الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هربرت سبنسر/ ٤

حسام جاسم

2022 / 9 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


6.الحقوق السياسية :
لم يكن سبنسر أقل من "دارويني اجتماعي" فقط كما توصلنا إلى فهم الداروينية الاجتماعية، ولكنه كان أيضًا أقل تحرراً (اقل ليبرتارية) بشكل لا لبس فيه كما جعله البعض، مثل إريك ماك وتيبور ماشان.
لا يقتصر الأمر على مذهبه النفعي الأساسي فحسب، بل أيضًا التمييز، الذي لم يتخلى عنه أبدًا، بين "الحقوق التي تسمى على النحو الصحيح كما ينبغي" والحقوق "السياسية"، مما يجعل من الصعب قراءته على أنه يمكننا أن نطلق عليه " ليبرتاري".
في حين أن "الحقوق المسماة على النحو الصحيح كما ينبغي " هي مواصفات حقيقية للمساواة في الحرية، فإن "الحقوق السياسية" ليست كذلك.
إنها أدوات مؤقتة مشروطة بنقصنا الأخلاقي. وبقدر ما نبقى غير كاملين أخلاقياً يتطلب إنفاذ الحكومة للحقوق الأخلاقية السليمة، فإن الحقوق السياسية تضمن أن تظل الحكومة، رغم ذلك، حميدة في معظمها، ولا تنتهك أبداً الحقوق الأخلاقية نفسها على نحو غير مبرر.
إن "الحق في تجاهل الدولة" والحق في الاقتراع العام حقان سياسيان أساسيان لسبنسر.
يقول سبنسر في كتابه (الإحصائيات الاجتماعية) (Social Statics) : " لا يمكننا الاختيار ولكن نعترف بحق المواطن في تبني شرط الخروج الطوعي عن القانون ". كل مواطن " حر في قطع الاتصال بالدولة (حرية إسقاط صلته عنها) والتخلي عن حمايتها ورفض الدفع مقابل دعمها ".(Spencer, 1970: 185)
وبالنسبة لسبنسر، فإن هذا الحق يساعد في تقييد الحكومة لحماية الحقوق الأخلاقية السليمة لأنه يسمح للمواطنين بأخذ أعمالهم الى مكان آخر عندما لا يحدث ذلك.
ومع ذلك، تبرأ سبنسر في النهاية من هذا الحق السياسي المجرد البسيط. على سبيل المثال، في (سيرته الذاتية) (An Autobiography),عام 1894، أصر على أنه نظرًا لأن المواطنين "لا يمكنهم تجنب الاستفادة من النظام الاجتماعي الذي تحافظ عليه الحكومة"، فليس لهم الحق في الانسحاب من نطاق حمايتها.(راجع Spencer, 1904, vol. 1: 362)
وقد لا يأخذون أعمالهم بصورة مشروعة في أماكن أخرى كلما شعروا بأن حقوقهم الأخلاقية الأساسية تتعرض لسوء الحماية. لأنه تخلى في النهاية عن "الحق في تجاهل الدولة"، ويجب ألا نفسر سبنسر كما جاء في نوزيك 1974.(راجع p. 289–290, footnote 10, the text of which is on p. 350)
حيث تمت الإشارة إليه لدعم هذا الحق.
وعلى نحو مماثل، تضاءل التزام سبنسر بحق الاقتراع العام في كتاباته اللاحقة.
في حين أنه في كتابة (الإحصائيات الاجتماعية)، يعتبر الاقتراع العام وسيلة يمكن الاعتماد عليها لمنع الحكومة من تجاوز واجبها المتمثل في التمسك بحماية الحقوق الأخلاقية بشكل صحيح، لكنة وفقاً لمبادئ الأخلاق اللاحقة، يستنتج أن الاقتراع العام فشل في القيام بذلك بشكل فعال وبالتالي تخلى عن دعمه له.
ثم خلص فيما بعد إلى أن حق الاقتراع العام يهدد احترام الحقوق الأخلاقية أكثر من حمايتها.
حيث شجع الاقتراع العام، خاصة عندما يشمل النساء، "الإفراط في التشريع"، مما يسمح للحكومة بتولي مسؤوليات لم تكن من اختصاصها.
كان سبنسر، آنذاك، أكثر استعدادًا لتعديل الحقوق السياسية بما يتماشى مع تقييمه المتغير لمدى ضمان هذه الحقوق في تأمين الحقوق الأخلاقية الأساسية التي تعتمد عليها قدسية تعزيز السعادة .
وكلما ازداد اقتناعه بأن بعض الحقوق السياسية تؤدي بالتالي إلى نتائج عكسية، كلما كان أكثر استعدادًا لتخليه عنها وأصبح أقل ديمقراطية، وإن لم يكن ليبرتارياً بشكل واضح، فقد أصبح.
وبالمثل، فإن تضاؤل حماس سبنسر لتأميم الأراضي (الذي وجده هيليل شتاينر (Hillel Steiner ) مؤخرًا ملهمًا للغاية)، إلى جانب الشكوك المتزايدة التي جاءت كنتيجة طبيعية لمبدأ المساواة في الحرية، تشهد على تراجع راديكاليته.
وفقًا لسبنسر في كتابه )الإحصائيات الاجتماعية(، فإن حرمان كل مواطن من الحق في استخدام الأرض على قدم المساواة كان "جريمة لا تقل شأنا عن جريمة سلب أرواحهم أو حرياتهم الشخصية". (راجع Spencer: 1970, 182)
كانت ملكية الأراضي الخاصة غير متوافقة مع المساواة في الحرية لأنها حرمت معظم المواطنين من الوصول المتساوي إلى سطح الأرض الذي تعتمد عليه ممارسة الصلاحية والقوة والسعادة جوهرياً.
ومع ذلك، من خلال كتابه (مبادئ الأخلاق)، تخلى سبنسر عن الدعوة إلى تأميم شامل للأراضي، مما أثار حفيظة هنري جورج(Henry George).
كان جورج، الأمريكي، قد اعتبر سبنسر في السابق حليفاً هائلاً في حملته العنيفة لإلغاء ملكية الأراضي الخاصة.
الآن تنصل سبنسر من الحق الأخلاقي في استخدام الأرض والحق السياسي في تجاهل الدولة، وكذلك الحق السياسي في الاقتراع العام، يقوض تمييزه بين النفعية العقلانية والتجريبية.
في تنازله عن الحق في استخدام الأرض - لأنه أصبح مقتنعًا لاحقًا بأن تأميم الأراضي يقوض المنفعة العامة بدلاً من تعزيزها - يخون سبنسر مقدار النفعية التجريبية التقليدية التي كان عليها.
لقد تخلى عن تأميم الأراضي ليس لأنه خلص إلى أن الحق في استخدام الأرض لا يتبع بشكل استنتاجي مبدأ المساواة في الحرية.
بل إنه تخلى عن إصلاح الأراضي لمجرد أنه أصبح مقتنعًا بأنها كانت استراتيجية ذات نتائج عكسية تجريبياً لتعزيز المنفعة.
والأمر الأكثر وضوحاً هو أنه من خلال نبذه للحقوق السياسية مثل "الحق في تجاهل الدولة" وحق الاقتراع العام، فقد كشف على نحو مماثل عن مدى تفوق الاعتبارات النفعية التجريبية على كل شيء آخر في منطقه العملي.
لم يكن سبنسر ليبرتاريًا ملتزمًا أو ثابتًا فقط، ولكنه أيضًا لم يكن كثير المنفعة العقلانية .
في النهاية، كان سبنسر في الغالب، نحو تكرار، ما نسميه الآن نفعية ليبرالية، مثل مل إلى حد كبير، حاول الجمع بين الحقوق القوية والمنفعة، على الرغم من أنه في حالة سبنسر، اعتبر الحقوق الأخلاقية غير قابلة للإلغاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام