الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...

شادي الشماوي

2022 / 9 / 14
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة – النقطة الأولى من الخطاب الثاني من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...

الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 42 / جوان 2022
شادي الشماوي
الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...
خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعيّ الثوريّ ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة

( ملاحظة : الكتاب برمّته متوفّر للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
-------------------------------------------------------
مقدّمة الكتاب 42
في مستهلّ هذه المقدّمة ، نعرّج قبل كلّ شيء على الثلاث نقاط المسترسلة في العنوان الذى إصطفيناه للكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فقد عمدنا إلى ذلك عمدا عامدين بحثا منّا عن تجنّب التعسّف على الواقع الموضوعي و إضافة مرغوب فيها إلى ضروريّة و ممكنة . الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالفعل ضروريّة و ممكنة كما ترشح ذلك أعمال بحثيّة علميّة مستندة إلى التحليل الماديّ الجدليّ العميق للمجتمع و تناقضاته و إمكانيّات و مسارات تطوّره في عصر الإمبرياليّة و الثورة الإشتراكية و المصالح العميقة للجماهير ليس فقط في الولايات المتّحدة بل عالميّا أيضا ، أي المصالح الأساسيّة للإنسانيّة . و هذا ما تبيّنه بجلاء أعمال بوب أفاكيان ، خطاباتا و بحوثا و دستورا ، التي يقوم عليها هيكل هذا الكتاب و فصوله . إلاّ أنّ هناك بُعدٌ آخر لا يزال غائبا بصفة ملموسة ألا وهو بُعدُ المرغوبيّة بمعنى أن تكون هذه الثورة فضلا إلى ضرورتها و إمكانيّتها مرغوب فيها جماهيريّا و شعبيّا . القيادة و الحزب الطليعي و البرنامج و الإستراتيجيا و طريق الثورة و ما إلى ذلك متوفّرين في الأساس كعنصر ذاتيّ و الوضع الموضوعيّ متفجّر و قابل للتفجّر اكثر و يحتمل حلّين راديكاتليّين ، كما يقول بوب أفاكيان ، إمّا حلّ رجعيّ و إمّا حلّ ثوريّ يمكن إنتزاعه إنتزاعا – حين ينشأ وضع ثوريّ تستغلّه الطليعة الشيوعيّة لتقود الجماهير الشعبيّة لصناعة التاريخ بالإطاحة بالنظام و الدولة القائمين و بناء نظام و دولة جديدين و غايتهما الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالميّ - شرط أن تصبح الثورة الشيوعيّة مرغوب فيها من قبل الجماهير الشعبيّة التي ينبغي أن يرتقى وعيها الطبقي و الشيوعي فتغدو ثوريّة و تبذل قصارى جهدها لإنجازها . و هذه المرغوبيّة في الثورة الشيوعيّة – الإشتراكية حاليّا في هذا البلد الإمبريالي – هي محور نضالات الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة و مهمّته المركزيّة راهنا . و خطابات بوب أفاكيان و كتاباته تتنزّل في هذا الإطار .
قبل سنوات في العدد التاسع من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " الذى إخترنا له من العناوين عنوان " المعرفة الأساسيّة لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ( من أهمّ وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ) "، صغنا مقدّمة عرّفنا بفضلها بإختصار بهذا الحزب و بالصراعات العالميّة حينها و نعتقد أنّ بضعة فقرات من تلك المقدّمة لا تزال مفيدة اليوم في التعريف بهذا الحزب بشكل مقتضب :
" الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية حزب ماركسي - لينيني - ماوي تأسّس أواسط السبعينات من القرن العشرين و تعود جذوره إلى الستينات و السبعينات أي هو نتيجة الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية و الصراع الطبقي على النطاق العالمي لا سيما النضال ضد التحريفية المعاصرة عالميا و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى الصين و تأثيرها المزلزل عالميا كثورة داخل الثورة و قمّة ما بلغته الثورة البروليتارية العالمية فى تقدّمها نحو الشيوعية.
تأسّس الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي فى خضمّ صراع طبقي محتدم فى البلاد و عالميّا سنة 1975 و جاء ثمرة نضالات عدّة مجموعات ثورية أهمّها " الإتّحاد الثوري" و إمتدادا لنضالات الستينات و السبعينات على شتى المستويات ، على أنّه تحوّل نوعي بإعتبار تبنّى المبادئ الشيوعية الثورية الحقيقية ووسائل النضال البروليتارية الثورية و غاية الثورة البروليتارية العالمية ، تحقيق الشيوعية من خلال الثورة المسلّحة المتبوعة بالحرب الأهلية لتحطيم دولة البرجوازية الإمبريالية و إرساء دولة إشتراكية كقلعة من قلاع الثورة البروليتارية العالمية تعمل على السير صوب تحقيق الشيوعية على النطاق العالمي .
وقد شهد هذا الحزب فى مساره عدة صراعات الخطين منها نذكر على وجه الخصوص الصراع الكبير حول الموقف من الصين بعد إنقلاب هواو - دنك عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 حيث عدّ البعض من القادة و الكوادر أنّ الصين لا تزال على الطريق الإشتراكي فى حين أكّدت الأغلبية إستنادا لدراسات على مختلف الأصعدة أنّ الصين شهدت تحوّلا من صين إشتراكية إلى صين رأسمالية و بالتالى وجب القطع معها و فضحها عالميّا . و خرج الخطّ الشيوعي الثوري الماوي منتصرا ما جعل أنصار دنك سياو بينغ يستقيلون من الحزب أو يطردون منه .
و مثّل ذلك حدثا جللا بالنسبة للبروليتاريا العالمية إذ أنّ الحزب الشيوعي الثوريّ الأمريكي وقد حسم الموقف لصالح الشيوعية الثورية و الماوية و الدفاع عن إرث ماو تسى تونغ و الثورة البروليتارية العالمية صبّ جهوده نحو إعادة البناء الثوري للأحزاب و المنظمات بإتّجاه الإعداد للموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية على شتّى المستويات. و للتاريخ نذكّر بأنّه بمعيّة الحزب الشيوعي الثوري الشيلي صاغا مشاريع وثائق كانت بمثابة أرضية منذ 1981 لتوحيد الماركسيين - اللينينيين الحقيقيين [ الماويّين ] بدعم هام من الحزب الشيوعي لسيلان لتنتهى هذه النضالات و النقاشات التي شملت الكثير من المنظمات و الأحزاب الأخرى عبر العالم إلى تشكيل الحركة الأمميّة الثوريّة على قاعدة الندوة الثانية و بيان 1984 و إلى إصدار مجلّة " عالم نربحه " منبرا فكريا للنواة السياسية الساعية لإعادة بناء قيادة عالمية جديدة للحركة الشيوعيّة العالميّة. و بموجب تطوّر الصراعات الطبقية عالميّا و بفعل الصراع الداخليّ للحركة الأمميّة الثورية حصلت قفزة نوعيّة أخرى فى 1993 بإعلان تبنّى الحركة جميعها للماركسية - اللينينية - الماوية علما للثورة البروليتارية العالميّة ... "
( إنتهى المقتطف )
و حدث إنشقاق صلب الحركة الأمميّة الثوريّة التي نشطت موحّدة من 1984 إلى تقريبا 2006 و إنقسمت الماويّة إلى إثنين ( أنظروا كتاب " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، العدد 13 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ) و أنتج الحزب الشيوعي الثوري أعمالا عدّة خائضا صراع الخطّين داخل الحركة الماوية و الحركة الشيوعيّة العالميّة تجدون أهمّها في عدّة كتب بمكتبة الحوار المتمدّن وهي موثّقة في فهارس كتب شادي الشماوي كملحق لهذا الكتاب 42 . و إلى ذلك لزاما علينا أن نذكر أبرز كتابين مطوّرين للماركسية – اللينينيّة – الماويّة : الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة لمهندسها بوب أفاكيان " إختراقات الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة خلاصة أساسيّة " ( الكتاب 35 ) و " الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي " ( الكتاب عدد 38 ) . و من يتطلّع إلى التعرّف على بوب أفاكيان فعليه ، على سبيل المثال لا الحصر ، بسيرته المعروضة في هذين الكتابين .
و نكتفى بهذا مدخلا و ندعو القرّاء للتمعّن مليّا في مدي أهمّية ظفر ثورة إشتراكية هدفها الأسمى الشيوعيّة على الصعيد العالمي و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد في قلب الغول الإمبريالي الأمريكي ، بالنسبة للحركة الشيوعية العالميّة و للبروليتاريا العالميّة و لجماهير الإنسانيّة ...
و محتويات هذا الكتاب 42 ، العدد 42 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فضلا عن هذه المقدّمة :
الفصل الأوّل - الخطاب الأوّل : لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة
I - وحدها ثورة فعليّة بوسعها أن تحدث التغيير الجوهريّ الذى نحتاج إليه ؛
إضطهاد السود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة
إضطهاد النساء و العلاقات الجندريّة الإضطهاديّة
حروب الإمبراطوريّة و جيوش الاحتلال و الجرائم ضد الإنسانيّة
شيطنة المهاجرين و تجريمهم و ترحيلهم و عسكرة الحدود
تحطيم الرأسماليّة – الإمبرياليّة للكوكب
- كيف يمكننا أن ننجز حقّا ثورة ؛II
ملاحق الخطاب الأوّل (4) ( حسب التسلسل التاريخيّ و هي من إقتراح المترجم و قد سبق نشرها )
-1- بصدد إمكانية الثورة
- ردّ جريدة " الثورة "
- رفع راية بعض المبادئ الأساسيّة :
- إستنتاجات جديدة و هامّة :
* بعض النقاط الحيويّة للتوجه الثوري - معارضة للموقف الطفولي و تشويهات الثورة
- 2-" بصدد إستراتيجيا الثورة "
- مقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة :
- التعلّم من رئيس حزبنا ، بوب آفاكيان ، و نشر معرفة و تأثير قيادته ذات الرؤية الثاقبة ، و الدفاع عن هذا القائد النادر و الثمين و حمايته :
- ترويج جريدة حزبنا " الثورة " بأكثر قوّة و شمولية :
- 3 - مزيد من الأفكار عن " بصدد إمكانية الثورة "
- 4 - كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة
- لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
- ما نحتاج القيام به الآن
- كيف يمكننا أن نلحق بهم الهزيمة
الفصل الثاني - الخطاب الثاني : أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة
1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة
2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة
- الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم "
- الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة
- سياسات الهويّة و الفرديّة
- الفرديّة و " اللامبالاة "
3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة
4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة
5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟
- كسر قيود الفرديّة الطفيليّة
6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله !
هوامش
الفصل الثالث - الخطاب الثالث : شيء فضيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛
أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة
...
ملاحق الخطاب الثالث ( 5 )
1- ثورة حقيقيّة ، تغيير حقيقي نكسبه – المزيد من تطوير إستراتيجيا الثورة
- النضال ضد الفاشيّة الآن و النضال المستقبلي الشامل
- إلحاق الهزيمة ب " التطويق و السحق " و التقدّم بالنضال الثوري
- " عدد من جريدة الثورة خاص بالجولة الوطنيّة تنظّموا من أجل الثورة – ماي 2019 : 5-2-6 : 5 أوقفوا ؛ 2 خياران و 6 نقاط إنتباه
2- سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء
3- بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة
هذه الثورة ليست مجرّد " فكرة جيّدة " – إنّها عمليّا ممكنة
4- هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة
- أوّلا ، بعض الحقائق الأساسيّة
- لماذا يعدّ هذا الزمن زمنا تصبح فيه الثورة ممكنة حتّى في بلد قويّ مثل هذا
- ما يجب القيام به لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة
- خاتمة
5- لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا راديكاليّا – فهم علميّ أساسي
- مثال توضيحي لهذه العلاقات و الديناميكيّة الأساسيّتين : لماذا لا يزال السود مضطهَدين بعدُ بخبث ؟
- يتوفّر الآن أساس تحرير كافة الناس المضطهَدين و كافة الإنسانيّة
- من أجل التغيير الجوهريّ للمجتمع ، ينبغي إفتكاك السلطة
- هذه الثورة ممكنة و الحاجة إليها ملحّة
الفصل الرابع - دستور المجتمع البديل : دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا ( مشروع مقترح )
تقديم : حول طبيعة هذا الدستور و هدفه و دوره
يشمل هذا الدستور مدخلا و ستّة أبواب :
الباب الأوّل : الحكومة المركزية .
الباب الثاني : الجهات و المناطق و المؤسسات الأساسية .
الباب الثالث : حقوق الناس و النضال من أجل إجتثاث الإستغلال و الإضطهاد كافة .
الباب الرابع : الإقتصاد و التطوّر الإقتصادي فى الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا .
الباب الخامس : تبنّى هذا الدستور .
الباب السادس : تنقيحات هذا الدستور .
----------------------------------------
بمثابة الخاتمة : التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح
ملحق الكتاب 42 : فهارس كتب شادي الشماوي
--------------------------------------------------------------------------------------------------
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

أمل من أجل للإنسانيّة على أساس علميّ و القطيعة مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة
بوب أفاكيان – جريدة " الثورة " عدد 621 ، 11 نوفمبر 2019
https://revcom.us/avakian/hope-for-humanity-on-a-scientific-basis/index.html

المحتويات :

1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة
2- مشكل الفرديّة / الأنانيّة
- الفرديّة الخبيثة و الفرديّة الغافلة
- الفرديّة ، هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم "
- الطفيليّة و الشوفينينّة الأمريكيّة و الفرديّة
- سياسات الهويّة و الفرديّة
- الفرديّة و " اللامبالاة "
3- المصالح الخاصّة و المصالح العامة – التمييز بين المصالح الطبقيّة و أعلى مصالح الإنسانيّة
4- مقارنة بين وجهة نظر الشيوعيّة و مقاربتها و وجهة نظر الرأسماليّة و مقاربتها لمذهب الفرديّة و الشخصيّة الخصوصيّة
5- وجهات نظر متباينة بشأن معنى الحياة و الموت : ما الذى يستحقّ الحياة و الموت من أجله ؟
- كسر قيود الفرديّة الطفيليّة
6- لا ضرورة مستمرّة و الأمل على أساس علميّ : عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير ممكن حقّا ، لكن ينبغي النضال من أجله !

هوامش
------------------------------------------------------------------------------------
يمثّل النقص الحقيقي في أمل تحقيق حياة أفضل في هذا العالم عائقا ثقيلا يشدّ إلى الأسفل و يخنق و يتسبّب في جراحات عميقة لجماهير الإنسانيّة ، بمن فيها الشباب المحتشدين في غيتوات و الأحياء الشعبيّة لهذه البلاد و كذلك في سجونها المكتظّة، الشبيهة بقاعات التعذيب . و منتهى الفرديّة الذى يلقى التشجيع عبر المجتمع وهوس التركيز على " الذات " قد عزّز الحجب الكثيفة أمام عيون الناس ، حاجبا قدرتهم على التعرّف على إمكانيّة إيجاد عالم مختلف راديكاليّا و أفضل ، يتجاوز الحدود الضيّقة و الخانقة لهذا النظام ، بكلّ فظائعه الحقيقيّة فعلا . هذه هي المسائل الكبرى التي سأتناولها بالحديث هنا .
1- لا أمل مقابل لا ضرورة مستمرّة

بداية ، من المهمّ الكلام عن الفرق بين الوضع اليوم و الوضع في فترة ستّينات القرن الماضى في هذه البلاد و في العالم ككلّ . وقتها ، بالعودة إلى الستّينات ، كانت الجماهير الشعبيّة عبر العالم قاطبة ، بما فيه هذه البلاد ، تنطوى على أمل كبير و تصميم كبير بشأن أفق إنشاء عالم مغاير راديكاليّا و أفضل . و عبر ما يسمّى بالعالم الثالث ، وُجدت نضالات تحرّر كانت تهدف إلى الإطاحة بنير الإضطهاد الإستعماري الذى فُرض عليها لعقود و أجيال و حتّى قرون . و في البلدان الإمبريالية ذاتها – بما فيها ، بوجه خاص ، الولايات المتّحدة – كان الجيل الذى بلغ الرشد في الستّينات يملك في آن معا فهما للحاجة و إيمانا حقيقيّا بإمكانيّة إنشاء عالم مغاير راديكاليّا و أفضل ، و لم يكن ليهتمّ بسماع كافة الحجج حول لماذا يجب أن تكون الأشياء كما هي عليه .
كان هذا صحيحا في ما يتعلّق بالشبّان المتعلّمين ، و الكثير منهم كانوا الأوائل في أسرهم الذين يلتحقون بالجامعات حينما كانت الأمور تتفتّح على يد الطبقة الحاكمة لحاجياتها العالميّة ، المتأكّدة على سبيل المثال بكامل قصّة سبوتنيك عندما أرسل الإتّحاد السوفياتي قمرا إصطناعيّا حول الأرض و ، فجأة ، وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة ما أطلق عليه " سباق الفضاء " كجزء من النزاع الشامل مع الإتّحاد السوفياتي الذى كان عندها بصلابة على طريق إعادة تركيز الرأسماليّة و يجتهد ليصبح قوّة إمبرياليّة عالميّة عظمى ، لكنّه كان ، في حدّ ذاته ، يمثّل تحدّيا حقيقيّا لهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم . لذلك وُجد ملايين الشبّان البيض المتعلّمين حديثا و كانوا بدورهم يستقون الإلهام من شبّان متعلّمين منحدرين من صفوف الجماهير الأساسيّة ، لا سيما السود ، و كانوا في مقدّمة النضال من أجل الحقوق المدنيّة في خمسينات القرن العشرين و خاصة أواخر خمسيناته ، و الذين في أواسط إلى أواخر الستّينات من القرن الماضي ، صاروا أكثر جذريّة و مضوا من الحقوق المدنيّة إلى تحرير السود بتوجّه و إندفاع ثوريّين معيّنين على أنّ ذلك كان محدّدا بصفة واسعة و مفهوما بصفة مختلفة ضمن مختلف الناس .
و قد إنتشر هذا في صفوف الجماهير الشعبيّة الأساسيّة ، و المضطهَدين بمرارة في هذه البلاد - السود ، و لكن أيضا الشيكانو و آخرون داخل حدود الولايات المتّحدة الذين كانوا لزمن مديد مضطهَدين – و بالتالى ، وُجدت ضمن هؤلاء الفقراء و المضطهَدين من الجماهير الأساسيّة ، و كذلك الملايين ضمن الطبقة الوسطى من الشبّان المتعلّمين ، رغبة في تغيير راديكالي و عالم مغاير و أفضل ، و شعور ثوري حقيقي و قويّ بانّ هذا العالم بأسره يحتاج إلى أن يُقلب رأسا على عقب و " لن نستمع إلى أيّ شخص يكلّمنا عن كيف أنّ " هذا أفضل العوالم الممكنة " و لن نستمع لنافق الذين كانوا في السلطة و كانوا طوال الوقت يقترفون هذه الفظائع " . و قد تجسّد ذلك في شعار إنتشر خاصة في أوساط الشباب المتعلّم ، " لا تثقوا في أيّ شخص عمره أكثر من ثلاثين عاما " ؛ وهو و إن كان نوعا ما ميكانيكيّا يمسك مع ذلك بنقطة حقيقيّة هي : لا نريد أن نستمع لهؤلاء " القادة " القدماء المتهالكين " .
و أذكر أنّي حينما كانت سنّى تناهز العشرين ( و عليّ الآن أن أنظر إلى الخلف و أفكّر في هذا كشخص واصل المشوار لعقود بعد ذلك ! ) ، أذكر أنّي ذهبت مع والدى إلى واشنطن دى سى و قصدنا مجلس النواب / الكنغرس . و في لحظة ما، دخلنا مصعدا و إلتحق بنا إليه رجال مسنّون متداعون و كانوا من النواب ، حالئذ فكّرت ، " يا إلاهى ، هؤلاء هم الذين يسيّرون شؤون البلاد ؟ هذا لا يستقيم ! ليس هذا ما نحتاج إليه ! " . و كان هذا الشعور شائعا جدّا في تلك الفترة . ( طبعا ، جيرى روبين ، أحد قادة الحركة الشبابيّة زمنها ، حين صار عمره 31 ، عدّل الشعار ليجعل منه " لا تثقوا في أحد عمره أكثر من 35 سنة " . و مع ذلك ، سواء كانت 30 أو 35 سنة ، كان الأمر شعورا حقيقيّا ).
و كذلك عليّ أن أقول إنّنى صدمت لمّا دخلت مجلس النواب نظرا للصورة التي تكوّنت لديّ بفعل كتب التربية المدنيّة و كيف تمّت تنشأتنا ، و لعثورى على ذات هذا المجلس و العتمة تغطّيه و " أروقته فارغة " . ولجت المكان و إندهشت بما رأيت . كان هناك شخص بصدد إلقاء خطاب . و ما كان بالمجلس على الأرجح إلاّ حوالي عشرة أنفار وقتها ، و معظمهم منهمكون إمّا في الأكل أو في البصاق على الأرضيّة و ما إلى ذلك . ثمّ فجأة قُرع جرس و جاء الجميع مهرولين و رفعوا أيديهم للتصويت ثمّ تبخّروا من جديد . لم يكن هذا الذى رايته يحصل بالضبط متطابقا مع الصورة التي لديّ عن مجلس أوغسطس ، عن النظام الديمقراطي العظيم الذى يدرّسوننا عنه أثناء حصص التربية المدنيّة.
لذا ما كان هذا شعور متّصل ببساطة بمسألة العمر بل كان أشبه ب : لا يمكن أن نسمح لهؤلاء بتسيير العالم و تخريبه على النحو الذى يقومون به . و كان هذا شعور الملايين و الملايين من الفقراء و المضطهَدين و كذلك شعورا واسع الإنتشار صلب شباب الطبقة الوسطى . و مثلما أشرت في " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا القيام بثورة "(1) ، مع نهاية الستّينات ، إنتشر هذا على نطاق واسع و بعمق عبر المجتمع ، و حتّى في صفوف القوّات المسلّحة للنظام ذاته ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، في هذه البلاد نفسها . و أذكر ، مثلا ، أنّه وُجدت نزعة لدى الجيش ، ضمن أشياء أخرى ، أثارت سؤال : لمن يتوجّه الجنود و المنضوين تحت راية جيش الولايات المتّحدة للبحث عن القيادة السياسيّة - و بالأخصّ في صفوف الجنود السود – و كان رئيس الولايات المتّحدة حينها في مؤخّرة القائمة . الأغلبيّة من أعلى " نسب الأصوات " ، إذا أردتم ، كانت تمنح لألدردج كليفر ، أحد قادة حزب الفهود السود . حين تتوفّر لدينا أمور من هذا القبيل ، يكون ذلك مشكلا حقيقيّا بالنسبة للنظام . و على الرغم من نقائص ألدريدج و حدوده ، و التي كانت حقيقيّة جدّا ، كان ذلك يعكس أمرا إيجابيّا جدّا ، جدّا .
و كمظهر لكلّ هذا ، في صفوف السود – الذين يُقال لنا على الدوام أنّهم مجرّد نوع من ورثة الدين – وُجد إبتعاد كبير عن الدين ، لا سيما ضمن الشباب . لماذا ؟ لأنّ الناس كانوا يزخرون أملا ، و لم يكونوا يعتقدون أنّه لا أمل في عالم أفضل . كانوا ممتلئين أملا في عالم أفضل يتمّ إنشاؤه في هذا العالم بالذات . و من ثمّة ، ضمن السود ، وُجد ، من جهة الشباب بوجه خاص ، إبتعاد كبير عن الدين و عن كافة التقاليد القديمة التي كانت تلازم الدين و كانت تأثيراتها محافظة تشدّ إلى الوراء . تذكّروا ، مالكولم آكس الذى كان يُلقى خطابات أين ( حتّى و إن بقي متديّنا ، تبنّى الإسلام ) ، كان يقول للمستمعين إليه " لا يهمّنى ( أنا أذكر الجمل التقريبيّة و لكن هذا جوهر ما كان يقوله ) " لا يهمّنى إن كنت معمدانيّا أم بروتستانيّا أم AME أم مهما كنت ، عندما تأتى إلى هذا العالم تحتاج إلى أن تترك هذا الدين في المخدع ، لأنّه مهما أحسن إليك ، نحتاج إلى وضعه جانبا ". و حتّى و قد ظلّ متديّنا ، لم يكن مالكولم آكس يقول " لا تكن مسيحيّا ، كن مسلما " – كان يقول " لا نحتاج هذا الشيء هنا في المجال العام ". و كان يقال للأجيال المتقدّمة في السنّ أكثر من غيرها : " هؤلاء شبّان اليوم ، لا يرغبون في سماع شيء عن الآلهة ، لا يرغبون في سماعكم تروون قصّة العم توم التي تقول لهم أنّ الآلهة ضدّهم ". كان هذا هو الشعور السائد في صفو الشباب خاصة ، لكن كذلك في صفوف بعض الكهول أيضا . و ما كان هذا ضمن السود فحسب فقد مثّل مالكولم آكس مصدر إلهام كبير و تأثير راديكالي ، إيجابي و ملهم للشباب المتعلّم و منه العديد من البيض من الطبقة الوسطى .
و هكذا، كانت المسألة الدينيّة تتمظهر بشكل مختلف للغاية . كان الناس يبتعدون عنها . ولو كنتم تذكرون شريط " الفهد " ( و ليس شريط " الفهد الأسود " ، بل الشريط القديم " الفهد " ، عن حزب الفهود السود ) ، هناك مشهد حيث أحد الشبّان يتحدّث إلى أمّه ، في نوع من ما بعد مسيرة نظّمها حزب الفهود السود .و كانت الأمّ تقول شيئا عن الدين ، و كان الشاب يجيب وفق الخطّ التالي : " حسنا ، يقول حزب الفهود السود إنّنا لا نحتاج إلاّ إلى ترك الدين بعيدا ، فهو لا يتسبّب لنا في أي شيء حسن ، ليس ما نحتاج إليه ". ( مجدّدا أنا أقرّب الجمل ، لكن هذا جوهر ما قيل ) . و كانت الأمّ تردّ : " أتؤمن بذلك ؟ " . حسنا ، كان الكثير من الشباب السود حينها يؤمنون بذلك و إلى درجة كبيرة .
عادة ما يُقدّم الدين كمصدر ل" الأمل " أو العزاء . لكن هل هو حقّا مصدر أمل – أو هل هو ، جوهريّا و في مظهره المحدِّد، وهم يفرز الشلل ؟ يبثّ الدين مفهوم العزاء عن العذاب ، و البحث عن عالم آخر و قوى عالميّة أخرى للحصول على بعض العزاء عن العذاب الذى يتعرّض له الناس ، و لأجل مواصلة الحياة اليوميّة . لكن المسألة هي : هل أنّ ما يحتاجه الناس هو العزاء عن العذاب الذى يعيشونه في ظلّ هذا النظام ، أم يحتاجون إلى النهوض و القضاء على النظام الذى يجسّد و يعزّز هذا العذاب ، و بالقيام بذلك القضاء على الحاجة إلى العزاء عن العذاب الذى لن يظلّوا يعيشون ، العذاب غير الضروري الذى يطحنهم ؟ و قد أشارت أرديا سكايبراك في الحوار الصحفي ، " العلم و الثورة " (2) ، إلى أنّه من غير الواقعي التفكير في أنّه يمكن أبدا التخلّص تماما من العذاب الإنسانيّ ، لكن ثمّة قدر كبير من العذاب غير الضروري الذى يتعرّض له الناس في عامل اليوم بسبب ديناميكيّة هذا النظام المهيمن على العالم و علاقاته الأساسيّة ، النظام الرأسمالي- الإمبريالي . و من الممكن نهائيّا و الضروري بشكل ملحّ ، وضع نهاية لهذا العذاب .
الآن ، لتقديم صورة دقيقة تماما من كلّ الجوانب لهذا نعلم أنّ هناك عديد الناس المتديّنين الذى تلهمهم وجهات نظرهم و مشاعرهم الدينيّة و تدفعهم إلى إتّخاذ مواقف ضد و إلى حتّى التضحية في النضال ضد الإضطهاد . و هذا طبعا ، يجب إحترامه و الوحدة معه لكن ، في الوقت نفسه ، لا يلغى هذا الحاجة إلى خوض نضال حاد في المجال الإيديولوجي ضد نظرة أنّ الدين و الدور الذى ينهض به الدين اليوم كعائق ذهنيّ للجماهير الشعبيّة ، وهو يعمل في الواقع ضد كسبهم و تطبيقهم منهجيّا و صراحة مقاربة علميّة لفهم الواقع ، و بوجه خاص ما يتسبّب في العذاب الذى تتعرّض له جماهير الإنسانيّة و ما هو حلّ هذا . لذا هناك حاجة لمواصلة الفضح و النضال حول الدور الإيديولوجي للدين ، و دوره بمعنى كونه من العوائق الذهنيّة أمام الجماهير ، حتّى بينما من الضروري أيضا الوحدة معهم و أجل ، إحترام الذين إنطلاقا من شعور ديني أو وجهات نظر دينيّة ، يتّخذون مواقفا و عادة يضحّون في النضال ضد شتّى أشكال الإضطهاد .
الأشكال مختلفة جدّا ، مع ذلك ، بالنظر إلى الأصوليّة الدينيّة – و بصورة خاصة الأصوليّة المسيحيّة في هذه البلاد . الأصوليّون المسيحيّون ( بمن فيهم نائب الرئيس الحالي مايك بانس و آخرون في مواقع نفوذ في الحكومة و وسائل الإعلام و مؤسّسات كبرى أخرى ) هي القوى المحرّكة للفاشيّة التيوقراطيّة ( حكم طغياني بسلطة دينيّة من عصر الظلمات ). إنّهم يتبنّون و يروّجون بعدوانيّة الولاء دون تفكير ، و تطبيق الدوغما الدينيّة الذى عندما نتناوله حرفيّا ( كما يشدّد على ذلك هؤلاء الفاشيّين المسيحيّين ) ، نلفى أنّه يروّج و أدّى و سيؤدّى إلى كافة ألوان الفظائع و الأهوال ( كما يمكن رؤية ذلك من كلّ من الكتاب المقدّس القديم و الجديد – شيء قمت بتحليله في كتاب " لنتخلّص من كافة الآلهة !..." (3)
و في مستهلّ كتاب " الشيوعيّة الجديدة " ( " مقدّمة و توجّه " ) ، تحدّثت عن الواقع المرير لكون جماهير المضطهَدين يخشون الأمل :
" يخشون الأمل أنّه يمكن أن يتعيّن على العالم أن يكون على ما هو عليه ، أنّه يمكن أن يوجد مخرج من هذا . يخشون الأمل لأنّ آمالهم قد سُحقت العديد و العديد من المرّات " .(4)
هذا عامل له دلالته في لماذا يتوجّه عدد كبير جدّا من الناس نحو الدين - لأنّه لا يبدو أنّ هناك أي أمل لنهاية ، في هذا العالم، للعذابات و الإهانات الكبيرة التي تسلّط عليهم بإستمرار و هو شيء يفرضه سير هذا النظام ، و هو كذلك يعتّم عليه و يحجب بذات الطريقة التي تسير بها مؤسّساته و موظّفيه و فارضيه و دورهم ، وهو بصفة منهجيّة يعمل على تضليل الناس في ما يتعلّق بلماذا العالم على ما هو عليه و إذا و كيف يمكن حقّا تغييره ، إذا و ما هي الطريقة الممكنة لوضع نهاية لكافة هذه العذابات غير الضروريّة .
و هنا تبرز مرّة أخرى الأهمّية الكبرى للمنهج و المقاربة العلميين للشيوعيّة مثلما قد جرى مزيد تطويرهما من خلال الشيوعيّة الجديدة ، و واقع و إمكانيّة تغيير رادكاليّ ، تحريريّ ، في هذا العالم . في علاقة بكلّ هذا ، و بوجه خاص مسألة الأمل ، هناك أهمّية كبرى للموقف التالى لماركس المذكور في الجزء الأوّل من " بيان الحزب الشيوعي الثوري، الشيوعيّة : بداية مرحلة جديدة " :
" حين ندرك الرابط الداخلي ، كلّ الإيمان النظري في الضرورة المستمرّة للظروف القائمة يتداعى قبل تداعيه في الممارسة العمليّة " (5)
و هذا في منتهى الأهمّية لأنّه يشدّد على أهمّية النظريّة و العمل – النظريّة المرتكزة على و المطبّقة كمنهج و مقاربة علميين صريحين – لكشف ما هي العلاقات و الديناميكيّة الفعليّتين ، ما هي العلاقات الداخليّة و " السير الداخلي " للنظام الذى يتحكّم في الجماهير. قبل كلّ شيء لكشف أنّ هناك نظام يُخضعون إليه ، و ما هو سير و ما هي ديناميكيّة هذا النظام و كيف ينسجم مع كامل التطوّر التاريخي للمجتمع الإنسانيّ . ( أو بكلمات أساسيّة ، يعيش الناس في إطار نظام ؛ و هذا النظام ليس مجرّد شيء يفرضه بعض الناس ذوى النفوذ بل هو نتيجة بعض التطوّر التاريخي ؛ و هذا النظام يسير و يجب أن يسير وفق " قواعد " ناجمة عن علاقاته الأساسيّة ، و هذا يُجسّد و يُظهر التناقضات التي تتسبّب في كافة أنواع عذابات جماهير الإنسانيّة ، تناقضات جوهريّة و أساسيّة بالنسبة لهذا النظام و لا يمكن القضاء عليها دون القضاء على هذا النظام ذاته ). و تكشف هذه النظريّة العلميّة أنّ هناك مخرج من كلّ هذا – و ما هو هذا المخرج .
أجل ، في نهاية المطاف ، يجب خوض النضال في مجال الممارسة العمليّة ؛ يجب خوضه في مجال النضال العملي من أجل النهوض و في نهاية المطاف الإطاحة بالنظام الذى يجسّد و يفرض كلّ هذا الإضطهاد المريع . لكن هناك أهمّية هائلة للجماهير ، حتّى قبل أن يتحوّلوا إلى أناس متطوّرين نظريّا تطوّرا عاليا ، أن يحصلوا على فهم أساسي بأنّه لا وجود لضرورة مستمرّة ، للظروف القائمة ، و لماذا هي كذلك. هذا مصدر الأمل ، ليس على أساس أوهام كتلك التي يروّجها و يؤبّدها الدين ، بل على أساس علمي .
و التالى ( خاتمة مقال " قفزة في الإيمان " و قفزة في المعرفة العقلانيّة : نوعان مختلفان جدّا من القفزات ، نظرتان و منهجان مختلفان راديكاليّا " ) يشدّد على منتهى أهمّية نقاط التوجّه هذه :
" معرفة الواقع الفعلي – و مزيد معرفته بإستمرار – أمر مهمّ على نحو حيوي بالنسبة للإنسانية و مستقبلها ؛ إنّه مهمّ على نحو حيويّ ليس للعاملين فى مجال العلوم و الأكاديميين و حسب و إنّما أيضا للناس المضطهَدين و المستغَلّين بوحشية على وجه هذه الأرض ، و الذين يجب و يمكن أن يكونوا حجر الزاوية و القوّة المحرّكة لثورة تطيح بكافة أشكال الإستغلال و الإضطهاد عبر العالم و تضع لها نهاية – لكي يكونوا من محرّري ليس أنفسهم و حسب بل في النهاية محرّري الإنسانية جمعاء . مواجهة الواقع كما هو فعلا – و كما يتغيّر و يتطوّر – و فهم القوى الكامنة و المحرّكة لهذا ، مسألة حيوية فى لعب دور حاسم و قيادي فى إنجاز هذه الثورة و تدشين عصر جديد تماما فى تاريخ الإنسانية ، عصر سيمزّق و يستبعد إلى الأبد ليس السلاسل المادية و حسب – أصفاد الإستغلال و الإضطهاد الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي التى تستعبد الناس فى عالم اليوم ، و لكن أيضا السلاسل الفكرية ، طرق التفكير و الثقافة ، التى تتناسب مع هذه السلاسل المادية و تعزّزها . فى بيان الحزب الشيوعي ، صرّح كارل ماركس و فريديريك إنجلز اللذان أسّسا الحركة الشيوعية قبل أكثر من 150 سنة ، بأنّ الثورة الشيوعية و مبادئها و مناهجها و أهدافها التحريرية ، تعنى " قطيعة جذرية " مع علاقات الملكية التقليدية التى تستعبد الناس بشكل أواخر و كذلك قطيعة جذرية مع كافة الأفكار التقليدية التى تعكس علاقات الملكية التقليدية هذه و تعزّزها .
المعركة فى مجال الإبستيمولوجيا – نظرية المعرفة و كيفية تحصيل الناس لها ، نظرية ما هو الصحيح و كيف يتوصّل الناس إلى معرفة الحقيقة – مجال حيوي فى المعركة الشاملة من أجل تحرير غالبية المضطهَدين والمستغَلين من البشرية ، و فى النهاية الإنسانية ككلّ . إستيعاب المميزات المحدّدة للمنهج العلمي و أهمّيتها – و فوق كلّ شيء المقاربة العلمية الأكثر إتساقا و منهجية و شمولية للواقع ، النظرة للعالم و المنهج الشيوعيّين اللذان يمكن أن يعانقا دون أن يعوّضا أو يخنقا الكثير من مجالات المعرفة و النشاطات الإنسانية و يمكن أن يعبّرا عن سيرورة التعلّم الأغنى بشأن الواقع و تغييره فى مصلحة الإنسانية - له أهمّية حيوية فى هذا النضال التحريري . و فهم الإختلاف العميق بين محاولة فرض " مفاهيم " قائمة على الإيمان " فرضا على الواقع ، و فى تعارض مع ذلك ، إتّباع فهم علمي للواقع بما فى ذلك فهم للدين و جذوره و إنعكاساته – فهم الإختلاف الجذري بين " القفزات فى الإيمان " و التحصيل الجاري للمعرفة من خلال القفزات المستمرّة من المعرفة الحسّية إلى المعرفة العقلية – هذا جزء حاسم من المضيّ قدما بالصراع نحو بلوغ القطيعتين الراديكاليتين اللتين تميّزان الثورة الشيوعية مثل القفزة إلى عصر جديد و تحريري تماما فى تاريخ الإنسانية . " (6)
هذه المسألة ، مسألة رؤية إمكانيّة الثورة و عالم مغاير جذريّا و أفضل ، على أساس علمي ، بديهيّا لها أهمّية قصوى ، وهي أمر سأعود إلى تناوله بالحديث لاحقا .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟