الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرباح رائعة في أوكرانيا : أسرار البنك الدولي

دلير زنكنة

2022 / 9 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


إليوت دولان إيفانز

تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في كارثة إنسانية ودمار اقتصادي هائل. طلبت أوكرانيا من صندوق النقد الدولي (IMF) تمويلًا طارئًا ، وتعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم 1.2 مليار يورو إلى الدولة المحاصرة ، ووضع البنك الدولي نفسه كمؤسسة رئيسية لمعالجة التداعيات الاقتصادية والإنسانية لأوكرانيا. في أوائل شهر مارس ، في غضون أسبوعين من الهجوم الروسي ، وافق البنك على قرض تكميلي بقيمة 489 مليون دولار أمريكي تقريبًا لأوكرانيا وأنشأ صندوقًا استئمانيًا متعدد المانحين لتنسيق الموارد الثنائية ، والذي جمع الملايين . بحلول شهر يونيو ، صرف البنك الدولي 1.8 مليار دولار أمريكي لأوكرانيا ( المكونة من قروض غير ميسرة من المؤسسة الدولية للتنمية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ، بضمان هولندا ولاتفيا وليتوانيا والمملكة المتحدة). في أوائل أغسطس ، أعلن البنك الدولي عن تمويل إضافي بقيمة 4.5 مليار دولار أمريكي لأوكرانيا عبر الولايات المتحدة الأمريكية ، وبشكل أساسي لنفقات المعاشات التقاعدية والمساعدات الاجتماعية .

يجب أن يتم وضع الأهمية الحالية لمشاركة البنك الدولي في أوكرانيا في الجهد الأوسع للمؤسسة لتعزيز شرعيتها كعنصر فاعل أثناء الحرب. لم يكتف البنك بمضاعفة ميزانيته ثلاث مرات للمدفوعات للدول المتضررة من النزاعات منذ عام 2017 لتصل إلى 18.7 مليار دولار أمريكي ، ولكنه أعلن عن نيته في المشاركة بشكل مكثف في تمويل النزاعات ، من خلال منشورات مسارات السلام Pathways for Peace ، التي تم إنتاجها بالاشتراك مع الأمم المتحدة. ، واستراتيجية مجموعة البنك الدولي بشأن الهشاشة والصراع والعنف 2020-2025 ( الاستراتيجية 2020-2025 ).

آخر مقال لي في حوار الأمن Security Dialogue، بعنوان "جعل الحرب آمنة للرأسمالية"، يحلل بشكل نقدي منشورات البنك هذه والأثر المادي لتدخلاتهم خلال الحرب في دونباس ، التي اندلعت في شرق أوكرانيا من عام 2014 حتى الغزو الروسي في وقت سابق من هذا العام. تناقش مقالتي أن تدخلات البنك الدولي في الصراع ، والتي تعتمد على الافتراضات الأصولية النيوليبرالية ، تتعارض مع احتمالات السلام. أنا أزعم أن مثل هذه التدخلات لا تؤثر فقط سلبًا على إمكانية "وقف العنف الكبير" (المعروف باسم "السلام السلبي" )، ولكنها تمنع حدوث أشكال السلام "الإيجابية" التحررية ، والتي تعزز العدالة الاجتماعية وتنهي اعمال العنف الاقتصادية والاجتماعية والمادية ، وأنواع العنف الأخرى. بينما أستكشف من خلال التحقيق في الوثائق التأسيسية للبنك وأعمالهم في أوكرانيا ، تصور البنك الدولي أن دوره ضمان "الحكم الرشيد" ، وتعزيز شروط ازدهار "رأس المال البشري" ، و "الازدياد في" الأموال الخاصة خلال الحرب.

أجندة الحكم الرشيد

يرى البنك الدولي أن "الحكم الرشيد" أمر حيوي للدولة المتأثرة بالصراع. ما يعنيه هذا بلغة بسيطة هو أن الحكومة يجب أن تضمن "اقتصاد سوق مزدهر" من خلال حماية الملكية الخاصة ، والنمو ، ومتغيرات الاقتصاد الكلي المستقرة ، لضمان "ثقة المستثمر". في المقام الأول ، يريد البنك التأكد من قدرة الحكومة الأوكرانية على سداد ديونها الهائلة ، والتي ساهم فيها بشكل مباشر البنك وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. في الواقع ، فإن أحدث قرض بقيمة 4 مليار دولار أمريكي تعهد البنك الدولي بتقديمه لأوكرانيا هو بشروط غير ميسرة وبنفس معدل الفائدة والاستحقاق كما هو الحال بالنسبة لأي "بلد متوسط الدخل" ، على الرغم من مواجهة أوكرانيا لغزو روسي. ومن المثير للاهتمام ، والمتعلق بهذه النقطة ، أن البنك الدولي لم يفعل ذلك إلا مؤخرًا(في الشهرين الماضيين) اي صنفت أوكرانيا على أنها " دولة في صراع ". هذا على الرغم من استيفاء أوكرانيا للمعايير الفنية للبنك للإدراج في بند " صراع متوسط الشدة " على مدى السنوات الثماني الماضية ؛ معيار {لو تم تفعيله} يسمح لأوكرانيا مؤسسياً بالحصول على تمويل مرن ، أو الحصول على قروض ميسرة ، أو إعفاءات من الديون.

على الرغم من أن وضع أوكرانيا "كدولة في حالة نزاع" قد تغير أخيرًا ، لم تكن هناك تحركات لمنح أوكرانيا شروطًا ميسرة كما هو الحال عادةً مع البلدان بموجب هذا المعيار. هذا ، كما أزعم في مكان آخر ، لأن أوكرانيا تمتلك الكثير من الديون المالية الدولية والخاصة ، مما يعني أن أي إلغاء او إعفاء من الديون سيكون مؤلمًا للغاية بالنسبة للدائنين الذين يحملون ديونًا أوكرانية. البنك الدولى يقول علنا"المؤسسات المالية الدولية والمقرضين الثنائيين بحاجة إلى السعي للحصول على تدفقات إيجابية إلى أوكرانيا على المدى القصير - تغطي ، بالمعدلات السائدة ، خدمات الديون المستحقة لهم لهذا العام" ، مما يسلط الضوء على أن همهم الرئيسي هو القدرة المستمرة لأوكرانيا لخدمة ديونها. في الواقع ، منذ عام 2014 ، طوال الصراع الدموي في شرق أوكرانيا ، سددت الحكومة الأوكرانية للبنك الدولي ما يقرب من 2 مليار دولار أمريكي (664 مليون دولار كفائدة!) ، ويبدو أن البنك يريد من أوكرانيا الاستمرار في دفع أموالها. الديون - بالإضافة إلى الفائدة!

رأس المال البشري أم الماشية البشرية؟

يضع البنك الدولي "الاستثمار في رأس المال البشري" على رأس القضايا ذات الأولوية في النزاعات العنيفة ، والاستراتيجية 2020-2025 مليئة بهذه العبارة. يهدف البنك إلى تشكيل الأشخاص المتأثرين بالصراع ليكونوا "فاعلين في السوق" يستثمرون في أنفسهم ويسعون لتحقيق مصالحهم الفردية - وبالتالي ، نزع الشرعية عن العمل الجماعي ووضع عبء الدعم الاجتماعي على عاتق الناس أنفسهم (بدلاً من الدولة أو المؤسسات الجماعية الأخرى ). على سبيل المثال ، في وثيقة البنك الدولي يحدد ما يجب أن تفعله أوكرانيا على المدى القصير والمتوسط ، يدعو البنك الحكومة لتقليل الإنفاق على الدعم الاجتماعي. ويذكرون أن " القرارات السياسية المهمة يجب أن تُتخذ فيما يتعلق بأهلية الاستفادة من مخصصات المحاربين القدامى وحجم المزايا الخاصة بهم ، لمعالجة الأعباء المالية التي قد تعيقهم ، والذي يبدو أنه يشير إلى أنه لن يحصل جميع قدامى المحاربين في الجيش الأوكراني على دعم ما بعد الخدمة. . علاوة على ذلك ، يطالب البنك أوكرانيا بمواصلة فهرسة مزايا المعاشات التقاعدية والحد الأدنى من الدخل سنويًا للتضخم ، على الأكثر - إبقاء مدفوعات الدعم الاجتماعي عند الحد الأدنى على الرغم من الحاجة الإنسانية. بدلاً من دعم الدولة للمحاربين القدامى والمتقاعدين والفقراء ، يجادل البنك بأن الحرب قد "تقدم فرصة للتفكير بشكل مختلف حول الخدمات الاجتماعية ... لم تعد قائمة على المؤسسات في المقام الأول (على سبيل المثال ، دور الأيتام ،الرعاية المنزلية والمجتمعية " (التركيز مضاف) ؛ نقل مسؤولية الدعم الاجتماعي إلى الأفراد والعائلات (ومعظمهم من النساء) أنفسهم.

رأس المال الخاص ، المنقذ

يتم تبجيل "القطاع الخاص" بأبعاد شبه توراتية في كل من تقرير "مسارات السلام " و"الاستراتيجية 2020-2025" وهو أهم فاعل اجتماعي في أوكرانيا من وجهة نظر البنك. طوال حرب دونباس ، بدلاً من إظهار القلق بشأن تدهور التنمية البشرية لملايين الأوكرانيين المتأثرين بالصراع ، ركز البنك الدولي على زيادة ترتيب أوكرانيا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال التجارية ، من المركز 137 ، قبل الحرب ، إلى رقم 64 اعتبارًا من عام 2020. في مواجهة الغزو الروسي لعام 2022 ، جادل البنك بأن أهم مجال يجب أن تركز عليه الحكومة الأوكرانية على الفور هو "القطاع الخاص في أوكرانيا". كما يقال للبلاد"لإعادة اختراع" نفسها كـ "قطاع خاص تنافسي و متوجه نحو الاتحاد الأوروبي". ثم ، على المدى المتوسط ، يجب تخفيض الضرائب على الأعمال ، مع المزيد من الخصخصة ، من أجل "تعزيز ثقة الأعمال". يعتقد البنك الدولي أن الأعمال التجارية الخاصة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية في أوكرانيا وأن تقدم المصالح التجارية هو أهم استراتيجية خلال أزمة إنسانية حادة.

الحرب والربح

في الاستراتيجية 2020-2025 ، يرى البنك الدولي أن الانخراط في السيناريوهات المتأثرة بالنزاع "يختلف اختلافًا جوهريًا" عن أوضاع السلام. يؤكد البنك أن تدخلاته "الأنسب" وتتجنب "الحلول ذات الحجم الواحد الذي يناسب الجميع". ومع ذلك ، فإن هذا البلسم المريح من الناحية الخطابية يتعرض للخيانة بسبب متطلبات بناء مؤسسات سوقية نيوليبرالية منتشرة في جميع وثائق البنك المحورية. قد لا يكون هناك "كتاب طبخ يصف الوصفات" ، كما يؤكد البنك ، ولكن يُسمح لطاهي واحد فقط ، وقد تم خبز الكعكة بالفعل ؛ بمعنى أن الهدف الشامل المتمثل في ضمان اقتصاد سوق ليبرالي جديد تحت وصاية المؤسسات المالية الدولية هو أمر واقع .. وقد كشف البنك الدولي ، بشكل واضح ، عن التباهي بفرص الإصلاح الفريدة التي يوفرها سياق الصراع ، مؤكداً أن معارضة الإصلاحات "في حالة ضعيفة" وأن التعديلات الهيكلية "أكثر جدوى".

في أوكرانيا ، مع استمرار الغزو الروسي ، تعهد البنك بالمزيد من القروض والتمويل ، وإن كان ذلك بشروط كبيرة ، وديون مرتبطة . قد يكون هذا مشكلة ، حيث يبلغ الدين الخارجي العام لأوكرانيا حوالي 57 مليار دولار أمريكي ، ومن المتوقع أن تسدد الدولة 14 مليار دولار أمريكي منها خلال عامي 2022 و 2023 . ما يقرب من 22.7 مليار دولار أمريكي من الدين الخارجي العام لأوكرانيا مملوكة لحاملي السندات الخاصة ، بدفع 1 مليار دولار أمريكي مستحق هذا الشهر ؛ و أيضا 22 مليار دولار أمريكي أخرى من ديون أوكرانيا مديونة للمؤسسات المالية الدولية ، ولا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي - مع 2 مليار دولار أمريكي من مدفوعات الديون و 178 مليون دولار أمريكي في "الرسوم الإضافية" المستحقة فقط لصندوق النقد الدولي هذا العام.

من الضروري إذن أن نسأل هل يمكن أن نأمل بان تدخلات البنك الدولي ستؤدي الى السلام؟ طوال ثماني سنوات من الحرب في أوكرانيا ، تم إثبات بان الافتراضات التي تقوم عليها "استراتيجية السلام" للبنك الدولي إشكالية: نزع أحشاء الدولة وإمكانية التضامن الجماعي ، واستخدام الناس كماشية للحصول على رأس المال ، والاعتماد على قطاع خاص مدفوع بدافع الربح فقط. لخلق "حلول مستدامة" ، والتي لم تنجح مع المتضررين من النزاع في أوكرانيا ، حيث لا تزال الحاجة الإنسانية وعدم المساواة والفقر ماسة.

https://www.ppesydney.net/fantastic-profits-and-where-to-find-them-the-secrets-of-the-world-bank/

إليوت دولان إيفانز

دكتوراه في الاقتصاد السياسي ، تركز أبحاثه على الاقتصاد السياسي لإعادة الهيكلة الاقتصادية أثناء الصراعات، وعمل المؤسسات المالية الدولية ، ومسائل الرأسمالية والصحة.

‎‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف