الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤثرات العمرانية اليونانية والرومانية على الأنباط وتدمر.

حارث الفاعوري

2022 / 9 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ان طبيعة المؤثرات العمرانية اليونانية والرومانية على الانباط قد تجلت في الفن النبطي، من خلال القبور المجوبة والمعابد والمسارح والمدافن وزخرفتها ، فالفن اليوناني والروماني ظهر على النقود النبطية وتمثلت في ذكر الملوك ،فهي ذات تأثيرات فنية، وقد استفاد الانباط من موقعهم الجغرافي المهم ومن المؤثرات العمرانية التي رسمت الخطوط الواضحة والمؤثرة في حياتهم العامة من الفن والنحت والالهة والمنحوتات وزخارفها والنقود التي اثرت بشكل مباشر على اوضاعهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمملكة الانباط. كانت سورية مركزاً لاستقبال الهجرات المتتابعة من جنوب الجزيرة العربية( ) ويعد استقرار هؤلاء الاقوام على مرور المراحل الزمنية ظهرت ممالك سياسية من بين هذه الممالك مملكة الأنباط والتي ارتبط نشاطها التجاري مع اليمن( ) والحجاز( ) انتشر الأنباط في بادية شرقي الأردن شمالي الحجاز، ونزلوا في المناطق الممتدة على طريق القوافل التجارية، الذي يمتد بين الشام ومصر، وتوسعوا في الجزيرة سيناء( ) وجنوب فلسطين، وانشأوا مملكة عربية عاصمتها الأنباط إلى الجنوب من عمان( )، فكانت منطقة شرق الأردن تعد مقراً لأربع مدن مهمة وهي جلعاد( ) وعمون( ) ومملكتا أدوم( ) ومؤاب( )، فأستطاع الأنباط من السيطرة على منطقة الادوميين ، والتي عرفت بمنطقة وادي موسى( )، وامتازت المنطقة بوفرة المياه، مما مكنها من استقطاب القوافل التجارية القادمة إليها ( ) وكان مقر دولة الأنباط في الجنوب الشرقي من فلسطين، تمتد من حدود فلسطين إلى رأس خليج العقبة( )،
ويحدها من الغرب وادي العربة( ) ،ومن الجنوب بادية الحجاز ، ومن الشرق بادية الشام، ومن الشمال فلسطين، وأرضها صخرية فيها الجبال والشعاب .... وكانت تسمى قديماً بلاد الجبال ( ) واليونان يسمونها بلاد العرب الحجرية (Arabiapetraea) نسبة إلى عاصمتها (بترا –الحجر )، واليهود يسمونها (سلع اوسلاع ) وهو الحجر، وقد شاهد العرب آثار المدينة بعد الإسلام وسموها (الرقيم)، وهو تعريب لأحد أسمائها اليونانية التي يسمونها (أركه -ARKE) فحرفه العرب وقالوا الرقيم( ) وهذا الموقع الصخري سوى المدينة الحصينة التي عرفت بأسم البترا (PATRAS) ،وكان لموقع الأنباط، وطبيعة البلاد الاثر المهم في تحديد نوعية الانشطة التي يمارسونها، وكانت بداية استقرارهم في شرق الأردن ... ولكن الأنباط بعدها استقروا في مملكة أدوم (وادي موسى)، واتخذوه ملجأ لهم في حالة الحروب والشدائد ،واتخذوه بعدها حاضرة لهم ( )
ومملكة الأنباط مملكة عربية، وهم قوم من جبلة العرب( ) وأنهم كتبوا بكتابتهم وتأثروا بلغتهم أي الاراميين، حتى غلبت عليهم الأرامية، ومارسوا الزراعة والرعي ومارسوا الحرف والصناعات اليدوية ( ) وأن تاريخ الجزيرة العربية، هو تأريخ الاحداث التي شهدتها جماعات سياسية صغيرة قامت وراء الاخرى على طول حدود الصحراء ،ضمن ساحل البحر الأحمر حتى أطراف فلسطين وسورية، وبلاد الرافدين ( ) أماعن طبيعة المناطق الأخرى التي أصبحت منذ أواخر القرن الرابع قبل الميلاد ضمن الارضي النبطية فقد اتسمت بكونها جبلية جدباء، قليلة المياه، وتكثر فيها المرتفعات الصخرية الوعرة( ) وأن استقرار القبائل العربية في بادية الشام ، يرجع إلى عصور ما قبل العصر الروماني، ومن هذه الشعوب التي استقرت في جنوب فلسطين ،هم شعب الأنباط الذي عرف باسم (النبط ) ( ) لقد ساعد الموقع الجغرافي لدولة الأنباط في ازدهار الاقتصاد ،أذ تمكن الأنباط من استقلال موقع بلادهم التجاري الرابط بين شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام( ) وكانت التجارة تمر من طريقين أساسيين على الصحراء، وهي من المحيط الهندي إلى موانئ فلسطين وسورية، والأخر يمتد من الخليج العربي ، ويدخل بلاد الرافدين ثم دمشق، وقد شجعت الدول الكبرى التي كانت تسيطر بجوار هذه المناطق على قيام دويلات ، واتخذتها درعاً للوقوف بوجه غارات البدو فكانت أشبه بالدويلات الحاجزة ( )
ومن هذه الدويلات التي قامت هي دولة الأنباط ،متخذة من البتراء عاصمة لها ،ومكونة حضارة عربية في لغتها الارامية وكتابتها السامية ، والرومانية في فنها وهندستها المعمارية، وهي حضارة مركبة في مظهرها ولكنها عربية في أساسها( ) فالانباط عربية في لغتها ، ارامية في كتابتها، سامية في ديانتها، ويونانية ورومانية في فنها وهندستها المعمارية، ومع ذلك فهي عربية في وجودها وشموليتها، فالانباط عرب واسماؤهم عربية ولغتهم من لغات عرب الشمال، وعليه فالحضارة التي انجزوها هي حضارة عربية وان امتزجت واقتبست من غيرها فهذا شان كل الحضارات في العالم ( ) لقد ظهر الأنباط على مسرح التأريخ في حدود سنة( 587 ق.م) حينما استقروا في البلاد التي كان يسكنها الادوميون في جنوب بلاد الشام والتي تعرف في الوقت الحاضر شرق الأردن ( )
ثانياً: المؤثرات العمرانية اليونانية على الأنباط :-
1- الفن:
ان طبيعة الفن النبطي المعماري فريد في انتقائه وقدرته على الاستمداد من الفنون اليونانية والرومانية اذ تجلى الفن النبطي في القبور المنحوتة والمعابد ( ) ، اذ يعكس الفن النبطي بالتقدم الحضاري ولا سيما في المجال العمراني فأقاموا المعابد والمسارح والمدافن والقصور وزخرفتها وتزيينها بالتماثيل والتحف الفنية( ) ويتبين لنا مدى الاهتمام بالفن النبطي من خلال القبور المجوبة المنحوتة التي بدأ نحتها في لحف هضبة ثم تنحت الواجهة من الاعلى إلى الاسفل فوجدت فيها الزخرفة في تيجان الاعمدة ذات الرؤوس البشرية( ) كما وتعكس التأثيرات اليونانية على الفن النبطي وزاد اهتمام الأنباط بالفن من خلال المعابد وتمثل ذلك بمعبد خربة التنور وهو نموذج لفن النحت النبطي( ) ويتجلى الفن النبطي من خلال المنحوتات البارزة التي وجدت في البتراء وخربة الذريح( ) فكانت اوجه التشابه في الفن بين الالهة اليونانية ( زيوس Zeus) وربة الحظ ( تايكة Tycha) ولا سيما في طبيعة الملبس وتصفيف الشعر كما ويعكس التأثير اليوناني على الفن النبطي من خلال الالهة والمنحوتات البارزة في هذا الفن( ) ان طبيعة الفن اليوناني بأشكاله المختلفة ظهر على النقود النبطية فيحمل تاثيرات فنية متنوعة تمثلت في ذكر الملوك على القطع النقدية النبطية ، فظهر ذلك التاثير على واجهة الخزنة وهو يحمل تاثيرات فنية اذ تتكون من بناء محفور في الصخر وهي ذات تاثيرات فنية تمثلت في زخرفتها وزينتها( ) كما ويعكس لنا الفن النبطي اهميته بالمنحوتات البارزة والرسوم على الجدران اذ وجدت الرسوم على السقوف الداخلية في البتراء فنجد الزهور والطيور على الجدران( ) إن طبيعة الفن النبطي الذي تميز بصناعة الخزف والرسم عليها وهذا الفن امتاز برقته الشديدة واللون الاحمر القرميدي إذ استخدمت الزخرفة على الطاسات والكؤوس والجرار والاباريق الصغيرة وما تميز به الفن النبطي الرسوم والطبع على اشكال العملات التي تحمل تأثيرات يونانية( ) ومما لاشك فيه فان المؤثرات اليونانية قد انعكست على النماذج الفنية اذ نجد فيها تأثيرات ذات اسلوب فني .
2- : الخزف :-
ان صناعة الفخار النبطي مرتبطة بصناعة الخزف النبطي التي عثر على قطع خزفية في البتراء وخربة التنور والنقب( ) اذ تحتوي على قطع فخارية صغيرة بأسلوب فني نبطي من حيث الشكل والحجم والزخارف المرسومة ولا سيما الخزف الملون( ) كما وتعكس التاثيرات اليونانية على الزخارف الفخارية النباتية المرسومة عليها، اذ تحتوي على اشكال هندسية وبشرية واكاليل وزهور واوراق النخيل فنجد هذا الخزف في المنحوتات البارزة في تماثيلها الصغيرة ومنها تماثيل الحيوانات كالخيل والجمال ومنها تماثيل دينية وادمية( ) ان الخزف النبطي يقسم على نوعين مطلي وغير مطلي، فالنوع المطلي يمتاز برقته وسمكه ولونه الاحمر القرميدي او المائل إلى السمرة، اما النوع الغير مطلي فيمتاز بزخرفته المضلعة وهي الاكثر تواجداً في الجرار وقدور الطبخ( ) كما وتعكس الزخارف بعض الاشكال والرسوم ذات الخطوط المائلة وهي تحمل نصاً ( س ل م) اذ يرجع تاريخه إلى القرن الاول قبل الميلاد( ) .
ويبدو من خلال المشاهد والصور ان المؤثرات واليونانية الرومانية قد انعكست على الزخارف والخزف النبطية ولا سيما القناديل التي تتميز بقرص تتخلله دوائر محفورة ومزخرفة وجدت في البتراء فكانت القناديل تهدى في عيد رأس السنة( ) ولكن لم تذكر لنا النصوص شيء من التفصيل عن الفن والزخارف والخزف لذا نقتصر إلى معلومات تفصيلية دقيقة عنها الا من خلال بعض المشاهد والصور الفنية التي عكست طبيعة الفن اليوناني على الفن النبطي ولفترات مختلفة .
ان طبيعة التأثيرات اليونانية انعكست على الفن النبطي من خلال الملابس التي ظهرت بزخرفتها على بعض المنحوتات النبطية ولا سيما في خربة التنور والبتراء وهذه الملابس تشمل الخيتون والكلاميس( ) التي ظهرت في تزيين المعبودة تايكي (Tayca) في البتراء( ) .
كما وتعكس الفنون الزخرفية فناً مرتبطاً بنحت الواجهات الصخرية والرسومات الجدارية فيقوم الفنان النبطي بزخرفة الواجهات وجدران المباني بالجص الملون ولا سيما في البتراء والنقب وخربة التنور ووادي موسى اذ حملت اشكالاً هندسية ونباتية( ) بدأ اهتمام الأنباط بتاجيات الاعمدة التي استخدمها في تزيين الواجهات الصخرية فكانت التاجيات النبطية على اربعة انواع وهي التاج المقعر الخالي من الزخارف، والتاج الكورنثي الذي انتشر وتأثر به الأنباط وتمثلت زخرفته بنبات الخنشار والتاج النبطي الكورنثي المركب والتاج مثلث رؤوس الفيلة( )
كما وتعكس من التأثيرات اليونانية على الفن النبطي باستخدام الاحجار الملونة إلى التمثال ويتم تزيينها بالتيجان والاكاليل والقلائد ويتم طلاء المنحوتات الحجرية فتخرج من اللوحات الفنية ذات جودة عالية من الدقة والجمال( ) ان استخدام الفنان النبطي للمنحوتات فهو ذو خبرة ودراية في الاعمال التي قام بها فتميزت الواجهات برسوم ولوحات فنية مهمة عكست مدى التأثير اليوناني على الواجهات النبطية( ) كما وتعكس من الواجهات النبطية مراحل مهمة اذ وجدت فيها تأثيرات يونانية تمثلت في القبور المسننة (Pylon Tombs) وهي تحمل زخرفة خطوة الغراب المدرجة الشكل وتحمل ايضاً تأثيرات الزخارف على اللوحات المثلثة( ) ومن المراحل الاخرى القبور المدرجة ( step Tombs) فهي تمثل واجهات مزخرفة ومشابهة لواجهات القبور المسننة ولكنها انعكست بتأثيرات يونانية من خلال تزيين الواجهات بدعامات ملاصقة للواجهة( )
نستشف من خلال الواجهات المزخرفة المزينة التي تعطي للجدران قوة وتحد من التأثيرات المناخية إلى جانب الاروقة التي وجدت امام الواجهات وهي تحمل تأثيرات يونانية على القصور بعناصرها ولا سيما في البترا ومدائن صالح( ) .
3- النقود :- بدأ اهتمام الأنباط بالنقود إذ انعكس التأثير اليوناني على العملة النقدية فاستخدموا الفضة والنحاس لسك العملات فأخذت المسكوكات طابعاً خاصاً عند الأنباط ، فظهر اسم الملك وزوجته على المسكوكات ،فأشتهر الملك النبطي الحارث الرابع (9ق .م -40م) وقد كتب عليها عبارة ( الملك الذي احب شعبه) ( ) ان استخدام الرسوم والاشكال الفنية التي ظهرت على المسكوكات النبطية كانت على اشكال الهة بشرية مثل الالهة تايكي (Tyaka) وقد ظهرت على المسكوكات النبطية رمز النسر وراحة اليد والجرس ومنها رموز معنوية كالإكليل( )
4- النقوش الحجرية : لقد أعطت النقوش الحجرية اهمية في الفن النبطي لهذا شهدت اساليب فنية انعكست على العلاقات الخارجية والاجتماعية مع الشعوب اذ استخدمت نماذج لتبادل الثقافة والعلوم والديانة وقد اكسب فن النحت النبطي خلال هذه الفترة الهلنستية نموذجاً مهماً من خلال تزيين واجهات المقابر والمداخل في البترا ولا سيما الخزنة التي نحتت في الصخر( ) كما وتظهر تراكيب مهمة على واجهة الخزنة تمثلت في النحت البارز والزخارف النباتية التي ظهرت على تيجان الاعمدة والافاريز ومنها الافريز المنحوت على الكشك ( Kiosk) المستدير العلوي ، اذ يحتوي على اكاليل منحوتة الاغصان والاشجار لتغطي الفراغ( ) وقد ساعد هذا في تطوير مخططات المدن النبطية وفق المخططات اليونانية ويخترقها شارع رئيسي يشبه شارع الكاردو ( ) الذي يمر بمركز المدينة اليونانية وقد احاطت به صفات من الاعمدة والمحلات التجارية إلى جانب المنحوتات التي ظهرت على الحيوانات وتمثيل بعض المعبودات اليونانية الاصل منها افروديت وهي تحمل خصائص يونانية( ) كما وتعكس لنا المنحوتات النبطية خصائص فنية يونانية ومنها المنحوتات الادمية التي عثر عليها في البترا وخربة التنور وخربة ياجوز والنقب( ). ان طبيعة التأثيرات الفنية اليونانية تمثلت على مدخل الخزنة اذ عكست لنا المشاهد والرسومات التي عثر عليها في مقر الخزنة وقد ظهرت على القاعدة التي يعلوها حصان ويمتطي على ظهره شخص فبرزت الملابس لراكبي الخيول من خلال المنحوتات التي وجدت في البترا وخربة التنور والنقب( ) لقد اعطت المشاهد والمنحوتات النبطية تأثيرات واضحة وقد اكسبها اهمية كبيرة ولا سيما معبد قصر البنت وزخارفه التي وجدت في مدينة البتراء ومعبد خربة الذريح فوجدت فيها طرزاً معمارية وانماط زخرفية تمثلت في الفنون الجدارية الموجودة في البترا اذ ظهرت عليها الزخارف الملونة من الطيور والاغصان خلال القرن الاول قبل الميلادي( )
5- المعابد النبطية :
بدأ اهتمام الأنباط بالمعابد وتأثرهم بالمخططات العمرانية اليونانية والرومانية ولا سيما اجزاء المعابد من الادراج والساحة التي وجدت امام المعبد في البتراء فأن طبيعة المعابد تميزت بإضافة مدرج صغير يشتمل على منصة وادراج وظهر هذا الاهتمام في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ، هذا وقد ازدهرت المعابد وتخطيطها في البتراء والمعبد الجنوبي( ) .
6- الفخار النبطي : وهو من ابرز المنجزات الحضارية للأنباط اذ انتج انواعاً مختلفة، فكان في بدايته يشبه الفخار الهلنستي التي عثر عليها شرق حوض البحر الابيض المتوسط، اذ وجد فيها اشكال مدورة تصل إلى (4ملم)، وقد تأثر الفخار النبطي بالحضارة اليونانية وذلك من خلال الزخارف من حيث اشكاله وانماطه فوجدت فيها الجرار (Amphona) اذ تحمل اختاماً يونانية مستوردة من جزيرة رودس اليونانية( ) وتتضمن هذه الجرار اختاماً وعليها الصانع واسم الحاكم السنوي التي تؤرخ باسمه( ).
ان طبيعة الفخار الاسود النبطي فتم الكشف عليه في البتراء ومدائن صالح ويتم استيراده من اليونان اذ يحمل في طياته تأثيرات فنية أثرت على الفن النبطي( ).
7- : الاسرجة :-
ان استخدام الاسرجة في الفن النبطي أعطى لها اهمية كبيرة اذ وجدت مجموعة منها في الزنطور والبتراء وتحمل في طياتها تأثيرات يونانية ومنها الاسرجة اليونانية المستوردة ( Delphin from) والنوع الاخر ( Apprantice ) كما ويعكس السراج البطلمي المزخرف بسعفة النخيل التي عثر عليها في البترا( ) .
8- العطور :- بدأ اهتمام الأنباط بالعطور ،اذ عثر على قوارير((unguentaria هلنستية مستوردة من بلاد اليونان تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد، وقد عكست لنا العطور اليونانية اهمية اذ تشابه العطور التي وجدت في قصر البنت في البترا( ).
9-: الزجاج :- بدأ اهتمام الأنباط بالزجاج ،اذ عثر على عدد من المواقع النبطية ولا سيما البترا والزنطور والمعبد الجنوبي ، فلقد شهدت الأنباط تأثيرات يونانية وذلك من خلال ما تم استيراده من الزجاج من جزيرة قبرص( ) اليونانية( ).

10-: الجرة:- تتسم طبيعة الفن النبطي في الكثير من الجوانب، اذ ظهرت الجرة على الواجهات الصخرية النبطية وقد وجدت العلاقة بين الجرار اليونانية والجرار النبطية فهي تمثل جرار طويلة الرقبة ذات المقابض والتي تسمى ( Loutro phoros ) والتي استخدمت كشواهد للقبور في قبرص اليونانية خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، كما وتعكس لنا الشواهد والرسومات والزخارف التي زينت على بعض الواجهات النبطية بأشكال مختلفة( ).
11- الفسيفساء :-
لقد اعطت الفسيفساء للفن النبطي اهمية كبيرة اذ استخدمت في زخرفة وتزيين ارضيات المباني كما وعكست التأثيرات اليونانية على الفن النبطي بزخارفه واشكاله الهندسية التي وجدت في وادي موسى،اذ استخدمت الفسيفساء لتزيين ارضية الحمامات النبطية ذات اللون الاسود( ).
12- المساكن النبطية:-
يتبين لنا مدى اهتمام الفنان النبطي بالمساكن اذ عثر على منازل نبطية في الزنطور والبتراء وهي تتكون من مجموعة من الغرف، وقد استخدمت فيها الاخشاب لتسقيف البيوت فبرزت التأثيرات اليونانية من خلال الاقواس التي استخدمت في سقف الغرف الصغيرة( ) شهدت المنازل النبطية استقرار اليونان والرومان فيها فظهرت زخرفة ارضية الحمامات واستخدمت الفسيفساء الزجاجية لتزيين منازل البتراء والزنطور وخربة الذريح( ) ومما لاشك فيه فقد عكست لنا المشاهد اهمية الأنباط فوجدت مجموعة من الغرف مزينة بالجص إلى جانب وجود خزانات المياه والحمامات النبطية( ) .
13- التيجان النبطية :
بدأ اهتمام الفنان النبطي بالتيجان النبطية التي تمثل نوع من انواع العمارة النبطية اذ شملت انواع مختلفة منها الطراز الدوري( ) والطراز الايوني( )(onicorder) والطراز الكورنثي( ) (Corintnort) ، اذ انعكست التأثيرات اليونانية على الأنباط باستخدام تيجان الاعمدة ذات الاشكال المختلفة وادخلت عليها بعض التعديلات من خلال المزج بين العناصر الزخرفية فظهرت لنا نماذج من التيجان النبطية منها التاج المركب والتاج التوسكاني( )
ونستشف من خلال المشاهد المنحوتة في البتراء ومدائن صالح وخربة الذريح اذ تحمل طرزا يونانية ذات اشكال مختلفة منها التيجان النبطية والتيجان الكلاسيكية والتيجان الغير مزخرفة والتاج الكورنثي النبطي الثنائي( )
كما وتعكس لنا التأثيرات اليونانية على الأنباط من خلال التيجان المزخرفة والزخارف الحلزونية التي وجدت في التيجان النبطية فظهرت في الأنباط نحاتين للقيام بهذه التيجان ولا سيما تيجان الخزنة الذي وجد في البتراء وقد تم تشكيلها في القرن الاول قبل الميلاد ، ان طبيعة التيجان النبطية كانت لها اهمية من خلال التأثيرات اليونانية التي ظهرت على اعمدة الرواق الامامي لقبر المحكمة (urn tomb ) الذي وجد في الأنباط وهو ذات تأثير هلنستي اذ يتكون من زخرفة طبلية تمثل (عنق العمود) (echinus) وزخرفة الوسادة ( Kbacus) ولكن الأنباط اضافوا الى تيجانهم زخارف منها زخرفة الصرة واللسان وزخرفة رباط عنق التاج (Wecking) التي وجدت في مدائن صالح ولا سيما في عهد الملك الحارث الرابع (9ق.م- 40ق.م)( ) . وتتسم طبيعة التأثيرات اليونانية على الأنباط من خلال التيجان النبطية الكورنثية وشبه الكورنثية (The normal corinthian)، التي ظهرت في البترا وكانت تزين اعمدة طريق تراجان(98-117م) ، وعلى الرغم من هذه التأثيرات اليونانية ظهرت ظواهر فنية أضيفت على اوراق الاكانثوس النبطية اذ بلغ عدد الزخارف في التاج الواحد ثمانية زخارف( ) وبرزت التأثيرات على الفن النبطي ولا سيما بالتيجان الكورنثية المتشابكة، اذ تحتوي على زخرفة من اوراق الكرة فظهرت الزخارف في واجهة المعبد في البتراء ومدائن صالح خلال القرن الثاني الميلادي واضيفت عليها زخارف تمثلت بأوراق نباتية وتيجان ذات زخارف نخيلية وجدت في البتراء اذ تأثر بها الفنان النبطي واستخدمها في طرزه المعمارية، كما وتعكس لنا التأثيرات اليونانية من خلال الزخارف الاخرى التي ظهرت على التيجان النبطية تمثلت بالزخارف الادمية والحيوانية والحلزونية والنباتية والزخرفة المجنحة والخرافية كلها ذات تأثير يوناني على الأنباط( )
كما وتعكس التأثيرات اليونانية على المنحوتات التاجية النبطية ولا سيما في الاشكال الخرافية (Sphinx)( ) منها الدلافين والافاعي التي وجدت عليها تيجان واجهات المعابد في البتراء وهي تحمل زخارف العقاب في المعبد الكبير ويحمل راس الالهة تايكي (tyche) اليونانية( )
ويبدو من خلال المشاهد والمنحوتات التي ظهرت على التيجان النبطية تمثلت بالتأثيرات اليونانية على هذا الفن فاستخدم على تيجان الاعمدة ولكن لم تسعفنا النصوص الكتابية شيئاً عن التيجان وزخرفتها سوى المشاهد على المنحوتات والواجهات لذا نفتقر إلى معلومات تفصيلية ودقيقة عنها الا من خلال تحليل بعض المشاهد والزخارف على الواجهات التي عكست طبيعة الفن اليوناني على الفن النبطي .
14- المسارح :-
وهو احد المسارح النبطية اذ تقام فيه العروض المسرحية والحفلات الموسيقية او المحاضرات العامة اذ يشمل كافة وظائف المسارح القديمة والحديثة( ) ان طبيعة المسارح اليونانية ذات شكل دائري وقد انعكس تأثيرها على البتراء، اذ تحتوي على مسرحين فوجدت الساحة الدائرية التي استعملت للاحتفالات على الرغم من استخدام مقاعد خشبية من قبل المتفرجين للجلوس وكذلك وجود مكان لتغيير الملابس، كما وتعكس التأثيرات اليونانية على المسارح النبطية من خلال الشكل واماكن تغيير الملابس والمدرجات( )
على الرغم من ذلك فان المسارح النبطية تشبه المسارح اليونانية من خلال المدرجات فقد وجدت فيها اماكن لجلوس المتفرجين اذ يتكون من قسمين علوي وسفلي( ) ان طبيعة اهتمام الأنباط بالمسارح اليونانية من خلال الاعمال المسرحية والاحتفالات التي تقام عليها واستخدام الموسيقى ساعد هذا على تأثر الأنباط بالحضارة اليونانية فبرزت بناء المدن القديمة وتخطيطها فأخذت اشكالاً جديدة( ) . كما وتعكس لنا النصوص الكتابية التي وجدت في عدد من المواقع اليونانية ولا سيما قبرص ورودس وكوس( ) اذ يشير النص : ( ب ي ر ح ا ب ا ش ت ت ر ا ل ح ت ت م ل ك ت ب ط و ع ب ا و ش ل ه ي ب ر و ح و ب ر ا ز ق ت ر ب ع ت ا و ... ت ا ل ع ز ا ا ل ه ت ا ع ل ح ي ي ) بمعنى ( في شهر اب سنة 18 لحارثة ملك الأنباط عمل أوس الله بن روح بن ازق ت ، هذا المبنى المربع .. ت ا للعزى الالهة لحياة حارثة ملك الأنباط )، ونستشف من النص ان الأنباط كانوا متأثرين بالمسارح اليونانية من خلال المباني وتخطيط المدن والمعابد( ) . ويبدو من النص ان المؤثرات اليونانية قد انعكست على المسارح والمعابد والمدن النبطية اذ نجد في النص ( هذا المبنى وذكر الالهة العزى)( ) المبحث الثاني : المؤثرات العمرانية الرومانية على الأنباط :
اولاً : الفن :
ان طبيعة الحضارة الرومانية تمثل اشهر حضارات العالم القديم، اذ تميزت بالنتاج العمراني والفني فنهل الأنباط من هذه الفنون وزاد الاهتمام بها ،فقد صنعوا التماثيل واستخدموا الرسوم الجدارية على واجهات المباني( ) كما وتعكس التأثيرات الرومانية على العناصر الفنية النبطية ولا سيما المنحوتات التي ظهرت في البتراء وخربة التنور اذ استخدم الفنان النبطي الزخارف النباتية والحيوانية والبشرية على الواجهات ولا سيما واجهة الخزنة( ) وعلى الرغم من ذلك فقد استخدم الفنان النبطي التيجان والاعمدة لزخرفة وتزيين الافاريز اذ استخدم الحجارة السوداء والحجارة الجيرية لنحت منحوتات ولا سيما في القبور المنحوتة والمعابد التي وجدت في خربة التنور والبترا والزنطور والنقب( ) كما وتعكس لنا التأثيرات الرومانية على الفن النبطي من خلال اهتمامهم بتزيين ابنيتهم بالتماثيل الصغيرة ويتميز هذا الخزف برقته ورهافته الشديدة تجعلهم يحملون معهم فنهم واسلوبهم لتكوين فن نبطي مهم فتجلى ذلك بالزخرفة على الاكواب والطاسات( ) .
ثانياً:- النحت :
لقد ابدع الفنان النبطي في نحت الواجهات النبطية واخراجها بصورة فنية فشملت القبور والمعابد والمساكن، اذ انعكست عليها التأثيرات الرومانية فاستخدمت طرق واساليب فنية في نحتها خلال القرن الاول قبل الميلاد وحتى القرن الثاني الميلادي فادى ذلك إلى تمازج حضاري روماني ساعد الأنباط في نحت الواجهات وهي تحمل طابعاً رومانياً من خلال الاعمدة الكورنثية المزخرفة( )، ان طبيعة النحت النبطي قد تجلت في المعابد والقبور المجوبة وغالبية الاعمدة خالية من الزخرفة في تيجانها، اذ انعكست التأثيرات الرومانية على فن النحت النبطي على الواجهات ولا سيما الخزنة التي ظهرت عليها الزخارف النباتية والبشرية والحيوانية واستخدمت الزخارف النباتية في البتراء وخربة التنور( ) ، نستشف من خلال التأثيرات الرومانية على نحت الواجهات النبطية بان الفنان النبطي استخدم الزخرفة وتزيين الجص الذي كان يعلو الواجهات والجدران المزخرفة التي رسم عليها الاشكال النباتية في البتراء( ) هذا وقد ظهر فن النحت على التوابيت والمعابد والاضرحة، اذ زينت جدرانها بالزخارف ومنها معبد العزى ومعبد الاسود المجنحة، وقد وجدت الزخارف على تيجان الاعمدة في البترا ويعود تاريخها إلى القرن الاول الميلادي( ) . ويبدو من خلال المشاهد والزخارف التي وجدت على الواجهات الصخرية وتيجان الاعمدة اذ وجدت فيها زخارف رومانية ذات اشكال ورود على البوابة في قصر البنت في البتراء ويعود تاريخها إلى الفترة (9ق. م-76م)( ) .
ثالثاً : الرسم الزيتي :-
انتشر هذا الفن في الأنباط ولا سيما في المعابد والمدافن فقد وجد في البتراء الرسوم الزيتية الجدارية في معبد الالهة ، فقد انعكست التأثيرات الرومانية على اللوحات الزيتية النبطية فوجدت على اسقف البيوت في منطقة البترا والنقب وخربة الذريح النبطية ، وتتمثل هذه الرسوم بأشجار ذات اغصان متفرعة واوراق كثيرة( ) كما وتعكس لنا الشواهد الفنية في التصوير الجداري ولا سيما في الفصول الاربعة واغصان الزهور اذ استخدمت لوحات الفريسكو( ) فظهرت الشواهد الفنية في التصوير الجداري ذات الطلاء الملون فوق ارضيات جدارية مبنية ، اذ انعكست هذه المشاهد من خلال انفتاح الحضارة النبطية مع الحضارة الرومانية عن طريق التجارة ولا سيما في ابراز الفن النبطي من خلال المنحوتات الصخرية والواجهات فهي بأسلوب نبطي فوجدت انواع من الزخارف النباتية وقد اتصلت بها عناقيد العنب واغصان الزينة والنخيل والاشكال الاسطورية( )
ان طبيعة الفن النبطي تتجسد في اللوحات الجدارية ولا سيما في البتراء والزنطور اذ انعكست التأثيرات الرومانية فقد وجدت في جدران الغرف اذ ظهر الرسم واضحا باستخدام اللون الازرق والذي يتضمن رسم وتصوير المشاهد المعمارية واللوحات الرخامية الحمراء( ) وقد انعكست التأثيرات الرومانية على اللوحات الفنية النبطية مع وجود اختلافات في الرسوم فقد تأثرت مدينة بومبي( ) ، مع وجود الاختلاف في بعض اللوحات ولا سيما في لوحات الزنطور إذ ظهرت الأبواب المؤطرة والإشكال الخرافية ورسوم البوابات في الغرف وكذلك رسوم أقواس معمارية باللونين الأحمر والأسود( ) أنعكس تأثير الرومان على تصوير المشاهد والرسوم على اللوحات في معبد الاسود المجنحة في الأنباط وهذا ما توضحه اللوحات الجدارية التي تحمل الرسوم النباتية فظهرت تماثيل نصفية استخدمت للطقوس الدينية وهي بنفس اسلوب مدينة بومبي كما تعكس لنا التأثيرات الرومانية على الحمامات النبطية فوجدت فيها زخارف جدارية ملونة ورسومات جداريه نفس رسومات مدينة بومبي الرومانية واستخدمت هذه الرسوم الهندسية في تغطية الجدران( )
رابعاً:- الزخارف الجصية :
وهي من السمات الفنية التي تميز بها الفن النبطي وهي نوع من الاسمنت والجص اذ استخدمت الزخارف كطبقة للأرضيات والجدران الخارجية وحمايتها من عوامل الطقس ، اذ اتبع الأنباط طريقتين لعمل الزخارف الاولى تتمثل في الالواح الخشبية والثانية تتمثل في غرز الاوتاد واستخدامها كأداة لتثبيت الزخارف الجصية على الجدران( ) كما وتعكس التأثيرات العمرانية الرومانية على الزخارف الجصية النبطية من خلال الواجهات وجدران المعابد والقبور التي وجدت في البتراء، استخدمت الزخارف الجصية ذات الاخاديد المتراصة من اجل تعشيق الغطاء واعطائه قوة ومتانة) (
وقد ظهرت الزخارف الجصية على الاعمدة بزخارف بارزة اذ استخدمت فيها تصاميم منها الدائرة والمعين وزخرفة البيضة لذلك انعكست التأثيرات الرومانية على المعابد فظهرت الزخارف في معبد قصر البنت ولا سيما على واجهات جدران المعابد ، وعلى الرغم من ذلك فأن التصاميم الزخرفية الجصية النبطية هي مشابهه للتصاميم التي وجدت في سوق تراجان (98-117م)، الروماني وذلك من خلال الاعمدة والواجهات الامامية( ) ومما لاشك فيه فان الفنان النبطي استخدم الزخارف الجصية في جدران المعابد والمنازل والاعمدة واللوحات الجدارية من اجل اعطاء نظرة جميلة للجدران من خلال الرسومات الجدارية التي تمثلت بالزخارف النباتية كأوراق العنب والاشكال الاسطورية .
خامساً:- الفخار النبطي الملون:
بدأ اهتمام الأنباط بالفخار النبطي الملون ،اذ استطاع الفنان النبطي ان يخرج لنا من خلال التأثيرات الرومانية بفن ذات جودة عالية من حيث الشكل والرقة والوانه وزخارفه المميزة عبر العصور( ) ، وعلى الرغم من التأثير الروماني على الفخار النبطي الملون اذ انعكست التأثيرات على الفخار والزخرفة النبطية فطبع اشكالاً ورسوم مختلفة فكان اللون الغالب عليها هو اللون الاحمر القرميدي( )، وتتسم طبيعة الفخار النبطي بأشكاله المدورة التي تطورت في القرنيين السادس والخامس قبل الميلاد ،اذ ظهرت الاواني الفخارية على شكل اطباق وصحون واواني مفتوحة فزودت بخطوط حمراء غامقة على وجهها الداخلي وطليت باطنها باللون الاحمر( ) كما انعكست التأثيرات الرومانية على الاواني الفخارية اذ انتج الأنباط اواني خاصة بالعطور الزيتية التي تشابه العطور الزيتية الرومانية، وعلى الرغم من ذلك فان الاواني الفخارية المسطحة كانت من اهم ما ينتجه الفنان النبطي لما تمتاز به من زخارف وخزف وامور فنية اما الالوان التي استخدمها الفنان النبطي في زخرفته فهي اللون الاحمر الغامق واللون الاسود فوجدت كميات كبيرة من الفخار ذات الاوراق النباتي (النخيل – الفواكه)( ) ، وقد ظهرت الرسوم على الفخار النبطي اذ تميزت بزخرفته النباتية التي ظهرت على الاطباق والاواني الفخارية ولا سيما في البتراء والنقب وهي ذات اشكال ادمية ورسوم الطيور عليها( ) ، وقد اهتم الأنباط بفن التصوير الجداري من خلال الرسوم على الجدران ورسم التصويرات، كما تعكس لنا التأثيرات الرومانية على الفخار النبطي ومنه الفخار ( تيرا سيجلاتا – ( Terra sigillata ) ، وقد ظهرت عليه زخارف من الحلي او تصوير الانسان للمشاهد كالصيد والاساطير( )
وعلى الرغم من ذلك فقد عثر على عدد من المواقع النبطية في العقبة ومدائن صالح والبترا ويعود تاريخها إلى نهاية القرن الاول قبل الميلاد ، اذ استخدمت فيها انواع من الجرار منها ما يعرف بجرار كوان (Kuan )( ) ، كما وتعكس لنا التأثيرات الرومانية على الفخار النبطي من خلال الاواني الزجاجية التي عثر عليها في المعبد الجنوبي والزنطور( ).

سادساً: الاسرجة الفخارية :-
اهتم الأنباط بالاسرجة الفخارية الرومانية اذ عثر عليها في عدد من المواقع النبطية ولا سيما البترا وخربة الذريح تعود إلى القرن الاول الميلادي فظهرت انواع من الاسرجة منها الاسرجة المزخرفة بالأشرطة والاسرجة المصنوعة محلياً( ).
سابعاً: الحمامات النبطية:-
بدأ اهتمام الفنان النبطي في الحمامات وهي نوع من انواع الحضارة اذ استخدم الفنان النبطي الحمامات التي وجدت في وادي موسى والبترا وخربة التنور وخربة الذريح اذ تميزت الحمامات بعمارتها وجماليتها وفنها فاستخدمت الحمامات للثقافة وازالة الافرازات الجلدية والتطهر( )
كما وتعكس التأثيرات الرومانية على الحمامات النبطية من خلال بناء الغرف وتخطيطها وزخرفتها إذ يتألف الحمام من ثلاث غرف ، غرفة لتغيير الملابس وغرفة باردة وغرفة ساخنة تحتوي إحدى الغرف على أنابيب فخارية وفيها ثقوب من اجل تسخين الحمام، وقد أظهرت هذه الحمامات تأثيراتها الواضحة من خلال النظام الحراري المعتمد في الحمامات النبطية خلال القرن الثاني قبل الميلاد( )، ولكن لم تذكر النصوص الكتابية شيء من التفصيل عن الحمامات النبطية لذا نفتقر إلى معلومات تفصيلية دقيقة عنها إلا من خلال تحليل بعض المشاهد التي عكست طبيعة الحمامات النبطية ولفترات مختلفة.

ثامناً: المباني السكنية:-
بدأ الاهتمام النبطيين بالجانب العمراني والفني وذلك من خلال المباني المعمارية التي وجدت في الزنطور والبتراء وحوران وقد عكست التأثيرات الرومانية على المباني السكنية إذ استخدمت الأعمدة وهي تشبه المباني السكنية الرومانية في القرن الأول الميلادي( ) ، وهذا ما يؤكده النص في حوران والمؤرخ ما بين ( 41-53م )، اذ جاء بالصيغة النبطية الآتية: ( د ا م ح ر م ت ر ا و .. ) ج ر ا ن د ر ا د ي ن د ر و ع ل ي ن ح ش ب ر )) بمعنى (( هذا المكان المحرم ... والحجرة النذر التي نذرها ع ل ي ن ح ش بن)).
نستشف من النص ان الأنباط قد اهتمت بالمساكن النبطية من خلال المكان والحجرة النذر( ) وقد اعطى النبطيين اهمية للمساكن المعمارية والعمل بها ولا سيما التيجان التي تزيينها رؤوس الأسود واكاليل الغار وهذا ما يعكسه النص الكتابي الاتي : ( ع ب ت ب ر د ص م ي ح و ... ه ل ن .. ي ... و م ر ت ي و ي م ت ق ر ا ز ب د ت )( ).
تاسعاً : الزخارف المنحوتة :-
ان طبيعة الزخارف المنحوتة متنوعة إذ شملت عناصر فنية منحوتة في الحجر فظهرت اشكال نباتية وحيوانية وادمية وزخارف هندسية إذ انعكست التأثيرات الرومانية من خلال الاشكال الادمية التي تزخر بالزخارف والمنحوتات الحجرية والتماثيل ذات الملامح الهندسية فظهرت التأثيرات على الفنان النبطي فكان اكثر واقعية من خلال الأردية والملابس( ).
كما وتعكس التأثيرات الرومانية على التماثيل المجنحة فظهرت سعفة النخيل والاكليل ولبس الرداء ذو طيات منحوتة وكذلك ظهرت التأثيرات في خصل الشعر وقد رتبت بشكل منسجم في تماثيله إذ وجد هذا التأثير في تماثيل خربة التنور والبتراء( ) ، وتتسم التأثيرات الرومانية فنجدها في الأشكال الحيوانية ذات الأشكال المتعدد ولا سيما على واجهة الخزنة في البتراء وذلك من خلال حيوان السنتور المجنح على افريز في الجزء العلوي من الواجهة ،كما وتعكس التأثيرات الرومانية على معبد قصر البنت من خلال شكل النسر وملامحه الحزينة والراس كان بارزاً( ) .
لهذا شهدت التأثيرات الرومانية على الزخارف الهندسية النبطية إذ استخدمت في تزيين الافاريز منها زخرفة البيضة في معبد الأسود المجنحة فوجدت في البتراء أشكال ثمانية بأسلوب زخرفي على واجهات معبد قصر البنت( )
وعلى ما يبدو فان الأنباط تأثرت بالفنون الرومانية من خلال الزخارف الفنية التي رفدت الفن النبطي بالكثير من الأسس التي سار عليها ولقد وظفها الفنان النبطي لتخدم أفكاره وأسلوبه ولا سيما في الواجهات الصخرية في البتراء( ) ومدائن صالح( ) ونستشف من خلال المظاهر والمشاهد والمنحوتات الحجرية النبطية بان الأنباط اهتمت بزخرفة الواجهات واخراجها في مظهر جميل واسلوب منظم ولكن لم تسعفنا النصوص بشيء من التفصيل عن الزخارف المنحوتة لذا نفتقر إلى معلومات تفصيلية دقيقة عنها إلا من خلال تحليل بعض الزخارف التي زينت الواجهات والتي عكست طبيعة الزخارف النبطية.
عاشراً: النقود:
اهتم الأنباط بالنقود لما لها من اهمية كبيرة في فهم الحالة السياسية والاقتصادية والدينية فهي وثائق مهمة يمكن الاعتماد عليها في استنباط الحقائق التاريخية سواء ما يتعلق منها بالأسماء او العبارات المنقوشة عليها( ) وقد انعكست التأثيرات الرومانية على النقود النبطية من خلال استخدام صور الحكام والاباطرة واسمائهم ورموزهم الدينية ولا سيما في البتراء ومدائن صالح والنقب ووضعها على نقودهم ، فظهرت التأثيرات الرومانية على النقود النبطية اذ قام الملك رابيل الثاني (70-م106)( ) بتغيير صورة الامبراطور تراجان (98-117م) والقابه( ) كما وتعكس التأثيرات الرومانية على النقود النبطية من خلال المظاهر الدينية لمعرفة ودراسة اللغة والخط والفنون والتي عكسها الفنان النبطي على القطع النقدية في البتراء خلال القرن الثاني قبل الميلاد( ) وعلى ما يبدو فان التأثيرات الرومانية انعكست على الانباط ولا سيما على العملة عن طريق التجارة اذ استخدم الانباط العملة الرومانية في معاملاتهم التجارية حتى تسلم الحكم الحارث الثاني (110-96ق.م) الذي سك اول عملة نبطية( ) اذ اعتمد الرومان على مراكز لسك النقود في الانباط ومن اهما بصرى( ) والبترا اذ قام الامبراطور هادريان (117-138م) بسك النقود في البتراء ،فظهرت على النقود صورته باللباس العسكري وعلى ظهرها صورة للالهة تايكي، وقد سكت عملة نقدية اخرى وهي تحمل اسم البتراء ولقبها(متربولس) ويظهر على الوجه الاخر اكليل الغار( ) كما تعكس التأثيرات الرومانية على النقود النبطية اذ قام الامبراطور الروماني انطونيوس بيوس (138-161م) بسك النقود التي تشابه نقود هادريان (117-138م) التي سكت في البترا( ) وتتسم طبيعة التأثيرات على القطع النقدية فاهتم الامبراطور سبتيموس سيفروس (193-235م) بسك عملة نقدية في البترا فظهرت صورته على العملة والوجه الاخر صورة معبد الالهة تايكي( )
نستشف من خلال الصور والمشاهد التي ظهرت على العملة النقدية نجد اهتمام الرومان بسك النقود في بصرى والبتراء، اذ حملت هذه العملات صور الملوك والالهة ولا سيما الالهة تايكي ولكن لم تسعفنا النصوص بشيء من التفصيل عن النقود النبطية لذا نفتقر الى معلومات تفصيلية دقيقة عنها الا من خلال تحليل بعض العملات التي سكت في البتراء وبصرى والتي عكست طبيعتها ولفترات مختلفة .
احدى عشر :- المسارح:-
بدأ اهتمام الانباط بالمسارح في منتصف القرن الثاني الميلادي فهي من المسارح المهمة في الشرق الادنى، اذ استخدمت الزخارف في عصر الامبراطور الروماني هادريان(117-138م) ،اذ غطت جهات المعبد العلوي من المسرح( ) وقد ظهر المسرح بشكل نصف دائري اذ يبلغ القطر الخارجي (102م) والقطر الداخلي (27م) وارتفاعه(25م) وبطبيعة الحال فأن المسارح الرومانية هي ذات تأثير يوناني وقد انعكست على المسارح النبطية ولا سيما في مسرح البترا، فكان المسرح على انحدار صخري واهم ما يميزه هو اقبيته ( الطاق الطويل ) التي وجدت محفورة في الصخر وتتصل الاقبية فيما بينها بقبو عريض موازي لانحناء ودوران مدرج المسرح( )
ان طبيعة المسارح النبطية لها اهمية فوجدت فيها خمسة مداخل علوية مطلة على الداخل فالمدخل الشرقي منها يقود الى قبو مبني جدرانه من الحجر البازلتي اما ارضيته عبارة عن درج صاعد لمدخل خارجي للمسرح( ) كما وتعكس التأثيرات الرومانية على المسارح النبطية اذ استخدم المسرح على شكل حذوة الحصان والذي اقيم في منحدر ارضي وشكله الكامل المستدير ، وفيه مدخلين هما ( parasking ) و ( skine ) يمثلان المشهد المسرحي وعلى جانبيه خشبة المسرح ( parasking )( ) اذ انعكست التأثيرات الرومانية على المسارح في البترا وبصرى لكن الانباط اضافوا عليها ( cavea ) على شكل حذوة الحصان وتمتد حتى ( frons scunae ) وقد ساعد هذا على تطوير المدرج الذي يعود الى القرن الاول الميلادي وبلغ ارتفاعه( 52م وعرض المقعد 59سم) اذ يحتوي المدرج في البتراء على ستة الاف شخص( ) وعلى ما يبدو فان المقاعد تتألف من ثلاثة اجزاء فالجزء العلوي يحتوي على عشرة مقاعد والجزء الوسط يتألف من 34 مقعداً ،اما الجزء السفلي يتألف من احدى عشر مقعدا والجزء الامامي فهو مبني بالحجارة ويوجد في اعلى المدرج نظام تصريف للمياه( ) .
اثنى عشر : التيجان النبطية :-
بدأ اهتمام النبطيين بالتيجان والاعمدة منذ القرن الاول قبل الميلاد وقد تجلى الفن النبطي في ابهى صورة ولا سيما في المعابد والقصور والواجهات، ويتم ذلك العمل بوضع خطط مرسومة فتنحت الاعمدة وتزود تيجان الاعمدة ذات رؤوس بشرية( ) كما وتعكس التأثيرات الرومانية على التيجان النبطية فاستخدموا تيجان ذات اشكال مختلفة وذلك من خلال المباني المعمارية المنحوتة والمبنية ، اذ صنفت اشكالها الى طرز مختلفة ومنها التيجان المجسدة الدورية وشبه الدورية ، وظهر هذا النوع من التيجان في البناء النبطي وانعكست التأثيرات الرومانية على التيجان النبطية بزخرفته الطبلية او ما يسمى عنق العمود او الصلب المائل (echinns) وزخرفة الوسادة(Abacus) ولكن الانباط اضافوا على التيجان بزيادة ابعاد الزخرفة للوسادة وشكل نوعاً بارزاً سمي عنق التاج (Echinns)( )
ان طبيعة التيجان النبطية قد تجلت بفنها فقد ظهرت انواع اخرى من التيجان منها زخرفة الصرة واللسان(Toygue and Boss) ووضعت هذه الزخرفة تحت كل قرن والزخرفة الاستراجية (Asatragal) تتميز بوجود الحلية المعمارية المحدبة ذات السطح المدور وزخرفة رباط عنق التاج (Necking)( )
وقد انعكست التأثيرات الرومانية على التيجان اذ ظهرت على قبر الجندي الروماني وتيجان قبر قصر البنت في البتراء وواجهات مدائن صالح ولكن الانباط اضافوا اليها زخارف وتم تطويرها ولا سيما في عهد الملك الحارث الرابع (9ق.م-40م) فظهرت زخرفة القلب واللسان المعكوس ويكون على شكل الصرة او العقدة( ) لهذا شهدت الانباط زخارف جديدة على تيجانها اذ انعكست التأثيرات الرومانية فتميزت بظهور تيجان مقولبة (Moulded Capital) وكذلك تميزت باطارات مقولبة وبروز عنق التاج المستطيل ولا سيما في البتراء، وعلى الرغم من ذلك فان الفنان النبطي استخدم طرزا مختلفة في الزخرفة والرسوم فقد عثر على تيجان كورنثية ذات الزخارف النخلية في معبد قصر الربة في البتراء ويتكون من زخرفة حلزونية تسمى الهيلكس( ) اذ استخدم الفنان النبطي الرؤوس الادمية على التيجان ولا سيما في البتراء اذ برز تاج العمود من الحجر الرملي وظهرت عليه زخارف مركبة (Conponnd Capital) واستخدم فيها زخارف عناقيد العنب وسمي هذا النوع من الزخارف بتاج اللفائف النباتية المسكونة (Inhabite Serolls )( ) وتتسم طبيعة التيجان النبطية بفنها وزخرفتها فظهرت منحوتات تاجية تمثل اشكالاً خرافية مجنحة تسمى (Sphinx)( ) اذ استخدمت التيجان في معبد الاسود المجنحة فاستطاع الفنان النبطي ملئ الاسطح الملساء في جسم الاسد، وقد ظهرت منحوتات بارزة على تاج العمود ولا سيما في معبد خربة التنور والذريح وقد زينت التيجان بتيجان كورنثية منحوتة من الحجر الكلسي( ) ،ونستشف من خلال الرسوم الزخارف التي ظهرت على التيجان النبطية نجد اهتمام الانباط بتزيين واجهات الاعمدة بزخارف مختلفة ولا سيما في معبد الاسود المجنحة ومعبد خربة الذريح والبترا ولكن لم تسعفنا النصوص الكتابية بشيء من التفصيل عن التيجان والاعمدة لذا نفتقر الى معلومات تفصيلية عنها الا من خلال تحليل عض الزخارف والمشاهد المختلفة والتي عكست طبيعتها على التيجان النبطية ولفترات مختلفة .
ثلاثة عشر :- المعابد :
لقد ابدع الفنان النبطي في المعابد ولا سيما في معبد الالهة ذو الشرى الذي اكسب مظاهر عمرانية وفنية خلال القرن الاول قبل الميلاد، اذ استخدم الفنان النبطي العناصر المعمارية لجميع المعابد( ) ،اذ انعكست التأثيرات الرومانية على المعابد ولا سيما معبد خربة التنور ومعبد خربة الذريح فظهرت فيها الاعمدة المتشابكة مع بعض الجدران التي اعتمد عليها الانباط في بنائهم والتي استخدمت في تزيين الواجهة للبوابة الرئيسية( ) هذا وقد ظهرت التأثيرات الرومانية على الاعمدة المكشوفة في جوانب المنصة واصبحت تشبه مجموعة الصناديق ذات احجام مختلفة، اذ استخدمت فيها طرز ومخططات مختلفة في المعابد النبطية مربعة ومستطيلة الشكل( ) وعلى الرغم من ذلك فان الانباط ابدعوا في فنهم للمعابد ولم يكونوا ملتزمين بالخطط والمبادئ المعمارية التي وضعها فيترو فيوس( ) بل اضافوا عليها ولا سيما في معبد الاسود المجنحة والمعبد الجنوبي، واصبح لدى الفنان النبطي الابداع في هذا المجال وفق طرز ومخططات للمعابد النبطية وهي ذات تأثير روماني( ) وقد انعكست التأثيرات الرومانية على البتراء ولا سيما في معبد الاسود المجنحة يعود تاريخه الى فترة حكم الحارث الرابع (9ق.م-40م)، فبرزت التأثيرات على بناء المعابد والمدخل الرئيسي وصحن المعبد وقد رصفت ارضيته بقطع زجاجية مربعة ومستطيلة وسقفه مدعم بالدعامات الخشبية من حزم القصب( ) ونستشف من خلال المعابد النبطية تأثير الرومان واضحاً ولا سيما في البتراء وقصر البنت ومدائن صالح فقد انشأت على الطراز الكورنثي والواجهة تزينها اعمدة وتحمل معها زخرفة( )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة