الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيعةُغيرالشيعةِ

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 9 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يجوز منطقيا ، من باب المصداقية و الدقة العلميتين أن يوسم كل نشاط أو تحرّك سياسي أو مطلبي ، شاركت فيه جماعات من سكان لبنان ، بطابع طائفي ديني ، فكثير منها كان يندرج في سياق نضالي إجتماعي و سياسي هادف لتأسيس دولة وطنية على وعي الفرد المواطن و ليس على الجماعة الطائفية التي تُقدر بعدد أفرادها المدونين في لائحة قيد الأحوال الشخصية .
أما في ما يتعلق ، بالشيعة ، و ما يُقال فيهم ينطبق أيضا على أبناء الطوائف الأخرى بدرجات متفاوتة حسب الظروف الإجتماعية في المناطق التي يعيشون فيها ، فلا يجب إغفال معطى هام جدا ، في مداورة الوضع الحالي في الذهن ، هو أن المتعلمين منهم ، أي الصفوة ، انضموا بحماسة لا تقل عن تلك التي أبداها غير الشيعة ، بل أغلب الظن أنها كانت أعلى درجة ، إلى الأحزاب الوطنية التي كانت في سنوات الأربعين و الخمسين و الستين ، ناشئة أو بتعبير أدق التي رافقت نشأة الوطن ، و لا حرج في القول أنها في نهاية المطاف أجهضت تلازما مع إجهاض المشروع الوطني .
يحسن التذكير في هذا السياق ، ان الشيعة الشيعة كانوا قليلين جدا في منطقتي الجنوب و البقاع حيث يتواجدون بشكل أساسي ، قبل بدء هجرتهم إلى العاصمة طلبا للعمل . بل يمكننا القول أن زعماءهم الإقطاعيين أنفسهم ارتضوا باقتسام " حصة الشيعة " فيما بينهم كما حددها نظام الحكم الطائفي الذي فرضه الإنتداب الفرنسي ، و لكنهم لم يكونوا بالقطع طائفيين بمعنى العصبية أو الحزبية الطائفية . فقد اعتمدوا في صراعاتهم و منازعاتهم على الفُروقات العائلية ، لا سيما أن سكان القرى الجنوبية كانوا مختلطين بوجه عام مسيحيين و مسلمين ، اضف إلى ان العائلة الواحدة كانت منشقة في بعض الأحيان إلى جماعة مسيحية و أخرى مسلمة ، و غالبا ما كانت منازل المسيحيين تشكل في البلدة كتلة سكنية تعرف ب " حارة المسيحيين" ، مثلما كان في بعض المدن " حارة اليهود"
و من البديهي أن التظاهرات الجماهيرية ذات الطابع الطائفي كانت غير معروفة ، على عكس المطلبية منها ، مثل حركات مزارعي التبغ في الجنوب ، و الإضرابات العمالية في بيروت ، و الإحتجاجات الطلابية الخ . كان نشطاء الشيعة الغير شيعة سياسيا ، وطنيين من الصفوة ، منضوين حصريا إلى الأحزاب العلمانية ، مثل الحزب الشيوعي ، البعث العربي الإشتراكي ، منظمات القوميين العرب خصوصا في الفترة الناصرية ، الحزب السوري القومي الإجتماعي ، أما الأقطاعيون الذين كانوا يتنافسون على المقاعد النيابية المخصصة للشيعة فكان اعتمادهم على وجهاء العائلات في البلدات و القرى ،الذين كانوا يكسبون ولاءهم مقابل خدمات يقدمونها لهم على شكل وساطات في الإدارة الرسمية ، و في مختلف الأحوال لم يكن الإقطاعيون الشيعة عموما ، طائفيين .
تجدر الملاحظة في هذا السياق إلى أنه لم يكن لدى الشيعة مؤسسة ملِّية رسمية حتى مطلع سنوات 1960 ، على عكس الملل الأخرى . أما مبررات انشاء هذه المؤسسة فإن البحث عنها يتطلب العودة إلى الفترة التي أعقبت العدوان الثلاثي على مصر في سنة 1956 و تنامي نفوذ الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي شمل جميع البلدان العربية ، حيث كان ملموسا بحدة في لبنان و سورية و العراق . نكتفي بهذه الملاحظة كون المجال هنا لا يتسع إلى تفاصيل أكثر ، لنخلص إلى القول أن هذه المؤسسة الملّية انخرطت في المنافسة التي كانت ماتزال في مراحلها الأولي بين الأحزاب الوطنية من جهة و الإقطاع الشيعي من جهة ثانية فكانت عموما تدعم الفريق الأخير و تنسق معه .
غني عن البيان أن المؤسسات الملِّية انتصرت في الحروب الأهلية على الأحزاب الوطنية في كل الطوائف ، و لم يمثل انتصار الشيعة استثناء عن غيرهم . نجم عنه كما لا يخفى اقتسام الدولة بين الزعامات الطائفية " المنتصرة " ، تجسد ذلك عمليا بنشوء ثلاث دويلات ، أو شبه دويلات ، شبه فيدرالية في بلاد ذات مساحة محدودة .و لكن الإشكال هو أن الدويلة الشيعية محاذية في جزئها الأكبر لفلسطين حيث دولة اسرائيل التي نعرف جميعا أنها جزء لا يتجزأ من المعسكر الغربي ، هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فمن المعروف أيضا أن هذه الدولة هي ذات طبيعة استعمارية استطانيةعنصرية و توسعية في إطار مشروع يشمل ضم أراض إضافية في لبنان و سورية و الأردن و شبه جزيرة العرب و مصر . ينبني عليه أن الدويلة الشيعية موجودة بكاملها على أراض تعتبرها إسرائيل تابعة لدولتها ، و ليس مستبعدا أن توظف هذه الأخيرة مرة ثانية ، العلاقة السيئة القائمة فيما بين شبه الدويلات اللبنانية ، في إحكام الطوق حول دويلة شيعة معزولة أو عزلت نفسها ، تمهيدا لخنقها .
إن مقاربة الوضع في لبنان ، من هذا من المنظار ، و هو بالتأكيد ذو قواسم مشتركة مع الأوضاع في غالبية البلدان العربية ، تظهر بوضوح النتائج السلبية للتكتل الطائفي في أية بلاد من البلدان . حيث يجعل قيام الدولة الوطنية مستحيلا من جهة و البقاء في البلاد عرضة للزوال من جهة ثانية ، فيصير كل تكتل على حدة ، لقمة سائغة للاستعمار الإستيطاني العنصري .
خلاصة القول و قصاراه أنه لو بقي الشيعة سياسيا ، غير شيعة ، و لو لم يقعوا في فخ الموسسة الملِّية السياسية ، و ثابروا على اتباع نهج العمل الوطني ، لما استقوت المؤسسات الملّية الأخرى في البلاد و لما انتصرت في الحروب الأهلية في سنوات 1970 و لما تعاون بعضها مع الغزاة في سنوات 1980 ، و لما أجر زعماء هذه الدوبلات البلاد لبائعي النفط في سنوات 1990 و لما أفلسوا خزينة البلاد التي ادخر فيها اللبنانيون تكاليف مشروع وطني يضمن مستقبلا لأبنائهم ، و أخير لما كان الخطر على الوجود يهدد جميع الشيعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي




.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل