الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممكنات صياغة قانون جديد للنفط والغاز ... برعاية امريكية

محمد رياض حمزة

2022 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


كشف تقرير بريطاني الموقف الأمريكي الذي بدا غير حيادي ، في الخلاف النفطي بين الحكومة الاتحادية ومجلس والمجلس النيابي القادم ، وبين حكومة الإقليم في استغلال ثروة النفط والغاز . جاء في التقرير الذي نشرته الدورية البريطانية ( ميدل إيست آي) "أن الولايات المتحدة حثّت بغداد على عدم تنفيذ الحكم القضائي الذي يجبر إقليم كردستان على تسليم النفط المستخرج من أراضيها إلى السلطات الاتحادية، محذرة من أن ذلك قد يؤدي إلى "تفاقم أزمة اقتصادية" في العراق. " وقالت "باربرا ليف "، مساعدة وزير خارجية الولايات المتحدة، لشؤون الشرق الأوسط، للصحفيين يوم 14 أيلول 2022 : "إن واشنطن قلقة للغاية - من أن التسرع في تنفيذ هذا القرار قد يخاطر بإخراج الشركات الأمريكية وشركات أخرى خارج العراق". وأضافت: "سيكون تصويتًا مروعًا على عدم الثقة في بيئة الأعمال في العراق، وبصراحة يمكن أن ينتج عنه تداعيات اقتصادية أوسع نطاقًا يتجاوز المنطقة الكردية في العراق". وقالت "ليف "إنها تشارك مخاوف الولايات المتحدة ، من أن متابعة حكم المحكمة من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية للبلاد".
ــــــــــ وجاء في التقرير البريطاني:"بينما قالت "ليف" إن الولايات المتحدة لم تتخذ أي موقف قانوني بشأن حكم المحكمة العراقية ، فإن المضي قدمًا الآن في خضم أزمة مستمرة بشأن تشكيل الحكومة من شأنه ببساطة أن يخاطر بتفاقم الأزمة الاقتصادية الآخذة في الاتساع ، وهذا هو آخر شيء يريده الشعب العراقي" . وطالبت "ليف" القادة في أربيل وبغداد الدخول في مفاوضات مع طرف ثالث أو مكان آخر من هذا القبيل للتوسط في النزاع، والذي قالت إنه يمكن أن يحدث بالتزامن مع المحادثات لتشكيل الحكومة، وإن النتيجة النهائية للمحادثات يجب أن تكون قانونًا جديدًا للهيدروكربونات "يتفق الجميع على أنه قد تأخر كثيرًا وأنه ضروري للغاية" . في آب / أغسطس 2022 " بُعثت رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" ، حررها السيناتور "جيمس ريش" و السناتور "بوب مينينديز"، عضوا لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جاء فيها إن "بعض الشركات الأمريكية" مستهدفة من قبل تطبيق بغداد للقانون. " حسب ما ورد في التقرير البريطاني . ( المصدر : قناة " ناس نيوز " 16 أيلول 2022)
ــــــــــ يتناقض تصريح السيدة "ليف" بشأن أمر المحكمة الاتحادية العليا بقولها " إن الولايات المتحدة لم تتخذ أي موقف قانوني بشأن حكم المحكمة العراقية ... ثم تقول " إن واشنطن قلقة للغاية من أن التسرع في تنفيذ هذا القرار ... وسيكون تصويتًا مروعًا على عدم الثقة في بيئة الأعمال في العراق". هذا الموقف هو ذاته موقف القادة الكرد الذي رفض أمر المحكمة الاتحادية العليا. يقينا أن وزارة الخارجية الامريكية تتابع وعلى بينة من طبيعة الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم بشأن استثمارات النفط. بعد 2003 ومن ثم وبعد إقرار دستور 2005 الذي أسس النظام الاتحادي (الفِدرالي) وبسبب ضعف وتشرذم وجهالة وفساد القيادات السياسية في الحكومات الاتحادية ، تبنى قادة الإقليم نهجا إستقلاليا ــ إنفصاليا نفعيا في العلاقة مع الحكومة الاتحادية . فسروا أحكام ومواد الدستور الاتحادي بما يسوّغ استقلالية إدارتهم لكيان الاقليم سياسيا واقتصاديا. بدأ الخلاف بين بغداد وأربيل بشأن ثروة النفط والغاز عندما استولى الإقليم على حقول النفط في محافظات شمال العراق بعد 2003 . أبرم قادة الإقليم عقود شراكة مع عدد من الشركات الأجنبية لتطوير الحقول القائمة التي تم الاستيلاء عليها . وصفت تلك العقود بأنها غير مسبوقة بسبب حصة الشركات الأكبر في عوائدها المالية . وسّعت شركات النفط الأجنبية أنشطتها باكتشاف حقول جديدة . تواصل إنتاج النفط الخام وتصاعد ليبلغ أو حتى يتجاوز المليون برميل يوميا.أنشأت الشركات الاجنبية ، بموافقة حكومة الاقليم ، أنبوب خاص لصادرات النفط عام 2013 غير أنبوب النفط القائم كركوك ــ ميناء جهان التركي . كل ذلك جرى وتم تنفيذه دون علم وزارة النفط الاتحادية. تجدر الاشارة الى أن الجارتين تركيا وإيران ، لأسباب نفعية خاصة ، ساهمتا بتمادي قادة الإقليم في إدارة استغلال النفط رغم اعتراض الحكومة الاتحادية. في ضوء ما تقدم ... ما هي طبيعة عقود المشاركة بين الاقليم والشركات الاجنبية ؟. كم يبلغ العائد المالي السنوي الذي تحقق ويتحقق لمالية الإقليم من صادرات النفط منذ 2005 ؟ .. وغيرها أمور لا تعرفه وزارتا النفط والمالية الاتحاديتين.
ــــــــ لم يتوقف توافد قادة الإقليم على بغداد ، سنة بعد أخرى، مطالبين بحصة الإقليم من الموازنة المالية الاتحادية 17% أو 12%. وفعلا تم تحويل ما قد يتجاوز المائة مليار دولار الى مالية الإقليم من الموازنات الاتحادية منذ 2005 . وفود الاقليم تعهدت مرارا لوزارة النفط الاتحادية بتسليم 250 ألف برميل يوميا من النفط الخام أو تسليم قيمتها نقدا لوزارة المالية الاتحادية . وحنثت وما نفذت حكومة الإقليم أي من تعهداتها. دأب قادة الإقليم تنفيذ سياسة المماطلة والتسويف في ملف النفط والمحصلة الإقليم يتعهد ولا ينفّذ ، الإقليم يأخذ ولا يعطي.
ـــــــ في 15 شباط 2022 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، أمراً يلزم حكومة إقليم كردستان بتسليم كامل النفط المنتج في الإقليم .وجاء في قرار المحكمة "إلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان الى الحكومة الاتحادية المتمثلة بوزارة النفط الاتحادية".كما تضمن الحكم الذي نشر على موقع المحكمة الإلكتروني "إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه". استند أمر المحكمة الاتحادية العليا على المادتين ( 111 ) و( 112 ) من الدستور الاتحادي اللتين نصتا على أن "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات وتقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة.و تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار." رفض قادة الإقليم أمر المحكمة الاتحادية . من جانبه أكد وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إن الأمر الذي أصدرته المحكمة الاتحادية والذي يعتبر قانون النفط والغاز في إقليم كردستان العراق غير دستوري سيُنفذ باستخدام كل الأدوات القانونية والشرعية.
ــــــــــ تعلم وزارة الخارجية الأمريكية كل العلم أن الخلاف بين بغداد واربيل بشأن النفط لا ينهيه الحوار بين الطرفين أو بمشاركة طرف ثالث للأسباب التالية :
 قادة الاقليم لا ولن يقبلوا تنفيذ أمر المحكمة الاتحادية في إطار أي مفاوضات مقترحة في ضوء التناقض الحاد والمشاكل العالقة بين بغداد واربيل . تواصل ولم يتوقف إنتاج النفط وتصديره من الإقليم فأن عوائده المالية منذ 2005 دأب قادة الإقليم على تَجييّرها حصرا لمالية الإقليم ، كذلك لم يتوقف تحويل ما تجاوز المائة مليار دولار إلى الإقليم من الموازنات الاتحادية. في ضوء تدفق ذلك الكم من الموارد المالية التي حصل عليها الإقليم ... كيف يمكن تفسير عجز حكومة الإقليم من دفع رواتب منتسبيها المدنيين والعسكريين والأمنيين؟!؟ . مالية الإقليم يشوبها الغموض وسوء الادارة . بل أن شبهات فساد تحوم حول مآل عوائد صادرات النفط وأموال جبايات المنافذ الحدودية التي تسيطر عليها سلطات الإقليم.
 الحكومة الاتحادية المقبلة ... من المؤكد أن لا توافق على بقاء سيطرة حكومة الإقليم على استثمارات النفط والغاز وعوئدهما المالية ، وبقاء السيطرة على المنافذ الحدودية والاستحواذ على عوائد جباية الرسوم الكمركية ، مع تحويل أي نسبة من أموال الموازنات الاتحادية إلى مالية الإقليم. يتوقع أن تتكرر لعبة التسويف والمماطلة في أي محادثات مقبلة بتعهدات قادة الاقليم بتسليم أي كمية من النفط أو تسليم قيمتها نقدا للحكومة الاتحادية . وكما حدث مرارا من قبل ما نُفّذ الاقليم أيٍّ من تلد التعهدات.
 الان أسعار النفط تناور حول 100 دولار لبرميل النفط الخام في الأسواق العالمية. ولابد أن تكون الموارد المالية من النفط المصدر من الإقليم قد تضاعفت . ذلك سبب آني مضاف يسوّغ موقف حكومة الإقليم الرافض لأمر المحكمة الاتحادية العليا . إذ أن من غير المنطقي تسليم مليارات الدولارات للحكومة الاتحادية،حسب التعهدات، للحصول على نسبة من أموال الموازنات الاتحادية . الوضع المتأزم في بغداد بين الإطاريين والصدريين الذي لا يبدو قربا لإنفراجته مع بقاء حكومة الكاظمي التي "لا تحل ولا تربط "، وحتى إن افترضنا مجيء حكومة اتحادية توافقية فإنها والبرلمان الاتحادي لن يقبلا ببقاء النفط بيد الإقليم الذي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم شرعيته. ومن المرجّح أن لا تتضمن موازنتي 2022 و 2023 تخصيص أي نسبة مالية للإقليم باعتبار أن سياسة الاقليم في استغلال النفط وسيطرته على المنافذ الحدودية غير شرعية و خلافا للدستور .
ـــــــــ وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية تطالب القادة في أربيل وبغداد بالدخول في محادثات مع طرف ثالث ( يتوقع أن يكون الطرف الثالث إمريكي) . هذا الطلب قد يُلبى انصياعا من بغداد وأربيل للطلب الأمريكي المسوغ بالظرف السياسي العصيب المتأزم الذي تمر به البلاد. وإن النتيجة النهائية للمحادثات ، كما تريدها الخارجية الأمريكية ، يجب أن تكون صياغة قانونٍ جديدٍ للهيدروكربونات ". مهما يقال عن قوة التأثير الخارجي ، سواء كان أمريكيا أو أيرانيا ، على صنع القرار في العراق فإنه لم يَعُد كما كان عليه الحال قبل انتفاضة تشرين 2019. سيقاوم العراقيون تشكيل حكومة فساد و محاصصة أخرى لا تلبي مطالبهم . لن يقبل العراقيون قادة خانعين لأوامرخارجية. عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ضحوا من أجل التغيير. لذا لن يُفرض قانون جديد للهيدروكربونات لا يلبي مصالح العراق في استغلال موارد الثروة النفطية.
ـــــــــ أما " إقليم كردستان العراق الذي يدار سياسيا وفق نظام حكم الأسرة ــ القبيلة ( Family Rule System ، Kinship System ) فإن أي قانون جديد للهيدروكربونات لا يلبي مصالح قادة الاقليم الخاصة و يتعارض مع قانون النفط والغاز المعمول به في الاقليم سيكون مرفوض أيضا. نهج المساومة والتعهدات والتسويف والمماطلة الذي دأب عليه قادة الاقليم لم يعد مقبولا من الحكومة الاتحادية ولا من البرلمان الاتحادي. كان تمادي قادة الاقليم في نهجهم غير الدستوري ــ الاستقلالي سببه تهاون وضعف الحكومات الاتحادية ورموز الفساد فيها ، ولعل أخرها تهاونا حكومة الكاظمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى