الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقهى

كاظم حسن سعيد

2022 / 9 / 13
الادب والفن


ان تقصد مقهى لترقب حركة السوق..فيصادفك خمسة مجانين..يستقرون قربك او يمرون...لكنه ليس مقهى بالمعنى الاصطلاحي ..انه مدخل لدربونة تتفرع من سوق صاخب ..رصفت كراسي تقابلها ادوات الشاي وفحم..هنالك من يطلب القدح بهدوء ربما باشارة ..اخرون يمسرحون مشيرين الى حداثة نعمة او يعكسون انتفاخ الذوات او التفاهة.. او ليقولوا للناظرين عيونكم علينا فنحن نتحلى بمحابس ثمينة ودشداشات ثمينة...او ان لنا استعدادا لتمزيق اي سكون وتحويل السوق لمجزرة..
كبار السن يجلسون مثقلين بالسعال والرشح يعالجون حالهم..كبار اخرون قانطين ..يرمون نظرات خارج التوقعات...صاحب المقهى لا يستقر.. وسيم بالعشرينات تتمركز حركاته بيديه وابتساماته ,يوزعها مجانا..
سإله من هذه الشاب الذي علقتم صورته اهو قريبك..( انه صديق) .. ( ربما رإيته من قبل ) ..( نعم لقد اعطاك قداحة في العام الماضي )..صورة طولية لانيق..شهيد.. مآذن تقطعها لافتة كربلائية [ يا مظلوم كربلاء].. انه يبتسم لي..هل تعرف عليّ ؟!!.. لكنه يستقر واقفاعلى بساط ..اي عقيدة تتخلى فيها عن احلامك لتواجه الرصاص..وستظل على الساتر للابد..ويواصل اهلك ملحمة الدموع والوقوف طويلا امام دوائر التقاعد..والحياة تجري هنا ..فتيات على محال الحلوى ..وكبار يعالجون سعالهم..ومدّعون ..شربة قدح مسرحية للظهور لديهم..صورتان لنفس المرجع الديني بكفن وبلا كفن...علماء بقي طقسهم وفقدت كلماتهم تإثيرها..الان الجميع في مجزرة اليإس غاطسون..اياك ان تسإل احدهم عن الغضون فقد حجرتهم النكبات... كبار السن تهدلت اكتافهم..كم ارتفعت زهوا او حملت اثقالا..العيون مطفإة لم تعد تثيرهم الاشياء..بعضهم لم يستسلم من طعنة فإس بل مئات...قاوموا كثيرا قبل ان يشغلهم كيانهم العميق فقط..
رفع احد المجانين يمناه قليلا وقال متوترا:( الزعيم عبد الكريم قاسم) وصمت فاجابه جالس...هل احد يبيع الموز بالمفرد..يمر اشخاص متفرقون يمضغون اصبع موز واحدا ..فلما غادر المقهى رإى صينية موز توزع للمارين..ثواب... اسماها وصاحبه ( مقهى العگال).. كان يرتدي دشداشة جوزية وكوفية يثبتها عكال..كثير الحركة غريب السلوك...خيل اليهما انه ببشرتة السمراء الحادة يهتم بالجمال الذكري..الشهيد يواصل ابتسامته ..حلق بعناية تاركا الذقن...انه يتقدم ...تحرسه آيات رسمت ودعاء..واسمه ولقبه..ترى هل اصابته بالراس او الظهر او الخاصرة..كيف رفت عيونه في اللحظات الاخيرة..ملحمة السعال وترشيد الرشح تتواصل..
من خلال النظرات والمظهر والسلوك هل تملك مجهرا لاعادة تصنيفهم وارجاعهم اليهم في الشباب..هذا شيخ بقاط ورباط محاولا ان يتشبث باناقة مظهره قبل ستين وذاك ينظر العجيزات بشغف..اخر يغض الطرف والبعض يحاول فتح عيون مطفإة.. ويمر كبير بالسن لا يقر بعجلات الزمن ..فهو يحتفظ بما تبقى من حيوية الشباب وروحه...هل تستطيع كشف الشيوخ ..ذلك المتهدلة سترته هل كان مهملا مظهره منذ مراهقته..!!؟؟
الاسنان المتساقطة والشيب..والحزن المتجذر بالعيون لن يعيدهم لشباب وان حاولوا وقاوموا...مستطيلات متناظرة ..ومربعات رسمت بخطوط متنوعة لتضم حكما او تعكس ايات وادعية الصقت جوار لوحة الشهيد الذي ما يزال مبتسما واقفا على بساط مزخرف تتقدمه الورود ..وملحمة السعال والرشح لا تتوقف..فيما تمر المراهقات يحلمن ويتذوقن الاشياء ..قبل ان تجهز على طموحهن والمشاعر عجلات الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا