الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة -الفيتو- وقضايا التحرر 6/8

سليم يونس الزريعي

2022 / 9 / 18
دراسات وابحاث قانونية


على مدار عدة عقود كانت الولايات المتحدة الأمريكية المدافع عن الباطل والعدوان، فيما يتعلق بقضايا الشعوب التي تسعى للتحرر من الاحتلال المباشر في فلسطين، أو من مخلفات الاستعمار الغربي في أفريقيا ممثلا في أنظمة الأقليات العنصرية البيضاء في القارة السمراء.
وفي حمايتها للباطل والعدوان في فلسطين، مكنت الكيان الصهيوني من أن يكون فوق القانون، من خلال استخدامها لامتياز حق الاعتراض في مجلس الأمن، لحماية عدوانية وعنصرية هذا الكيان الغاصب على مدار كل تلك العقود ومنذ نكبة فلسطين عام 1948، ليبقى امتیاز حق الاعتراض(الفيتو) سيفا مسلطا على رقاب الشعوب، مارسته الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن، حتى بات ذلك الامتياز عاملا من العوامل المضادة للقضايا والمطالب الدولية الملحة والعادلة وفقا لمقاييس الميثاق، وفي مقدمتها المسائل المتعلقة بإنهاء المشكلة الاستعمارية، والاعتراف بمبدأ حق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت الاحتلال.
وكانت القضية الفلسطينية وما زالت من أكثر القضايا معاناة على مدار كل تلك العقود، التي هي كل عمر الأمم المتحدة، جراء "سلطة" امتیاز حق الاعتراض(الفيتو)، فهو إضافة إلى اتخاذه أداة لإسقاط مشاريع القرارات المساندة القضايا التحرر الوطني للشعوب الرازحة تحت الاحتلال، فقد اتخذ في نفس الوقت شكلا آخر بالعمل على تقويض تلك القضايا من ناحية، وعلى دعم وتقوية الاستغلال والاحتلال وقهر الإنسان من ناحية أخرى، وذلك عن طريق تقديم مشاريع قرارات مضادة للمطامح الوطنية والحقوقية من جهة وقلب الحقائق وتبديدها من جهة أخرى(1).
وعلى ذلك النحو المجافي للحق والعدل الذي رسخ قيم العدوان، استمرت السياسة الأمريكية في مناهضتها للحقوق العربية والحق الفلسطيني بشكل خاص، ناهيك عن حقوق الشعوب الأخرى، فقد قامت الولايات المتحدة باستخدام حق الاعتراض إبان الغزو الصهيوني للبنان عام 1982، عندما حاول مجلس الأمن إيجاد صيغة لمعالجة الوضع الناشئ عن الاحتلال الصهيوني للعاصمة العربية بيروت، فوظفت الإدارة الأمريكية سلطتها في حق الاعتراض في الدفاع عن الاحتلال والعدوان، بأن سخرته للدفاع عن الاحتلال والعدوان الصهيوني، وبما يمس الأساس الذي بني عليه ميثاق الأمم المتحدة.
فقامت الولايات المتحدة باستخدام حق الاعتراض ثلاث مرات لإحباط أي مسعى دولي يطالب فيه بسحب القوات الصهيونية المعتدية، أو الدعوة لفك الارتباط بين القوات في بيروت الغربية، وإلى عدم تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح، والتوقف عن تقديم أي مساعدات عسكرية إلى أن يسحب قواته من المواقع التي احتلها منذ اليوم الأول من شهر آب/ أغسطس 1982(۱).
والتجربة تؤكد أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت دوما توفر الحماية للكيان الصهيوني في مواجهة الشرعية الدولية، فمنذ أن جرى زرع ذلك الكيان في فلسطين عام1948، وقف مجلس الأمن أمام القضية الفلسطينية والصراع العربي-الصهيوني مرات عديدة وأخذ عشرات القرارات، ففي الفترة ما بين عام1950 و1956، أصدر مجلس الأمن خمسة عشر قرارا ، وخلال الفترة من 1956 و1967 أصدر مجلس الأمن أربعة قرارات، كما أصدر ما بين عامي1973 و1981 اثنا عشر قرارا، وعلى مدى أربعة سنوات أصدر مجلس الأمن ثلاثين قرارا بعد الغزو الصهيوني للبنان(۲).
ومع ذلك فإن مجلس الأمن بقي عاجزا عن إرغام الكيان الصهيوني تنفيذ أي
القرارات، بل أدار ظهره لمجلس الأمن، ذلك أن الكيان الصهيوني يدرك أن مجلس الأمن لن يحرك ساكنا ويطبق بشأنه الفصل السابع من الميثاق، لأنه يحظى بحماية، ودعم الدول الإمبريالية، ليس هذا فحسب بل إن الفترة الممتدة من 31/11/1956 وحتى 23/3/1976 ، شهدت استخدام حق الاعتراض من قبل الدول الرأسمالية الغربية ضد القضية الفلسطينية والصراع العربي-الصهيوني، خمس مرات، في حين لم يستخدم الاتحاد السوفيتي تلك المكنة ضد المصالح العربية، بل إنها أسقطت سبعة مشاريع قرارات قدمتها الدول الإمبريالية والدول المرتبطة بها ما بين 2/1/1956 و10/9/1972 ضد القضية الفلسطينية والصراع العربي-الصهيوني.
والجدول التالي يوضح عدد مرات استخدام الولايات المتحدة حق الاعتراض فعليا لإحباط مشاريع قرارات قدمت لمجلس الأمن تخص القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية، التي سارت فيها الدول العربية حتى النهاية من أجل تقديم مشاريع القرارات، مع أنها تدرك آن حق الاعتراض(الفيتو) ينتظر تلك المشاريع، هذا في حين أن هناك الكثير من حق الاعتراض السلبي (الخفي) الذي يمارس على الدول من أجل منعها من التقدم بمشاريع قرارات إلى مجلس الأمن، لا تحظى بقبول الولايات المتحدة الأمريكية ارتباطا بعلاقة تلك المشاريع بالكيان الصهيوني واستمرار عدوانه على الأمة العربية.
---------------
1-المصدر السابق، صفحة 206.
1- د. محمد المجذوب، مصدر سبق ذكره، صفحة 218.
1-المصدر السابق، صفحة 206.
2- د. محمد المجذوب، مصدر سبق ذكره، صفحة 218.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة