الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاومي الضفة بين سندان أمن السلطة ومطرقة الاحتلال!

سليم يونس الزريعي

2022 / 9 / 21
القضية الفلسطينية


ليست واقعة اعتقال مصعب اشتية الذي ينتمي لحركة حماس هي الأولى في تعامل أجهزة السلطة مع أبناء الشعب الفلسطيني ممن يواجهون قوات الاحتلال ومشروعه في فلسطين وإن كانت هذه الواقعة قد اتسمت بالدموية، فقد سبق لهذه الأجهزة اعتقال محمد الزبيدي، نجل الأسير زكريا الزبيدي قائد كتائب شهداء الأقصى في جنين والاعتداء عليه بالضرب بطريقة وحشية بالهراوات والعصي، أمام المارة.

حماية الشعب أم الاحتلال؟
ومن الطبيعي أن يضع هذا السلوك المدان أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في حيز التساؤل؛ حول الفرق بين ما تقوم أجهزة رام الله، وبين ما تقوم به أجهزة أمن الاحتلال الصهيوني؟ ومن ثم فإن السؤال هو: هل أجهزة السلطة هي لحماية الشعب الفلسطيني حتى في ظل خطيئة أوسلو، أم لحماية الاحتلال وقطعان مستوطنيه؟ فيما يواصل الاحتلال تغوله على امتداد الضفة الغربية التي باتت تشكل حالة النهوض فيها رافعة للواقع الفلسطيني الذي يعاني حالة تشرذم وغياب الوحدة في ظل سلطة تعيش حالة انفصام عن الشعب وشكوك حول صدقية تمثيلها المجموع الفلسطيني في ظل إصرارها على اجترار ما يسمى بحل الدوليتين الذي لم يعد له من وجود بالمعنى الواقعي إلا في مخيلة فريق السلطة للأسف.
إن أي سلطة لا ترى عدوانية جيش الاحتلال الذي يستبيح الضفة دون أن يحسب حسابا لها، سوى دورها الوظيفي الذي عنوانه التنسيق الأمني، إنما تضع مشروعية تمثيلها للشعب الفلسطيني محل شك، خاصة وأن ممارساتها تؤكد ذلك وبالطبع بعيدا عن أن هناك من يريد من السلطة أن تكون كذلك من أجل تبرير أن ينقض على الضفة، لكن ذلك لا يمكن بأي حال أن يبرر للسلطة أن تقف متفرجا في أحسن الأحوال على حفلات الإعدام والاعتقال وهدم البيوت واستباحات قطعان المستجلبين للقدس والأقصى وتضييق الحياة على أهل الضفة ، لكن أن يصل الأمر حد تنفيذ أجندة الاحتلال فذلك من شأنه أن يضع من يقوم به في الخنق المعادي للشعب الفلسطيني.
جيل برفض العيش كالسابق
وقد أكد ذلك ارتياح كيان الاحتلال الكبير الذي عبر عنه صباح 20 سبتمبر لقيام أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينيّة في رام الله باعتقال مصعب اشتيه المطارد والمطلوب لقوات الاحتلال الإسرائيليّ، ليؤكد ذلك الدور الوظيفي للسلطة بما يخالف إرادة أغلبية الشعب الفلسطيني. في حين أن هذا التخاذل المحسوب، سيسحب البساط من تحت أقدام السلطة، في ظل وجود جيل جديد لن يقبل أن يعيش كالسابق وسيقوم بدوره الذي كان يجب أن تقوم به السلطة، وهو ما كشفت عنه صحيفة واشنطن بوست، الثلاثاء 20 سبتمبر في مقال تحت عنوان "الشباب الفلسطيني يسلحون أنفسهم لحقبة جديدة، وحسب الصحيفة فهناك ارتفاع في عدد الشباب الذين ليس لديهم انتماءات مسلحة الذين يستخدمون مدفع رشاش "كارلو"
إن ممارسات الكيان الصهيوني هي التي كشفت عجز وتخاذل السلطة فقد سجلت 4847 حالة اعتقال منذ مطلع العام الجاري وحتّى نهاية آب 2022، من بينهم 585 من الأطفال، و92 من النساء، وأصدرت سلطات الاحتلال 1365 أمر اعتقال إداريّ.
فيما وصل عدد الشّهداء الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري 2022 في الضفة الغربية على يد جيش الاحتلال وقطعان والمستوطنون 81 فلسطينيًا في الضفة الغربية منذ بدء العام الحالي، 78 منهم بنيران الجنود بينهم 31 في جنين ومحيطها، و17 شهيدًا في نابلس، كما قتل المستوطنون ثلاثة فلسطينيين بالرصاص.
في حين ارتقى 103 فلسطينيين في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وداخل سجون الاحتلال منذ بداية العام الجاري، يضاف إليهم 51 فلسطينيًا جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (آب/أغسطس).
ومن ثم فإن نتائج هذه الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني تضع السلطة وكل المجموع الفلسطيني أمام خيارات واضحة وهي تتعلق بأن مواجهة مشروع الاحتلال تتطلب تغييرا جذريا في السلوك والأدوات والأساليب ومن السلطة تحديدا، كونها هي التي كانت توصِّف كارثة أوسلو بأنه إنجاز وطني، والخشية في استمرار هذه الذهنية التي تجاوزها الزمن والوقائع على الأرض إن لجهة ممارسات الاحتلال أو نمو ظاهرة الكفاح غير المرتبط بالقوى التقليدية.
عقيدة أمنية
وفي تقديري فإن أخطر ما في مواقف السلطة بالمعنى الفكري والسياسي والوطني، له علاقة بأن هذا السلوك هو محصلة عقيدة أمنية كأحد تجليات أوسلو التي أرادت أن تجعل من السلطة شرطة لحماية الاحتلال، عبر جريمة التنسيق الأمني، من خلال هذا الدور الوظيفي، والإصرار على استمراره، مع أن هناك موقفا وطنيا جامعا قرره المجلس المركزي في 5 مارس 2015 بـ"وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين".
لكن على مدى سنوات أكدت تجربة تعامل السلطة مع الاحتلال أنها تناور بقرار المجلس المركزي، كون موافقتها على القرار لم يكن يعكس إرادة سياسية وطنية صادقة لدى فريق القوى المتنفذة في منظمة التحرير، ولذلك بقي التنسيق الأمني مستمرا لحفظ أمن الاحتلال، مع أن هناك إرادة سياسية فلسطينية جامعة بوقف التنسيق الأمني.
بل وصل الأمر بالقوى المتنفذة في السلطة حد التضليل والكذب في الممارسة للتغطية على مواصلة جريمة التنسيق الأمني، عندما نشر عضو مركزية فتح روحي فتوح عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك بأن "التنسيق الأمني توقف منذ 2019 ولا داعي لاستمرار التمسك بهذا الشعار وترديده". في حين أن عضو مركزية فتح السابق ومؤسس الملتقى الوطني الديمقراطي ناصر القدوة وجه اتهاما صريحا للسلطة "في مقابلة مع ميدل إيست آي" البريطانية، عبر تساؤله عن الدور الذي تؤديه الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، بأن وصف ما يجري بأنه ليس تنسيقا أمنيا بقدر ما هو ارتباط مباشر لجزء من الأجهزة الأمنية الفلسطينية بأجهزة الأمن الإسرائيلية.
وهذا يلقي ظلالا من الشك حول عقيدة هذه الأجهزة الأمنية التي تعيش حالة انفصام وطنية، تمثل اعتقالات نابلس الترجمة العملية لها حتى لو لم تعتبره السلطة كذلك، لأنه في الواقع هو كذلك، فيما تتجاهل السلطة أن هذا الدور الوظيفي ينزع مهما كانت النوايا عن الكيان الصهيوني توصيف أغلبية الشعب الفلسطيني له ككيان عدو باستثناء على الأقل الفريق المتنفذ في السلطة، لأنهم جعلوا من أفرد أمن السلطة قوات أمن لحماية جيش الاحتلال ومستوطناته في مواجهة أي فعل وطني شعبي أو فصائلي.
صنع أي تاريخ؟!
بل ويصل الإيغال في التضليل في محاولة لاستغباء المواطن الفلسطيني في ظل ما هذه الحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني أن ادعى وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، أن السلطة الفلسطينية تسعى إلى صنع التاريخ مع بيني غانتس أو أي شخص آخر في حكومة إسرائيل، كما كان الحال مع إسحاق رابين“.
وتابع الشيخ في تصريحاته: ”في النهاية، فقط الأبطال هم من يصنعون السلام، وأن الشخص الذي يؤمن بالسلام يجب أن يكون شجاعا، وعلينا أن نقاتل من أجل ذلك حتى اللحظة الأخيرة“.
ويبدو أن صناعة التاريخ والشجاعة لدى الفريق الذي يمثله حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ووزير التنسيق الأمني، ترجمتها السياسية والفكرية هي في تعهد عباس إلى وزير الحرب الصهيوني غانتس أنه "لا ينوي تغيير سياسته بشأن التنسيق الأمني مع إسرائيل"، وفق ما أفادت القناة "13" الصهيونية.
ذهنية التزوير
والمؤسف أن يصل البعض إلى هذا القدر من التزوير وحرف بوصلة النضال الشعبي الفلسطيني ضد الاحتلال، بأن بات مناضلو الشعب الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال وسندان أمن السلطة، ويصب في هذا التوصيف ما وثقته مجموعة “محامون من أجل العدالة” تنفيذ أمن السلطة أكثر من 45 حالة اعتقال سياسي في الضفة المحتلة منذ بداية ديسمبر الماضي.
وهي الاعتقالات التي تأتي ضمن حملة مستمرة تصاعدت وتيرتها بعد اغتيال قوة من جهاز الأمن الوقائي المعارض السياسي نزار بنات بتاريخ 24 يونيو2021.
وحسب المجموعة، فإنها وثقت 200 حالة اعتقال سياسي في الفترة بين أبريل- نوفمبر2021. وذكرت أن دوافع هذه الاعتقالات سياسية بامتياز، ويوجه قضاء السلطة للمعتقلين تهم “إثارة النعرات الطائفية، وإقامة التجمعات، وتلقي وجمع الأموال، وحيازة السلاح، وغيرها”.

سلوك مدان
إن سلوك أجهزة أمن السلطة تفصح عن دوافعها، وربما تسمح للبعض أن يضعها في الخندق الآخر، عندما تكيف مواجهة الاحتلال من قبل أبناء الشعب الفلسطيني بمن أبناء فتح، باعتباره فعلا تجرمه، في حين أنه واجب وطني على كل فلسطيني، إلا إذا نزعت السلطة وفريقها المتنفذ عن الكيان الصهيوني صفة العدو!
وارتباطا بذلك يمكن وضع اعتقالات نابلس ومن قبل الاعتداء على نجل الزبيدي بذلك التوحش في جنين؛ في سياق الترجمة السياسية والفكرية لهذا الخيار المدان ويكشف مدى الإفلاس الفكري والسياسي والأخلاقي لمن يقوم به، لأولئك الشباب الذين يواجهون الاحتلال على طريق التحرير الصعب والطويل والحتمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة