار الانقلابية النطقية، وضمن الاشتراطات القاسية الصعبه التي تعم العالم، ومتوقع لها التفاقم، ستكون بحاجة ماسة الى قوة عالمية مؤسسة، ولها خبرات متراكمه، من شانها ان تقدم للتحولية العقلية امكانات غاية في الاهمة، ان لم تكن الاستثنائية المؤدية الى انعطافة غير عادية.
فمن يخطر له اليوم ان يتخيل انعقاد "الاممية الاولى التحولية اللارضوية"، بعد مايتوقع من نقاش وعمل دؤوب، ولقاءات ومحاجات، وكل مايمكن ان تحفزه وتثيره احتدامات اللحظة المتزايدة على مستوى العالم، بانتظار ظهور اولئك الافذاذ الذين سيحلون مكان مكاركس ولنين وتروتسكي وغرامشي كلاارضويين، واولا باتظار "قران العراق"، ونطق ارض الازدواج واللاارضوية في اخر الزمان.
فهل بدا الزمان الاخر؟ وهل شارف الكائن البشري "الانسايوان" على الاقتراب مما هو ذاهب اليه ليصير"الانسان"؟ هذا ماقد يحتاج الى "ملحق" توضيحي اخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط