الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن التنوير ح 15 من سلسلة الوعي المجتمعي ، الكتاب الثاني .. الوعي بالتنوير دوتوكفيل انموذجا

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من خلال دراستي لواقع الحركة التنويرية التي ابتدات في اوربا وانعكاساتها على العالم لاسيما على القارة (امريكا) رايت لزاما التطرق الى التجربة الامريكية في التنوير التي من النادر ان يعرف عنها شيئا فحديثنا عن التنوير يتلخص دوما في الحديث عن اعلام التنوير الاوربي كفولتير ونيتشة وهوبكنز وغيرهم من رواده والذين اثروا بشكل مباشر او غير مباشر على حركة التنوير الامريكية ، الا ان الامريكيين قادوا حركة تنوير رائعة قبل الحرب الاهلية وبعدها ساهمت في نهضة وحداثة امريكا الحالية بعظمتها في المجالات الفلسفية والفكرية والعلمية والانسانية .
وسنكتب عن حركة التنوير في امريكا ضمن نقاط كي يستطيع القارئ فرزها بشكل سليم والاستفادة منها :
1- بنيامين فرانكلين : مثل مدينة المستوطنات ولد في بوسطن عام 1706م ، وساعد في ايجاد مؤسسات للتعليم وتطوير علم التربية المدنية واخترع مانعة الصواعق والنظارات ثنائية البؤرة وله ابحاث في الكهرباء وكشف في جميع نشاطاته عن الثقة بالعقل الانساني ، كما اعلن عن التعليم العالي في القرن 17 عبر هارفارد التي تااست عام 1636 ووليم وماري 1693م ،وما بين (1740-1770م) جرى تاسيس 6 كليات جديدة الكلاسيكية واللاهوت كموضوعين رئيسيين فيهما غير ان مناهج الدراسة في الكلية اتسعت لتشمل مناهج اخرى.
2- اخترعت اول الة طابعة في كامبردج ماساشوستس عام 1639م.
3- اول انطلاقة محددة من البيورتان الارثذوكس تاسيس كنيسة (براتل ستريت) الاكثر ليبرالية عام 1699م من قبل جماعة من تجار بوسطن.

4- اول جريدة ناجحة في بوسطن والتي صدرت عام 1704م وجرت اول محاولة لاصدار مجلة ادبية عام 1741م.
5- حال عدد كبير من العناصر القيادية في المرحلة الثورية الى الربوبية desim وتفيد معنى الايمان بالله من غير الاعتقاد بديانات منزلة وقوام الايمان هذا العقل وليس الوحي ومن مظاهرها التوكيد على المناقب والاخلاق ونكران تدخل الخالق في نواميس الكون.
6- كما كان افتتاح اول نقد للديانة المسيحية في امريكا هو العقل (الوحي الوحيد للانسان) والذي عكف على كتابته الزعيم الثوري ايتان الان وجرى نشره عام 1784م

7- بدات حركة امتلاك المكتبات في مطلع القرن 18 امتلك كل من كوتون ماذر في بوسطن ووليم بايدر في فرجينيا اكثر من 400 مجلد أي لكل واحد منهما.

8- في منتصف القرن الثامن عشر تخلى عدد من رجال الدين في بوسطن عن المذهب الكالفاني في القضاء والقدر واكدوا بان الخلاص يعتمد على الاختيار الحر للانسان وهو المعتقد الذي عرف بأسم (ارفينزم) نسبة الى (ارمينيوس) (1560-1609) وهو رجل دين هولندي بروتستانتي انتقد بشكل لاذع تعاليم جون كالفن وبخاصة فكرة القضاء والقدر وقال بامكانية الخلاص لجميع البشر ويطلق على دعاتها وانصارها (الارفينزم) وفسروا ان الدين ماهو الا مجموعة من القواعد والاحكام التي تروم الى تحقيق السعادة الانسانية .

9- وبينوا بان ذلك هو الافضل في الحياة الدنيا وان رغبة الخالق هي انقاذ جميع الناس واكثر من تاثر بالتفاؤلية الثيولوجية (اللاهوتية)(جارلز جانسي) الذي كتب عن الخيرية (النزوع الى الخير) في الالوهية قرابة العام 1750م ولم ينشر حتى عام 1784م ، وجونثان ميهيو وقد تطور هذا النزوع الى التوحيد (نبذ التثليث والايمان باله واحد) وان لم تكن هناك مجاهرة معلنة بمثل هذا الموقف حتى بعد الثورة .

10- الكيوكرز في فيلادلفيا ومن صفاتهم : تفاؤل بساطة تشديد على عمل الخير انسجموا مع حركة التنوير الفلسفية وكان من ابرزهم مسجل محاضر الهيئة التشريعية في نيوجرسي (تايلور جون وولمان) الذي اصبح مناوئا لدودا للعبودية وغيرها من المظالم الاجتماعية والاقتصادية

11- جونثان ادواردز اقترن اسمه باليقظة ترك الكنيسة عام 1750م كان رايه داحضا للتفاؤلية وهي الايمان بان هذا العالم خير العوالم الممكنة وان الخير سوف ينتصر على الشر في نهاية المطاف تفادى مسالك التمرد الفوضوي لبعض من جماعات الضياء الجديد ولديه مؤلف اسمه حرية الارادة freedom of will
وادواردز هو المفكر الاكثر عمقا ممن انجبتهم امريكا المستوطنات ومقالته او مؤلفه حرية الارادة وفيه عد بان الارادة تصمم على الدوام بالدافع الاقوى ومن ثم فلا معنى لتعبير حرية الخيار، كانت انموذجا على البراعة المنطقية والاكثر تاثيرا مقالته رسالة تخص المشاعر الدينية وفيها اصر على ان الدين هو بالضرورة تجربة وجدانية ، وليس مشكلة قرار معتدل وعقلاني ، فالخالق نقل المعرفة باحسانه الى اولئك الذين اختارهم للخلاص ومن ثم نزع عنهم مقاومة حبه وطاعته والرحمة تعني كامل التسليم الى مشيئة الله وفي كتابات اخرى وصف ادواردز طبيعة الكون وصورة التاريخ الانساني كتعبيرات منسوبة الى الخالق واصر على ان العالم والانسان نفسه ملوثان بالشر غير ان القبح والخطيئة ضروريان حتى يبدو الاحسان والعدالة الالهيان على نحو جلي وظاهر .
كما اظهر نفسه مصدرا لحركة التنوير الفلسفية وفي تحديده الاعتقاد الديني بوصفه نورا روحيا وربانيا يغشى الروح على الفور فانه ساهم في نمو الفردانية الليبرالية كما يعبر بعض الكتاب عن ذلك. وكان لكتاباته اللاهوتية تاثيرات قليلة في حياته ولكنه ترك جماعة ومن اكثرهم اهمية : جوزيف بيلامي وصامويل هوبكنز حيث عكف الرجلان على مواصلة مهمته في اعادة تاويل وعقلنة الكالفنية ونفذ اللاهوت الجديد لادواردز تدريجيا الى الكنيستين الابرشية وعلى نحو اقل المشيخية وفي نهاية القرن الثامن عشر اخذ تقريبا كل رجال الدين في نيو انغلاند ما خلا بوسطن وعددا من الولايات الوسطى يعظون الناس بالمبادئ الادواردية وتسببت جهودهم في منافسات دينية جديدة بدءا من تسعينيات القرن الثامن عشر نزولا الى الحرب الاهلية 13 نيسان 1861م والتي عززت بشكل كبير تاثير الكنائس البروتستانتية وكان لها انعكاسات على التطور الاجتماعي والسياسي الامريكي فلادواردز دور مهم في التاريخ الحضاري الامريكي.
جوناثان ميهيو من بوسطن القى في العام 1750م موعظة مشهورة اعلن فيها ان الخروج على الحكومة الظالمة ليس فقط حق وانما واجب ايضا، وناصر جونثان عضو المشيخية في الكنيسة الابرشية بابسوج ماساشوستس نظرية جون لوك .
كما جرى قبول تنظيم التجارة عبر الحكومة البريطانية من قبل غالبية الامريكيين حتى الثورة برغم نقد التفاصيل وعلى اية حال، فان القلة من الكتاب ناصروا حرية التجارة التامة وكان من اكثرهم تميزا فرانكلين الذي وصل الى هذا الاستنتاج عام 1751 وبعضا من مقالاته التي كانت اسهاماتها اكثر اصالة في النظرية الاقتصادية كتبها خلال مرحلة الاستيطان وله اسهام مميز في مناظرة حول النقد الورقي مناشدا بان التقدم الاقتصادي سيعرقل الا اذا كانت هناك كمية كافية من النقد، ومعترضا على مبدأ ان الذهب والفضة هما فقط من ينقذ النقود او العملة ، واستمد ايضا من الفيزيوقراط الفرنسيين الشعار بان الارض هي المصدر الوحيد للثروة ولذلك فان المزارعين هم فقط المنتجون الحقيقيون وسيكون التجار بالضرورة طفيليون وكان لهذه النظرية قبول واسع في امريكا بسبب تظهيرها لتبرير معارضة السكان القرويون للمصالح المالية بريطانية او محلية على السواء.
ملحوظة هامة:
الفيزيوقراط: اول من طرح نقدا منهجيا للاعتقاد التقليدي في التنظيم الاقتصادي والحث على مبدأ جديد انذاك قوامه عدم التدخل وناقشوا ايضا بان الارض هي المصدر الوحيد للثروة وان الدول يمكن ان تصبح مرفهة حقا فقط بتشجيع الزراعة والمناصر الاكثر تاثيرا في سياسة عدم التدخل او الاسكتلندي ادم سميث (1723-1790) م الذي نشر كتابه ثروة الامم عام 1776م وفيه بين سميث بانه اذا ترك كل فرد حرا بالسعي من اجل مصلحته الذاتية فان عملية التنافس سوف تروج للرفاه العام، فاليد غير المنظورة لله اقامت الانسجام بين مصلحة الفرد وبين مصالح المجموع، وراى سمث بان لا حاجة الى الشركات وفضل نظاما اقتصاديا يدار في اطاره الانتاج والتجارة من قبل صغار الملاك المستقلين .
وفي علاقة التنوير بالعلوم العلمية فلقد كان لتطور الفيزياء تاثير عرضي مهم في اضعاف الاشكال الاكثر خرافة في المعتقدات الدينية فمانعة الصواعق LIGHTNING ROD لفرانكلين على سبيل المثال لم تكن مهمة فقط لحماية الابنية من التدمير وانما لانهاء المخاوف من اعتبارها علامة على غضب الخالق ويمكن عد انتشار المواقف العقلانية دالة مناسبة نتجت عن زلزالين ضربا شرقي ماساشوستس فزلزال عام 1728 دفع غالبية السكان الى الاسراع الى الكنائس وشاركوا باهتياج شديد في الصلاة وتلاهم عدد كبير من المهتدين وفي العام 1755 ومن جانب اخر لم يتسبب الزلزال الاكثر قساوة بزيادة في عدد المنتسبين الى الكنيسة ولاقت شروحات البروفيسور وينثروب العلمية له قبولا عاما.
وفي عام 1768 اصبح جون ويذرسبون المهاجر من اسكتلندا رئيسا لبرنستون وقدم ما عرف باسم مدرسة الفطرة السليمة او الاسكتنلندية للفلسفة ، وقد اقرت هذه المدرسة بان العقل والمشكلة كلاهما موجودان وعلى نحو مستقل احدهما عن الاخر ، وان معتقدات المواطن البسيط وضمنها بشكل خاص معتقداته الدينية هي فعالة فلسفيا وبعيدا عن المشاكل الميتافيزيقية والحدة العقلية كانت طريقة فهم الفطرة السليمة مرحب بها، من قبل الطلبة الامريكيين، وتواصلت لتصبح الاتجاه المهيمن على الفلسفة الاكاديمية الامريكية لقرابة المائة عام ، وفي المسرح الامريكي وبرغم التشدد الديني تطور الاهتمام به ففي مطلع القرن 18 بدات مجموعات محترفة انكليزية الطواف في المستوطنات الوسطى والجنوبية عارضة مسرحيات لشكسبير والدراميز واول مسرحية امريكية كانت من انتاج توماس غودفري عام 1767 وجرى استخدام فن العمارة والرسم والنحت والموسيقى وغيرها من الصور والاشكال الادبية لاشاعة الاحترام والتوقير وتعزيز الوجود الانساني بالاحاسيس التمثيلية للقوى الروحانية وعلى اية حال اصرت غالبية الاتجاهات البروتستانتية على ان ذلك غير ضروري ما دام بمقدور الروح الاتصال المباشر بالخالق، وبالتالي فان توسيط الاحاسيس عمل مؤذي للغاية ، واعتبر البيورتان الصور الدينية والتماثيل وثنية وفضلوا الانصياع الى الاديرة المخلصة والتي ينشدون فيها الترانيم من دون مصاحبة وسائلية لذا فقدت الاشكال الراقية من الفن ما كان يعد مبررها الاجتماعي الرئيسي ، والبيورتان لم يبغضوا الفنون الحسنة او الجيدة وانما يتوجب فصلها التام عن الدين ومن ثم عدوها تجديدات مقبولة ومن جانب اخر ان جدية وصدق ، العقل البيورتاني ساهم وبشكل كبير في النوعية الراقية من الفنون النافعة او المفيدة في امريكا.

وهنا نسال سؤالا هل باستطاعتنا نحن اليوم ان نؤسس جوامع ليبرالية كما اسس للكنائس الليبرالية في امريكا.
واستكمالا للوعي بالتنوير في امريكا سنسلط الضوء في المبحث القادم عن دراسة المؤرخ الفرنسي الكسي دوتوكفيل عن الديمقراطية في اميركا وسنجري مقارنات هامة بين الديمقراطية هناك وبين ديمقراطية العراق العرجاء علما ان دراسة دوتوكفيل كانت قبل 200 سنة ولنا ان نعرف مدى التطور الكبير لدى الولايات المتحدة ومدى اسبقيتها على العالم

13 - الكسي دوتوكفيل والعراق الديموقراطي .....
الحقوق والفضيلة في ضياع في عرف سياسيي اليوم ....


الكسي دوتوكفيل : هو مؤرخ وسياسي فرنسي مشهور 1805-1859
أشهر آثاره: «في الديمقراطية الأمريكية» (١٨٣٥ - ١٨٤٠ م) و«النظام القديم والثورة» (١٨٥٦ م
الكسي دوتوكفيل كتب كتابه المهم الديمقراطية في امريكا عام 1835 وقال انه قبل ستين عاما من هذا التاريخ شرعت امريكا في الديمقراطية .والذي يقرا وصفه لديمقراطية امريكا ويقارنها بديمقراطيتنا التي نعيشها اليوم يصاب باذى كبير جدا ، فمن اقواله الرائعة " مغامرات الملوك تفرغ خزائن الممالك" وهذا ما حصل لدينا اليوم حيث غامر الساسة في العراق وانتهت الحالة لدينا بافراغ الخزينة والتقشفات. ويقول ايضا" واذ يمتلك الفرد حقوقه مطمئنا الى احتفاظه بها من دون منازع ، تنشأ ثقة متينة بين الطبقات قاطبة وضرب من التسامح الابي المتبادل المجرد من الغرور او الوضاعة "
ونلحظ في بدايات الكتاب توصيفات هامة يفهم من خلالها مناقشة توكفيل لما تعانيه شعوب الارض حيث انها يتحتم عليها انتاج بشر متمدنين يسعون لبناء مجتمع على اسس جديدة وان يطبقوا نظريات بقيت مجهولة او اعتبرت عصية على التطبيق ولكنها حتما مهمة وستؤدي مهمة التغيير على خير وجه، كذلك فهو يعطي وصفا حقيقيا سايكولوجيا لنشأة الافكار والمعتقدات لدى الانسان وكيف انها تبدأ معه بسن مبكرة وتستمر لديه حتى تتكون شعوب وامم بنفس نشاة هذا الطفل الذي سيغدو رجلا كبيرا فالشعوب تتاثر على الدوام بنشأتها وتؤثر الظروف التي صاحبت ولادتها واسهمت في نموها على مجمل المسار الذي تسلكه في حياتها ، فالطابع القومي ينشأ مع نشأة الشعوب أي :في اثارها التاريخية الاولى فالمهاجرون الذين قدموا في حقبل مختلفة لاستيطان الارض التي يتالف منها اليوم الاتحاد الامريكي كانوا مختلفين عن بعضهم بعضا على اكثر من وجه، اذ لم يكن غرضهم واحدا ، كما كانوا يدبرون شؤون حكم انفسهم وفق مبادئ مختلفة ومع ذلك، كان ثمة قواسم مشتركة بين هؤلاء الناس جميعا كما كانوا يحيون في ظروف مماثلة .
ولديه راي جميل جدا في ان الدين ممكن ان يناصر الديمقراطية وممكن ان يحرف عن مساره لنصرة الاستبداد وهذا ما يحصل اليوم لدينا في العراق وحصل في فرنسا في لحظة كتابات دوتوكفيل وقبلها " ما زلنا نصادف بين ظهرانينا مسيحيين مفعمين بالحماسة الدينية ولا شك في ان هؤلاء سيسعون لنصرة الحرية البشرية ، منبع كل عظمة اخلاقية ولن تأنف المسيحية التي ساوت بين جميع البشر امام الله من رؤية الناس جميعا سواسية امام القانون ، لكن تضافر احداث غريبة جعل الدين منخرطا على نحو مؤقت في نصرة القوى التي تسقطها الديمقراطية " وانا اضيف لوصف الحالة العراقية على كلام دوتوكفيل الدين في نصرة القوى السيئة التي جاءت بها الديمقراطية العرجاء في بلادنا.
"والمتدينون يناصبون الحرية العداء وانصار الحرية ينددون بالاديان ، نفوس نبيلة وكريمة تمتدح العبودية ونفوس وضيعة تدعو الى التحرر ، مواطنون شرفاء مستنيرون هم اعداء كل اشكال التقدم واناس بلا حماسة وطنية وبلا تقاليد يزعمون انهم رسل الحضارة والانوار "، ويضيف دوتوكفيل "عالما لا ترابط فيه حيث الفضيلة مجردة من الاعتزاز وحيث هوى النظام مطابق لميل الطغاة ، والنزوع السليم للحرية مطابق لازدراء القوانين ، وحيث الضمير لا ينير بل يظلل اعمال البشر " فلا يوجد هنالك معادلة في الشعوب التي لا تعرف الديمقراطية الحقيقية فكما وصف دوتوكفيل المتدينون يناصبون الحرية العداء وانصار الحرية ينددون بالاديان فلا يوجد هنالك فهم متبادل بين الاطراف وهنالك اناس تزعم انها رسل الحضارة والانوار، والحرية تفهم في بلدنا اليوم كما وصف دوتوكفيل هي ازدراء القوانين ، بل حتى الضمير يظلل اعمال البشر .
ويستمر دوتوكفيل شارحا موارد عظمة الديمقراطية على الولايات المتحدة ابتداء من مدة حكم الرئيس المتمثلة باربع سنين وليس انتهاء بمبادئ الحرية التي يجب ان يلتزم بها الناس تجاه انفسهم او تجاه القانون فلم تزعم الولايات المتحدة في يوم ما ان الانسان فيها يمتلك الحق في صنع ما يشاء ،بل فرضت عليه واجبات اجتماعية اكثر تنوعا من أي بلد اخر كما يشير دوتوكفيل ، كما وضعت السلطة فوق الموظف ،لكي يبقى المجتمع منظما ومحتفظا بحريته ، كما ان السلطة موجودة ولكنها ليست مركزية بل هي :لا مركزية decenterlizaition بحيث انك لن تستطع في التدليل على السلطة داخل الولايات المتحدة ، ويصل الامر ان البلديات والمأمورين البلديين وقضاة الصلح يضعون قوانين خاصة بالولاية نفسها وحسب ما تقتضيه الحاجة المحلية ، وتفاصيل الحياة الاجتماعية ، ويصدرون ارشادات متعلقة باستتباب الامن والحفاظ على اخلاق العامة بين المواطنين وهذه نقطة هامة نطمح ان نراها مطبقة داخل بلادنا لان الموضوع يتبين من خلاله النجاح لهذه القوانين لانها تتناسب مع ما تحتاجه تلك الولادة من قوانين تضمن مسيرتها الصحيحة بل يتولى الموظفون البلديون ودونما تدخل من حافز خارجي تلبية الاحتياجات غير المرتقبة التي قد تطرأ على المجتمعات.
كما يشير الكسي الى ان اندلاع الثورة الامريكية حيث تسببت بخروج مبدأ سيادة الشعب من الاطار البلدي المحلي وطغى على مبادئ الحكومات في الولايات وتضافرت فئات الشعب وطبقاته لنصرة قضيته وخيض قتال لاجله.
بالنتيجة اذعنت الطبقات العليا للديموقراطية من دون تبرم او مقاومة وكانت ولاية ماريلاند التي انشئت على يد ملاكين كبار هي السباقة الى الاعلان عن تنظيم انتخابات عامة وادخلت الصيغ الاكثر ديموقراطية على اعمال حكومتها وفي وقت (الكسي) قال: ان في يومنا هذا بلغ مبدا سيادة الشعب في امريكا اقصى ما تتصوره المخيلة من تطبيقات عملية ، وتحرر من جميع الاوهام التي حرص الناس على احاطته بها في ارجاء اخرى ، نراه يتلبس تباعا جميع الصيغ بحسب الظرف والحاجة فتارة يصوغ الشعب مجتمعا القوانين على غرار ما كان يجري في اثينا وتارة يمثله نوابه الذين اوجدتهم الانتخابات العامة ويتصرفون بأسمه وتحت رقابته شبه المباشرة .
قد تقوم في بعض البلدان قوة ، من خارج الجسم الاجتماعي فتتولى قياده وتلزمه بسلوك نهج ما.
وفي بلاد اخرى ،قد تكون القوة منقسمة على نفسها فهي في وقت معا نابعة من المجتمع من خارجه، ولكن لا شيء من هذا القبيل قد يصادفه المرء في امريكا ،فالمجتمع يحكم نفسه بنفسه.
الولايات المتحدة حسب وصفه هي: عبارة عن اربع وعشرين امة صغيرة ذات سيادة ومن مجموعها يتالف جسم الاتحاد الكبير .
ومن حيث الترتيب الهرمي نجد ان الولاية فيها ثلاث مراتبيات هي:
1- الحكم المحلي او البلدية .
2- المقاطعة
3- الولاية
ان من اسس ولايات الشمال سيأخذ ما قامت به هذه الشعوب المهاجرة من تجارب مماثلة في انكلترا ونقلها الى ولايات الشمال لذلك نجد ان ثمة اوجه تماثل لا تحصى بين البلدية في اوهايو والبلدية في ماساشوستس.
ويشرح دوتوكفيل سلطة الولاية التشريعية وكيف انها تتكون من مجلسين: مجلس الشيوخ ومجلس النواب ومجلس الشيوخ هو هيئة تشريعية ولكن في بعض الاحيان يغدو هيئة ادارية وقضائية ويشارك مجلس الشيوخ في السلطة القضائية لدى ابدائه الراي ببعض المخالفات السياسية واعضاؤه قليل عادة ،اما مجلس النواب فلا يشارك اطلاقا في السلطة الادارية كما انه لا يشارك في السلطة القضائية الا لدى توجيهه الاتهام الى موظفين عامين امام مجلس الشيوخ.
يخضع اعضاء المجلسين لشروط الانتخاب عينها ، اما الرئيس فهو حاكم منتخب وبذلك يبقى كل ما يملك شرفه وممتلكاته وحياته مرهونا بمسؤوليته امام الشعب عن حسن او سوء استخدامه للسلطة ومجلس الشيوخ يراقب عن كثب صلاته بالقوى الاجنبية وتوزيعه الوظائف العامة.
مجلس الشيوخ يمتلك الحق في جعل بعض قرارات الرئيس عقيمة ،غير انه لا يملك سلطة ارغامه على العمل بحسب توجيه ما او مشاطرته السلطة التنفيذية ، كما يزود الرئيس بحق النقض الفيتو المعطل الذي يتيح له ان يعطل القوانين التي من شانها المساس بخير الاستقلالية الذي يكفله له الدستور كما ان الرئيس هو منفذ القانون غير انه لا يسهم فعلا في وضعه لانه حتى برفضه التصديق عليه لا يحول دون وجوده، فهو اذا لا يشكل جزءا من مبدأ السيادة بل هو معتمد هذا المبدأ ، في ممارسة السلطة التنفيذية يخضع الرئيس باستمرار لرقابة مشددة انه يعد المعاهدات غير انه لا يبرمها ،يرشح لتولي المناصب والوظائف غير انه لا يعين، ويهمني تعليق مهم يرد عن (توكفيل) يبرهن فيه على ان الرئيس للولايات المتحدة لن يستطع مهما فعل ان ينفع جماعته والمحيطين به او ان يستثمر سلطته لمصالحه الشخصية او ان يفعل ما يريد او ان يعرض نفسه وشرفه الى الانحطاط في سبيل حكم الولايات المتحدة ، وهنا سأقارن ما اورده توكفيل بما نعانيه اليوم من ديمقراطية عرجاء تقوم على المصالح الشخصية والفئوية .
يقول توكفيل" لم نر الى اليوم شخصا يخاطر بتعريض شرفه وحياته لاجل ان يغدو رئيسا للولايات المتحدة، لان الرئيس لا يحظى الا بسلطة مؤقتة ومحدودة وتابعة ، الى ان يقول: ما من مرشح استطاع الى اليوم ان يثير تعاطفا مؤيدا عارما او حماسات شعبية خطيرة ومرد ذلك الى سبب بسيط : وهو ان هذا المرشح في ترؤسه الحكومة لن يسعه توزيع المجزي من المغانم على انصاره ولا الوفير من المجد ولا الراجح من السلطات وسيكون نفوذه في الدولة من الضعف بحيث لايوحي لاي من الفئات بان توليه السلطة قد يؤدي الى فوزها او خسرانها " والملاحظ لحديث توكفيل يجد ما يلي من محددات السلطة الاستبدادية :
السلطة في الولايات المتحدة السلطة في العراق
1- لا يخاطر أي مرشح بشرفه وسمعته لاجل ان يغدو رئيسا للولايات المتحدة . 1- يخاطر أي مرشح في العراق من حزب معين بشرفه وسمعته لاجل ان يصبح عضوا في الحكومة المحلية ناهيك عن ان يكون عضوا في مجلس النواب او في منصب رئاسي كبير .
2- الرئيس يحظى بسلطة مؤقتة ومحدودة وتابعة . 2-الرئيس يحظى بسلطة مؤقتة صحيح، ولكنه يحاول ان يستمر بالحكم مهما كلفه الامر ومهما كلف الدولة من اخطار كما راينا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي حكم العراق للفترة من 2006-2014 نراه فعل ما فعل لاجل ان يبقى في السلطة متشبثا ،حيث خاطر بسمعته وشرفه ودمر العراق وحكم الوضع الامني وامتطى الموجة الطائفية المقيتة في سبيل ان يستمر ، اما سلطة الرئيس لدينا فهي غير محددة بنظره على الرغم من ان الدستور حددها وغير تابعة طبعا.
3- أي مرشح لن يثير تعاطفا مؤيدا عارما او حماسات شعبية خطيرة لان ذلك المرشح لن يستطع في حال ترؤسه للحكومة ان يوزع مغانم على انصاره ولا ان يوفر لهم مجدا ولاسلطان. 3-الكثير من المرشحين لدينا يثيرون تاييدا عارما في صفوف الشعب وحماسات خطيرة تصل في بعض الاحيان الى المواجهة المسلحة مع انصار مرشحين احزاب وفئات اخرى لان مرشحينا عند فوزهم بالانتخابات سيسهمو مؤكدا بتوزيع مغانم ويوفروا لانصارهم مجدا وثروة وسلطان لان الحكومة بايديهم ومنح الامتيازات ممكنا في العراق حيث تغيب الديمقراطية الحقيقية .
4- في امريكا يمارس الرئيس تاثيرا لا يستهان به على تدبير شؤون الدولة غير انه لا يديرها اذ تكمن السلطة في ايدي ممثلي الشعب باسره. 4-السلطة الغالبة في يد رئيس الوزراء او حتى الوزير او المحافظ وتتم الادارة من قبلهم انفسهم وليس من قبل ممثلي الشعب الذين سوف لن يكون لهم أي تاثير على الناس .
5- اميركا ارض بكر قطنها شعب عريق في ممارسة الحرية . 5-العراق ارض عريقة وحضارية قطنها شعب لم يعرف شيئا عن ممارسة الحريات والديمقراطية .
الحقيقة ان القوة في امريكا تكمن في حكومات الولايات اكثر منها في الحكومة الفدرالية ، ويشعر القضاة الفيدراليون في قرارة انفسهم بالضعف النسبي للسلطة التي يعملون بأسمها وهذا يدلل على اهمية النظام الفدرالي لديهم والى اهمية عدم اعطاء السلطة المركزية دور كبير لكي يتم مكافحة الاستبداد عكسنا تماما في العراق تحاول الحكومات المركزية تكريس السلطة في يديها واضعاف حكومات الاقاليم ظنا منها انها ستسهم في وحدة العراق وهي لا تعلم ان تركيز السلطة المركزية في حكومة بغداد سيسهم في تفكيك العراق اجلا ام عاجلا .
ان توزيع السلطات مهم حيث يجعل أي فعل محدود واقل خطورة غير انه لا يزيله وقد يتسبب هذا التوزيع في بعض البلاد التي لا تفهم الديمقراطية بالفوضى كما يحصل لدينا اليوم.
وعن روحية الانتماء البلدي في انكلترا الجديدة وهي مجموعة من ولايات الشمال : حيث نعم الناس في هذه المنطقة وتحت اسم البلدية بالاستقلالية والسلطان ،صحيح ان البلدية تنشط ضمن اطار لا يمكن تجاوزه غير انها تنعم بحرية الحركة ،تستشعر الحياة البلدية في كل لحظة يؤديها الامريكيون في اداء واجب او في مزاولة حق، لا تميل فئة في بلديات انكلترا الجديدة الى اضطهاد فئة اخرى وبعض الظلامات تكاد لا تذكر في ظل وجود رضى عام عند الناس، وهكذا تعلق الناس في بلدياتهم لانها قوية ومستقلة ويعنى بشؤونها لانه يسهمخ بادارتها وهي محط طموحه ومستقبله.
اما المقاطعة في انكلترا الجديدة فالمقاطعة ادارية اكثر منها حكمية ففيها القضاء أي :المحكمة وشريف لتنفيذ الاحكام الصادرة وسجن ولا يتمتع كبار موظفي المقاطعة الا بسلطة محدودة واستثنائية لا تستخدم الا في عدد محدود جدا من الحالات المقررة سلفا، لان الولاية والبلدية تتمتعان بما يلزم من السلطات لتسيير الامور كما ينبغي وهم يقوموا بمهمة اعداد الموازنة ولعل مقولة دوتوكفيل التالية تلخص عظمة الحكم في الولايات المتحدة حيث يقول" لعل ما يثير دهشة الاوربي خلال تجواله في الولايات المتحدة هو غياب ما نسميه في بلادنا حكومة او ادارة ، ففي امريكا نلحظ وجود القوانين المكتوبة ونشهد تطبيقها اليومي ، كل شيء من حولنا يتحرك باستمرار ولانهتدي الى المحرك مهما حاولنا ،فاليد التي تسير الالة الاجتماعية تبقى يدا خفية "
فالسلطة الفدرالية واضحة المعالم في امريكا وتتمتع بما يلزم من السلطات لحكم نفسها لان اهل مكة ادرى بشعابها ، ونحن هنا في العراق لتنفيذ مستشفى في قضاء عليك ان تحصل على موافقة العاصمة ، أي تخلف نعيشه واي تقدم امريكا عاشته قبل اكثر من 200 سنة ، كما لم تزعم الولايات المتحدة في يوم من الايام ان الانسان في بلد حر يمتلك الحق في صنع ما يشاء بل على العكس من ذلك، فرضت عليه واجبات اجتماعية اكثر تنوعا مما هي عليه في أي بلد اخر ولم تستطع الولايات المتحدة الانتقاص من سلطة المجتمع في مبدئه وحجب حقوقه عنه، بل اكتفت بتوزيع هذه السلطة من حيث الممارسة وكان الغرض من سعيها ذاك التوصل الى واقع حال تكون فيه السلطة اعظم شانا من الموظف لكي يبقى المجتمع منظما ويحتفظ بحريته.
ومن القول اعلاه نستشف ان السلطة اعظم من الموظف نفسه فبقاء المجتمع منظم ومحتفظ بحريته يحتم على الجميع التعاون بفرض القانون وتوزيع الادوار ، ولدينا في العراق السلطة ليست بشان اعظم من الموظف بل هو اعلى منها شأنا لذلك مجتمعنا غير منظم وغير محتفظ بحريته ذلك ان من هب ودب يتحكم في هذه الحريات .
اما في الجزء الثاني من الكتاب فيتناول دوتوكفيل مجموعة عناصر مهمة تتلخص بالتالي:/
1- ان الشعب هو الذي يحكم في اميركا وهو الذي يعين من يضع القوانين.
2- كما يفرق دتوكفيل بين الاحزاب في اميركا ويصنفها على جمهورية وفدرالية .
3- اما عن حرية الصحافة في اميركا فلا يقتصر تاثير هذه الحرية على الاراء السياسية وحسب بل يتسع هذا التاثير ليشمل الناس جميعا وهي لا تبدل في القوانين فحسب بل في العادات والتقاليد ، ان اصدار صحيفة في اميركا هو امر بسيط وميسور ويصل دوتوكفيل الى راي هام جدا مفاده"ان الاراء التي تنشأ في اميركا بتأثير من حرية الصحافة غالبا ما تكون اشد رسوخا من تلك التي تنشأ تحت تاثير الرقيب في بلدان اخرى "
4- اما مبدأ الجمعيات السياسية او الحق في التجمع فيقول دوتوكفيل ان اميركا هي اكثر البلدان في العالم نجاحا في استخدام مبدأ الحق في الاجتماع كما انها السباقة الى تطبيق اداة العمل المؤثرة هذه وينشئ الناس في الولايات جمعيات للسهر على السلامة العامة وجمعيات للتجارة والصناعة والاخلاق والدين فلا شيء مستحيلا او بعيد المنال اذا اجتمعت قوة الافراد طوعا على العمل لاجل بلوغه ويشرح دوتوكفيل الى ان الاجتماع في الولايات صار امرا بديهيا لمعالجة حالات طارئة يعالجها الناس قبل تدخل السلطات المسؤولة حتى ، وخلاصة القول انه في الولايات المتحدة جرى الاقرار بان حرية انشاء الجمعيات لاغراض سياسية هي حرية لا يحدها حد مع التسامح الكبير الذي يواكب هذه التشكيلات ، كما ان حرية الاجتماع السياسي ضمانة ضرورية في مواجهة طغيان الاغلبية ، وعندما تواجه الدولة مهالك كبرى غالبا ما يختار الشعب الاجدر من بين مواطنيه واكثرهم قدرة على انقاذها.
ان الانسان في مواجهة خطر محدق لا يحتفظ الا نادرا بالمستوى المعهود من الاتزان ورجاحة العقل ، فاما ان يرؤتقي الى مستوى اعلى واما ان ينكص الى ما دونه وما يصح على الانسان الفرد يصح على الشعوب والامم فقد تؤدي مواجهة الاخطار المهلكة الى القضاء على الامة بأسرها بدلا من ان ترتقي بها ، اذ تؤجج الاهواء بدلا من تدبيرها وتشوش الفكر بدل ان تنير طريقه غير ان الراجح في سلوك الامم والافراد هو : تولد فضائل غير اعتيادية لديهم في ايام الشدة وجبه المخاطر فحينذاك تبرز عظمة الطباع المحتجبة كالصروح التي يحجبها ظلام الليل غير انها تلوح للابصار مضاءة بلهب الحرائق وفيها لا تتوارى العبقرية عن قدح شرار نفسها وينسى الشعب المبتلى بالاخطارالاهواء لبعض الوقت ولايعز عندئذ ان تخرج من صناديق الاقتراع اسماء مرموقة ويضرب دوتوكفيل مثلا في نيو انغلاند حيث التعليم والحرية وليدتا الاخلاق والدين، وحيث استطاع المجتمع القديم العهد نسبيا والمستقر منذ زمن طويل ان يكون اعرافه وتقاليده ، كما اعتاد الشعب المنعتق من سائر المراتب الناجحة عن الثروة او المولد ان يحترم المراتب الفكرية والاخلاقية وان يرضخ لها طوعا :لذا نرى الديموقراطية في نيو انغلاند تحسن في خيراتها اكثر مما تفعل بقاعا اخرى .
فالحاكمون هم جزء من المجتمع الذي عندما يكون التعليم اقل انتشارا وحيث لم يكن التالف ناجعا بين الاخلاق والدين والحرية عند ذاك يضع دوتوكفيل اشكاليات كبرى بسبب عدم التالف هذا، حيث ان المواهب والقدرات والفضائل ستصبح نادرة في اوساط الحاكمين.
كما ان لا شيء يميز الموظفين العامين في الولايات المتحدة عن سائر المواطنين فلا قصور لهم ولا حرس ولازي رسمي ولا تتصل بساطة المظهر هذه بميزة خاصة من مزايا الذهنية الاميركية بل تعود الى المبادئ المؤسسة لمجتمعهم ففي عرف الديموقراطية ليست الحكومة منفعة بل هي شر لا بد منه ولا مناص من منح الموظفين بعضا من السلطة والا فما الفائدة منهم، والموظفون انفسهم يشعرون تماما بانهم ليس بنفوذهم حظوا بولايتهم هذه بل ان توليهم هذا مشروط بنزولهم الى مستوى الجميع من خلال سلوكهم اليومي.
اما لدينا في العراق فالحكومة ليست شر لا بد منه بل منفعة كبرى عند السياسيين المتدينين الطامحين لا بد منها ، فلا بد من الرشوة والسرقة والاخذ من الشركات لارساء المناقصات وغيرها من الاساليب السيئة لغرض الاستفادة .والموظفون العامون في العراق واقصد من هو بدرجة مدير عام فما فوق لديهم قصور وحرس وزي رسمي وعدم بساطة في كل شيء وهذا هو الفرق بين ديموقراطيتنا وديموقراطية حقيقية كالتي تتجسد في اميركا كما يصفها دوتوكفيل وهي ديموقراطية مستقرة فما بين وصف ديتوكفيل وما بين العصر الحالي اكثر من مائتي سنة وما زال الحال على وضعه في الولايات المتحدة ، اما ديموقراطيتنا فكل يوم في حال .
رواتب الموظفين:
والطامة الكبرى اذا قارنا حديث دي توكفيل عن الرواتب للمسؤولين في اميركا انذاك وماذا يتقاضون لقاء عملهم في الدولة مع ما يتقاضوه مسؤولينا في الدولة لراينا المشكلة الكبرى فلا يتاح حسب توكفيل في الدول الديموقراطية لمن يعين الرواتب الكبيرة ان يستفيد منها، فميل الديموقراطية الامريكية الى زيادة رواتب صغار الموظفين وخفض رواتب كبار الموظفين "فالموظفون في ملاك ثانوي في اميركا يتقاضون اجورا اعلى من نظرائهم في بلدان اخرى غير ان الموظفين في ملاكات رئيسية يتقاضون اجورا اقل"
ويتبين في الولايات المتحدة ان الاجور الى انخفاض كلما ازداد الموظف مرتبة ونفوذا وقارن توكفيل بين رواتب الموظفين في امريكا بالارقام وبين رواتب نظرائهم في فرنسا الارستقراطية انذاك ويصل الى نتيجة مرعبة ويضيف انه في ظل الارستقراطية كما يحدث اليوم في الواقع قد نجد الضد من ذلك ان كبار الموظفين يتقاضون رواتب كبيرة جدا، بينما لا يتقاضى صغارهم الا كفاف عيشهم ويضيف" اذا كانت الديموقراطية لا تقدر ملذات الثري حق التقدير او تحسده عليها، فان الارستقراطية من جهتها لا تفهم بؤس الفقير او الاحرى انها تجهله فالفقير ليس شبيه الغني حقا انه كائن من جنس اخر ، لذلك لا تعنى الارستقراطية كثيرا بمصير صغار عمالها ولاترفع رواتبهم الا اذا رفضوا خدمتها لقاء اجر زهيد.
اما في باب الفساد فيتناوله توكفيل بصورة تفصيلية فيعتبر ان اصحاب الامر والتدبير في ظل الحكومات الارستقراطية ،هم اناس اثرياء لذلك فان طموحهم يقتصر على امتلاك السلطة اما في ظل الديموقراطيات الحقيقية طبعا توكفيل لا يذكر اسم (حقيقية) لانه في ذلك الوقت كان يعتبر لفظة ديموقراطية تقابل لفظة ارستقراطية فعندما يذكر لفظة ديموقراطية كأنما يذكر العدالة والحرية والاخلاق السياسية الفاضلة عكس اليوم فلدينا على سبيل المثال في البلاد العربية لفظة الديموقراطية لفظة فضفاضة تماما وهي حاليا تمثل الوجه الاخر للارستقراطية ،فان رجال الدولة هم من الفقراء ويطمحون الى جمع الثروات .
وصف كامل للساحة العراقية على لسان توكفيل قبل 300 سنة:
ويضيف توكفيل" لكن نظرا لاعداد الطامحين الى المناصب من بين الاثرياء في البلدان الارستقراطية ، وهي كثرة، وعدد المتنفذين القادرين على مساعدتهم في بلوغ المناصب المنشودة ، وهم قلة قليلة ، تجد الحكومة نفسها عرضة لمزايدات التجاذب "وفعلا اليوم لدينا في العراق المناصب تباع والذي يدفع اكثر يذهب المنصب له " ما يحدث في الديموقراطيات هو العكس تماما ذلك ان الساعين وراء السلطة ليسوا من الاثرياء مطلقا كما ان عدد القادرين على ايلائهم هذه السلطة كبير جدا، فقد يكون حظ الديموقراطيات من المرتشين مماثلا لحظ الارستقراطيات منهم غير ان الاولى تكاد ان تخلو تماما من القادرين على شراء المرتشين" كما ان قادة الارستقراطيات يسعون احيانا الى افساد الناس عن طريق رشوتهم.
ويضيف توكفيل مسألة في غاية الخطورة والاهمية عن مساوئ الديموقراطية فمثلا في (فيلادلفيا) تقع جرائم كثيرة سببها الافراط في تناول المسكرات المتوفرة وبأثمان زهيدة فيسال توكفيل احدهم لماذا اذا لا تفرض ضريبة على المسكرات واجابته احد مساوئ الديموقراطية المتواجدة اليوم في بلادنا: لطالما فكر المشترعون في فرض هذه الضريبة غير ان التنفيذ دونه صعوبات هناك خشية فعلية من اندلاع ثورة اذا فرض هكذا قانون ، ناهيك عن ادراك الاعضاء الذين قد يقترعون لصالح هذا القانون انهم لن يعاد انتخابهم مرة اخرى وهنا يختم توكفيل هذا المبحث قائلا عبارة في غاية الروعة لوصف حال العراق اليوم من مساوئ الديموقراطية" الديموقراطية لا تهتد الى الصواب الا عبر التجربة وكثير من الشعوب قد تهلك في انتظار عواقب اخطائها" وهكذا فالديموقراطية في بداياتها بامريكا كانت تنتهك فيها الكثير من الحقوق العامة لان الناس لا ترضى بفرض بعض القوانين بحجة تنافيها مع الديموقراطية وحرياتها والنتيجة هكذا اشكال كبير يصل فيه المجتمع من المحنة بانه يطالب بان تشرع له قوانين ولكنه بعد فوات الاوان والديموقراطية تحتاج الى زمن كي تعي ما ينفع مجتمعاتها وهنا يقول توكفيل" ان الديموقراطية لن يسعها الاستفادة من تجارب الماضي الا اذا بلغت مستوى معين من التمدن والعلم وهذا مالم يتحقق في العراق حتى هذه اللحظة فبعض القضايا نبقى ندفع ضريبتها بحجة الديموقراطية حتى يتبين للشعب سخفها وسفاهتها وضيمها ولكن بعد ان يقع الفاس بالراس كما يقال.
كما ان بعض من ذوي النفوس الوضيعة ممكن ان تاتي بهم الديموقراطية الى الحكم وهذا احد مساوئ الديموقراطية طبعا.
ولكن يتوقف على مدى نضج الديموقراطية في مجعاتهم وبعض السياسيين لسان حالهم كما يقول توكفيل" دع الامر للزمن فاختبار البلية سوف يهدي الشعب الى تبيان مصلحته الفعلية" ويضرب توكفيل مثلا بالصراعات التي وقعت في اميركا الجنوبية بين الشعوب الاسبانية المتصارعة انذاك وبالتالي يطرح علاجا للشعوب المتنازعة والمستمرة في نزاعها حيث يقول" اجدني ميالا الى الاعتقاد بان الاستبداد هو خير علاج لافاتهم سوى ان الخير والاستبداد لا يجتمعان البتة في ظني" فهو يضع الاستبداد كأخر الكي كما يقال لمشاكل هذه الشعوب المتنازعة فالحاكم القوي افضل لحقن الدماء من الديموقراطية غير ان الخير والاستبداد لا يجتمعان ويدافع توكفيل عن بعض ميزات الارستقراطية وكيف انها انتجت حضارة عمرانية طبعا فيثير سؤالا ، هل نعجب اذا قيل لنا ان معظم الامم التي خلفت اثرا بارزا في مصير العالم، تلك التي وضعت وثابرت على تنفيذ الخطط العظيمة فمنذ عهد الرومان حتى الانكليز كانت تحكمها الارستقراطية ؟ فالارستقراطية ابرز ما يميزها هو ثبات الرؤية وهي رجل حازم مستنير لا يموت" ومن فوائد الديموقراطية ان قوانينها تنحو عادة نحو توفير ما فيه صالح العدد الاكبر من الناس، لانها تنبثق عن اغلبيةة المواطنين جميعا على الضد من ذلك تنحو قوانين الارستقراطية نحو حصر الثروة والسلطان في ايدي قلة من الناس لان الارستقراطية بطبيعتها هي على الدوام اقلية ، ونحن في العراق الحالة مقلوبة لدينا تمامان فطبيعة حكمنا هو ارستقراطي بامتياز لان قوانيننا اليوم تحصر الثروة والسلطان في ايدي قلة من الناس كما تنحو الديموقراطية بصفة عامة في تشريعها الى نفع البشرية وتبقى الارستقراطية اقوى من الديموقراطية طبعا فهي تعمل على يافطة الاستبداد والقوة في النفوذ اما الديموقراطية فقوانينها تكاد ان تكون على الدوام قاصرة او متسرعة في غير اوانها.
ومن صفات الديموقراطية الهامة التي يذكرها توكفيل :
1- هو حرص الشعب على الحيلولة دون انحراف ممثليه عن المسار العام الذي تمليه مصلحته.
2- الموظف في ظل الديموقراطية الذي يسيء استخدام السلطة اكثر فهو معرض للانصراف عن منصبه الا في العراق ،فالموظف المسيء في ظل الديموقراطية يتم دعمه للبقاء في منصبه.
3- الموظف الفاسد في ظل الديموقراطية تظهر عيوبه من قبل الموظف الجيد ولن يقوم موظفان في ظل الديموقراطية بالسعي الى تنمية بذرة الفساد وانعدام الكفاءة الا في العراق فالبذرة تنمو وتستمر في النماء.
اما الشعور الاساسي الذي يدفع الامريكان كما يصف توكفيل لخدمة بلدهم هو حبهم للوطن فهنالك حب فطري لاوطانهم ، فالوطن هو دين لهم، ولكن مع حب الوطن يجب ان يكون هنالك قانون متنامي وتعاظم بممارسة الحقوق اذ يدرك الفرد تاثير رخاء البلد على بحبوحته الشخصية ويدرك ان القانون يتيح الاسهام في انتاج هذا الرخاء.
ويدرك ان القانون يتيح الاسهام في انتاج هذا الرخاء فيعنى المواطن بازدهار بلد كما لو ان في الامر مصلحة شخصية له كما لو ان هذا الازدهار هو صنع شخصية له وثانيا كما لو ان هذا الازدهار هو صنيع يديه شخصيا وهذا ما لم يحصل في العراق.
حال العراق في عيون دوتوكفيل:
في هذا الجزء من البحث يصف المفكر السياسي دوتوكفيل بعض الامم التي تتزعزع فيها اوضاع الوطن بعدم احتمال حقوق المواطن ولا السياسة بل تقيد الحقوق وتضيع وهنا يقول دوتوكفيل عن هذه الاوطان:
" عندئذ لا يعود الناس ينظرون الى الوطن الا بشيء من الحيرة والارتياب فلا يجدونه لا في ارضه التي استحالت في اعينهمجمادا خلوا من الحياة ولا في اعراف اجدادهم التي اعتادوا ان ينظروا اليها كنير يرزخون تحت وطأته ولا في الدين الذي باتوا يشككون به ولا في القوانين التي باتوا لا يسنونها ولا في المشترع الذي يخشونه ويزدرون به ،لايرون الوطن في أي مكان لا كما عرفوه سابقا ولا كما اصبح عليه فينكفئون الى انانية ضيقة ومن دون افق فهؤلاء ينجون من الاحكام والافكار المسبقة من دون التمتع بملكة العقل والتفكير " والعلاج حسب توكفيل يكون بالشكل التالي" ما العمل؟ التراجع، سوى ان الامم كالبشر لا يسعها الرجوع الى عهد الصبا قد نأسف لفقدانها ونستذكرها لكنها تعجز عن استيلادها من جديد لذلك ينبغي لها السير قدما والعمل بسرعة على الربط بين مصلحة الشعب ومصلحة الامة ،لان حب الوطن المنزه عن الاغراض لا يستعاد بعد زواله"
ويتحدث عن موضوع المواطنة والحس بالوطن بعد زوال هذا الاحساس وهو ما يحدث اليوم في بلادنا" طبعا لا ازعم بان التوصل الى هذه النتيجة ييقتضي منح جميع الناس الحق في ممارسة الحقوق السياسية فورا بل اقول ان الوسيلة الانجح وقد تكون الوسيلة الوحيدى المتبقية لاثارة اهتمام الناس بمصير بلدهم تكمن في اشراكهم في حكمها، ان حس المواطنة في يومنا هذا بات مرتبطا بممارسة الحقوق السياسية" فاشراك الناس في القرار السياسي واطلاعهم على ما يجري في البلد بكل شفافية سيضمن حتما وبصورة اكيدة القدرات الاساسية لاستنهاض مبدا المواطنة.
ويثر دوتوكفيل سؤالا مهما مفاده كيف ان مواطني امريكا الذين وفدوا من كل مكان استطاعوا ان يهتموا بوطنهم هذا الاهتمام الكبير وهد قد وفدوا حديثا الى هذه الارض ولم يحملوا اليها لا عادات ولا ذكريات وتلاقوا فيها للمرة الاولى ولم يتعارفوا من قبل الجواب هو ان كل فرد في الولايات المتحدة يشارك في نطاقه مشاركة فاعلة في حكم مجتمعه.
اما عن فكرة الحقوق في اميركا فيعتبر دوتوكفيل ان فكرة الفضيلة والحقوق ممتزجتان معا ويعتبر ان لا وجود لامم عظيمة من دون احترام للحقوق ولا وجود لعظماء من دون فضيلة ولا وجود لمجتمع من دون فضيلة، ويعتبر انه ولترسيخ فكرة الحقوق لدى الناس يجب ان تكون الحقوق سلوك حتى عند الاطفال، وبالتالي نصل الى نتيجة مفادها ان الحكومة الديموقراطية تحرص على نشر فكرة الحقوق السياسية بحيث تغدو في متناول ادنى طبقات المجتمع وتعليم الحقوق ليس بالشيء اليسير كما يقول دوتوكفيل بل يتطلب سعي حثيث ولكن نتائجه ان تمت سوف تكون عظيمة حتما ، وبالنسبة للحقوق والفضيلة فقد ضاعت مع سياسيي الصدفة في عراق اليوم وحكومتنا غير معنية تماما بالتوعية في قضية الديموقراطية بتاتا لذلك فان وعي العراقيين في حقوقهم سلبيا للغاية .
العقل محل المعتقد:
وهنا يفجر دوتوكفيل علمانيته الواضحة باعتباره ان تاثير الاديان الى تراجع وان الفهم الالهي للحقوق الى زوال وقيود الاعراف الى تراخ والفهم الاخلاقي الى زوال والحاجة الى التعليل العقلي ، وهنا اضع خطين تحت(التعليل العقلي) قد حلت محل المعتقدات الراسخة وحل الحساب محل العواطف، فاذا اخفقنا وسط هذا الاختلال الشامل في ربط فكرة الحقوق بالمصلحة الشخصية وهي الثابت الوحيد في النفس البشرية ماذا يبقى عندها من وسائل لتدبير شؤون العالم سوى الخوف.
ويخرج بنتيجة : ان فن العيش بحرية هو المجال الاخصب للاتيان بالعجائب ولكن ما من امر يشق على المرء اكثر من تعلم الحرية والاستبداد لا تنطبق عليه هذه الحقيقة اذ غالبا ما يظهر الاستبداد نفسه في مظهر المصلح للشرور والافات كافة وانه السند الفعلي للحق القويم وداعم المضطهدين وركيزة الامن والنظام فتغفو الشعوب على خدر الرخاء المؤقت الذي ينتجه.
ولا تلبث ان تستيقظ على حال من البؤس اما الحرية فهي على الضد ، اذ غالبا ما تولد في خضم العواطف وتستتب بمشقة وسط الشقاقات المدنية ولا تؤتي ثمارها الحقة الا بعد ان تشيح ، اما القانون اذا صدر من الشعب اقراره يكتسب قوة وسلطان على راي دوتو لذلك تسعى الاحزاب الى نيل الاكثرية ، والمواطن في اميركا لا يجد مشقة في الانصياع للقانون مهما بدا جائرا ليس فقط بوصفه قانون الاغلبية بل ايضا بوصفه قانون المواطن الخاص والفقراء هم الذين يحكمون في الولايات المتحدة والثورات تندلع في الامم المتحضرة ، لان المعدمين يفتعلونها لانهم يملكون ما يخسرونه.
ويفرق دوتو كفيل بين البلاد الحرة وغير الحرة ويعتبر ان البلاد التي فيها حرية كبيرة زاخرة بالحركة والنشاط فيما يخيم السكون والجمود على بلاد الاستبداد ففي الاول يسعى الناس وهمهم الاصلاح والتقدم وفي الثاني كأن الناس ارتضوا بما غنموه من ثروة فما عادوا يصبون الا للاسترخاء والتمتع بما غنموا .
الجميل ان المواطن الامريكي يشارك في صياغة القانون العام للمجتمع فهو وبسبب الحرية في حركة لا تهدأ فسكان حارة يجتمعون لبناء كنيسة وفي مدينة اخرى ، يجتمع الناس للاشراف على بعض التحسينات المحلية وتظهر جمعيات همها الاصلاح المجتمعي وتنجح نجاحا كبيرا بين الناس .
ومنها جمعيات الاعتدال وفيها روابط يلتزم اعضاؤها الامتناع عن تناول الكحول القوية ، الجمعيات في فترة اقامة دوتوكفيل تضم 270 الف عضو وقد بلغ تاثيرها حدا استطاعت معه ان تخفض استهلاك المسكرات في ولاية بنسلفانيا وحدها، نحو 500 الف غالون من المشروبات الروحية في العام الواحد، والملاحظ لهذا العمل يتعين له تاثير توحد الشعب في اميركا على الانجاز بفعل انشائه لمنظمات مجتمع مدني غاية في الدقة حتى تستكمل كل هذا التقدم الننهضوي واصلاح المجتمع ، في حين نرى منظمات المجتمع المدني في العراق وفي هذه السشنين منظمات همها الرئيس كيفية السرقة والمتاجرة بارواح وامراض الناس ودماءهم ومشاعرهم .
وان يكون العقل محل المعتقد هذا شيء صعب جدا في العراق لذلك نرى السياسيين الذين دخلوا بثوب الدين والمعتقد قد تبوؤا مكانة كبرى في العراق يصعب زحزحتهم عنها بفعل دعم رجال الدين لهم ، وتبقى السياسة العراقية سياسة غير جيدة ومحطمة للامال لان من استلمها لا يفقه شيئا من عرف السياسة ومعرفتها وحقيقتها فلا فضيلة ولا حقوق .
وتستمر مزايا الحكومة الديموقراطية ظاهرة حيث لا يلبث الحراك المستمر الذي تولده في الوسط السياسي ان ينتقل الى المجتمع المدني ، وينتقد الديموقراطية ويعتبر ان لها ثغرات فمنها عندما يزعم خصومها بأن فردا واحدا قد يحسن انجاز الاعمال بافضل مما قد تنجزه حكم الجميع وهنا يعتبر دوتوكفيل ان زعمهم هذا لا يجانب الصواب ذلك ان حكم الفرد الواحد وعلى فرض تكافؤ المعارف بين الجانبين يوحي بحرص على متابعة الخطط ما قد توحي به الجموع ، وهنا اشارة مهمة من دوتوكفيل بان الديمقراطية بعض مساوئها هو التهاون الذي يصدر من البعض تجاه اقامة بعض المؤسسات الهامة للدولة فهي " ليست مثال النباهة في انتظام الادارة والمثابرة المنهجية في الحكم" و"لاتحسن الحرية الديموقراطية ان تنجز جميع خططها بمثل براعة الحكم الاستبدادي المستنير" وفي هذا الرأي ما هو صائب نجده في بعض الاحيان وهنا اسوق مثالا حيا واقعيا فالاستبداد حتى وان كان غير مستنير فانا لا اتفق عن وجود استبداد مستنير فالاستبداد واحد وهو غير مستنير بتاتا ، ولكن اقول ان الاستبداد في بعض الاحيان يصنع الماثبرة والعمل الجدي ولكن ليس في البلاد الديمقراطية الحقيقية ولكن لناخذ مثالا السعودية والعراق اليوم فالسعودية حكم بدوي مستبد دكتاتوري طاغي والعراق حكم يدمقراطي تجد المثابرة والعمل على بناء البلد على اوجه في السعودية والضياع الذي يمارسه حكام العراق الجدد في ظل الديمقراطية هو من اسوء ما مر به العراق في تاريخه فحتى في ظل الانظمة الدكتاتورية السابقة في العراق كان الجهد مضاعفا للبناء والاعمار اما اليوم فالضياع هو ديدن العراق في ظل ديمقراطية مشوهة وغالبا ما تهمل الخطط قبل ان تؤتي ثمارها في ديمقراطية العراق اليوم او تغامر في تنفيذ خطط خطرة كما يقول ديتوكفيل وهذا ايضا ما فعله ساسة العراق عندما غامروا بالعراق واقتصاده وسياسته وصنعوا منه بلدا تابعا ذيلا لانظمة رجعية كأيران والسععودية مثلا. ولكن عند ترسخ الديمقراطية ترسيخا حقيقيا في بلد ما فانها " تنتج على المدى الطويل ما يقصر الاستبداد عن انتاجه، وقد لا تحسن انجاز بعض الامور كما قد يفعل هو اي الاستبداد ،غير انها تنجز في اخر الامر ، اكثر مما ينجز" يجب كي تنجح الديمقراطية في العراق اليوم ان تكون قد اسست " حراكا على قدر من التوتر في ثنايا المجتمع بأسره ، تشيع فيه قوة مفرطة طاقة ما كان لشيء سواها ان يولدها طاقة يسعها اذا كانت الظروف مؤاتية ان تجترح المعجزات وهنا تكمن مزاياها الفعلية" وهنا اسال هل استطعنا ان نوفر في ظل الديمقراطية اليوم مثل هكذا حراك في العراق؟ نعم استطعنا كشعوب متخلفة لم تتعرف على الديموقراطية في حياتها ان ننتج حراكا على شكل صراعات ، وان ننتج ميليشيات قاتلة تجوب الشوارع في عموم البلاد، وان ننتج احزاب ليس همها سوى النهب والسلب ، وان نجوب الشوارع نلطم ونبكي ونوزع الطعام ونقطع الشوارع في ظل مناسبات دينية بعينها بعيدا عن ايجاد اليات وعي حاكمة فينا تمنع الحاكمون من استلابنا ومن سرقتنا في وضح النهار. نعم فالديمقراطية حسب دوتوكفيل لا تنتج حكومات على قدر كبير من الدراية بقدر ما تنتج الحراك الذي تكلمنا عنه ، ولكن اي حراك اليوم نجده في العراق طبعا كلام دوتوكفيل ليس صحيحا تماما اليوم فالديمقراطية توفر اليوم لشعوب الارض المتقدمة حكومات على قدر كبير من الدراية بسبب ثقافة رصينة وصلتها تلك الشعوب ، اما نحن فنوفر مجاميع من السياسيين السيئين الذين نصعد بهم الى سدة الحكم بسبب نظرتنا الطائفية البغيضة .

والاختيار بين الحكم الديموقراطي والاستبدادي فيه نتائج فاذا كان المطلوب الارتقاء بالعقل البشري الى مرتبة اسمى او ان يطلب منهم توليد او تنمية معتقدات راسخة واعدادهم لطلب الحلول النبيلة او صقل العادات والتقاليد وترقية السلوك وازدهار الفنون او كان المطلوب الشعر ، الصيت، المجد او تنظيم شعب كي يكون مؤثرا في شعوب اخرى او المطلوب اعداد هذا الشعب لاجل السعي وراء الخطط العظيمة فيتاح له ايا كانت النتيجة ان يخلف اثرا بارزا في التاريخ فان كان هذا هو الغرض الاساسي الذي ينبغي ان يصبو اليه الناس المنضوون في مجتمعات فالاجدر بهم الا يختاروا حكم الديموقراطية ، لانه لم يمهد لهم سبل بلوغ هذه الاغراض ، أي : يجب ان نختار حكم الاستبداد والشمولية حسب دوتوكفيل لتحقيق بعذ الاغراض التي عرضنا لها.
وهذا يجانب الصواب تماما بمقارنة مع دول العالم الديموقراطية اليوم حيث ينتشر فيها الارتقاء بالعقل البشري الى مراتب عليا ، وهنالك ترقية للسلوك وازدهارا للفنون وشعرا وصيتا ومجدا ، عكس ما يقوله دوتو كفيل ، قد يكون كلامه في حينه صحيحا اما اليوم في دول العالم المتحضرة الديمقراطية فهو ليس صحيح بتاتا .
" اما اذا أرتأيتم انه من المفيد ان يوجه سعي الانسان العقلي والاخلاقي نحو ضرورات الحياة المادية واستغلال هذا السعي لانتاج الرفاه ، اذا خيل اليكم ان العقل مفيد للانسان اكثر من النبوغ واذا كان الغرض هو خلق عادات مسالمة لا فضائل بطولية واذا فضلتم ابتلاؤه بالعيوب لا ارتكابه الجرائم واثرتم القدر الاقل من الماثر شريطة ان تشهدوا القدر الاقل من الاثام واذا اكتفيتم بالعيش في مجتمع تسوده البحبوحة على العيش في مجتمع باهر ، واخيرا اذا كانت اولى غايات الحكم برايكم لا ان تمنح جسم الامة بأسرها القدر الاكبر من الباس والعزة بل ان توفر لكل فرد من افرادها القدر الاكبر من الرفاه والسعي لتجنيبه ما امكن من البؤس اذا اردتم هذا كله فليس امامكم الا ان تختاروا الحكم الديمقراطي" جيد هذا ما يقوله دوتوكفيل ولكن فلنر ماذا حققت الديمقراطية في عراق اليوم من كلام دوتوكفيل هذا لم نخلق كعراقيين عادات مسالمة بل بطولات واهنة بقتل احدنا الاخر وارتكبنا الجرائم بحق انفسنا وشهدنا القدر الاكبر من الاثام بحق هذا البلد ولم تتوفر الرفاهية المطلوبة ناهيك عن الباس والعزة اللتين سلبتا منا كشعب وبدلا من ان يوفر اليدمقراطيون الجدد في العراق الرفاه للناس فقد وفروا له البؤس وعدم الامان بل دفعوا الشباب الفقير تحت فتتاوى "الجهاد" ان يدافع عنهم وعن مؤسساتهم الواهنة دون ان يكون لاصحاب المؤسسات الدينية انفسها قدرا كافيا من الدفاع عن انفسهم بل زجوا الناس في مواجهة مع القاعدة وداعش واذنابهما من المجرمين.
الديموقراطية هي سطوة الاغلبية :/
نعم هي سطوة الاغلبية والسعي لتكريس هذه السطوة ، ومن جوهر الحكومات الديموقراطية ان يكون سلطان الاغلبية فيها مطلقا لان لا شيء من خارج الاغلبية قد يتصدى لها.
ويجري تعيين المشترعين من قبل الشعب مباشرة ولاجل قصير جدا ، بغية ارغامهم على الخضوع لا الى التوجهات العامة لناخبيهم وحسب بل ايضا الى رغباتهم اليومية ، بل" بات شائعا في احوال كثيرة ان يعمد الناخبون الى تعيين مسار محدد لسلوك من ينتخبونه نائبا عنهم ، وان يفرضوا عليه بعض الالتزامات الايجابية التي يتعهد بألا يحيد عنها ،فيبدو الامر وكأن الاغلبية نفسها تعقد ، من دون صخب الجدال والنقاش جلسات القرار في الساحات العامة" وهنا فان الظروف ستكون مؤاتية لجعل سلطة الاغلبية ليست مهيمنة فحسب بل وطاغية ايضا وهذا ما نراه اليوم حيث ان سلطة الاغلبية الشيعية في العراق ليست مهيمنة فحسب بل طاغية وفيما سبق كانت الاقلية السنية الحاكمة في العراق ليست مهيمنة فحسب بل طاغية وهنا يضيع دور الفرد تماما وهو ما تركز عليه الافكار الحديثة حيث ان الدور في العالم اليوم لحقوق الفرد وليس لحقوق الجماعة ،والسبب في سلطان الاغلبية حسب الامريكيين هو انه يستند الى الفكرة القائلة "ان ما يتوفر لدى الناس مجتمعين من الدراية والحكمة هو اكبر مما قد يتوفر لدى فرد واحد، كما يتوفر في عدد المشترعين لا في كيفية اختيارهم وهذا هو مبدأ المساواة مطبقا على القدرات العقلية ، ومثل هذا المبدأ ينال من كبرياء الانسان في اخر معاقله ولاتقر به الاقلية الا عنوة ولاتعاتاده الا مع مرور الوقت اذا تحتاج سلطة الاغلبية شأن جميع السلطات وربما اكثر من سواها الى الديمومة لكي تبدو شرعية ففي مراحل ولايتها الاولى تفرض الانصياع لها فرضا ولن تلقى بوادر احترام فعلي لسلطتها الا بمضي وقت طويل على العيش في ظل قوانينها " وهذا ما نراه اليوم حيث تشكل الاغلبية في العراق واقصد الحاكمة فرضت الانصياع على الجميع فاما تكون معها او انت ارهابي ضدها او بعثي او غيرها من النعوت السيئة التي اتهمت بها اناس ليس لهم من وجودهم في العراق الا الشرف والادهى ان من تضرر من جرائم البعث وسخفه اتهم بالبعثية فتهم الاغلبية جاهزة اما من يفكر بعقل ويترك الدين فيتهم بالالحاد في ظل ديمقراطية الاسلاميين العفنة .
ولكن في بلادنا المتخلفة فان فكر الاغلبية قد يكون متخلفا يؤدي الى مصائب ومهالك ، كما نرى اليوم حيث ان الاغلبية انتخبت الاسلاميين المفسدين وراينا ما راينا من حكم العراق وما حصل فيه من فساد بسبب حكم الاغلبية .
ومن بوادر عدم الاستقرار في النظام الديموقراطي نرى "ان عدم الاستقرار التشريعي هو افة ملابسة للحكم الديمقراطي لان من طبيعة الديموقراطيات ان تاتي بأناس جدد الى مواقع السلطة ،غير ان حجم الضرر الناجم عن هذه الافة يقاس تعاظما او تضاؤلا بحسب السلطة الممنوحة للمشترع ووسائل عمله المتاحة" ............................. فالتعديلات الدستورية واردة والدستور ليس نصا مقدسا "لذلك فان اميركا تعد اليوم بين بلدان العالم اجمع ،البلد الذي تعمر فيه القوانين اقصر الاجال لقد اجريت تعديلات على جميع الدساتير الامريكية تقريبا خلال الثلاثين سنة المنصرمة فما من ولاية اميركية اذا الا واجرت تعديلات على قوانينها المبدئية طيلة الفترة المذكورة" .. والرغبات الموجودة في العراق اليوم من ضرورة تعديل بعض فقرات الدستور يجب ان تؤخذ بجدية لا ان نمر عليها مرور الكرام او ان نقول ان الدستور نصا مقدسات ولا يمكن المساس به ،ففي النظم الديموقراطية يمكن المساس به لاجل ان توجد حلولا لمشاكل انية ومستعصية على الحل .لان الدستور ليس نصا مقدسا ولا يوجد في العالم اسمه نص مقدس الا ما هو مقدس في نظر جماعته ، لذلك فمن الواجب تغيير الكثير من فقرات الدستور العراقي اليوم في ظل هيمنة اوجدتها نصوصه الفضفاضة.
اما طغيان الاغلبية فهو تحذير واضح من فهم الديمقراطية بشكل سلبي وان معناها ان الاغلبية تمارس ما تشاء في حكمها للاقليات الاخرى وهذا ما حذر منه دوتوكفيل قائلا" انها لقاعدة مارقة ومقيتة تلك التي تقول ان لاغلبية الشعب في مجال الحكم ، الحق في ان تفعل ما تشاء ومع ذلك اضع في مشيئة الاغلبية مصدرا لجميع السلطات اتراني على طرف نقيض من نفسي " فالديموقراطية اليوم في العراق مفهومة على انها فعل ما تشاؤه الاغلبية في حكمهم للبلاد في حين ان المعنى الحقيقي لها هو حقوق الفرد مصانة ولها حصانتها وليس ان تفعل الاغلبية ما تشاء تجاه الاقليات الاخرى حيث يضع دوتوكفيل العدل حد للحقوق لكل شعب .
لذلك فان أي قانون لا يراع حقوق الاقليات هو قانون سيء ولا ينبغي تطبيقه ، فالسيادة لدى توكفيل هي سيادة حقوق الفرد، فدوتوكفيل يرفض ان تناط بفرد القدرة على فعل كل شيء، كذلك يرفض رفضا حاسما ان يناط مثيل هذه القدرة لعدد من الافراد، فما من سلطة على هذه الارض مهما بلغت من الرصانة او مهما اكتسبت من حقوق مقدسة قد أقر لها بالتصرف من دون ضوابط او الهيمنة من دون عوائق وعندما يرى توكفيل حق او صلاحية التصرف المطلق في كل شيء يناط بسلطة ما شعبا كانت هذه السلطة او ملكا ، ديموقراطية او ارستقراطية وسواء مورست في ظل ملكية او جمهورية فان نواة الطغيان كامنة فيها فالديموقراطية يجب ان تترافق معها حصانة اكيدة ضد الطغيان وهذا ما لم يشاهده دووتو في الحكومة الامريكية انذاك، فهو يحذر من طغيان الاغلبية في ظل الحكومة الديموقراطية ويعتبرها من المساوئ ويضرب مثلا في الديموقراطية في اميركا فيقول ما نصه."اذا وقع ظلم على احد ما في الولايات المتحدة ،فالى من يلجأ طلبا للانصاف ؟ الى الراي العام؟ الراي العام هو الذي يصنع الاغلبية ، هل يلجأ الى الهيئة التشريعية ؟الهيئة التشريعية تمثل الاغلبية وتطيعها من دون مساءلة هل يلجا الى السلطة الاجرائية ؟ فهذه تعينها الاغلبية وهي اداتها الطيعة . هل يلجأ الى القوى المسلحة المولجة تنفيذ القانون.؟ هذه القوى ليست سوى الاغلبية المسلحةالى هيئة المحلفين؟ المحلفون هم الاغلبية مخولة اصدار الاحكام، حتى القضاة انفسهم تنتخبهم الاغلبية في بعض الولايات فمهما بلغ الاجراء الذي يطاله من الظلم او العبث فلا بد له من الرضوخ" والاغلبية لدينا في العراق قد هيمنت على كل شيء فالسلطة التنفيذية بيدها والتشريعية بيدها والقضاء في العراق مسيس تماما وتسيره احزاب السلطة والاغلبية تمتلك مليشيات مسلحة تهدد قوى الدولة وتهدد وجود الدولة برمتها وهم امراء حرب بامتياز .كما هو حاصل اليوم في العراق حيث تهاجم الميلشيات السكان الامنين كما تهاجم داعش الناس الامنين دون فرق بين الفئتين سوى انهما يحملان ايديولوجية مختلفة .
فمعنى حديثه هذا ان الاغلبية عندما تسود تضيع حقوق الاقليات وهذه هي المشكلة الكبرى في هذا المجال.
ويضع(دوتو) وسائل اجرائية للحد من طغيان الاغلبية في ظل الحكومة الديموقراطية فيجب ان تكون هنالك هيئة تشريعية مؤلفة على نحو يجعلها تمثل الاغلبية ، من دون ان ترتهن ، بالضرورة لاهواء هذه الاغلبية ووجود سلطة اجرائية (تنفيذية) تمتلك قوة خاصة بها، وسلطة قضائية مستقلة عن السلطتين الاخريين ، ففي هذه الحالة تكون الحكومة ديموقراطية ولكنها بمنأى عن مخاطر تحولها الى الطغيان وقد يمارس الطغيان بوساطة القانون نفسه وهنا تقع المشكلة الكبرى.
واليوم في العراق نجد طغيان الاغلبية فمن المستحيل ان يجاهر كاتب او باحث او مثقف بافكاره تجاه بعض المذاهب ونقدها بصورة بناءة لانه قد يتعرض لعقوبات تصل الى حد قتله ولا يحرك الناس ساكنا ، فما عاد السيد يردد قائلا : اما ان تفكر مثلي واما ان تموت بل بات يقول: لك مطلق الحرية في ان لا تفكر كما افكر انا ، وحياتك مصونة كما لك ومتاعك ولكن سيفقد الشخص تأييد الناس له وحتى الاحترام، وسوف يفقد حقوقه الانسانية بل يعتبر البعض من الناس انك نجس ويتخلى الكثيرون عن رفقتك، وهذا ما نجده اليوم تماما فبفعل راي معين يفقد الانسان حريته وكرامته وحقوقه كما يحذر دوتوكفيل من التملق الذي تمارسه الاغلبية تجاه الرئيس ففي ظل الاستبداد كنا نرى ان صدام هو القائد الضرورة والقائد الاوحد ، وفي ظل الديموقراطية تبدلت الالقاب بالقاب اخر فالقائد الضرورة اصبح مختار العصر وله من الفضائل ما ينوء اللسان بذكرها ، "صحيح ان الممالقين في اميركا لا يخاطبون سيدهم ب"يا مولاي" و"يا صاحب الجلالة" وهذا اختلاف كبير واساسي ، غير انهم لا يكفون عن ذكر الدراية الفطرية التي يتمتع بها سيدهم ولا يختلفون اطلاقا حول اي من فضائل ملكهم تستدعي قدرا اكبر من الاعجاب لانهم يؤكدون تمتعه بالفضائل كافة ، والتي لم يكتسبها اكتسابا ، ولم يسع الى اكتسابها انهم لا يهبونه نساءهم وبناتهم لكي يتعطف باصطفائهن في عداد محظياته غير انهم يتعهرون هم بتضحيتهم بارائهم لاجله"


ويصل دوتو الى نتيجة هامة وهي ان الوسيلة التي تحول دون انحطاط الناس : هي الا يمنح ادمي بسلطانه المطلق الحق المطلق في اذلالهم.
وهذه معادلة كبيرة ينبغي ان نراها متحققة على ارض الواقع.
ومن مساوئ النظام الديموقراطي التي يذكرها دوتو والتي تنطبق على الحالة العراقية تماما:
1- ان الفوضى تنشأ على الدوام من طغيان الاغلبية ومن عدم اهليتها لا من عجزها وهذا موجود ومتحقق في العراق .
2- اذا ما فقدت الحرية في اميركا ذات يوم ، فلا بد ان يكون السبب في فقدانها هو سلطان الاغلبية المطلق الذي قد يدفع الاقلية الى القنوط ويضطرها الى اللجوء الى القوة المادية وعندئذ تسود الفوضى ويكون الاستبداد هو سببها وهذا ما حدث لدينا في العراق فسلطان الاغلبية وتحت عنوانه اضطرت اقليات العراق الى الشعور بالحرمان والعذاب فلجأت الى قوة مسلحة فسادت الفوضى في العراق وهنا يقول جيمس ماديسون "لعله من الاهمية بمكان في كل جمهورية لا ان يصان المجتمع من اضطهاد حاكميه وحسب، بل ايضا ان توفر ضمانة لجزء من المجتمع يحميه من افتئات جزئه الاخر ، العدالة هي الغاية التي ينبغي ان تصبو اليها جميع الحكومات، وهو الهدف الذي يضعه البشر نصب اعينهم عندما يتحدون، ولطالما بذلت الشعوب ، وما زالت تبذل، كل الجهود لبلوغ هذا الهدف حتى يكتب لها النجاح في نيله ، او حتى تفقد الحرية"
3- وبالتالي يتبين كيف ان الفريق القوي او المذهب القوي او القومية القوية هو سبب لدينا لنفرض ارائنا على الغير وبالتالي يجد الفريق الاضعف نفسه مضطهدا وضعيفا
وفي هذا الباب بالتحديد نرى ان الاقليات تنزوي ولا تستطيع ان تعبر حتى عن ممناسباتها في ظل طغيان مناسبات الاغلبية واضرب مثالا هاما : المسيحيون في البصرة اضطروا لتأجيل احتفالاتهم باعياد راس السنة لاكثر من عام بسبب تزامنها مع مناسبة عاشوراء التي يحتفي بها الشيعة وخرج رهبان المسيحيين عازين التاجيل بسبب مشاركتهم احزان الشيعة وانهم لا يحتفلون بهذه القضية هذه السنة ، ولكن هم في السر وبالتحديد في بيوتهم وبعض كنائسهم يحتفلون فلو اتيحت لهم حرية وقانون يضمن حقوقهم لاحتفل المسيحيون بالعلن وفي كنلائسهم وعلى الملئ ولكنهم يخافون من الاستهداف الذي سيقعون في دائرته لو احتفلوا بشكل مباشر وعلني مع حلول مناسبة عاشوراء لذلك يضطرون ان يصرحوا بانهم مع التاجيل لافراحهم بسبب احزان الاغلبية وهذا التاجيل مصدره الخوف من طغيان الاغلبية الذي تحدث عنه دوتوكفيل .
الاغلبية لدى دوتو يجب ان تحترم نفسها ولا تقع في الاستبداد "فالاغلبية في الولايات المتحدة والتي غالبا ما تبدي ميول المستبد ونزعاته" فهي وان كانت قد جاءت عبر وسائل ديموقراطية الا انها تقع في النزعات الاستبدادية .
" ومهما انساقت الاغلبية الوطنية وراء اهوائها ،فانهالت تقوى على ارغام جميع المواطنين على الانصياع لرغباتها في جميع انحاء البلاد وبالطريقة ذاتها وفي الوقت ذاته" ويبقى القانون والدستور هو سيد الموقف في البلاد الديموقراطية وهو الذي يحميها ويجعلها تسير ضمن الخط الصحيح "فالسلطة التي عهد بها الامريكان لفقهاء القانون، والتأثير الذي اتيح لهم ممارسته على الحكومة ، يشكلان اليوم امنع السدود في وجه ما قد يطرأ على الديموقراطية من انحرافات" لذا نجد اليوم في العراق انحرافات الديموقراطية على قدم وساق وذلك لعدم تفعيل السلطة القضائية وصيانتها في البلد وتحرك الاحزاب السياسية والدينية بالخصوص منها حسب اهوائها وحسب اراداتها بعيدا عن سلطات القضاء والقانون والدستور ،فعندما يكون رجل القضاء او القانون متحالفا مع السلطة التنفيذية ايا كان نوعها فاقرأ على ذلك البلد السلام، وها نحن نقرا اليوم السلام على العراق نتيجة السيطرة التامة على الجهاز القضائي . حيث يتحالف القضاة مع الاحزاب الدينية الحاكمة مما يسبب ضياع الحقوق والفضيلة التي يثبتها الجهاز القضائي في البلاد، ويحدثنا توكفيل عن تحالف اهل القانون مع سلطات ارستقراطية وملكية وماذا نتج عن هذه التحالفات "رايناهم في انكلترا يقيمون حلفا متينا مع الارستقراطية ، اما في فرنسا فقد وجدناهم من الد اعداء هذه الارستقراطية ، الا يعني هذا ان فقهاء القانون لا ينقادون الا لنزواتهم الطارئة والانية "
ويشرح دوتوكفيل رؤاه حول اهل القانون ويصل الى نتيجة مفادها "ان في قراءة نفس اهل القانون بعضا من ميول الارستقراطية وعاداتها فهم مثلها يبدون ميلا تلقائيا الى النظام والشكليات كما انهم مثلها يضمرون نفورا من سلوك الحشود ويزدرون في سرهم حكم الشعب" والغالب في طباعهم هو المصلحة الخاصة لاسيما اذا كانت مصلحة انية ملحة ، كذلك يضع لهم اجندات يعملوا على تطبيقها ومنها " احترام النظام العام وخير ضمان لبقاء النظام العام هو السلطة ، ولاينبغي بأية حال ان نغفل حقيقة انهم وان كانوا يقدرون الحرية ، حق قدرها ، تبقى الشرعية في نظرهم هي الاولوية المطلقة وخشيتهم من الطغيان اقل من خشيتهم من السلطة التحكمية وما دام المشترع يتكفل هو بتجريد الناس من استقلالهم ، فلن يجدوا في الامر ما يضيرهم"
واهل القانون يرحبون بحكم الديموقراطية من دون الاقرار بتوجهاتها او محاكاة نقاط ضعفها ، وهذان سببان لاحتلالهم سلطانا مستمدا منها وسلطانا عليها "كذلك فان"الشعب في ظل الحكم الديموقراطي لا يسيء الظن باهل القانون ، لانه يعلم ان من مصلحة هؤلاء نصرة قضية الشعب ويستمع اليهم باطمئنان لانه يفترض فيهم سلامة النية" والحق ان اهل القانون "لا يسعون الى اسقاط الحكم الذي ارتضته الديموقراطية لنفسها ن وانما يسعون الى السير به في غير الوجهة التي وضعها لنفسه وبوسائل لا تمت اليه بصلة فرجل القانون ينتمي الى الشعب بالمصلحة والمولد ، وينتمي الى الارستقراطية بالعادات والميول فكأنه صلة الوصل الطبيعية بين الاثنين كأنه الحلقة التي تجمع بينهما" ففعلا نرى رجل القانون يبحث عن مصالحه وميوله فهو بشر اولا واخيرا ، ومن الاراء الرائعة في الحكم الديموقراطي يقول دوتوكفيل" عندما يحكم الشعب يجب ان توفر له اسباب السعادة لكي لا يزعزع استقرار الدولة " فالبؤس والفقر يولد لدى الشعب ما يولده الطموح لدى الملوك ،وهذا ما يحصل في العراق فبعد ان نهب اللصوص الحكام الجدد العراق ودفعوا بالناس الى اتون الحروب الطائفية والقتل والتشريد والارهاب هاهم اليوم وفوق كل ذلك نرى الكثير من ابناء الشعب ما بين مهجر ومشرد ولاجئ وبالتالي تزعزع استقرار الدولة ، كما ير دوتوكفيل "ان في بساطة الميول وانتظام الاعراف والعادات وايثار العائلة والتشبث بمسقط الراس ضمانة حاسمة لاستقرار الدولة ورخائها" وبالرجوع الى تكوين السلطة القضائية فتعمل المحاكم على تصويب انحرافات الديموقراطية وكيف تتمكن من دون امتلاكها القدرة ابدا على تعطيل حركة الاغلبية من الحسد من اندفاعها الجامح وتوجيه حركتها" ويشرح دوتوكفيل المعتقدات الدينية وتاثيرها غير المباشر على المجتمع السياسي في الولايات المتحدة وهنا يصنع معاني هامة تجعل من الدين منطلقا للوحدة لا للفرقة على الرغم من تكوينات الدين المهيئة للفرقة ،فالمجتمع لا يخش ولا يرتجى منه شيئا من الحياة الاخرى "وما يعنيه اولا لا ان يعتقد المواطنون بالدين الحق بل ان يعتنقوا دينا وما يجمع بين جميع الملل في الولايات المتحدة بأية حال هو انتسابها الى الوحدة المسيحية الشاملة كما انها جميعها تجسد اخلاقا مسيحية واحدة" والدين في الولايات ليس له تأثير على القوانين الوضعية بل يوجه الاعراف والعادات ولايتدخل في تنظيم شؤون الدولة الا من خلال ضبطه لشؤون الاسرة ، ويذكر توكفيل عبارة رائعة تجسد حقيقة سايكولوجيا مطامح الرجال في السياسة "لن يفلح الدين في الحد من حماسة سعيه وراء الثروة والتي يؤججها في نفسه كل ما يحوطه" ويزاوج دوتوكفيل بين استقرار الاسرة واستقرار النظام السياسي في البلد ويقارن عدم استقرارها رابطة الزواج في اوربا وعدم استقرار المجتمعات الاوربية انذاك طبعا في حين "يستمد الاميركي حب النظام والاستقرار من منزله الزوجي ليطبقه بعد ذلك في تدبيره شؤون الدولة " والجميل في علاقة الامريكيين بالدين نقرأ التالي "بين الانكلو امريكيين من يعتنق مبادئ المسيحية لانه مؤمن بها، واخرون يعتنقونها لخشيتهم الظهور بمظهر من لا يؤمن بها ، ولذلك تسود المسيحية باعتراف الجميع من دون عقبات" هذا طبعا في حينها اليوم الكثيرون من الامريكيين لا يؤمنون بها ولا يخشون الجهر في هذه القضية ،فالدين انحسر بشكل ملحوظ امام العلمانية في الغرب ، والسدود المنيعة التي كان يؤمن بها دوتوكفيل بوجه العقل هذه ليست مستبعدة فهو ابن بيئته والعصر الذي عاش به عصرا متحفظا حيث كانت الكنيسة ما زالت تنعم بقبول وطاعة مجتمعية كبيرة تجعل من دوتوكفيل يطالب بان يكون هنالك حدود للعقل البشري وسدود منيعة تجاه الدين. ولكن هذه الحدود والسدود ما عادت متواجدة مع العقل البشري الذي اصبح يفكر في كل شيء متاح له.
وتذكر عبارات تدلل على اهمية عدم تدخل الدين في حكم المجتمع ولكن يبقى شعب امريكا حسب دوتوكفيل يميل للنزعة الدينية حيث"ترتبط فكرة المسيحية في اذهان الامريكيين ارتباطا وثيقا بفكرة الحرية حتى يعجز احدهم عن تصور احداهما من دون الاخرى " ويعتبر ان الامريكان شعب متدين ،ففي فرنسا التدين والحرية يسيران في وجهتين متعاكستين ، اما في امريكا فيسودان على ارض واحدة وموقع رجال الدين الامريكيون في الحياة السياسية هو انهم لا يشغلون ايا من الوظائف العامة اذ لم يجد دوتوكفيل ايا منهم عاملا في الادارة ، كما تبين له انهم ليسوا ممثلين حتى في المجالس التشريعية ،"ففي عدد كبير من الولايات حظر القانون عليهم خوض العمل السياسي كما حضر عليهم ابداء الراي في السياسة في جميع الولايات الاخرى "، هذا من جهة السياسة ورايها تجاه رجال الدين اما راي رجال الدين انفسهم فقد "وجدت معظمهم يؤثر الابتعاد عن السلطة بملئ ارادته، لا بل يفاخر بان طبيعة رسالته بين الناس تبقيه بعيدا عن عالم السياسة " و"علمت من احاديثهم ايضا ان البشر لا يعدون مذنبين في نظر الله بسبب الاراء السياسية ولا يؤثمون على خطأ في مجال الحكم والحكومة" وبالتالي يبعد الامريكيون الدين عن السياسة بعدا كبيرا ويبقى راي دوتو هو الايمان بوجود اله ودين " ولعل تنكر الانسان للمعتقدات الدينية لا يكون الا من قبيل ضلال العقل وجراء عنف معنوي يمارس على فطرته،غير ان نزوعا لا يقاوم يعيده اليه، فالكفر عرض ، والايمان وحده هو حال البشرية المقيم" ومن خلال هذا الكلام يتبين اليك ان دوتوكفيل كا،ما هو رجل دين ويؤمن بوجود معنى لكلمة "كفر" وان هنالك اناس كفرة وملاحدة فهذه اشكالية تؤاحذ على هذا السياسي الكبير ولكن كما اسلفت فهو ابن بيئت وعصره الذي كان للكنيسة دور في حكمه سيما في فرنسا.
فالدين يجب ان يكون جزءا من الانسان حسب دوتوكفيل وهذا ما لا نعير له اي اهمية ولكن عليه الا يتدخل في القوانين الوضعية وهذا شيء مهم يورده دوتوكفيل "فالدين تعاظم سلطانه الفعلي في الوقت الذي تتضاءل فيه قوته الظاهرة"

قوته الظاهرة






1%


10%




ففي امريكا عندما يزداد الدين الى اقصى حد تتضاءل قوته الظاهرة في المجتمع وهو ما يحصل اليوم فعندما تكون قوته 10% في المجتمع تكون قوته الظاهرة في المجتمع 1% وبالتالي لن يكون له دور في الحكم ، ويحذر توكفيل من تحالف alliance الدين مع الحكومة لان ذلك سينتج حسب معادلة الارهاب والايمان حسب المعادلة التالية :
حكومة +دين= ارهاب + ايمان .
وهذه معادلة صحيحة تماما والدين الذي يقيم حلفا من هذا النوع "انما يسلك سلوك البشر انفسهم فهو يعني بالمستقبل في سبيل الحاضر وبامتلاكه سلطانا ليس له انما يخاطر بفقدان سلطته المشروعة" وارتباط الدين حسب دوتوكفيل بالعواطف يعطي للناس عزاء في كل محنة تمر بهم فهو يستميل قلوبهم في هذه القضية "ولا يكف الدين عن استمالة قلوب البشر جميعا ما أقام ركنه على العواطف التي هي عزاء الناس في كل محنة " والدين اذا اختلط مع مصالح الناس فقد تضطره احيانا الى الذود عن حلفاء قادتهم اليهم المصلحة لا المحبة" عندئذ يكون الدين المنشر كما هو الدين اليوم (عواطف ومصالح) ويصف توكفيل ما يحصل لدين اليوم وصفا دقيقا عندما يلتقي الدين مع المال تتولد الكراهية في المجتمع للدين
الكراهية من ابناء المجتمع للدين = المال + الدين
اي بمعنى :تزداد الكراهية للدين مع اختلاطه بالمال والمصالح وكما في الشكل التالي:


3
الكراهية
2

1




الدين+ المال

فالكراهية تزداد من قبل الناس للدين بازدياد علاقته بالمال فترى الكهنة واتباعهم متخمين وترى الاتباع الاضعف يرون بعين بصيرة لاولئك ويتحسرون وبالتالي تتولد الكراهية والا بربك ما معنى ان يمتلك رجل دين شركة طيران وغيرها من الامثلة كثير في عراق اليوم.
حيث نلاحظ من الشكل اعلاه (لا يسع الدين ان يشاطر الحاكمين قوتهم المادية من دون نيله نصيبا من الكراهية التي يولدها هؤلاء في نفوس الناس)

والدين منذ نشأته اختلط الدين بالمال ففي الاسلام مثلا (لدينا عناوين مالية كالزكاة والخمس) ولابد منها لاقامة المؤسسة الدينية فالمؤسسة الدينية لا تقوم الا وفق المال الذي يثبت دعائمها ويرسخها بكل مفرداتها وهنا يحضرني هنري هوبير نقلا عن روجيه كايوا الذي فلسف مقومات الدين وفق الاسس التالية " فالاساطير والمعتقدات تحلل مضمونه على طريقتها ، والطقوس تستخدم خصائصه ، والكهنة يجسدونه والمعابد والاماكن المقدسة والصروح الدينية توطده وتجذره في الارض ، ومنه تنشأ الاخلاقية الدينية ، الدين هو تدبير المقدس" وكل ما ورد من اساطير ومعتقدات وطقوس هي من اساسيات الدين وقيامه اما ترسيخه فيقوم على اسس مادية منها ان الكهنة تقوم رؤاهم على اسس مالية ومن دون المال لا يوجدون والمعابد والاماكن المقدسة تقوم اصلا وفق اسس مالية وتقسم بين الجهات المتنافسة على المراقد"المقدسة" وهذا ما يحصل مثلا في العراق اليوم فالصروح الدينية والمزارات ترسخ الدين وبشكل جاد بفعل الاموال التي تجنى بفضلها.
ويعطي دوتوكفيل بعد ان بين مساوئ خلط الدين مع السياسة حكمة زوال السلطة وان استمر لها الحال سنينا حيث: "ان جميع سلطات المجتمع تؤول عاجلا ام اجلا الى الزوال ، شأن ايامنا نحن على هذه الارض، تتعاقب بسرعة كتعاقب مباهج الحياة وشجونها ولم نسمع او نشهد يوما ان حكومة قامت على نزعة قارة في قلوب البشر لا يطاولها التغيير ، او انها نشأت بناء على مصلحة سرمدية " وهذا الكلام الاخلاقي يدعو السياسيين الى التبصر والعودة الى مراجعة الذات عند استلام السلطة وعدم الطغيان والاستبداد والنهب والسلب بل على الساسة ان يتيقنوا انهم الى زوال مهما استلموا واخذوا ونهبوا فلا توجد مصلحة سرمدية لدى سياسي. ولكن هل يعي سياسيي العراق هذه الحكمة وهم قد قرؤوها في ادبياتهم الدينية ، ويتقوا الههم في الناس ، كلا فهم مصرون على النهب والسلب والغاء الاخر والسيطرة بكل ما لديهم من قوة على عراق مزقوه شر ممزق.
ويبقى دوتوكفيل في اطار دراسته للدين والسلطة حيث يبين" ما دام الدين يستمد قوته من العواطف والنزعات والاهواء التي تتوالد على النحو ذاته في حقب التاريخ كافة فانه يتحدى عاديات الزمن او يبقى في الاقل مالم يتسبب دين اخر بزواله" فقوة الدين من قوة العاطفة التي يحدثها داخل المجتمعات ويستمر باستمرارها اما اذا استقوى الدين بمصالح الدين فهو اذن يغدو بمثل هشاشة سلطات الارض قاطبة ويبث الكراهية التي تحدثت عنها في ما مضى من هذا البحث.
فالدين قد يكتب له الخلود وحيدا ، اما اذا ارتبط بسلطات فانية فانه بذلك يتبع مصيرها ، وغالبا ما يسقط بسقوط الاهواء العابرة التي تبنى عليها وهذا ما نراه اليوم في داعش والقاعدة وكل من يتبنى نزعات التدمير والمصالح والاهواء ويربطها بالدين، فالدين سوف يزول من قلوب الناس ببقاء هذه المنظمات الارهابية والميليشيات القتالية فكم اصبحت كلمة " الله اكبر " ممجوجة ومكروهة من قبل العالم باجمعه لانها اقترنت بالتفجير والدمار والقتل والاغتيال .














المصالح
العواطف


الدين

فكلما ازدادت العاطفة التي يسببها الدين ازداد الدين بقاؤه رغم عاديات الزمن ، ولكن عندما يصل الدين الى نقطة المصالح نجد ان سلطانه يبدأ بالتراجع والخمود " ان ارتباط الدين بسلطات سياسية على اختلافها ، لن يكون اذا الا ارتباطا مكلفا، فهو لا يحتاج الى عونها لكي تكتب له الحياة وقد يهلك اذا جعل نفسه في خدمتها" لذلك فالمجتمعات بحاجة الى قوانين وحكومات قوية تحميهم كي لا يقع الناس بخطر الدين وحمايته ، واليوم في العراق تنطبق علينا هذه المعادلة تماما فعندما ضعفت الحكومة حد انها بدأت تفقد اماكن كانت تسيطر عليها لصالح داعش التجأ الناس الى المؤسسة الدينية التي سارعت بتشكيل مجاميع مسلحة من ابناء المجتمع تحت غطاء المؤسسة وتحت رعايتها لحماية المجتمع، "عندما تبدو الحكومات على قدر كبير من القوة والقوانين على قدر كبير من الثبات ،لا يلحظ الناس الخطر المحدق بالدين اذا ما ارتبط هذا الاخير بالسلطة" عند ذاك لا تخف من ارتباط الدين بسلطات او ما شابه لان سلطة الدولة والقانون اكبر واشمل اما اذا اظهرت الحكومات قدرا من الضعف والقوانين قدرا من عدم الثبات والتغير وهو ما يحصل اليوم لدينا فان خطر الدين وتحكماته في المجتمع تبدو واضحة للعيان ولكن غالبا ما يكون اجتنابه عندئذ غير ممكن .
دوتوكفيل يعتبر الحراك السياسي ديمومة لأنظمة الحكم:
لذلك يعتبر ان الحراك الديموقراطي في اميركا يبعد الدين عن التقلبات البشرية ، ويجعله يصمد لانه بعيد عن هذه التقلبات لانه عندما يزج بها سينتهي امره كما حصل في العراق "لو لم يعمد الاميركيون الذين يغيرون رئيس دولتهم كل اربع سنوات ، وينتخبون مشترعين جددا كل سنتين ، ويستبدلون حاكمي الاقاليم كل سنة ، ويعهدون بالمجال السياسي الى تجارب المبتكرين ، لو لم يعمد الاميركيون اذا الى ابقاء الدين في نطاق ما خارج هذا المجال ، فكيف كان لهذا الدين ان يصمد امام تقلبات الاراء البشرية وكيف كان له ان يلقى الاحترام الواجب له في غمرة اصطراع الاحزاب فيما بينها؟ والى ماذا يؤول خلوده اذا كان محاطا بكل ما هو فان؟ "لذلك ادرك رجال الدين الاميركيون هذه الحقيقة قبل سواهم ، وعملوا وفق مقتضاها ،لقد ادركوا انهم اذا سعوا وراء السلطان السياسي واثروا ان يفقدوا دعم السلطة على المشاركة في تقلباتها .
في حين ان رجال الدين لدينا يسعون اليوم وبشكل مطرد وراء السلطان السياسي ، بل ان بعضهم في لب السياسة لذلك فالكثير منهم فقد نفوذه الديني لانه فشل سياسيا وشارك في تقلبات السياسة .
وبسبب مشاكل رجال الدين مع المجمتعات واستبدادهم فقد اضمحل الايمان من قلوب الاوربيين ودوتوكفيل يسأل عن الوسيلة الكفيلة بان يعاد للدين شيئا من سلطانه السابق. وكما حدث في مجتمعنا فبسبب مشاكل رجال الدين واستبدادهم اضمحل الايمان من قلوب الكثيرين ولا وسيلة في رايي لاعادة الثقة فيهم وفي دينهم بعد ان نهبوا العراق جهارا. ويشخص دوتوكفيل خطران عظيمان يحدقان ببقاء الاديان :
1- الانشقاقات. اللامبالاة.
وقد يغير الايمان موضوعه من دين الى اخر لكنه لا يضمحل فقد يتحول شخصا من سني الى شيعي على سبيل المثال او العكس صحيح فيصبح مؤمنا متطرفا ولكن من الجهة المقابلة للجهة التي كان عليها.
ويسعى بعض المذاهب التي يصفها دوتوكفيل بالسلبية الى تقويض معتقدات الاخرين سرا والنيل منها وتبرهن على زيفها لكي تبين عظمة ما هي عليه . ويذكر دوتو كيف ان الذين ليس لديهم ايمان يجهدون في اخفاء ايمانهم خوفا من المتدينين ومن يؤمنون يشهرون ايمانهم ، فان الحاصل هو تكوين راي عام مؤيد للدين، الدين يعز ، يدعم، يجل(اما دفين الجراح فلا يكتنه الا بسبر اغوار النفس البشرية)وكم واحد منا اليوم هو دفين جراح يخاف ان يتحدث عن مكنوناته في عدم الايمان ، ويقسم الناس في المجتمعات كالتالي:
1- أناسا فقدوا ايمانهم بالمسيحية ولم يذهبوا لديانة اخرى .
2- اناس أقاموا عند حدود الشك وراحوا يتظاهرون بعدم الايمان .
3- مسيحيون ما زالوا مؤمنين ولا يجرؤون على اشهار ايمانهم ، والصنف الثالث غير موجود في مجتمعنا فنحن لدينا اناس فقدوا ايمانهم بالاسلام ولم يذهبوا لديانة اخرى ، وأناس اقاموا عند حدود الشك ، ولدينا مؤمنين يشهرون ايمانهم نهارا جهارا ويستفزون الجميع ويمارسون طقوسهم رغما عن الجميع ولا اشكال في ممارسة احد لطقوسه ولكن عندما تصل الممارسة الى حد الغاء الاخر عند ذاك تكون تلك الممارسة ممارسة في الغاء الاخر .
لقد وصل الناس الى الذعر من اية عبارة تنتقد الدين في مجتمعنا فهي في نظر رجالات الدين كفر وضلال وهو عداء ظاهر للايمان الراسخ ، انهم في حالة عداء مع عصرهم وافكارهم مستجدة فيه.
يجب ان نصل كمثقفين وكمفكرين الى ما وصلت اليه اوربا ،فلقد اتاحت المسيحية في اوربا "قيام هذا الرابط الوثيق بينها وبين سلطات الدنيا ، اما اليوم وقد تهاوت هذه السلطات ،فتبدو المسيحية كأنها طمرت تحت انقاضها ، انها حياة شد وثاقها الى الموت، ويكفي ان تقطع الروابط التي تكبلها لكي تنهذ من جديد" فالنهضة يجب ان تكون منطلقة من قطع الرباط بين الدين والسياسة كي يكون للدين مجاله الروحي الجميل بعيدا عن تقلبات السياسة ، هذه التقلبات التي ستسقط الدين بالنهاية في الوحل وهو ما يحصل اليوم.
وبعد انتهاء دوتكفيل من الحديث حول الدين واثاره السلبية في السلطة يتحدث عن (العلم) واسهاماته في استمرار الديموقراطية وديمومتها ،فالعلم لديه صنو التربية (العلم ينير العقل) و(التربية تهذب السلوك والعادات) ، ولديه :ان التربية عند الامريكيين تهدف الى اعداد الناس اعدادا سياسيا" فيتاح للاميركي ان يعرف قوانين بلاده عبر اشتراكه في التشريع وعبر مشاركته في الحكم يتمرس بصيغ الحكم المختلفة ، ذلك ان شؤون المجتمع بأسرها تنجز يوميا على مرأى منه ،لا بل في متناول يده" ويقارن دوتوكفيل بين اوربا حيث تقحم العادات والافكار من الحياة الخاصة في الحياة السياسية العامة مما تسبب مشكلات كبيرة ،فيتم التداول في مصالح المجتمع العليا. بالطريقة نفسها التي نعتمدها في تبادل اطراف الحديث مع الاصدقاء اما الاميركيون فيعمدون الى اقحام الحياة العامة في دائرة الحياة الخاصة فهم يكتشفون الصيغ البرلمانية " حتى في تنظيم الولائم التي يقيمونها" .
السياسة الناجحة في اميركا :


الحياة الخاصة







والرسم في اعلاه يوضح ان الديموقراطية تتغلغل في الحياة الخاصة حتى تصبح سلوكا لدى السياسي يمارسه في حياته الخاصة يمارسها في بيته قبل عمله وبالتالي تتغلغل الديموقراطية تدريجيا الى الاعراف والاراء والصيغ.
السياسة الفاشلة في العراق:






ولكن عندما تقحم الحياة ا


ولكن عندما تقحم الحياة الخاصة في السياسة (الحياة العامة) كما في الشكل اعلاه نجد ان ذلك يقود الى بلد فاشل سياسيا كما في العراق اليوم. فمثلا العشاية تتغلغل في الواقع الديموقراطي العراقي فالسياسيون عندما يختلفون فيما بينهم لم يتدخل القانون لحل المشكلة بل العشيرة لكليهما ،بالتالي دخلت الحياة الخاصة بالعامة وهكذا نجد ان بعض رجالات الدين يدخلون دينهم الخاص بمعاني الديموقراطية ونجد ان بعض العوائل ادخلت عوائلها باجمعها في السياسة وجعلت منهم مدراء ووكلاء وزراء وهكذا يتدخل الخاص بالعام حتى ان مقدرات البلد اصبحت بيد هؤلاء الساسة حتى ان طيارة تابعة للخطوط الجوية العراقية ترجع الى مطار بيروت لاخذ نجل وزير النقل لان الطائرة فاتته فاي فساد اداري ومالي وشخصي تعود طائرة باكملها بطواقمها وأناسها ومسافريها لاجل ابن وزير النقل في العراق فاي فساد اكبر من هذا وكم بلغت السياسة في العراق فشلا الى حد مقرف.
العادات والسلوك:
في هذا الباب يتحدث عن المزج بين البداوة والحضارة ، فالكثير من سكان ولايات الغرب ولدوا الغابات والقفار وتعلم ان سلوكياتهم هي :عبارة عن مزيج بين الحضارة والافكار والحياة البرية ، لذلك يجد دوتوكفيل احتداما بالافكار وتراخ في الحس الديني وتشوش في الافكار ايضا ويعتبر (دوتوكفيل) ان العادات والسلوك وهي:الاعراف والتقاليد والعادات هي التي جعلت الامريكيين اكثر تمسكا وتقبلا للنظام الديموقراطي ويحدد بعد ذلك: ان الامم امام خيارين لا اكثر :اما الحرية الديموقراطية او طغيان القياصرة وتقبل الديموقراطية لحل هذا الخيار ينطوي على مسألة التطور التدريجي للمؤسسات والاعراف الديموقراطية لدى الشعوب عند ذاك نكون مستعدين لتقبلها بوصفها العلاج الافضل ويعتبر (دوتوكفيل) ان في عدم اشراك الشعب في الحكم هنالك صعوبات لا يستهان بها، وثم صعوبات ادهى تحول دون تمكينه من الخبرة اللازمة والميول لحكم رشيد.
كذلك يشير دوتوكفيل اشارة مهمة وهي :ضرورة تطبيق الديموقراطية بشكل تدريجي وتبنيها على المستوى الاستراتيجي وليس نسخها كما هي حيث يعتبر تجارب الاستنساخ كارثة كبرى تحل بالجنس البشري برمته ، ولكن "ان لم نتمكن من تبني مبادئ الديموقراطية تدريجيا بغية انشاء مؤسساتها في بلادنا وان احجمنا عن رفد المواطنين جميعا بالافكار والميول التي تعدهم اولا لتقبل الحرية ومن ثم مزاولة هذه الحرية فلن يتاح اذ ذاك لاي منا برجوازيا كان ام نبيلا معوزا ام موسرا ان يحظى بقدر من الاستقلالية ،بل يشمل الطغيان الجميع ، كما ارى اننا اذا اخفقنا على توالي الايام ، في التأسيس لقيام حكم الاكثرية في بلادنا فاننا مقبلون عاجلا ام اجلا على قيام سلطة الفرد الواحد غير المحدودة"
وكلامه هذا اي :بضرورة تبني المنهج الديموقراطي على المستوى البعيد والاستراتيجي يذكرنا بكلام الوردي بضرورة تبنيها استراتيجيا يقول الوردي" لا انكر تحقيق النظام الديموقراطي في الوقت الحاضر سوف لا يخلو من العنف والصخب خلوا تاما ، فالشعب العراقي ليس في مقدوره ان ينقلب بين عشية وضحاها الى شعب ديموقراطي رصين كالشععوب التي سبقته في مضمار الديموقراطية انه يحتاج الى زمن يمارس فيه النظام الديموقراطي مرة بعد مرة وهو في كل مرة سيكون اكثر كفاءة فيه واعتيادا عليه مما في المرة السابقة ، ان الديموقراطية ليست مجرد فكرة تعلم في المدارس او تلقى في الخطابات والهتافات ،بل هي اعتياد وممارسة عملية فاذا بقينا نتظاهر بالديموقراطية قولا ولا نمارسها فعلا فسوف نظل كما كنا يسطو بعضنا على بعض الى مالانهاية له" وهنا يتضح مطالبة الوردي بتطبيق تدريجي للديموقراطية كي يتم استيعابها وهكذا طالب دوتوكفيل كما راينا وهذا يدلل على اهمية هذه القضية ،فالتدرج في كل شيء يسهم حتما في ترسيخ المبادئ ولكن اختلف كثيرا مع راي دوتوكفيل القائل بضرورة ترسيخ حكم الاكثرية نعم حكم الاكثرية يجب ان يكون ضمن سياق ديموقراطي ولكن ليس على حساب الاقليات فطغيان الاغلبية قد يتم ، وهذا ما حدث لدينا في العراق عندما ظن الاكثرية ان حكمهم يجب ان يسود الجميع دون مبرر او رادع او قانون فحكم الاكثرية يجب ان يكون بضمان حقوق ومشاركة الاقليات في الحكم.
ثم يتطرق لمشاكل الديموقراطية في اميركا قبل تحرير العبيد طبعا بزمن طويل وهي مشاكل الهنود والزنوج ، الهنود وهم سكان اميركا الاصلاء والزنوج وهم العبيد الذين جاء بهم الاوربيون الى اميركا للخدمة والشغل والعمل ، كيف ان الديموقراطية الامريكية اقصتهما جميعا.
وختام الجزء الثاني يتنبيء الكسي دوتوكفيل بالقوتين العظيمتين اللتين ظهرتا في زمنه وستحكمان العالم مستقبلا وهما :الروس والامريكان ويقول ما نصه " في العالم اليوم امتان عظيمتان تتجهان على الرغم من اختلاف منطلقيهما نحو الهدف عينه وهما: الروس والامريكان منطلقاهما مختلفان وطريقاهما متباعدتان ومع ذلك يبدو ان كليهما مدعو بمشيئة الهية خفية لان يمسك بمصير نصف العالم" وهذا ما يحدث اليوم فالامريكان يمسكون نصف العالم بمحور قوامه (فرنسا بريطانيا ،المانيا ، اسرائيل ، السعودية ... الخ. ) والروس( روسيا ، الصين، ايران، كوريا الشمالية ، حزب الله ، سوريا ... الخ. ) ويتصارع المحوران خارج حدود دولهما مكبدين العالم خسائر في المال والارواح ومدمرين دولا بقتالهما خارج حدودهما ، ان كتاب الكسي دوتوكفيل حول الديموقراطية في العالم ، كتابا مهما يصور محاسن الديموقراطية واستخداماتها السيئة وكيف تتيح للبعض ان يستغلوا ظروفها ومبادئها بسبب جهل العامة ابشع استغلال وهي دعوة هامة لانشاء ديموقراطية حقيقية قائمة على مؤسسات ثابتة وليس كما لدينا اليوم ديموقراطية هجينة سيئة يستغلها الاسلاميون ابشع استغلال دون تأسيس حقيقي لمؤسسات ديموقراطية تسهم في بناء العراق بناء للمستقبل وليس بناء هشا كما اليوم يزول بزوال حاكميه ،لانه ليس بدولة مؤسسات ، اتمنى ان اشاهد دولة المؤسسات في يوم ما قائمة في هذا البلد.

ملحوظتان:
1- الكسي دوتوكفيل قارن انذاك بين الديمقراطية في امريكا والارستقراطية في فرنسا من جميع النواحي فلم يغفل شيئا حتى رواتب موظفي الدولة الكبار في فرنسا وامريكا وبالتالي يتبين له وللقارئ مدى التخلف الذي كانت تعيشه فرنسا مقارنة بامريكا .
2- بمقارنة بسيطة بين الديمقراطية في العراق والديمقراطية في امريكا يتبين لنا الصدمة الكبرى التي نعيشها نحن اليوم بما يسمى بديمقراطية جعلت من سياسيي الصدفة وبفعل سذاجة الناخب العراقي واستهلاك الامراض الطائفية والقومية في صعودهم وهم بذلك قد حولوا البلد الى جحيم لا يطاق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53