الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العولمة الثقافية والدين

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2022 / 9 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد ساهمت العولمة فى نشر مفاهيم الأديان والمذاهب المختلفة بين البشر وأزالت الحواجز بين جميع أديان العالم وأخرجت الأسرار الدينية والتاريخية المسكوت عنها ليس فى هذا العصر فقط بل فى كل العصور عبر إخراج المعلومات الدينية والتاريخية وترجمتها إلى معظم لغات العالم من خلال شبكة الانترنت . إن التفاعلات بين الأديان والتاريخ بدأت تؤتى ثمارها حيث بدأت بعض المذاهب الدينية مثل المسيحية البروتستانتية وحتى الكاثوليك فى التحرر من الموروث الدينى القديم وتقديم الاعتذارات عما بدر من أصحاب الديانات الكبرى من قمع وتعذيب وقتل للمخالفين على أساس دينى وهو عامل مشترك بين كل الأديان الكبرى مثل الإسلام والمسيحية والهندوسية والبوذية وغيرهم خلال العصور السابقة ، بينما تستمر تلك الحالة فى بعض المذاهب الإسلامية والهندوسية إلى الآن حيث ما تزال هناك حروب وصراعات ومناوشات وعداوات طائفية مذهبية فى العديد من الدول نظرا لقلة التفاعل مع التقدم العلمى والفكرى الذى يحدث بالعالم والذى نتج عنه وجود ثروة معرفية لم تتواجد من قبل جلبتها أذرع العولمة الثقافية وخاصة الانترنت والاتصالات والأجهزة الذكية واستكشاف الأرض وما فوقها وأيضا ما حولها من فضاء ولم تشارك فيها معظم الدول من باكستان إلى المغرب بالقدر المناسب.
هناك كلمات جميلة للمفكرين ورجال الدين الجدد مثل البابا فرانسيس والدلاى لاما وغيرهم بعضها يدور حول أهمية الدين للإنسان روحيا ونفسيا وحتى مجتمعيا ولكنه ليس كل الحياة كما يعتقد بعض سكان الشرق الأوسط ، فالصلاة - وهى موجودة فى كل الأديان الكبرى - يمكنها أن تساعد الإنسان على السكينة والرضا بتحسين حالته النفسية ولكن العلاج الذى لا ينتمى لأتباع دين معين يقدم الشفاء بالفعل بطريق يتبع نهج آخر غير نهج الدين وهو النهج العلمى المتاح لكل البشر على اختلاف عقائدهم ، حتى الأخلاق نفسها هى طريق غير طريق الدين ، فالأخلاق قد يلتزم بها الملحدون وهم حوالى نصف سكان العالم ، حيث أن الأخلاق طريق أساسى فى البوذية والهندوسية والجاينية والتاوية وغيرهم من الأديان غير السماوية (الأديان الإبراهيمية) ومعظم تلك الأديان لا تعترف بخالق للعالم ولا بالجنة والنار ونهاية العالم لكنهم يستنكرون السرقة والزنا والكذب والغش والقتل والفحش من الفعل والقول .
إن الفجوة الأساسية فى عصر العولمة ليست بين محور الدين ومحور العلم والأخلاق والفن والرياضة ولكن بين المؤسسات الدينية والعلم والتقدم والتطور، لإن الأديان بصفة عامة مثالية فى مفاهيمها ولكن المؤسسات الدينية تطوع الدين لما تراه حسب نظرة المؤسسة الدينية ، ولذلك تتقدم الدول التى تفصل المؤسسات الدينية عن العلم والفن والرياضة والثقافة. إن النجاح الإنسانى فى عصر العولمة الثقافية يكمن فى أن الدين الذى تقدمه المؤسسات الدينية ليس هو وحده عصب الحياة بل هناك طرق متوازية لن تلتقى إلا فى داخل كل شخص حسب طريقته فى فهم الحياة حيث يتواجد فى كل إنسان فهمه الخاص للدين والعلم والأخلاق والفن والرياضة والثقافة ومن خلاله تواجدهم جميعا تكتمل الصورة الإنسانية بطريقة واضحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع