الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


16 - مدخل . . إلى العقل المتصنم 17 - ب] المتعة / السعادة بين ( الجوع ، الشبع ، التشبع ) - بعد الرضا ،

أمين أحمد ثابت

2022 / 9 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كالعادة – كما سبق لنا استقراءه في الانسان العربي – إذا ما أستبعدنا لغة التنظير والتجميل المقعر المسهب عند الوقوف على أمر أو حتى مفردة بعينها . . عند النخبة ، خاصة المهتمين بالفكر ، وركزنا على المضمون البسيط لنجدهم لا يختلفون في الفهم التعريفي لمعنى ودلالة لفظي المتعة والسعادة ، ففي الأولى – أي المتعة Delectation – من حيث المعنى يجتمعون في فهمهم لها بمعنى اللذة الجنسية Orgasmic كاصطلاح عام ، بينما يتعاملون فهما من حيث دلالة لفظة المتعة / اللذة من الجوانب المختلفة ( المادية والروحية ) - المتولدة فيه كحالة خاصة ظرفية من الاحساس أو الشعور بناتج اخير مظهري يعرف بالغبطة Euphoria او بوضع إجرائي مستمر في زمنيتها المحدودة بمعرف الاستمتاع Enjoyment ، بينما الثانية – أي السعادة Happiness فهي لا تظهر اختلافا عن الأولى فهما بذات المقسمين السابقين – معنى او دلالة – اللهم في هذه الأخيرة ( السعادة ) يحضر فيها عنصر الجانب الذهني – الفكري اكثر من العاطفي – بدلالة معرف لفظ الرضا Satisfaction ، ودلالة البعد الزمني الطويل نسبيا – لبقاء واستمرار ذلك الشعور والاحساس بمحصل الرضا النفسي – بينما في الأولى يعرفها العقل العربي ب ( السعادة الوقتية او الآنية او اللحظية ) .

وبجهد ذهني مقارن – بين انساننا وغيرنا ثقافة بفهم عقلي – وصلت الى استنتاج شخصي أن وجها رئيسيا تاريخيا من اوجه اشكالية عقل الإنسان العربي – من حيث قصوره وتحجره – يرجع الى عجز في لغتنا العربية ، التي شقت تطورا مذهلا خلال عصور الحضارات القديمة الغاربة ، واخرها الحضارة الاسلامية و . . من ثم ركدت وتحنطت في فترة من زمن افول الحضارة الاسلامية ، بينما تطورت لغات الشعوب – المتقدمة – بتطور ثقافتها بانتفاعها من تفاعلها العضوي الحي بثقافات الحضارات القديمة الخاصة بها و بشعوب الارض واخرها الحضارة الاسلامية ، فأنتجت العلم عن ذلك الركام ، لتدخل بتمحيص تفكيكي دقيق لألفاظ المصطلحات والاصطلاحات المفاهيمية على أساس مجالي المعرفة ، فإذا بها تولد بشكل مستمر مفردات لفظية متجددة لحمل المعاني والدلالات ، بحيث كل لفظة بعينها تحمل فهما المعنى والدلالة الخاصين بها دون غيرها من الألفاظ الاخرى التي هي بالنسبة لنا مشابهة لها – وإن كنا بحصافتنا التي نعرف بها . . نقول أنها متشابهة بدرجة ما وتختلف من حيث زاوية القصد الذي نعتمده .

مع مسار تطور تاريخ الشعوب – بدء من منتصف القرن ال13 وبنمو متسارع العجلة من منتصف القرن ال17 الميلادي – كانت للغات تلك الشعوب أن تتولد بتطور تساوقي مع تطور حركتي العلم والفكر ، حيث لم تتوقف متخلقات المفردات الجديدة واشتقاقاتها ، بل أنها ذاتها في تحرك الزمن تصبح عامة وعقيمة أن تماشي متولدات المعرفة العلمية المجالية – في كل شيء – ما كان يدفع لزاما تخليق مفردات مفاهيمية تحميل معنى ودلالة لكل واحدة فيما يخصها . . وهكذا – الى هنا قد لا يختلف معنا من أولئك الافراد النوعيين الذين نعرفهم بالمفكرين العرب ، وتحديدا الموضوعيين غير المتعصبين عرقيا بمحمول الدفاع عن الثقافة والهوية الخاصة بنا – وإن كنت اجد خلافا بيننا حتى في هذا الامر ، فهم ينظرون عجز لغتنا تعود كناتج لجمودنا العقلي وانقياديته من زمن ما من التاريخ القديم ، بينما نرى نحن أن تلك الفترة المشار لها تقديرا بجمود عقولنا لم يكن له أن يصبح كذلك لولا اللغة العاجزة المحنطة التي تدخل الى دماغه صور المعرفة ( العقلية ) – من الادراك والذاكرة والتفكير في مكوني المعتقدية والاعتقادية الذهنية – والتي تكون مندرجة في الدماغ وفق عجز اللغة وتحنطها ، حيث تحمل الألفاظ الاصطلاحية المفاهيمية وجودها الاشد عمومية بمدخلات معقدة من المعارف المنقولة شديدة الكثافة والتعقيد بما يفوق الاف او مئات الاف المرات من قدرة تلك المفردات المفاهيمية التي تمتلكها عقولنا من لغتنا العاجزة – ومن هنا نستطيع أن نكتشف سببا تعليليا واحدا من اسباب ( تناقض الانسان العربي بين اقواله وافعاله ) ، حيث القول يخرجه في بنية الاكثر عمومية كما وفيه تجمل اخلاقي للشخص امام الاخرين ، بينما في الفعل يبتعد كليا نحو تحقيق المصلحة او المنفعة التي يظهرها او يخفيها – حتى يصل هذا التناقض لمضطربية الشخصية الفردية الواحدة منا ، أنه في نطاق الفعل المغاير لقوله ، أنه – أي الفعل – يتغير معناه ودلالته باختلاف الموضع ومختلف الزمن وباختلاف الرغبات التي يستهدفها الفرد لتحقيق ما يريد – مثلا الشر يكون في وقت غير شر ، وبين مجموعة يختلف معتمد الشر في امر ما عند مجموعة اخرى ، ويختلف محدد الشر في ذلك الامر بمختلف المكان . . داخل البلد الواحد منا ، وما هو شر بالنسبة لي الآن – لكون الامر الخاص فيه ليس مستحوذا على انانيتي الفردية للحصول عليه الآن ، ولكنه حين يصبح ذلك الامر محورا متسلطا على ذاتي الفردية الانانية ، فإن كل اجماع الدنيا على كون ذلك الامر او الشيء مصدرا للشر ، وحتى لو كان مسلكي اشد دناءة وانحطاطا – عند الجميع و . . حتى عندي إن كنت احكم على غيري – فهو سلوك مشروع بعلامة ورافعة الذكاء ( الخداعي والتحايلي ) ، بينما يعيب الاخرين بمرور ملعوبي الرخيص عليهم ، بينما في وصولي الى غايتي لم يكن ملصقا علي سوى الذكاء والمهارة الاحترافية والبعض يوصفها بالعبقرية ، وفي نظرهم مثلي يكون رمزا يقتدى به – يقول العرب القدماء العبرة في الخاتمة ، ويقول ارث الميكافيلية الغاية تبرر الوسيلة ، وتعتمد الاستراتيجيات الغربية وعلى رأسها امريكا تفريخ الذرائع اساسا في تذويب هويات الشعوب في الذات الامريكية كتابعيات لواحديتها على العالم . . .

وبتوضيح مبسط العرض لما سبق ، مثلا عندما اقول اشعر بمتعة حين أكون بصحبة صديقتي ، ونجد أن ذلك يمكن يبدل ب ( اشعر بسعادة .... ) وكأن المعنى والدلالة هي ذاتها ولا إختلاف بين اللفظين – بينما لو وضعناهما للتعريف عند أي واحد منا . . لا نظهر إلا الاختلاف الشاسع بين اللفظين . . لدرجة يبدوان وكأنهما نقيضين لبعض – وهذا بشكل عام ، بينما بشكل خاص بين انواع انسان مجتمعنا ، فمنه نوع يرى في ( احس بالمتعة في منتج اشعر بالسعادة ) . . لا يكون معناها ومدلولها المخفي مضمونا غير الجنس ، ما دام ذلك الاحساس والشعور منتج عن اللقاء وقضاء الوقت مع الصديقة ، التي هي الانثى الملصقة في معتقداتنا التي نخفيها أنها عنصر الإثارة للذكر ، وما تلك المتعة او السعادة إلا منتجة بتخميننا عن متولد اللذة والغرائز عندنا . . ما دام الطرف الاخر انثى ، وعند نوع اخر عاطفي مفتقد للحنان ، تكون الصديقة تلك بمعبر معوض النقص لديه في الحنان ، فليس اكثر من الام عاطفة أن تمنح شعور الامان والفرحة والمتعة والسعادة لأولادها – خاصة المحبب – على حساب الاخرين وحتى على حساب نفسها ، ويكون النوع الثالث رومانسيا حالما ، فيرى في تلك المتعة او السعادة لذة روحية – كانت بأثر جنسي او غير جنسي غير مهم – سامية لتوصل بصاحبها الى تلك الدرجة من الرضا والإرتياحية كقاعدة من قواعد السعادة عند من قال ذلك – وبين هذه الانواع من الافراد تقف بينهم فئات نوعية مصغرة من النخبة المتكلمة ، فكل يحمل تنظيره الخاص في معنى ومدلول اللفظتين الدالتين على المشاعر والاحاسيس الخاصة ، يكونون في اخير متصارعين بتقول يدعى جدلا فكريا . . . .

ولننظر بدقة لعبارة ذلك القول عند أي فرد من ابناء المجتمعات الاخرى غيرنا العرب ، عامة او نخبة ، نجدهم لا يختلف اثنين في فهمهما حول بنية العبارة ، حيث لفظة ( صديقتي ) لا يمكن بأي حال من الاحوال تحمل مدلولا جنسيا لمعنى المتعة او السعادة الوقتية المتولدة اثناء وبعد كل لقاء مع الصديقة ، وبالتالي فإن بعد تلك المتعة وجدانيا ( بمعناها ومدلولها العامين ) ، وحين يجذب ذلك القول متفاعلا معه تعاطفا او فضولا ، فإنه يذهب به لإظهار تفاصيل من تلك العلاقة ، فيستكمل المتحدث إما بنقاشات فكرية او تآزر عاطفي او بممارسة هواية محببة مشتركة فيما بينهما من الهوايات المختلفة ، ويكون فعل هذه الهواية المشتركة قائما على التوافق الانسجامي التقاربي التشابهي او التكاملي بينهما ، واحيانا يقوم على الاختلاف النوعي الجمالي او الفكري ، ويمثل كل طرف منهما عنصر جذب ابداعي مغاير للآخر ، وناتج عملية اللقاء في كل مرة يولد الغبطة والشعور بالبهجة ، وتجعل طبيعة علاقة الصداقة هذه امرا مستداما عند كل من الصديقين ، بحيث يكون كل لقاء يمثل ملجأ لكل منهما للعيش وقتا ( في انسانية ارقى ) من تلك المعاشة يوميا بكل تفاصيلها من الفعل والعلاقات الاجتماعية – إذا فلفظة الصديقة هي محور تحديد معنى ودلالة اللفظة وليست المتعة او السعادة – بينما نحن العرب مسجونون في عقل جامد منتج بمفردات محدودة ضئيلة محنطة في ادمغتنا ، ويحرك فهمنا اصولها التقليدية القديمة من الارث في طبيعتها الغرائزية المنحصرة في بعدي لفظتي الجوع والشبع والدرجة في كل منهما بما يمنح حالة الرضا للذات ، أكان رضا مكتوما او معلنا . . هذا من وجه اما في الوجه الاخر بظرفية زمكانية ونفعية معينة ، تكون مطبوعة في الضدية لحق الحياة والهروب الى المعتقدية التحريمية كنوع من استمرارية الارث لفرض انقياد الانسان العربي ( عقلا ونفسا ) الى الماضي القديم ، ما يجعلنا ونحن في زمن الحداثة في هذا العصر او ما سيأتي لاحقا ، نعيش عجزنا اللغوي بعقولنا المتحجرة بطبيعتنا الانقيادية المسخية للقديم ، بقدر ما نأخذ المعارف العصرية بمفرداتها المتجددة ، نتلقنها ولا تختزن في ادمغتنا إلا وفق طبيعة عقولنا وآلياته الخاملة تلك ، تذهب جميعها نحو التلاشي والاختفاء من عقولنا ، ولا يستمسك منها فيه غير تلك العموميات الشديدة في مخزون ادمغتنا من لغتنا المخزنة ، فتعمل اثرها علينا في تزايد اصطراعيتنا الفصامية داخل الفرد الواحد منا – بين اقواله وافعاله ، وبين افعاله باختلاف ظرفيات الزمن والمكان والنفعية الذاتية – وداخل المجتمع بين النخبة والعامة وبين نوعية الافراد من هذا وذاك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة