الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الأسرى جزء لا يتجزأ من حرية الشعب

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 9 / 13
أوراق كتبت في وعن السجن


نهاد أبو غوش
ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال هو ملف شائك ومعقد وحساس، يتداخل مع الملفات الأخرى ويتقاطع معها فيؤثر فيها ويتأثر بها، يوجد في السجون الآن حوالي خمسة آلاف اسير وأسيرة، وهذا العدد ليس كبيرا قياسا بمراحل تاريخية سابقة، لكن من بين المعتقلين من امضى في السجن أكثر من اربعين عاما مثل الأسرى كريم يونس وماهر يونس ونائل البرغوثي، وهذا رقم قياسي عالمي لمعتقلين سياسيين ومقاتلين من أجل الحرية، ومن بينهم أكثر من مئتي طفل دون السابعة عشرة تحظر الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل اعتقالهم ومحاكمتهم، لكن إسرائيل لا تطبق هذه الاتفاقيات على الفلسطينيين. من بين الأسرى كذلك من هم محكومون بالسجن المؤبد المكرر لآلاف السنوات مثل الأسرى عبد الله البرغوثي وابراهيم حامد، وبينهم نحو 750 معتقلا إداريا اي معتقلون من دون تهم محددة ودون أن يتبين لهم مدة اعتقالهم التي قد تتجدد لسنوات وسنوات دون بينات أو ادلة.
ولكن بشكل عام الشعب الفلسطيني ينظر للأسرى والأسيرات باعتبارهم طليعة، هم فئة متقدمة وواعية تضحي بحريتها من أجل حرية شعبها، بينهم قادة وامناء عامون لفصائل، ونواب منتخبون، واكاديميون ومبدعون في شتى المجالات، تاريخيا تحولت السجون إلى معاهد لتدريب القادة، معظم القادة الفلسطينيين هم خريجو هذه السجون، والحركة الأسيرة دائما تقف في طليعة النضال الوطني وكثيرا ما ساهمت تحركات السجون ونضالات الأسرى في تأجيج الروح الوطنية واستنهاض الحركة الجماهيرية في المجتمع الفلسطيني، ولذلك دائما يعتبر النضال من أجل حرية الأسرى ونصرة قضيتهم محورا اساسيا من محاور النضال الوطني إلى جانب محاور النضال دفاعا عن القدس وضد الاستيطان ومن أجل التمسك بحق العودة للاجئين.
خلال مفاوضات واتفاقيات أوسلو، وقع المفاوض الفلسطيني في خطيئة تاريخية إذ وافق على اعتبار قضية الأسرى جزءا من قضايا "بناء الثقة المتبادلة" ولم يعتبرها محورا اساسيا وشرطا من شروط السلام، ربما كانت القيادة متعجلة في توقيع الاتفاق، أو أنها كانت تعتقد أنها مرحلة مؤقتة لن تلبث أن تمر بسرعة، هذه الخطيئة مكنت إسرائيل دائما من استخدام قضية الأسرى كمادة ابتزاز: مطالبة القيادة السياسية بتقديم تنازلات أمنية وسياسية مقابل وعود بالإفراج عن عدد من الأسرى.
• تاريخيا يستخدم مصطلح "الأسرى" للدلالة على المعتقلين والسجناء الفلسطينيين السياسيين والمناضلين من أجل حرية شعبهم، ولفشارة إلى أن الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال، في حالة حرب ومن حق الأسرى أن يعاملوا معاملة أسرى الحرب ووفق الاتفاقيات الدولية، لكن اسرائيل تنكر ذلك ولا تعترف به وتعاملهم كإرهابيين اشد خطرا من المجرمين الجنائيين، حتى قوانين السجون الإسرائيلية التي تتيح للسجناء اليهود والسجناء الجنائيين العرب بعض المكتسبات الحياتية ( طعام، علاج، مرافق صحية ومعيشية، مساحة للحركة والرياضة، زيارات منتظمة من الأهل، امكانية الاتصال بالخارج، إجازات، لا تطبق على الأسرى الفلسطينيين الذين يحرمون من كل شيء تقريبا مثل الشمس والزيارات والفراش والعلاج، والكتب وادوات الكتابة، وحتى ملح الطعام. وعلاوة على ما سبق تعتمد سلطات الاحتلال معايير عنصرية وجهوية فاقعة في التمييز بين الأسرى، فهي تميز بين الأسرى الفلسطينيين والعرب، وبين الأسرى من غزة والضفة بما فيها القدس، وبين أسرى المناطق المحتلة عام 1967 وبين الأسرى من المناطق المحتلة عام 1948 الذين تتشدد ضدهم أكثر من أية فئة أخرى وتعتبرهم "إسرائيليين: بحكم الجنسية الإسرائيلية المفروضة عليهم، كما ترفض الإفراج عن أي اسير فلسطين "على يديه دم يهودي" أي شارك في قتل أو إصابة شخص يهودي، بينما إصابة غير اليهود تكون أقل وأهون عندهم.
• وبالطبع ليس كل الأسرى ولا حتى معظمهم هم مقاتلون مسلحون، أو شاركوا في الكفاح المسلح، فكثير منهم هم في الواقع معتقلو رأي ومسجونون لأسباب ضميرية تتعلق بقناعاتهم السياسية والفكرية، أو لأنهم عبروا عن رأيهم، أو بسبب انتمائهم لتنظيم سياسي، وكثيرون هم ضحايا اعتقالات جماعية.
المكتسبات التي يتمتع بها الأسرى وخاصة معاملتهم بكرامة حققوها عبر نضالات شاقة على امتداد عشرات السنين، وإضرابات طويلة عن الطعام سقط فيها شهداء. في ظروف التوتر والأزمات ( كما في أعقاب نجاح الأسرى الستة في الفرار من سجن جلبوع) تلجأ إدارات السجون للانقلاب على هذه المكتسبات وانتزاعها والتنكيل بالأسرى من خلال إخضاعهم للعزل الانفرادي في زنازين ضيقة، تتعامل سلطات الاحتلال مع الأسرى باعتبارهم رهائن ومجرمين، وهم في متناول إجراءاتها القمعية، وأحيانا يكونون كبش فداء وعرضة للانتقام والتنكيل لمجرد أنهم تحت سلطة وسطوة سلطات الاحتلال، وبالتالي يصبح التنكيل بهم مطلبا لقوى اليمين الاسرائيلي المتطرف.
• في المعارك الكثيرة التي يخوضها الاسرى تتقاطع وتتحد المطالب الحياتية اليومية مع المطالب الوطنية القانونية والسياسية، كما تندغم الكرامة الشخصية للأسير الفرد بكرامة شعبه الوطنية، ولذلك يصبح النضال ضد بعض اشكال الإذلال والإهانة مثل التفتيش العاري، وتفتيش الزوار، جزءا من الكرامة الوطنية للشعب، وهكذا فالموضوع الأعم أن حرية الأسرى هي جزء لا يتجزأ من حرية الشعب، وحركة الاسرى ونضالاتهم من أجل حقوقهم ومطالبهم الحياتية واليومية جزء أصيل من الحركة الوطنية للشعب ضد الاحتلال وسياساتهن ولا يمكن لحركة الأسرى أن تصل إلى غاياتها وتنجح بشكل كامل من دون إسناد الحركة الجماهيرية لشعبهم، وحتى دعمهم من قبل منظمات حقوق الانسان العالمية وحركات التضامن الدولية، والجاليات العربية والفلسطينية والصديقة وقوى الحرية والسلام والديمقراطية.
• من المآخذ الرئيسية على حركة التضامن مع الأسرى ونصرتهم أنها موسمية ومتقطعة ولا تشكل خطا ثابتا للحركة الوطنية، فهي تتقدم وتتراجع، تتوهج وتخبو، وبشكل خاص هي تنشط مع تحركات الاسرى ونضالاتهم وبخاصة حين يضربون عن الطعام جماعيا او فرديان وحين يحدق خطر جدي بحياة أي من الأسرى، ويمكن أن نقول الشيء عنه عن تدويل قضية الأسرى التي تتصاعد أحيانا ثم تتراجع، تعقد مؤتمرات دولية وتنشا لجان تضامن، ويتردد صدى قضية الأسرى في أروقة البرلمانات العربية والاوروبية والعالمية، وتهتم بتغطيتها مختلف وسائل الإعلامن ولكنها لا تلبث أن تخبو وتتراجع لأسباب تتصل بأولوية قضية الأسرى على جدول أعمال الحركة الوطنية ، ومدى انتظام فعاليات ونشاطات التضامن مع الأسرى وبالطبع مع ما يتعرض له الأسرى من إجراءات ويخوضونه من نضالات.
*من مقابلة مع جريدة المغرب التونسية أجرتها الزميلة وفاء العرفاوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا


.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر




.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي