الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق العلكة

سلوى لإدريسي

2022 / 9 / 17
الادب والفن


كانت تَمضُغ العلكة بطريقةٍ مُستفزة، نبهتها مرارًا وتكرارًا أن هذا الفعل لا يليق بالبناتِ المُحترماتِ؛ لكنها لم تكن لتسمع نصائحي، كانت كثيرة القراءة للكاتباتِ اللواتي يَدعون لحريةِ ويتشدقون بحقوق المرأة.
في آخر المطاف فسخنا خِطبتنا، كان يومًا صعبًا لا أنكر ذلك، لكننا لم نكن لنتفاهم في المستقبل.
تزوجت، وتركت صاحبة العلكة خلفي، أو هكذا ظننت وقتها.
كانت زوجتي امرأة هادئة قليلة الكلام، لا تستهويها لا القراءة، ولا الكتابة، ولا شيء مِنْ هذا القبيل من المطبخ إلى غرفةِ النوم، ومن غرفة النوم إلى المطبخ، وهكذا نعيش أيامنا الهادئة.
في يومٍ من تلك الأيام العادية، بل الروتينية جدًا، أتى (مُحْضَر) لمقر عملي، سأل الزملاء عني فأخبروه بمكاني.

– السلام عليكم اخي احمد؟
لديك استدعاء للمحكمة وجب عليك التوقيع هنا!

وَقَعْتُ، والظنون تَأخدني في كُل الإتجاهات، تَذكرتُ كُل أعدائي حتى انه خطر ببالي صديق الطفولة في الصف الرابع، كنتُ اسرق منه السندويتشات دون علمه، وتذكرتُ أيضًا كيف أنني كُنت السبب في طردِ أحد الزملاء مِن العمل، توالت الأفكار المنطقية والغير منطقية، وبينما انا في حيرتي، دق جرس الهاتف النقال؛ حملته لأرى مَنْ المُتصل، كانت خطيبتي السابقة، ارتبكت قبل الرد عليها، فهي كانت امرأةً قويةً وأجوبتها على طرفِ لسانِها، لماذا قد تطلبني بعد هذه السنين!!
أجبتُ بصوتٍ لطيفًا بعض الشيء، بل كنت أحاول تلطيفه.

قالت لي بصوتٍ صارمًا:
– هل وصلك إشعار المحكمة، قلت دون تردد:
– نعم ..لماذا ؟؟
أجابت:
– هل أنت متزوج بمجنونةٍ ؟!

قلت بصوتٍ حادًا ناسيًا صوتي اللطيف في البدء:
– وما دخل زوجتي!؟

– لقد رَفعت عَلينا دعوة تقول فيها أنها تضررت عاطفيًا عندما عَلمت بخطبتنا السابقة، وهي تريد تعويضًا عن كُل يومٍ شَعرت فيه ببعضِ الغيرة مِنْ خطوبتنا تلك!
أنهت كلامها، وأقفلت الخط.

القيتُ بنفسي على المقعدِ كأنني مَشلولاً، لمْ أستطع استيعاب الأمر، أمسكتُ بالهاتف مرةً اخرى لأتصل بزوجتي لكنني لمْ أكنْ بتلك الشجاعة خوفًا مِنَ الحقيقة، تناولتُ مفاتيح السيارة وركضت باتجاه المرآب، قدتها بأعلى سرعة، لم أعد أرى شيئًا أمامي سوى الطريق المؤدي إلى المحكمة، وجدتها هُناك، نعم زوجتي! (مِن المطبخ إلى غرفة النوم ومِن غرفة النوم إلى المحكمة )

ما هذا الحظ التعس، أظُنَها دعوات صاحبة العَلكة تَقتصُ مِني الآن.
تَوجهتُ باتجاهها، كأنها شخصٍ آخر لا أعرفه، تبدو على مَلامِحها جَرأة واضحة؛ اقتربتُ مِنها أكثر، خَاطبتها بصوتٍ خفيضًا:
– إخزي الشيطان؛ (رفعت صوتها، كأن عفريتًا يتكلم داخل جوفها، مُنذ مَتى وأنا مُتزوجًا مِنْ تاجر المخدرات هذا ..!؟)
التفت عن يميني فوجدتُ خَطيبتي السابقة جالسةً على مِقعدٍ خشبي تُحاول إخفاء ضحكتها، والشماتة باديةً على وجهها، جَثوتُ على رُكبتيّ باتجاهِها وبدأتُ اتوسلها مُسامَحتي، خرجتُ مِن المحكمة كالمجنونِ أردد من يريد عَلكة .. عَلكة بالعسل .. عَلكة بالفراولة .. عَلكة هدية لصافي النية .. عَلكة يا باشا .. عَلكة يا أُسطى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض