الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انقلب الأمر على بوتين؟

بوياسمين خولى
كاتب وباحث متفرغ

(Abouyasmine Khawla)

2022 / 9 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


تكشف أحداث الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا على مسار تحويل الصراع من "عملية روسية خاصة" على أراضي الغير إلى حرب من أجل الدفاع المفترض عن الأراضي الروسية.

رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المخاطر في حربه ضد أوكرانيا ، معلنا عن تعبئة جزئية في 21 سبتمبر ، مما يعني أنه يمكن الآن إرسال 300 ألف جندي احتياطي للقتال في أوكرانيا.

وعلى حين غرة ، تم عرض تعديلات على بعض القوانين الروسية إلى مجلس الدوما وتم تمريرها على الفور. وهي تعديلات تنص على عقوبات قاسية على المتهربين من الخدمة العسكرية أو الجنود المستسلمين أو الرافضين للقتال.

وفي ذات الوقت ، قدمت الإدارات التي فرضتها روسيا في جميع مناطق أوكرانيا التي تحتلها القوات الروسية جزئيًا أو كليًا طلبات لإجراء استفتاءات بشأن الانضمام إلى روسيا دون سابق إنذار.

وهكذا تحول مجرى أحداث الصراع من "عملية خاصة" على أراضي إلى الدفاع عن الأرض التي يُفترض – مسبقا ودون علم العالم- أنها روسية، ولجأ بوتين إلى تصعيد التهديد باستخدام الأسلحة النووية. إذ جاء في خطابه في 21 سبتمبر2022: "أولئك الذين يحاولون ابتزازنا بالأسلحة النووية يجب أن يعلموا أن الرياح السائدة يمكن أن تنقلب في اتجاههم".

على أرض الواقع الحقيقة، يبدو أن الوقت ليس في صالح موسكو ، والموارد البشرية والمادية والدبلوماسية اللازمة لـ "العملية الخاصة" آخذة في الانكماش ، مما دفع بوتين إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاولة إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن ، لكن مع تقليل الخسائر والاحتفاظ بالمكاسب.

ومنذ بداية الحرب ، كان هناك انقسام داخل النظام الروسي بين "فريق الحرب" و"فريق العملية الخاصة". يعتقد الطرف الأخير أن الجنود المحترفين فقط هم من عليهم المشاركة في النزاع ، الذي يجب أن يظل على هامش الحياة اليومية المستمرة إلى حد كبير كالمعتاد.

في المقابل ، يعتقد "فريق الحرب" أن غزو أوكرانيا يجب أن يغير كل شيء بشكل جذري في روسيا ، من الاقتصاد إلى الحياة الثقافية واليومية. يدعم هذا الفريق التعبئة الكاملة ويرغب في رؤية مصادرة الأصول من مجتمع الأعمال ووضع حد لثقافة الاستهلاك في روسيا.

لفترة طويلة ، بدا للقيادة الروسية أن أفضل مسار للعمل هو الاحتفاظ بمظهر الحياة العادية ، وأن اقتصاد السوق والمجتمع الاستهلاكي هما أفضل ضمان للتغلب على العقوبات. لكن الآن مع التطورات التي عرفها مجرى الأحداث كل هذا يمكن أن يتغير.

لم يكن بوتين يكذب أو يخادع عندما أصر على أن روسيا ليست في حالة حرب مع أوكرانيا ، وإنما ينفذ "عملية خاصة" محدودة هناك. فروسيا لم تنشر كل قواتها هناك ، وتجنبت القصف المكثف ، والأهم من ذلك أنها تجنبت إلى حد كبير إرسال المجندين للقتال في أوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك ، كان من المخطط أن تستمر العملية لأشهر على أكبر تقدير ، ولم يخف المسؤولون هذا الأمر ، وهذا تتماشى تمامًا مع طريقة عمل بوتين كضابط سابق في المخابرات : صعوده إلى الكرملين في نهاية 1999 ؛ تدمير قناة NTV التلفزيونية وشركة النفط والغاز يوكوس ؛ اختيار خليفة لبوتين في 2008 ؛ عودته إلى السلطة في 2011-2012 ؛ تغيير الدستور لإعادة ضبط الساعة على فترات الرئاسة ؛ وحتى الحرب الشيشانية الثانية وضم شبه جزيرة القرم نُفِّذت جميعها في الإطار الزمني لعملية خاصة.

لكن الأمور تغيرت، لاسيما حين بدأت أوكرانيا تستعيد بعض أراضيها التي فقدتها، ثم الانسحاب الفوضوي للجيش الروسي من "خاركيف"، وهذا في صالح فريق الحرب والتعبئة. ومنطقيا ، كان من الممكن أن يتسبب هذا الانسحاب في تأجيل خطط الاستفتاءات في المناطق المحتلة وليس العكس.

من غير المرجح أن تضع إعادة تعريف المناطق المحتلة على أنها أراض روسية حداً لمحاولات استعادتها ، لكنها ستساعد الكرملين على حل العديد من المهام. يتطلب الاستيلاء على مناطق كاملة من بلد آخر بمشاركة عدد قليل من القوات وتعاون نسبة كبيرة من السكان المحليين. حتى الآن ، وجدت موسكو عددًا كافيًا من الأوكرانيين (وإن كان عددهم أقل بكثير مما كانت تعتمد عليه عندما شنت غزوها) ممن هم إما موالون لروسيا أو ببساطة غير مبالين بما يكفي ليكونوا قادرين على إدارة المناطق المحتلة. لكن بعد الانسحاب الروسي من "خاركيف" ، عندما تُرك المتعاونون لحالهم ، سيكون الناس أكثر ترددًا في التعاون. والاستفتاءات ترسل رسالة إلى سكان الأراضي المحتلة مفادها أن نوايا روسيا الإقليمية جادة.

هناك مشكلة أخرى تتمثل في عدد الجنود المتعاقدين الذين رفضوا القتال في أوكرانيا على أساس أنه بموجب شروط عقودهم ، ليسوا ملزمين بالمشاركة في القتال على أرض أجنبية. وإعلان أن المناطق الأوكرانية المحتلة جزء من روسيا سيزيل هذا الادعاء.

لطالما قال المسؤولون الروس إن أهداف "العملية الخاصة" ستتحقق ، مهما حدث. كانت هذه صياغة ملائمة ، لأن الأهداف كانت غامضة للغاية بحيث يمكن تغييرها في أي وقت. إذا ثبت أنه من المستحيل الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها ، فيمكن لروسيا أن تقتصر على الاستيلاء على جنوب البلاد وشرقها. إذا ثبت أن ذلك غير ممكن ، فقد يقتصر على أراضي منطقتي "دونيتسك" و"لوهانسك". وإذا لم يتم القيام بذلك ، يمكن لروسيا أن تتوقف عند ما لديها بالفعل ، وتعزز حالة غنائمها الحربية عن طريق تحويلها إلى مناطق جديدة في روسيا.

والحالة هذه هل سيلجأ بوتين إلى وسائل أكثر كارثية لكي لا يبدو منهزما أو أنه أخطأ حساباته جملة وتفصيلا. ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك