الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الجذع المشترك -

عبد اللطيف بن سالم

2022 / 9 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ما أهمية الجذع بالنسبة للشجرة ؟
أليس هو الأصل في نموها وتطوّرها واستمرارها في الحياة ؟
فهل ليس للمجتمع أيضا ما يُشبه هذا الجذع كي يتقدم ويتطور ويستمر في الحياة سليما معافى دائما ؟
لابد إذن من الاهتمام والعناية ب "" الثقافة العامة "" التي هي في الواقع بمثابة ذلك الجذع المشترك الذي يحتاجه كل مجتمع للتحرّك والتقدم والتطور والاستمرار في الحياة وإنه المغذي لجميع فئاته وجماعاته والمحرك الأساسي في حياته الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية ولولاه لما استطاع الناس التفاهم والتعاون على تحقيق المصالح في ما بينهم الخاصة منها والعامة وبالتالي فلا يجب أن نسمح بالاختصاصات العديدة وتعدد النماذج فيها أن تبعد بنا كثيرا عن الثقافة العامة هذه وكأنما هي غير ضرورية في حياتنا الاجتماعية أوهؤلاء المتخصصين ليسوا منا .
الثقافة العامة هي الركيزة الأساسية التي نعتمدها ونعوّل عليها في تطوير مجتمعاتنا والأخذ بيد الخاصة منها والعامة إلى زمن أفضل ولا شك في أن التخصصات في الدّراسة وتعدد النماذج فيها التي لجأت إليها الإنسانية في الحقبة الأخيرة من تاريخها مفيدة جدا في تطوير المجتمعات كلها في العلوم والصناعات والتكنولوجيات بما يحقق لنا الكثير من التقدم في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية ولكن بشرط أن لا تبعد بنا عن الجذع المشترك الذي هو " الثقافة العامة " الضرورية لكل مجتمع والذي يجب الاهتمام والعناية به لتقويته معرفيا وسلوكيا كي يسهل التواصل والتفاهم والتعاون في ما بين أفراد المجتمع الواحد وفي ما بين المجتمعات المختلفة في العالم .
أليس من المؤسف جدا أن العديد من أصحاب الشهادات العليا – وليس كلهم -- يكادون يعيشون اليوم منعزلين عن المجتمع وهم شبه متوحدين يصعُب عليهم التعايش السلمي والعادي مع الآخرين وذلك بسبب النقص الكبير في ثقافتهم العامة وضعف درايتهم بحسن التصرف اللازم مع اليوميّ المعيش في المجتمع الذي ينتمون إليه وأحرى به أن يكون مجتمعا آخر من مجتمعات اليوميّ العالمي الذي تدعو الحاجة في الغالب إلى التثاقف معه والتشارك معه في أمور كثيرة كي لا نقع ضحية الهامشية التي تريدها لنا الإمبريالية العالمية والتي صارت ممثلة اليوم في ما يعرف ب" العولمة " لكن قد يتساءل البعض منا عن كيفية الحصول على هذا الجذع المشترك المطلوب في المجتمع والجواب هو أن تتعاون كل وسائل التربية والتوجيه والإعلام على تكوينه إضافة إلى مالنا من الموروث الثقافي بكل ما طرأ عليه من التغيرات وما حصل لنا اليوم من التطورات في جميع الميادين العلمية والاجتماعية والسياسية ، كل هذا يشارك في تكوين هذا الجذع المشترك مع ما يتسرّب إلينا من تلك الاختصاصات من مشاركات في الثقافة العامة هذه أيضا.
مقاربة : ومثلما أن الأرض هي التي تغذي جذوع الأشجار لتعطي ثمرا جيدا بما تتوفر عليه من المواد الغذائية المختلفة كذلك هو المجتمع الذي يغذي هذا الجذع المشترك بين الناس لتتحسن باطراد أحوالهم وذلك بما يتوفر عليه من مخزون ثقافي وما يتوفر عليه أيضا من الثقافة المعاصرة الحالية التي تكوّن في مجموعها ما صار يُعرف لدينا اليوم ب "اليوميّ ". اليوميّ إذن هو خلاصة الثقافة العامة هذه فكلما كان هذا " اليوميّ " جميلا ومتوازنا ومناسبا للجميع بمكوناته في مختلف أبعاده كان الأمل كبيرا في غد أفضل للمجتمع الذي نعيش فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات