الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق التسلّح النوويّ والكارثة الإنسانيّة 17

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2022 / 9 / 26
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


The nuclear armament race and the humanitarian catastrophe 17


من خلال ما تصرفته لجنة الطاقة النووية التابعة للوكالة الدولية للطاقة النووية في زيارتها لمحطة زابوروجيا النووية، نلاحظ بوضوح ما الذي جرى على وضع الميدان والمحطة حيث الهجومات المستمرة على المحطة بعد الهجومات الاخيرة الاوكرانية على الاراضي الشرقية للدولة ضد القوات الروسية. ولو نقرأ تصريحات غروسي الامين العام للوكالة في وجوب مغادرة المعدات العسكرية منطقة المحطة تراه تصريحاً معقولاً اذا خلصت النوايا واذا تحدثنا عن الوضع النووي بتجرّد، لكن المشكلة التي نتجت عما يخفيه هذا التصريح وغيره من قبل اللجان المتخصصة تراها تصريحات اريد منها شيء اخر غير الحفاظ على الوضع النووي المستقر. رغم تصريح الامين العام للامم المتحدة في قوله ان اي ضرر بمحطة زابوروجيا النووية يمكن ان يتسبب في كارثة تشمل المنطقة بكاملها، يعني ذلك ان التقديرات التي اشارت الى الخطورة من التعامل الاوكراني مع وضع المحطة النووية كانت تقديرات دقيقة وان الوضع في المحطة النووية يصبح اخطر في كل يوم يمرّ ولا اعتقد اننا بعيدون عن كارثة ستحدث اذا ما جاء ضوء اخضر من البيت الابيض في استفزاز معيّن لتعويض خسائر الاوكرانيين الاخيرة وفي فترة ما قبل الشتاء بقليل كي يجبر العالم الى الالتفات الى الكارثة وانهاء الصراع بشكل ترسمه الولايات المتحدة. هذا ما يتصوره البيت الابيض كما هي تصوراته السابقة في افغانستان والعراق وسورية وفي اماكن متعددة لتكون تقديرات هذا البيت الاسود تقديرات خاطئة اذا ما احسنّا الظن!
يقول مندوب روسيا في الامم المتحدة الى انهم يدعون الامم المتحدة للتنديد بقصف القوات الاوكرانية المستمر لمحطة زابوروجيا النووية. والخديعة الامريكية واضحة في التركيز على المحطة ثم تحويل الهجوم الى الشمال الشرقي حيث لم يذكر تقرير الوكالة الجهة المسؤولة عن قصف محطة زابوروجيا المذكورة. وهنا الخديعة الاخرى في عدم التركيز على من قام بالقصف للمحطة وبالتالي يوهَم الروسي في الانشغال في الكيفية التي يعالج فيها اي مشكلة قادمة بسبب عدم وجود المسؤول المباشر الذي يحدد من المعتدي على المحطة. وقد قام النظام الاوكراني بمحاولة اعاقة وصول وفد الوكالة الدولية للطاقة النووية الى تلك المنشأة المهمة على المستوى الاوربي والمستوى الاوكراني، بالرغم من بذل كل الجهود الروسية لتامين وصول بعثة الوكالة الى المحطة المذكورة. وقد طلب وفد الوكالة الدولية بانشاء منطقة امنة حول المحطة بالرغم من تواصل القصف الاوكراني لها ليكون الرد الروسي على الاستفزازات بالتوجه الكامل لجهة هذه المنشأة ونسيان التعامل مع الميدان بقوة عَهِدها الجمهور لهم. وبذلك خُدِع الجانب الروسي حينما اراد أن تعمل المنشأة النووية بشكل سلس ومد الكهرباء للاوكرانيين الملايين الاربعة وبالتالي بعد ان اكتشف الروس الخديعة متاخرا قطعوا الطاقة عن الاوكرانيين بل وقصفوا المحطات الاخرى الكهربائية. ليعود مدير الوكالة بالقول على العاملين في محطة زابوروجيا النووية العمل من دون اي مخاطر او ضغوط.
ليس بالامر السهل تسليط الضوء على وضع يتشابك فيه الجانب السياسي مع الجانب الامني والعلمي، خاصة فيما يتعلق بهذا الوضع العالمي عموماً الذي تعوّد على ظلم دول كبيرة لدول صغيرة او فقيرة او دول تسعى الى العيش بسلام يدّعيه من يناشد العيش بسلام وهو خبيث في طبعه وسياسته تجاه الدول الضعيفة والفقيرة او المسالمة. لقد كتب احد الاصدقاء القدامى عبارة عالية المستوى في حينها، يقول فيها: ليس هناك ما يبعث على الاشمئزاز اكثر من ان يسعى الانسان نحو العبودية! وبالفعل هناك من يسعى برجليه الى العبودية، واي عبودية تلك التي تحتّم عليه ان يسلّم كلّ شيء بلا اي مقابل! هذه مقدمة بسيطة لما اريد ان اسلّط عليه الضوء عالي التردد.
لقد خبرنا من خلال ما يسمى المجتمع الدولي ان يغتصب حق الشعوب بكليتها وبما تملك بلا مقابل، اي مجتمع دولي هذا الذي يحشّد للدفاع عن دولة هو الذي اوصلها الى هذا المستوى من الظلم بينما لا يرى هذا المجتمع الدولي ما يجري لشعب يقتل كل يوم من قبل عدو مغتصب لارضه بمساعدة هذا المجتمع الدولي نفسه ويسعى الى ان يبيد هذا الشعب ابادة تامة بحجّة الدفاع عن حق مجموعة دعاها الى ارض اغتصبها وطرد شعبا يملك الارض منذ عدّة آلاف من السنين#
طريقة إحتشاد ما يسمى المجتمع الدولي للدفاع عن ارض اوكرانيا انما هو نفاق من نوع نفاق الدفاع عن اليهود في ارض فلسطين، فاليهود بملايينهم خارج حدود فلسطين يهتفون ان هذه ليست هي ارض الميعاد بل هي ارض الاضطهاد والتمييز العنصري وليس كما يقول من يسمي القضية بالدفاع عن السامية. فالسامية هي سامية الشعوب التي عاشت منذ عهد سام وليس بالمعنى الذي يوصّفه اهل الاضطهاد وقمع الشعوب. اعود بعد المقدمة الى موضوعي الاساس الذي يريد منه بعض المجتمع الدولي ابادة الشعوب بهذه الاسلحة النوويّة الفتّاكة التي يصنّعها من مال الفقراء والمُتعَبين والمضطَهَدين كي يستبق الاخرين بها للتدمير والتهديد حتى بلُقْمَة الزّاد. هي الطريقة المثلى لهذا المجتمع كي يحشد دولاً إعتادت العدوان والتهديدات النوويّة بعد أن جرّبتها في أراض كأرض الجزائر من قبل فرنسا وفي اليابان من قبل الولايات المتحدة الامريكية، الدولتان اللتان تريدان تعليم الآخرين الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان!
لم تكن ازمة الطاقة سهلة على جميع الدول الاوربية وخاصة مع المانيا التي تعتمد على طاقة الغاز القادمة من روسيا بنسبة تصل الى حوالي %55 من احتياجاتها. وبعد حصول العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا سعت الحكومة الالمانية الى الاستغناء عن الطاقة من روسيا ولكن الامر لم يكن يسيرا حتى في التفكير الالماني. حيث سعت وتسعى للحصول على غاز او اي مصدر من مصادر الطاقة من مكان آخر. والغريب ان الطاقة النووية متيسرة في المانيا للعمل بها ولكنّ السياسة الالمانية تبعد البلد عن هذا التصور، بدلا من ذلك اتفقت مع النرويج وهولندا لشراء الغاز. وهناك ضغط من الولايات المتحدة عليها كي تكون اسيرة الفعل والاقتصاد الامريكي مع هذه الحكومة التي اضاعت حقوق بلدها وسط الضغط الامريكي. فتريد ان تستورد الغاز الامريكي او النفط الامريكي باسعار مع النقل تكون اعلى بكثير من طاقة النشاط النووي واغلى من الغاز الروسي. ففي هذا الوضع يحتج الكثير من الالمان على سياسة هذه الحكومة التي لا ترى مصالح شعبها بل مصالح امريكا بحجة الانتماء الى حلف بائس لم يأت الا بالخراب والاستنزاف لاقتصاديات هذه الدول. فهناك الكثير من السياسيين يطالب بتمديد تشغيل المفاعلات النووية في البلاد (ما تبقى من هذه المفاعلات العاملة). وقد لوحظ خضوع هذه الحكومة من خلال الحديث عن انهاء الطاقة النووية والاستمرار بمشروع التخلص من هذا النوع من الطاقة رغم الظروف الصعبة التي لا يعلم احد كيف ستكون اوضاع الطاقة في الشتاء القادم. وبات الحديث عن زيادة ملحوظة بالتلوث بالكربون على مستوى اوربا والعالم واضحاً بسبب التحول الى الوقود الاحفوري. ومازال الكثير يفكّر بتخوّف حينما يكون الحديث عن الاعتماد على الطاقة النووية بسبب المخاوف من استخدامها للاغراض العسكرية. بينما هذا الغرض لا علاقة له بالنشاط المدني او السلمي لمثل هذا النوع من الطاقة الذي اصبح الاعتماد عليه ملحّاً، بل باتت بعض الدول في وضع اخذ قرار الرجوع الى الطاقة النووية وزيادة محطات الطاقة الكهرونووية الى نسب متقدمة واطلاق اصطلاح الطاقة النظيفة عليها. كما في السويد هناك العديد من الخطط للرجوع الى عدد من المحطات التي اغلقت كي يبقى البلد سيد نفسه دون الاعتماد على اي دولة اخرى يمكن ان تؤثر على قرار الدولة الاساس.
المشروع النووي الالماني

بدأت الطاقة النووية الألمانية بعد أن خسرت سلطة هتلر العنصرية النازية الحرب العالمية ضدّ الحلفاء، بمفاعلات الأبحاث في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي مع بدء تشغيل أول محطة تجارية في عام 1969. ولم يكن الامر سهلاً على الكثير من الدول بهذا التوجه الى الطاقة النووية بسبب ما اصاب العالم من هلع بعد قصف امريكا لليابان بهذا السلاح الفتّاك. ومن ضمن تلك الدول تلك التي خسرت الحرب الضروس هي المانيا التي انطلق القتال منها واليها، لذلك كانت الطاقة النووية قضية سياسية رئيسة منذ ذلك الوقت الى العقود الأخيرة، مع استمرار النقاشات حول موعد التخلص التدريجي من هذه التكنولوجيا رغم انتشارها في دول اخرى غير المانيا. لذلك نلاحظ نشوء لوبي قوي للحركة المناهضة للأسلحة النووية في ألمانيا (بل وللطاقة النووية عموماً) حيث اصبح ذا تاريخ ورأي ضاغط منذ أوائل السبعينيات، عندما حالت مظاهرات كبيرة دون إنشاء محطة نووية في ويل. وإزدادت الضغوط لهذا التوجّه وتكثفت بشكل كبير عام 1986 سنة حصول كارثة تشيرنوبيل. حيث توجّهت بعض الغيوم الاشعاعية الى المانيا محمّلة بالنويدات المشعّة وانتشرت في معظم ارض البلاد. وبدأت التأثيرات واضحة
من الناحية الصحية والنفسية مما أزاد الضغط على الرأي الراغب في الانفتاح على استخدام الطاقة النووية (لا نتحدث عن نشاط الاشعاع النووي الذي يستخدم اصلاً في الصناعة الالمانية وفي الطب والبحوث والزراعة والتي يبلغ حوالي 100000 اي مئة الف مصدر مشع مختوم لاشراف الحكومة وفقا للوائح صادرة من وكالة الطاقة الذرية الالمانية ووفق قانون الحماية من الاشعة، وكل هذه المصادر تكون وفق الحدود المسموح بها والمعمول بها في المانيا) ومما أزاد من توجّه الرأي المناهض للتوجّه النووي هو ما خلّفه الوضع السياسي بوصول حزب الخضر المناهض للأسلحة النووية وعموم الطاقة النووية واصبح جزءًا من الحكومة الفيدرالية من 1998 إلى 2005 لذلك لقي الموضوع اهتمامًا متجددًا وانعكاسات سياسية عندما استمر التاثير في بداية عام 2007 بسبب التأثير السياسي للنزاع حول الطاقة بين روسيا وبيلاروسيا، وفي عام 2010 عندما كان الاقتصاد يعتمد بشكل كبير في تطوره او تراجعه على وضع الطاقة عموماً. وفي عام 2011 بعد حادثة فوكوشيما اليابانية## بدأت حملة شعبية من قبل المناوئين للتوجّه النووي من خلال إحتجاجات مناهضة لهذا التوّجه ويكون من ضمنه طبعا الاستخدام العسكري للطاقة النووية.
من غير العجيب أن تقرر دولة ما التخلي عن برنامج ما اذا رأت ان تجربة معينة قد فشلت في التحقيق لأي سبب كان، خاصّة فيما يخصّ حياة الانسان او معيشته لذلك نلاحظ أن الحكومة الالمانية اتخذت قراراً بعد حادثة فوكوشيما في اليابان ان توقف او تخفف نشاطها النووي. ففي عام حصول حادثة فوكوشيما اليابانية اتخذت الحكومة الالمانية قرارها بايقاف ثمانية من سبعة عشر مفاعلًا عاملاً في ألمانيا، معظمها تم إغلاقه نهائيًا بعد حادثة مفاعل فوكوشيما. حيث صدر القرار بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية في المانيا مبكراً حيث كان من المقرر ان يكتمل النشاط ويستمر الى العام 2036 حيث صرّحت ميركل رئيسة الحكومة الالمانية آنذاك الى ان اليابان المتقدمة في هذا المجال عجزت عن معالجة مثل هذه المشكلة التي حصلت في المفاعل حيث قالت: (كأول دولة صناعية كبيرة، يمكننا تحقيق مثل هذا التحول نحو الطاقات الكفؤة والمتجددة، مع كل الفرص التي تجلبها للتصدير، وتطوير تكنولوجيات ووظائف جديدة)، وأشارت الى"عجز" اليابان - على الرغم من كونها دولة صناعية متقدمة تقنيًا - في مواجهة كارثتها النووية###. لكن هذا الاتجاه واجه معارضة من بعض الاحزاب باعتبار ان تكلفة التخلي عن الطاقة النووية الى الوقود الاحفوري سيكلف غالياً اضافة الى صعوبة التحول الى سوق استيراد الكهرباء بشروط ما. حيث اشارت احدى الدراسات الى ان التخلص التدريجي من الأسلحة النووية تسبب في تكاليف اجتماعية تتراوح من 3 إلى 8 مليارات يورو سنويًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى الزيادات في معدل الوفيات بسبب التعرض للتلوث من الوقود الأحفوري####. لذلك فقد انسحبت شركة سيمنز الألمانية العملاقة للصناعات الهندسية بشكل كامل من الصناعة النووية في عام 2011 (عام الحادثة)، كرد فعل على كارثة فوكوشيما النووية المذكورة بالرغم من بقاء شركات اخرى تعمل في المجال النووي في المانيا. بالرغم من بقاء بعض المشاريع المهمة مثل مشروع بحثي في مفاعل دون الحرج يستخدم للتحويل النووي للنفايات عالية المستوى ووجود مساهمات في معجّلات لتسريع الجسيمات الى مستويات طاقة عالية لاغراض متعددة منها للاغراض البحثية.
لقد بدأ التفكير مبكراً من قبل المانيا بالتوجه النووي في الاربعينيات والتي اطلق على ما يسير في هذا التوجّه من مشروع نووي بنادي اليورانيوم الذي يمثّل مشروع المانيا النووي والذي كانت غايته الاساسية هو عسكرة الطاقة النووية. وهو مشروع تقني بحثي في المجال النووي وفيما يخصّ كل الابحاث في فيزياء وهندسة المفاعلات وكيمياء التفاعلات النووية. وأخذ هذا البعد أو هذا التوجّه خلال الحرب العالمية الثانية، على هيئة مشروع تمّ التخطيط له في الدوائر العلمية قبل الدوائر الاخرى. وقد كان لهذا المشروع ابعاد كبيرة ومعقّدة وبإتّجاهات مختلفة تصبّ كلها في الكيفية التي تظهر فيها نتائج الحصول على السلاح الفتّاك. لكن مالبث ان تلاشى المشروع بشكل كبير ليقتصر على بناء مفاعل نووي انشطاري وفصل اليورانيوم وتخصيبه. وربما تلاشى هذا المشروع بعد ان عرف الالمان بتكاتف العالم ضدّ هذا التوجّه وامتلاك الدول الاخرى للسلاح النووي الذي تمّ تجريبه ومعرفة تفاصيله وتأثيراته والتخطيط من قبل الدوائر السياسية والامنية كيفية الحصول على هذه الحلقات دون الاخرين والسعي لحدّ السماح للآخرين بامتلاك مثل هذه الاسلحة كما حصل في تأسيس الجمعيات او المنظمات والمؤسسات التي تعيق او تمنع او تعاقب الدول الاخرى غير دول النادي النووي الذي تأسس بعد ذلك. لم يكن هتلر بعيداً عمّا يفكّر به قادة الدول الاخرى في السعي الى امتلاك كل وسائل القوة للتدمير او الزحف الى مساحات اوسع من دول الحدود السياسية. لكنّ المقالات المتعلقة بهكذا مواضيع تشير الى ان الالمان لم يكونوا قريبين من امتلاك هذا السلاح النووي. لكنّ العلماء الالمان لم يكونوا بعيدين عن التوصّل الى نتائج مذهلة في هذا الجانب. فبعد اكتشاف الانشطار النووي في منتصف الثلاثينيات بدأت جهود العلماء الالمان الى محاولة ادخال السرور(!) الى قلب الفوهرر! ففي بداية السنة 1939 بدأ النشاط العلمي لامتلاك السلاح النووي لكنّ الشيء الذي أخّر هذا الوصول الى النتيجة هو الغزو الالماني لبولندا الذي اصرّ عليه هتلر وجنّد كل العلماء للحرب ليكون بهذا ابعاد للعلماء عن الوصول الى نتائج خطيرة من حيث لا يدري. بعد الغزو توجّه الالمان الى جهود جديدة للعمل على المساهمة في نصر مرتقب من وجهة نظرهم حينما يتم امتلاك السلاح الفتّاك. وبدأ النشاط النووي من خلال بناء مفاعل نووي كما اشرنا آنفاً. لقد كانت الجامعات الالمانية تعجّ بالعلماء الافذاذ والعباقرة والتي تسعى الى قوة البلد رغم كل الضغوطات. وقد كان علماء المانيا في اختصاصات الطاقة النووية من العلماء الذين يشار اليهم في مشاريعهم بالبنان، فقد كان هناك ألبرت اينشتاين،اوتو هان،ليز مايتنر،ليو تسيلارد وفريتز ستراسمان وغيرهم كثير. وقد قام بالفعل هان وستراسمان بتجربة قامت مايتنر بتصميمها ادت الى اكتشاف الانشطار النووي. لم يكن السباق الى امتلاك السلاح النووي بعيدا عن العنصرية التي كانت تنمو بشكل كبير في المانيا وفي بعض البلدان الاخرى، حيث كان العمل في هذا الجانب ينسب الى انتماء العالِم الذي يعمل فيه وخاصة فيما يتعلق باليهودية ليز حيث لقّب عملها بعمل الفيزياء اليهودية! وهذا من غرائب العمل العلمي عموماً باعتبار ان المتعارف عليه ان العلم في الغالب يكون بعيدا عن اي صراع ديني او قومي او طائفي لكنّ الذي حدث عكس ذلك المنطق. ووصل الامر الى ان ما يصدر عن اليهودي الالماني يُشكّ فيه رغم انتمائه الى بلده المانيا. وهنا يمكن ان نقول ان الذي ساعد الامريكان في السعي الى ارغام العلماء الالمان بعد خسارة الحرب الى الهجرة الى امريكا هو ان هؤلاء لم يكونوا علماء في هذا الاختصاص بل كانوا ايضا من المهتمين في مجال التصور السياسي الامني ويمتلكون التصور الواضح من الغاية التي ساعدت جيش الحلفاء على ارغام الالمان الى الهجرة الى امريكا بل تقاسمت الدول هذه الحفنة من العلماء حسب اتفاق ما! فلدى الامريكان تصور بعيد في ابعاد العلماء الالمان عن مشاريعهم في امتلاك اي سلاح نووي او عن اي مشروع يصب في خانة تغيير او ارجاع القوة الالمانية او حتى بنائها من جديد. هذا بالرغم من ان هؤلاء العلماء هم انفسهم من انتقد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ما يتعلق بالطاقة النووية حتى في جانبها السلمي المدني، والتركيز اساسا في النقد على ما تتركه هذه الطاقة من نفايات بفعل التفاعل الانشطاري لليورانيوم او البلوتونيوم وما ينتج عن هذا التفاعل من مشاكل على البيئة كما يدّعون واستغرقوا في النقد الى الدرجة التي من خلالها حثّوا على القول بان مخاطر وتكاليف التخلص من النفايات النووية قد يجعل من الضروري التفكير في التخلص نهائيا من الطاقة النووية. وكما اعتقد ان الامر ليس بهذه الصورة بل بسبب عدم رغبتهم في العمل في هذا الجانب لما لحق ببلدهم من خسائر كبيرة انهارت على اثرها الدولة بفعل النازية التي ساهمت بتدمير العالم ومازالت تتبنى النازية اسلوبا اخر من قبل دول عديدة ولكن باغطية مختلفة. لا يخفى ما للنازية التي تولّدت وكبرت وبُرمِجت في اوكرانيا حيث تحوّل توجهها من معاداة السامية (!!) الى معاداة الروسية وكلّ توجّه روسي ابتدأ من عزل الكنيسة الاوكرانية الارثوذوكسية عن كنيستها الام في روسيا ثمّ بدأت الشوفينية والعنصرية تنضج بمساعدة الاعلام الامريكي وبعض الدول الاوربية لتعادي كلّ ما هو روسي ووصل الامر الى معاداة الادب والعلم والفن والرياضة الروسية! وهذا شيء عجيب ومخيف من دول تدّعي المساواة والديمقراطية والحرية والانسانية وغير ذلك من التعابير التي يُتاجر بها منافقو السياسة.
كهرباء المانيا
تعتبر المانيا من الدول التي تولد غالبية الكهرباء فيها من مصادر الوقود الاحفوري التقليدية بسبب صدور القرار الحكومي بتوقف الطاقة النووية كمصدر للطاقة الكهربائية من منتصف الثمانينيات وذلك نتيجة الضغط السياسي المستمر من قبل المناوئين لاستخدام مثل هذه الطاقة النووية. حيث منذ ثمانينيات القرن الماضي لم يصدر اي تغيير في التوجه الى الوقود بكل مصادره الا من الطاقة النووية. لقد كانت الطاقة النووية المستمرة من غير تطوير فيها لغاية العام الماضي تستحوذ على حوالي %13,3 من امدادات الكهرباء حيث تم الحصول على هذه النسبة من ست محطات للطاقة تم ايقاف ثلاث منها نهاية العام الماضي اما الثلاث الاخرى فمن المؤمل ايقافها عن العمل نهاية هذا العام 2022 وفق خطة قررتها الحكومة للابتعاد عن الطاقة النووية واستخداماتها. وبعد العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا والذي ادت فيه الاحداث الى ايقاف مد الغاز الروسي الى المانيا تفكّر عدد من الجهات الى التركيز على حل للاعتماد على الطاقة الذاتية لالمانيا ولا خيار الا الطاقة النووية بنسبة كبيرة لحل مثل هذه المشكلة. فنلاحظ ونسمع الدعوات المتكررة لتأجيل غلق المفاعلات الثلاثة المتبقية او لاعادة التشغيل في تلك المفاعلات التي تم اغلاقها في العام الماضي 2021.
ولنا عودة إن شاء الله تعالى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
# راجع كتاب العرب واليهود في التأريخ للدكتور العلّامة أحمد سوسة ستلاحظ الكثير من الحقائق المهمة حول هذا الشعب المظلوم الذي رُحّل من أرضه بحجج واهية!
## راجع بحث مقالتنا حول فوكوشيما في العنوان التالي ولاربع حلقات متسلسلة، منها هذه الاولى:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=250468
https://en.wikipedia.org/wiki/Nuclear_power_in_Germany###
#### المصدر السابق
د.مؤيد الحسيني العابد
Moayad Alabed








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف