الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة للتاريخ عن تراث المفكر العبقري الخالد كارل ماركس وتفاعل المفكر الماركسي الراحل سمير امين مع تراث ماركس

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2022 / 9 / 14
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



التراث الذي بدأه ماركس بزخم، هو تراث غير ناجز لم ينتهي عند ماركس، الذي كان يدرك ذلك، أي أنه لو عاش أكثر لأكمله، لأعطى المزيد في هذا الإطار، لان ذلك التراث لا ينتهي ما دام هناك نظام رأسمالي.
الماركسيون الكبار أكملوا طريق ماركس، فقد نشر لينين (1870 - 1924) كتابه المشهور "التطور الرأسمالي في روسيا" ضمن نفس المسار، وكذلك روزا لكسمبورج (1871 - 1919) ألفت كتابها المشهور "تراكم رأس المال"، و نيكولاي بوخارين (1888 – 1938) كتب كتابه عن "الامبريالية والنظام العالمي" وكتاباته الاقتصادية أيضاً في السياق نفسه، وهناك العديد من الأسماء الرئيسية في هذا المجال ، بول سويزي (1910 - 2004) وكتابه المشهور "نظرية التطور الرأسمالي"، ثم كتاب بول باران (1926 - 2011) "الاقتصاد السياسي في التنمية"، ثم كتابا ارنست ماندل (1923 - 1995) "النظرية الاقتصادية الماركسية" والثاني "الرأسمالية المتأخرة".
سمير أمين يندرج ضمن هذا الإطار من المفكرين والعلماء الأفذاذ، لأن الذي يسير في هذا المسار يحتاج إلى جهد وإبداع متميز، فليس سهلاً تطوير نظرية ماركس في نقد الاقتصاد السياسي ، سمير أمين قام بذلك، وهو بذلك يندرج ضمن أهم العلماء.
وفي هذا السياق يقول " أنا أعتبر ماركس نقطة الانطلاق فقط في فهم الرأسمالية ونقدها، ومعنى ذلك لابد في كل مرحلة أن نعايش الجديد، فأنا لست ماركس (الدوجما) لأنني لا أعتبر أن كتابات ماركس تمثل نهاية التاريخ، والتحليل هو فقط نقطة الانطلاق، فقط علينا أن نطور هذا الفهم بعد معاينة الجديد على أسس متماشية مع تطور الظروف العامة، فأنا انتمى للماركسية المفتوحة نحو الجديد في الرأسمالية ذاتها، وبالتالى المطلوب في التحدي الرأسمالي والجديد في الحركة الشعبية نفسها" .
علينا أيضاً أن نتذكر ان الراحل سمير أمين، ينتمي إلى مدرسة التبعية التي بدأت في أمريكا اللاتينية وأيضاً في أمريكا الشمالية، طبعاً نذكر بعض الأسماء اللامعة مثلاً في أمريكا اللاتينية راؤول بريبش (1901 – 1986 – أرجنتيني) الذي بدأ في تيار التبعية، وفي الولايات المتحدة إيمانويل فالرشتاين (1930 - ) والأهم اندريه جوندر فرانك (1929 - 2005) الذي تعاون معه سمير أمين في أكثر من عمل ، المهم بالأمر ان مدرسة التبعية تركت أثرها في العالم كله، فهي بدأت في الأمريكتين ولكنها في الواقع امتدت إلى افريقيا، وَمَثَّلَ تيار التبعية في افريقيا والوطن العربي سمير أمين بشكل أساسي وأيضاً ترك أثره في الهند وغيرها من الأماكن .
في مقالته الأخيرة بعنوان: "خريف أو شيخوخة الرأسمالية" المنشورة بتاريخ 25/8/2018 يقول المفكر الراحل سمير امين: "منذ ثلاثة عقود، يتميّز النظام (الرأسمالي) القائم بالتمركز المفرط للسلطة في جميع أبعادها، المحليّة والعالميّة، الاقتصاديّة، السياسيّة والعسكريّة، الاجتماعيّة والثقافيّة، فقد حولت بضعة آلاف من الشركات العملاقة وبعض المئات من المؤسسات الماليّة، أنظمة الإنتاج الوطنيّة والمعولمة إلى مجرد مقاولين عاملين لحسابها. بذلك، صارت الأوليغارشيات الماليّة تستأثر بجزء متنامٍ من إنتاج العمل والشركة الذي بات ريعاً لصالحها الخاصّ" .
لقد أصبحت الدول الفقيرة في أفريقيا والوطن العربي من وجهة نظر الولايات المتحدة مثل "الهنود الحمر", أي شعوب دون حق في الوجود إلا في الحدود التي لا تعوق توسع رأس المال الأمريكي المتعدى للقوميات.
هكذا فإن العالم ينتج بينما تستهلك أمريكا، إذ لا يساوي إدخارها القومي شيئا. فـ "الميزة" التي تمتلكها أمريكا هي ميزة قناص, يغطي عجزه من مساهمات الآخرين, برضاهم أو بالإجبار. حيث تلجأ واشنطن إلى وسائل شتى لتعويض النقص لديها: مثل الانتهاكات المتكررة لمبادئ الليبرالية, تصدير السلاح غالبا بفرضه على حلفاء تابعين لها، حيث تستحوذ واشنطن على 60% من السوق العالمي.
إن البحث عن ريع إضافي من النفط, يفترض وضع المنتجين تحت السيطرة, وهو الدافع الحقيقي وراء الحروب في آسيا الوسطى والعراق. كما تقوم أمريكا بتغطية عجزها عبر جلب رؤوس الأموال من أوربا, واليابان والصين, وكذلك من الجنوب سواء من دول النفط الغنية أو من الطبقات الكومبرادورية من كل دول العالم الثالث.
لقد ترك لنا الراحل سمير أمين ثروة معرفية ثورية في مجالي الاقتصاد السياسي والمادية التاريخية، مازالت تؤثر في تكوين المناضلين ضد الرأسمالية العالمية والإمبريالية في صورتها المعولمة.
ويعد كتاب “التطور اللامتكافئ” واحدا من الإصدارات شديدة الأهمية التي تلقي الضوء على بنية التخلف والتبعية في بلدان العالم الثالث أو الأطراف كما يحلو لمفكرنا أنْ ينعتها، وهي نظرية مستقاة من فلاديمير لينين وماو تحديدا بشكل ينطلق من واقع المجتمعات المُستَعمرة وشبه المُستَعمرة، التي أنتجت تطورا جديدا بشأن مفهومي “التخلف والتبعية” ومسألة الانتقال إلى الاشتراكية.
"كان اقتران الفكر الشيوعي بالتجربة العملية في مجال التنمية عنصراً حاسماً في نظريات سمير أمين بشأن «التبعية»، فقد تصدى لمقولات برّاقة عن التنمية والتحديث، روجتها القوى الرأسمالية العالمية لتبرر بها الاستيلاء على موارد دول الجنوب في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، أو ما نسميه الاستيلاء على القيمة الفائضة للشعوب الفقيره.
وعلى هذا الأساس، قدّم أمين مجموعة من القراءات لعدد من القضايا الأساسية، مثل العلاقة بين المركز والأطراف، التبعية والعوالم الأربعة، ومحاولة تجديد قراءة المادية التاريخية وأنماط الإنتاج، إلى جانب دراساته المتميزة حول اليسار والبديل الشعبي الديمقراطي.
كان سمير أمين في الواقع منظراً مبدعاً في نقد الاقتصاد السياسي، بمعنى أنه لم يكتفي بمعرفة ما فعله الغير في هذا المجال، وإنما قام بوضع نظريات جديدة ورؤى ومفهومات جديدة وتحليلات جديدة في الاقتصاد السياسي ، وقد شهد له العالم بذلك، أي أن أعماله في نقد الاقتصاد السياسي كانت معروفة في الغرب، في أوروبا وفي امريكا، وكانوا يتداولونها بالتفصيل، إلى درجة حديث البعض في أوروبا عن النظرية الأمينيه Aminism.
أغنى الراحل سمير أمين النظرية الماركسية بالكثير من الكتابات طوال حياته، ومن أهم نتاجاته «دراسة في التيارات النقدية والمالية في مصر»، و«التراكم على الصعيد العالمي»، و«التبادل غير المتكافئ وقانون القيمة»، و«القومية وصراع الطبقات»، و«الطبقة والأمة في التاريخ وفي المرحلة الامبريالية»، و«أزمة الامبريالية أزمة بنيوية»، و«أزمة المجتمع العربي»، و«بعد الرأسمالية»، و«نحو نظرية للثقافة»، و«حوار الدولة والدين»، و«نقد الخطاب العربي الراهن»… وغيرها" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟