الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هو المشترك بين زيوغانوف وتروتسكي؟ -اشتراكية السوق- بين الأمس واليوم

دلير زنكنة

2022 / 9 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ڤ. شابينوف

كتب تروتسكي ، على عكس الماركسيين الآخرين في عصره ، القليل جدًا عن المسائل الاقتصادية. لم يشارك في الجدل الذي أجراه بليخانوف و بالأخص لينين مع ممثلي المدرسة الاقتصادية للنارودنيين بحلول نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لم يشارك في الجدل الدائر حول تفسير روزا لوكسمبورغ لنظرية ماركس عن التراكم الرأسمالي. لم يشارك تروتسكي في النقاشات حول الإمبريالية التي انخرط فيها الماركسيون الأوروبيون ، من هيلفردينغ إلى لينين وبوخارين. يمكن للمرء أن يجادل بأن تروتسكي لم يدرس بجدية الاقتصاد السياسي الماركسي وكان لديه فهم مشوش له. ومع ذلك ، فإن بعض الأفكار الاقتصادية لتروتسكي تستحق اهتمامنا.

تسمح لنا دراسة أعمال تروتسكي بعد الثورة ، حيث يتعامل مع المسائل الاقتصادية ، بالاستنتاج في أن تروتسكي كان تحت تأثير النظريات البرجوازية الصغيرة ل "اشتراكية السوق"، والتي هي جزءً أساسي اليوم من وثائق جميع الأحزاب الانتهازية بما في ذلك الحزب الشيوعى في روسيا الاتحادية CPRF. غالبًا ما يصف "اشتراكيو السوق" (بعبارة أخرى ، الاشتراكيون على الورق ، لكن الرأسماليين في الممارسة) من CPRF خصومهم اليساريين والماركسيين المناهضين للسوق بأنهم "تروتسكيون". سنبين أدناه أنه ليست الماركسية - اللينينية ، بل البرنامج الاقتصادي للانتهازية الذي له قواسم مشتركة مع التروتسكية.
على هذا المنوال ، فإن المقال الأكثر إثارة للاهتمام الذي كتبه تروتسكي هو "الاقتصاد السوفيتي في خطر" الذي نُشر عام 1932 في مجلة "نشرة المعارضة" التي نشرها هو ومعاونيه المقربون خارج الاتحاد السوفيتي.
يقدم تروتسكي في هذا المقال رؤيته لتنمية الاقتصاد السوفييتي بعد الانتهاء من الخطة الخمسية الأولى.

بحلول عام 1932 ، حقق الاتحاد السوفياتي الخطة الخمسية الأولى ، وتم وضع الأساس للتصنيع الاشتراكي. تم إنشاء المصانع العملاقة ومحطات الطاقة والمناجم التي كانت محورية للجمهورية السوفيتية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي عن السوق الرأسمالية الخارجية والانتقال إلى اقتصاد خالٍ من البضاعة {الرأسمالية } ، أي الاقتصاد الاشتراكي وتحقيق مبدأ "من كل حسب قدرته، لكل حسب عمله ". تم تنفيذ التجميع في الريف بنجاح ، حيث تم دمج أسر الفلاحين الفردية الصغيرة في كولخوزات اشتراكية جماعية واسعة النطاق. تمت تصفية استغلال الفلاحين الفقراء ، الذين كانوا يشكلون 70٪ من سكان الريف من قبل الفلاحين الأثرياء ، الرأسماليين الريفيين - الكولاك ، الذين كانوا يشكلون حوالي 10٪ من سكان الريف. أتاحت الجماعية القضاء على الجوع ، الذي كان سائدًا في روسيا القيصرية ثم في الاتحاد السوفيتي لاحقًا بسبب عدم قدرة الإنتاج الصغير على مواجهة محن الطبيعة والجفاف ، وبشكل اكبر ، بسبب قوى السوق الفوضوية بأزماتها الدورية. تم تسجيل آخر حالة من الجوع في الاتحاد السوفياتي في عام 1933. وبعد ذلك ، عندما توطد نظام الكولخوز ، تمكن الريف في الاتحاد السوفيتي من القضاء على الجوع لأول مرة منذ قرون. دعنا نلاحظ أنه خلال نفس الفترة كانت أوروبا والولايات المتحدة غارقة في جوع هائل ناجم عن أزمة الرأسمالية والكساد العظيم.1

بشكل عام ، تطور الاقتصاد السوفيتي عن طريق الانتهاء من انعزال الوحدات الإنتاجية المستقلة المرتبطة ببعضها البعض من خلال السوق. تم التغلب على الفوضى التي أحدثتها قوى السوق من خلال التنظيم والخطة المركزية. تم استبدال نمط الإنتاج الرأسمالي بنمط الإنتاج الشيوعي من خلال الصراع وليس بدون صعوبات.
كيف نظر تروتسكي إلى عملية الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية؟ ما هي الوصفات التي يجب أن يقدمها؟ كثير من أتباع تروتسكي ، من أساتذة الجامعات الليبراليين إلى أعضاء الطوائف اليسارية ، يجادلون بلا كلل بأنه لو تبنى الاتحاد السوفياتي مسار تروتسكي بدلاً من مسار ستالين ، لكانت البلاد قد حققت الكثير و لم تكن تنهار في نهاية الثمانينيات. هل هذا صحيح؟
وفقًا للماركسية ، يدمج الاقتصاد الاشتراكي في ذاته عناصر من نمط الإنتاج الشيوعي بالاقتران مع بقايا نمط الإنتاج الرأسمالي. يستبدل المجتمع الاشتراكي علاقات السوق الرأسمالية القديمة بعلاقات جديدة شيوعية قائمة على أساس التخطيط . أعلى مرحلة من تطور المجتمع الشيوعي - الشيوعية الكاملة - تتغلب تمامًا على علاقات السوق القائمة على تقسيم العمل وإملاء العرض والطلب.
إن تروتسكي ، في "أفضل" تقاليد الانتهازية ، متشكك في إمكانية بناء شيوعية كاملة:

"في حالة وجود عقل عالمي ، من النوع الذي عرض نفسه في الخيال العلمي للابلاس - عقل يمكنه تسجيل جميع عمليات الطبيعة والمجتمع في وقت واحد ، والذي يمكنه قياس ديناميكيات حركتهم ، ويمكن أن يتنبأ بنتائج ردود فعلهم الداخلية- مثل هذا العقل ، بالطبع ، يمكن أن يضع مسبقًا خطة اقتصادية شاملة خالية من العيوب ، بدءًا من عدد الأفدنة من القمح وصولاً إلى الزر الأخير للحصول على سترة. "2

نفس النوع من الحجة استخدمتها الثورة المضادة في زمن "البيريسترويكا". لقد جادلوا بأنه من غير الممكن كمبدأ تنظيم الاقتصاد على أساس خطة واحدة ، حيث لا يمكن حساب كمية المنتج ، ومن سيحصل ومتى ، وما إلى ذلك. خلال فترة الثورة المضادة لغورباتشوف ، كان التفكير كما يلي: كانت الخطة بحاجة إلى أن يكملها السوق، وخلال فترة يلتسين ، يجب التخلص من الخطة واستبدالها بالكامل بالسوق.

من المؤكد أن تروتسكي لا يذهب إلى هذا الحد في استنتاجاته. ومع ذلك ، إذا اتبع المرء منطق تفكيره الاقتصادي ، فإننا نصل إلى نفس النتيجة ، "بيريسترويكا" ، تليها تصفية الاشتراكية.
باتباع المبادئ النظرية لـ "اشتراكية السوق" ، يقدم تروتسكي وصفات ملموسة لتطور الاقتصاد السوفياتي. يقترح الحلول التالية: أ) من الضروري تطبيق اللامركزية في إدارة الإنتاج ، والمزيد من الحرية للشركات والتجمعات العمالية ، ب) المزيد من السوق ، و تخطيط أقل ، ج) من الضروري خفض معدلات النمو في الاتحاد السوفياتي ، د ) فتح الحدود أمام البضائع الأجنبية. سوف نتناول كل من هذه المبادئ من وجهة نظر النظرية الماركسية ومن وجهة نظر الآثار السياسية والاقتصادية لهذا النهج.

اللامركزية: اللامركزية في إدارة الاقتصاد الاشتراكي ، ومنح المزيد من الاستقلال للشركات والتجمعات - هذه هي وجهة نظر تروتسكي. يتم عرض هذه المناقشة بالحديث عن المركزية مقابل الديمقراطية. يتم حل مثل هذه المناقشة ، بالطبع ، اعتمادًا على الظروف الملموسة والموارد و الحالة. ومع ذلك ، بما أننا نتحدث عن مسائل اقتصادية ، فإن هذا المنطق ليس صحيحًا. الصراع هنا ليس بين "الديمقراطية" و "المركزية" ، بل بين نمط الإنتاج الرأسمالي ، الذي يتألف من شبكة من منتجي السلع المستقلين المرتبطين ببعضهم البعض من خلال السوق ، والاشتراكية ، نظام اقتصادي قائم على أساس الطابع الاجتماعي للملكية والطابع المخطط للعلاقات بين الشركات ، يُنظر إليها على أنها روابط في سلسلة اقتصادية موحدة.

أشار لينين بوضوح في أعماله بعد الثورة إلى هذا:

"... أن أي تقنين مباشر أو غير مباشر لحقوق ملكية عمال أي مصنع معين أو أي تجارة معينة لإنتاجهم الخاص ، أو حقهم في إضعاف أو إعاقة أوامر سلطة الدولة ، هو تشويه صارخ للمبادئ الأساسية للسلطة السوفيتية ورفض كامل للاشتراكية ". 3

"... بدون محاسبة الدولة الشاملة ومراقبة إنتاج وتوزيع السلع ، لا يمكن الحفاظ على سلطة الشعب العامل ، وحرية العمال ، وأن العودة إلى نير الرأسمالية أمر لا مفر منه"4. قارن فكر لينين هذا بفكر تروتسكي القائل إنه من أجل حساب الإنتاج والتحكم فيه ، يتطلب المرء "عقلًا عالميًا ، من النوع الذي عرض نفسه في الخيال العلمي للابلاس".

"الاشتراكية لا يمكن تصورها بدون هندسة رأسمالية واسعة النطاق قائمة على أحدث اكتشافات العلم الحديث. إنه أمر لا يمكن تصوره بدون تنظيم الدولة المخطط ، الذي يبقي عشرات الملايين من الناس في حالة التزام صارم بمعيار موحد في الإنتاج والتوزيع ". 5 - هذا هو موقف لينين.
لذلك يمكننا أن نرى أن المواقف الماركسية اللينينية وموقف تروتسكي فيما يتعلق بمركزية الإدارة في الاقتصاد الاشتراكي يتعارض مع بعضهما البعض. من ناحية أخرى ، فإن موقف تروتسكي يتفق مع النظرية الانتهازية للحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية CPRF ، الذي يدعي على الورق أنه عدو للتروتسكية.

المزيد من السوق ، تخطيط أقل! في مقال بعنوان "الاقتصاد السوفييتي في خطر" ، أظهر تروتسكي افتقاره التام لفهم العلاقة بين التخطيط والسوق في الفترة الانتقالية. “يتم فحص الخطة ، وإلى حد كبير ، تحقيقها من خلال السوق. يجب أن يعتمد تنظيم السوق نفسه على الاتجاهات التي تبرز من خلال آلياته. إن نظام الاقتصاد الانتقالي لا يمكن تصوره بدون سيطرة الروبل ".6

وفقا لتروتسكي ، فإن التخطيط في الاشتراكية ينحصر في تنظيم السوق! اليوم كل دولة رأسمالية تنظم السوق. لقد وصلت قوى السوق الفوضوية إلى أبعاد هائلة وتهدد الإنتاج الرأسمالي ككل. بدون تنظيم الدولة لا يمكن للرأسمالية الحديثة أن توجد بالكلية. فقط أكثر التحريفين تطرفا يجرؤ على تصوير هذه المقاييس للدولة الرأسمالية على أنها اشتراكية.

التخطيط والسوق هما نظامان مختلفان تمامًا للعلاقات بين الأشخاص في الإنتاج. تتعايش الخطة والسوق لفترة معينة من الزمن - خلال فترة الانتقال والاشتراكية. لكن الخطة لم يتم "فحصها" (أو التحقق من صحتها ) من خلال السوق ، ناهيك عن تنفيذها من خلاله. إن التنظيم الاشتراكي المخطط للإنتاج وفوضى السوق في صراع دائم وعدائي. انتصار الخطة على السوق هو انتصار الشيوعية ، بينما انتصار السوق على الخطة هو انتصار للرأسمالية. لم يفهم تروتسكي هذا.

كتب تروتسكي: "المحاسبة الاقتصادية لا يمكن تصورها بدون السوق". هذا البيان يدحضه التاريخ الاقتصادي العالمي. تؤدي علاقات السوق إلى أزمات معطلة دورية من فائض الإنتاج والكساد الممتد.
واحدة من علامات الأزمات الرأسمالية عندما لا يتكيف الطلب مع حجم الإنتاج. السلع لا تجد مشترين. الأسعار تنهار. توقف الإنتاج. أصبح الإفلاس في الإنتاج والتجارة سائدًا. يتم تخفيض العمالة بشكل كبير وتنمو البطالة بسرعة.

مع نمو البطالة وانخفاض الطلب على الأجور ، الطلب ينخفض أكثر ، مما يؤدي بدوره إلى تفاقم ازمة الإنتاج. ويتبع الأزمة ركود يبدو خلاله أن الإنتاج يتباطأ بينما السلع التي لا يمكن بيعها في السوق تتلاشى ببطء ، حيث يتم تدميرها أو بيعها بأسعار منخفضة.

نشوء أزمة اقتصادية مرتبط بحقيقة أن الإنتاج في الرأسمالية ينمو بسرعة في حين أن القوة الشرائية لغالبية السكان تنمو بشكل أبطأ من ذلك بكثير. هذا التناقض متأصل في الإنتاج الرأسمالي ، حيث يلعب العمال دورًا مزدوجًا - فمن ناحية هم مصدر الربح ، ومن هذا المنطلق ، كلما قل أجرهم ، كان ذلك أفضل ، لكنهم ، من ناحية أخرى ، هم مستهلكو السلع. لأن هدف الإنتاج الرأسمالي هو الربح ، فإن الوظيفة الاستهلاكية للعمال مكبوتة ومقيدة ، وهذا بدوره يتعارض مع الميل المذكور أعلاه لتحقيق الربح عن طريق زيادة الإنتاج بلا هوادة. لبعض الوقت ، تتراكم هذه التناقضات ، وبعد ذلك تصبح الرأسمالية غير منسقة وتصبح أخيرًا غارقة في أزمة ، وهو حل مؤقت وعنيف للتناقض المذكور أعلاه.

الاشتراكية لا تعرف مثل هذه الأزمات. سيتم استهلاك كل ما يتم إنتاجه لأن الإنتاج لا يقوم على استخراج الربح بل على إشباع احتياجات المجتمع.
من هنا لا يستنتج المرء أن "المحاسبة الاقتصادية لا يمكن تصورها بدون السوق" ، ولكن على العكس من ذلك ، في ظروف علاقات السوق ، فإن المحاسبة الاقتصادية مستحيلة أساسًا لأنه من المستحيل التنبؤ بسلوك مئات الآلاف من المنتجين المنعزلين. على العكس من ذلك ، في ظل ظروف الاقتصاد المخطط ، يمكن للمرء إجراء محاسبة اقتصادية دقيقة.

خفض معدل النمو الاقتصادي! كان تروتسكي مؤيدًا لتقليل معدل التصنيع والتجميع كحل للمشاكل الاقتصادية التي واجهها الاتحاد السوفيتي أثناء الانتقال من السوق الزائفة واقتصاديات السياسة الاقتصادية الجديدة إلى التخطيط الاشتراكي.
كتب "تحويل الخطة الخمسية إلى خطة مدتها أربع سنوات كان عملاً من أفعال المغامرات الأكثر استهتارًا ". "من الضروري تأجيل الخطة الخمسية الثانية. اوقفوا الحماس الصاخب! أوقفوا التكهنات! "
من الواضح أن مثل هذا النوع من الشعارات كان مدعومًا من قبل فقط العناصر الرأسمالية المتبقية في ذلك الوقت.

على النقيض من تروتسكي ، حدد ستالين المهمة بطريقة معاكسة تمامًا: "نحن متأخرون عن البلدان المتقدمة بخمسين أو مائة عام. يجب أن نصل اليهم في غضون عشر سنوات, إما أن نفعل ذلك ، أو سننتهي .". قال ذلك في فبراير 1931، بعد عشر سنوات بالضبط احتلت المانيا النازية الاتحاد السوفياتي ، بفضل معدل النمو الاقتصادي المتسارع ، تمكن الاتحاد السوفيتي من إنشاء الأساس المادي للانتصار على الفاشية.

لكن تروتسكي يذهب إلى أبعد من ذلك. إنه لا يقترح فقط إبطاء النمو بل عكسه:
"بعد الهجوم المغامر ، من الضروري تنفيذ برنامج انسحاب، مخطط ومدروس بشكل كامل قدر الإمكان". "الانسحاب المؤقت أمر ملح في كل من الصناعة والزراعة. لا يمكن تحديد مدى الانسحاب مسبقًا. "8
بينما تمكن الحزب أخيرًا من شن هجوم ضد رأس المال من خلال دفع الاشتراكية على نطاق واسع بعد سنوات من التراجع خلال السياسة الاقتصادية الجديدة ، دعا تروتسكي إلى التراجع. وهذا يتناقض مع التأريخ البرجوازي والتروتسكي ، حيث يُنظر إلى تروتسكي على أنه بديل "يساري" لستالين. إذا لم يغرق المرء في "العبارات اليسارية " ، التي عبر بها الصحفي الموهوب تروتسكي عن أفكاره السياسية ، ولكن بحث في الأفكار نفسها ، عندها يتضح أننا نتعامل مع نوع اخر مقنع بعناية من الانتهازية والتحريفية.

علاوة على ذلك ، دافع تروتسكي عن الاعادة الجزئية للرأسمالية في الريف: "إن سياسة التصفية بالقوة للكولاك قد تم الغاءها في الواقع. يجب ايقافها رسميًا. وفي الوقت نفسه ، من الضروري وضع سياسة تقييد شديدة للميول الاستغلالية للكولاك "9. بدلاً من تصفية الكولاك الرأسمالي الزراعي ، يدعو إلى تقييد" ميلهم "إلى الاستغلال. وهذا يرقى إلى مستوى الدفاع عن الملكية الخاصة والرأسمالية الزراعية ، على غرار الترويج اليوم لـ "المالك القوي" من قبل القوميين-الوطنيين في الحزب الشيوعي في روسيا الاتحادية CPRF.

دعونا نفتح الحدود أمام البضائع الأجنبية! ينبع موقف تروتسكي فيما يتعلق بدور السوق الخارجية في الاتحاد السوفياتي من تصوره حول استحالة بناء الاشتراكية في بلد واحد أو مجموعة من البلدان. تم تطوير هذه الآراء خلال المناقشات الداخلية للحزب في الفترة من 1923 إلى 1924 والتي تم توثيقها على أنها "قرار الأربعة" ، حيث تم التوقيع عليها من قبل أربعة أعضاء قياديين من "المعارضة اليسارية" اوسينسكي، و بياتاكوف ، و بريوبرازينسكي و سميرنوف. دعا هذا القرار إلى "استيراد واسع النطاق للبضائع" من الغرب. تم رفض هذا الاقتراح خلال هذه المناقشات ، حيث كان يعرض للخطر وجود الصناعة السوفيتية ويهدد بتحويل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الى سوق للاحتكارات الرأسمالية الغربية.

لكن تروتسكي لم يتخلى عن هذا الموقف وبعد ما يقرب من عشر سنوات تردد صدى ذلك في مقاله المنشور في "نشرة المعارضة": يمكن للبضائع المستوردة التي تساوي قيمة عملة ذهبية واحدة إخراج الإنتاج المحلي من حالتها المحتضرة بما يساوي قيمة مئات وآلاف العملات الذهبية . إن النمو العام للاقتصاد ، من ناحية ، وظهور مطالب جديدة وتفاوتات جديدة ، من ناحية أخرى ، يزيدان بشكل ثابت من الحاجة إلى الارتباط بالاقتصاد العالمي. برنامج "الاستقلال" ، أي ، الاكتفاء الذاتي للاقتصاد السوفييتي ، يكشف أكثر فأكثر عن طابعه الرجعي والطوباوي. إن الاكتفاء الذاتي هو المثل الاعلى لهتلر وليس نموذج ماركس ولينين "10
وغني عن القول أن "المثل الأعلى" لهتلر لم يكن الاكتفاء الذاتي ، بل على العكس تمامًا ، كان توسيع سوق الاحتكارات الألمانية باكبر قدر ممكن و الاستيلاء على مصادر المواد الخام ، والعمالة الرخيصة لصالح الصناعة الألمانية.

إن تجربة الاتحاد السوفياتي تتحدث على العكس من ذلك ، حيث أن إنشاء الصناعة الاشتراكية لم يزيد "الحاجة إلى الارتباط بالاقتصاد العالمي" ، بل قللها. مكّن التصنيع والتجميع اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية من أن يصبح مستقلاً عن الأسواق الخارجية ، وبالتالي خلق الظروف للتطور الاشتراكي المستقل. لم يكن الانتصار على الفاشية الألمانية ممكناً لولا الاقتصاد السوفياتي "الذاتي".
الانفتاح على السلع الأجنبية ورؤوس الأموال يشكل خطورة كبيرة على الاقتصاد الاشتراكي. هذا هو المسار الذي اتبعته الصين التحريفية بعد ماو ، حيث يكدح العمال في ظروف مروعة لإنتاج السلع للدول الإمبريالية. أصبحت الصين مصدر قوة عاملة رخيصة لرأس المال الإمبريالي. إن توسع "الارتباط بالاقتصاد العالمي" يعيد الرأسمالية إلى الصين ، أولاً في الاقتصاد ثم في السياسة لاحقًا. إن السماح للرأسماليين الصينيين بالانضمام إلى الحزب الشيوعي مسألة لا ينبغي غض النظر عنها.

الاندماج في الاقتصاد الرأسمالي العالمي كمصدر للقوى العاملة الرخيصة والمواد الخام هو المسار الذي دافع عنه تروتسكي والمعارضة اليسارية بشكل أساسي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
محاولات عديدة لتصوير تروتسكي على أنه "نبي" تنبأ بالأسباب المسؤولة عن استعادة الرأسمالية في الاتحاد السوفياتي والذي اقترح الوصفات لتجنبها لا تصمد امام التحقق. بمجرد أن نبتعد عن الألعاب الصحفية ذات العبارات الثورية إلى دراسة الوصفات الملموسة التي اقترحها تروتسكي على الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي ، يدرك المرء أن التروتسكية بعيدة كل البعد عن كونها "بديل يساري" لستالين ولا دواء ضد استعادة الرأسمالية ، بل بالأحرى وسيلة شكل مقنع بعناية من الانتهازية والتحريفية. تتداخل الأفكار الاقتصادية لتروتسكي بقوة مع "الوصفة" المؤيدة للسوق للأيديولوجيين اليمينيين التابعين لـ CPRF ، حيث يكمن الاختلاف بينهما في أن تروتسكي دعم أفكاره بإشارات إلى ماركس ولينين تم إخراجها من سياقها بينما يستخدم قادة CPRF عبارات وطنية متطرفة .

المصدر:

منشور في "الاتحاد السوفيتي" 1 (11) 2004.
http://www.proriv.ru/pdfs/Sov_Souz_11.pdf
ترجمه من الروسية بيكرام موهان.
ترجمة من الإنكليزية دلير زنكنة.

ملاحظات ختامية:
1 انظر على سبيل المثال جون شتاينبيك في "عناقيد الغضب".
2 ل. تروتسكي ، "الاقتصاد السوفياتي في خطر".
3 في. لينين ، "الديموقراطية والطبيعة الاشتراكية للسلطة السوفيتية" [Collected Works، Vol. 42 ، ص 100-101].
4 ف. لينين ، "المهام الفورية للحكومة السوفيتية" [الأعمال المجمعة ، المجلد. 27 ، ص 253-254].
5 ف. لينين ، "طفولة الجناح اليساري والعقلية البرجوازية الصغيرة" [الأعمال المجمعة ، المجلد. 27 ، ص. 339].
6 ل. تروتسكي ، "الاقتصاد السوفياتي في خطر".
7 ل. تروتسكي ، المصدر السابق.
8 ل. تروتسكي ، المصدر السابق.
9 ل. تروتسكي ، المصدر السابق.
10 ل. تروتسكي ، المصدر السابق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الماركسية الأرثوذكسية
الماركسية الأرثوذكسية ( 2022 / 9 / 22 - 17:13 )
تحياتي.
مشكلة الماركسية الأرثوذكسية التروتسكية والستالينية هي في
تطويع الواقع للنصوص وليس العكس ،الاتحاد ومن سبعينيات القرن الماضي واجه ركودا حادا حتى أطلق وصف عصر الجمود على فترة حكم برجنيف وكان هناك انخفاض في معدلات النمو وضعف في الإنتاجية الكثير من الماركسيين يتصورون أن غورباتشوف ويلتسن وصلوا للحكم واستطاعوا أن يغيروا النظام بفعل المصادفة لا أكثر!ومنطقهم هذا مخالف للماركسية التي تنظر الى المجتمع من زاوية القوانين الفاعلة فيه،يلتسن لم يأتي مصادفة بل هو نتاج لمجتمع متأزم كان يعاني من انفصال بين الطبقة الحاكمة وعامة الشعب.
من الصحيح أن ستالين نهض بقوى الانتاج لكن ذلك كان على حساب الرفاهية المباشرة للعمال والفلاحين.فوائض الانتاج الزراعي كانت توظف من قبل الدولة لأغراض الدفاع ..وعلى العموم نموذج الخطيط المركزي الشامل وصل الى حدوده مع نهاية الستينيات والنمط الذي يمثله (الانتاج الممتد) الذي يعتمد على كثرة وسائل الانتاج دون الاهتمام بالنوعية وعندما دعت الضرورة الى تغيير هذا النموذج فشل النظام الحاكم بذلك ..
فكان هناك نقص في السلع الاستهلاكية مع ضعف جودتها اخيرا..السوق موجود قبل الراسمالية


2 - تعديل على التعليق الأول
عبدالرحمن مصطفى ( 2022 / 9 / 22 - 19:15 )
وضعت عنوان التعليق مكان الإسم بالخطأ في التعليق السابق..لا أعرف أن أمكن تعديل ذلك

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط