الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا التي تشغل اهتمام شعبنا 2 الغذاء والامن القومي

الحزب الشيوعي المصري

2022 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


الغذاء والأمن القومي والتنمية وصحة المواطنين

ــــــــــــــــــــــ حسن بدوي - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري

من المؤكد أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ضروري لتعزيز الأمن القومي، ولتعزيز التنمية، ولضمان حصول كافة المواطنين، خاصة أصحاب الأجور والمعاشات ومجمل الطبقات الكادحة ومن هم دون خط الفقر، على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء ليكونوا في حالة صحية تمكنهم من العمل والإنتاج، البدني والذهني، ومن القدرة على التعلم وتنمية المهارات، بل والقدرة على الإبداع.
ومن المؤكد أيضاً، وفقاً لما تملكه مصر من ثروات طبيعية وأجواء معتدلة ومسطحات مائية شاسعة وقدرات بشرية وخبرات تمتد لآلاف السنين، فإنها قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، إذا تبنت سياسات مختلفة للزراعة وتربية المواشي والدواجن والصيد، سنعرض لملامحها لاحقاً، وإذا وضعت أساليب سليمة لترشيد استخدام المياه، وإذا حافظت على حقزقها في مياه النيل.
الغذاء والأمن القومي:
من المعروف أن الغذاء والدواء والسلاح والمياه أربعة مجالات تستخدمها الدول الرأسمالية المتقدمة للهيمنة على مقدرات وقرارات الدول النامية والفقيرة ونهب ثرواتها، وضمان دورانها في حلقة الديون والاستيراد والاستهلاك ومن ثم التبعية لها. وكما هو معروف في أوساط الفلاحين "اللي أكله من فاسه قراره من راسه"، وفي أوساط المثقفين والسياسيين والأكاديميين "من لا يملك قوته لا يملك قراره ولا حريته".
ولهذا فإنه كلما تقدم المجتمع، أي مجتمع، في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء لمواطنيه، بتطوير قدراته الإنتاجية، كلما قل اعتماده على الخارج، وبالتالي صار أكثر تحرراً من الضغوط الخارجية، وغير مضطر للاستدانة والاقتراض والاستيراد للغذاء، وصار أيضاً أكثر قدرة على تجنب الآثار السلبية للكوارث الطارئة (مثل وباء كورونا) أو للحروب بين البلدان المصدرة للغذاء (الحرب الروسية الأوكرانية مثلاً).
ويعتمد توفير الغذاء على ثلاثة مجالات رئيسية، هي الزراعة، وتربية المواشي والدواجن، وصيد الأسماك.
وبالرغم من الأهمية الاستراتيجية لقطاع الزراعة، فقد تم إهماله من قبل الحكومات المتعاقبة منذ منصف السبعينات، تنفيذاً لسياسة تحرير الاقتصاد، وانسحاب الدولة من مجالي الإنتاج والخدمات، وتركهما لرأس المال المحلي والعربي والأجنبي، الذي ساهم في استقطاع مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية لإقامة مراكز تسوق ضخمة عليها ومنتجعات وقرى سياحية وصالات أفراح ومتاجر وخلافه، مما فتح الباب عملياً لتمدد وانتشار قوى معادية للدولة الوطنية وبعض الدول المعادية لمصر.
الغذاء والتنمية وصحة المواطنين:
لقد أدت هذه السياسة إلى سلبيات ضخمة، فعلى سبيل المثال تراجع إنتاج المحاصيل الاستراتيجية كالقطن والذرة الشامية والفول والمحاصيل الزيتية، ليصل الاكتفاء الذاتي من القمح الآن إلى 47.7%، حيث ننتج 10 ملايين أردب بينما يحتاج السوق المحلي إلى 18 مليوناً، وبلغ الاكتفاء الذاتي من الذرة الشامية 56.3% ومن الفول 20% فقط.
الغذاء والتنمية:
ولا شك أن التقدم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء لن يتم إلا في إطار سياسة تنموية تعتمد بالدرجة الأولى على تعظيم دور الإنتاج في الاقتصاد الكلي، وفي كافة المجالات ومن بينها الزراعة والصيد ومزارع الدواجن والماشية، وكلما حدث تقدم في إنتاج الغذاء كلما قل الإنفاق على استيراد المواد الغذائية وأصبحت السلع الغذائية متاحة بأسعار أقل غير محملة بتكاليف الاستيراد.
كما أن إنتاج احتياجاتنا المحلية من الغذاء، ووصوله بأسعار في متناول أصحاب الأجور والمعاشات والطبقات الكادحة، ومن هم تحت خط الفقر الذين يبلغون ثلث السكان (نحو 35 مليون مواطن) ضروري لضمان النمو الصحي والعقلي السليم للأطفال والنشئ والحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، مما يعزز قدراتهم على الإنتاج والتعلم وتطوير المهارات، بل والإبداع.
وقد تسببت السياسات المطبقة منذ السبعينات في تراكم المعوقات أمام تطور القطاع الزراعي كقطاع إنتاجي استراتيجي، فضلاً عن عدم الاستفادة من المسطحات المائية الشاسعة (بحرين ونهر وبحيرات) في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك ووصولها بأسعار معقولة للطبقات الكادحة، بل وتصدير الفائض منها، وأيضاً عدم الاستفادة المثلى بمزارع الدواجن وتربية المواشي ومنتجات الألبان.
ومن أهم المعوقات أمام تطور الإنتاج الزراعي:
1- ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من أسمدة (خاصة مع التوسع في استيرادها وتحجيم إنتاجها محلياً) وتقاوي ومبيدات، مقابل أسعار هزيلة للمحاصيل مما دفع الكثيرين من الفلاحين لهجر الزراعة والاشتغال بأعمال أخرى، بل واستخدم بعضهم مساحات من الأراضي في مشاريع تجارية واستثمارية كصالات الأفراح والمتاجر وغيرها.
2- وزاد من العبء على الفلاحين أيضاً تحول البنك الزراعي من بنك تسليف داعم للفلاح لوجستياً ومالياً بقروض ميسرة إلى بنك ائتمان ربحي يقوم بأبشع أدوار المرابي تجاه الفلاح.
3- إفساد وفساد الحركة التعاونية الفلاحية، التي كان من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في تنمية الإنتاج الزراعي في المساحات المفتتة والصغيرة، حيث يبلغ عدد الحائزين لأقل من فدان نحو 3.4 مليون مزارع بنسبة 70% من أصحاب الحيازات الزراعية، بمساعدتهم على 0استخدام وسائل الري بالرش والتنقيط بدلاً من الغمر ترشيداً لاستخدام المياه في مجموعة من الحيازات المتجاورة وبمساعدة الفلاحين على الإنتاج والتسويق.
4- إلغاء الدورة الزراعية وانسحاب الدولة من مجال الزراعة دفع الفلاحين مع أعباء الزراعة الثقيلة عليهم إلى أنشطة أخرى، أو زراعة الخضروات بدلاً من المحاصيل الاستراتيجية المكلفة وبلا عائد مجز، فيما اتجه أصحاب الحيازات الكبيرة لمحاصيل التصدير.
5- أدى انسحاب الدولة أيضاً وفساد التعاونيات إلى غياب الإرشاد الزراعي، الذي كان يفيد الفلاح في تحديد المقننات المائية والسمادية المناسبة لكل محصول.
الحلول لتطوير الإنتاج الزراعي:
مما سبق يتضح أن تطوير الإنتاج الزراعي ممكن إذا تم تطبيق سياسة مغايرة أهم ملامحها:
1- تطبيق الدورة الزراعية مما يساعد على ارتفاع خصوبة التربة والاستفادة المثلى من المساحة المحصولية.
2- الاهتمام بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والذرة الشامية والفول والقطن والمحاصيل الزيتية مع تحفيز الفلاح على زراعتها.
3- هذا التحفيز وسيلته الرئيسية هي التزام الدولة بشراء المحاصيل بهامش ربح معقول من الفلاح. ومساعدته على التسويق مع استبعاد الوسطاء.
4- دعم الدولة والجمعيات التعاونية لمستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوي ومبيدات وآلات بدلاً من دعم المزارعين الأجانب بالأموال التي يتم إنفاقها على استيراد الغذاء من الخارج.
5- قيام الجمعيات التعاونية الزراعية بدورها في الإرشاد والمتابعة والتسويق.
6- رجوع البنك الزراعي لدوره الأصلي كبنك تسليف يدعم الفلاح مالياً بقروض ميسرة، وليس كما هو الآن بنك ائتمان ربحي يدعم المستوردين ويمارس دور المرابي على المنتجين.
7- زيادة المحاصيل المناسبة لكل منطقة والاستفادة من الميزة التنافسية والتسويقية لكل محافظة.
8- تعميم الري بالرش والتنقيط عن طريق الدولة والتعاونيات ترشيداً لاستخدام المياه.
9- الاستفادة من مركز البحوث الزراعية ومن التجارب البحثية والرسائل العلمية في التوسع الرأسي واستنباط البذور الأكثر إنتاجية.
10- دعم الخريجين للتوسع الأفقي في الأراضي الصحراوية واستزراعها سواء بالأبار أو المرافق أو التمليك.
والسؤال الآن:
ما هي العناصر الغذائية الرئيسية التي يحتاجها المواطنون؟
وكيف يمكن توفيرها عن طريق إنتاجها محلياً، وعدم الاعتماد على الخارج في توفيرها؟
يحتاج المواطنون إلى الخبز (أي القمح والذرة) والأرز والزيوت (من بذور الذرة والقطن والكتان والزيتون) والبقوليات والنشويات والسكريات والخضروات والفواكه واللحوم والأسماك والألبان ومنتجاتها، وكل هذه العناصر كانت مصر تحقق الاكتفاء الذاتي فيها، كلياً أو بنسبة كبيرة، بل وتصدر العديد من منتجاتها الزراعية بعد تغطية الاحتياجات المحلية، مثل الأرز والفول والبطاطس والخضروات، وغيرها، حتى أنه كان يقال إن مصر كانت تسدد ديون الاتحاد السوفييتي السابق من صادراتها من البطاطس والخضروات له.
وكل هذه العناصر الغذائية يمكن توفيرها في ظل سياسة تنموية تعتمد على الذات أساساً، وبتخطيط شامل، وبكوادر مؤمنة بها، وبالاهتمام بالبحث العلمي، مع الحفاظ على المساحة الزراعية الحالية من التآكل، والتوسع في استصلاح واستزراع الأراضي بخطط ذات جدوى اقتصادية ومرتبطة بسياسة الدولة للتنمية، واستخدام طريقة الري بالتنقيط ترشيداً لاستهلاك المياه، وبالاستخدام الأمثل للمسطحات المائية الشاس9عة المتوفرة في مصر المطلة على بحرين، وبنهر النيل والبحيرات المنتشرة في أراضيها مثل بحيرة ناصر وقارون ووادي الريان وإدكو ومريوط وغيرها، وبالمناخ المعتدل معظم العام.
ومن المؤكد أن الشروع في تنفيذ سياسة تنموية إنتاجية سوف يمكننا ليس فقط من توفير الغذاء، بل وتصدير بعض المنتجات كالأسماك، وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة