الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسالة الإنسانية بين أيادي تجار المرض

اسراء حسن

2022 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الطب في العراق أصبح مصدرا رهيبا للاستغلال المادي المفرط في جشعه ولا انسانيته , بشكل لم يعد يعرف للرحمة حدودا أو معنى , ما نراه من كثير من كبار الأطباء ينفي أن لممارساتهم رسالة انسانية وانما هدف مادي بحت وبصورة تجارية رخيصة ترفضها الأخلاق ويأباها الضمير , وبشكل مستفز، اذ أصبحنا أمام نوع من الاقطاع المهني الجديد الذي يستغل البشر ويكاد يفترس المجتمع دون أن يجد من يتصدى له ويردعه لا من داخله ولا من خارجه .

بسبب ما نلمسه في الواقع من تراجع في منظومة القيم والاخلاقيات التي باتت تسمم لنا حياتنا وتنحدر بنا إلى الهاوية.... بالإضافة إلى غياب تنمية بشرية ومجتمعية حقيقية تمتد الى كافة جوانب حياتنا وفق رؤية استراتيجية شاملة وبسياسات وبرامج متكاملة محسوبة بدقة وواقعية لكافة عناصر ومحاور هذه العملية التي تضع الانسان في المقام الاول من اهتماماتها واهدافها.

بأت الاطباء الجشعون اغنى الاغنياء من خلال اموال جُمعت على حساب جراحات الناس وآلامهم وفقرهم وعازتهم ، انهم الطبقة الارستقراطية الجديدة الخائنة لشرف المهنة إذ وصل بهم الحال ان يبيع الطبيب مريضه لشركات الأدوية التى تمنحه مالا مقابل أن يكتب الدواء الذي تنتجه.. كذلك بيعه لمختبرات التحاليل والأشعة الأغلى تكلفة بحجة انه لا يثق إلا بها، وحقيقة الأمر أنه متعاقد معهم على نسبة (عمولة).. وإجراء عملية قيصرية لا تحتاجها الحامل.. الخيانه في أن يوقف الطبيب إجراء عمليات جراحية بالمستشفى العام لينفرد بإجرائها في المستشفيات الخاصة ويضع تسعيرات خيالية... على حد علمي يُدرس الطب ليُرتقى به ويخدم المرضى وليس لامتطاء ظهر البشرية....الطب يا سادة مهنة تعني الرحمة فهي رسالة سامية ومهنة انسانية لها ضوابط ومواثيق شرف غير مكتوبة يحملها الاطباء في قلوبهم وليس في جيوبهم
وضميرهم هو السلطه الرقابيه العظمى عليهم أثناء ممارستها

للأسف في العالم الذي نعيش فيه يستغل الناس بعضهم بعضا بهذه الصورة اللاانسانية كما يحدث عندنا في كل القطاعات المهنية وبلا استثناء يؤسفني ان اقول ان الكثير من المهنيين , في الطب , قد تحولوا الى مصاصي دماء بلا رحمة . الكل أصبح يشارك في سباق ماراثوني يقطع الأنفاس لتكوين الثروات المهولة في أسرع وقت ومن أقصر الطرق , دون وازع من ضمير أو أخلاق . مجتمع كهذا لا يمكن أن يكون مجتمع انساني طبيعي يسود علاقاته أي معيار متعارف عليه من معايير التكافل أو العدالة أو الرحمة او النبل الانساني حتى في حده الأدنى ، ما نسمع عنه مفزع ومقزز ومثير للقرف والاشمئزاز . مجتمع يتوحش ولا يجد من يقدر على ترويضه ويعيد اليه بعضا من انسانيته التي فقدها . يبدو أنه لم يعد فيه مكان للفقراء والضعفاء ومن شاءت أقدارهم البائسة أن يكونوا طرفا في هذا السباق غير المتكافئ . وأتساءل : كيف يتفق هذا الانحدار الأخلاقي الرهيب مع الزعم بأننا أصبحنا الآن أكثر تدينا من ذي قبل ؟ رحم الله الماضي الذي لم نكن فيه أبدا هكذا , الماضي الذي كان فيه الانسان انسانا وليس شيئا آخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف