الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار آخن 10

علي دريوسي

2022 / 9 / 29
الادب والفن


عادا إلى المطبخ.
هنيلوري في المطبخ، ظهرها مثل نافذة نصف مفتوحة على بحر، تُجهِّز شيئاً.

ـ ماذا تفعلين؟ سألت سابينه.
دارت بوجهها إلى البحر، إلينا، ابتسمت قائلة:
ـ أعد لنا كوكتيل بلون زهر البنفسج.
ـ وصفة روسية؟
ـ لا، إنها وصفة هولندية قديمة، ستعجبكما!
ـ سنرى، هل له اسم، كوكتيلك الهولندي هذا؟
ـ يسميه الفرنسيون كوكتيل "الحب المثالي" مع الكحول وعصير الليمون.
ـ الحب المثالي!؟ كأني سمعت به.
قاطعهما إبراهيم بكل ثقة ورجولة:
ـ لا تحسبي حسابي، لقد تأخر الوقت، يجب أن أتابع طريقي إلى مدينة دورتموند، هناك من ينتظرني.
ـ أنت وحدك من قال أنّ الوقت قد تأخر، أعتقد أن الباص لا يسافر في هذا الوقت، ثم أن الجو عاصف، من سينتظرك هناك؟
ـ لا أحد.
ثم نظر من نافذة المطبخ إلى الخارج، لم ير سوى العتمة.
ـ معك حق سابينه، لقد تأخر الوقت كثيراً، هل أستطيع النوم عندك؟
ـ لا داعي للتهريج، بالتأكيد تستطيع النوم هنا.
ـ شكراً.
ـ نسيت أن أخبركَ بأننا سنحتفل غداً بعيد ميلاد هنيلوري، أرجو أن تشاركنا الفرحة، ستكون الحفلة ممتعة بوجودكَ وكما يشتهي قلبك!
ـ أقنعني السبب، سأبقى معكما، أنا جائع قليلاً، أين مؤونتك من الشوكولاتة؟
ـ سأحضر قطعة نتقاسمها!
ـ أحتاج إلى سيجارة، أين سترتي، أين حقيبتي؟ أرغب أن أدخن من سجائري الخفيفة، سجائركِ غريبة!
ـ لا، لا لم تحزر، أنت ضيفي، ولن تدخن سوى سجائري التي أحبُ!
ـ لا عليكِ، إِذنْ أعطني واحدة، لو تسمحين.
ـ الكوكتيل جاهز! أين شاروقات الشرب؟ صاحت هنيلوري.
ـ في درج الخزانة، جانب البراد.
ـ وجدتهم.
ـ وليمة الشوكولاتة صارت جاهزة والسجائر أيضاً!
ـ وأنا جاهز للتعاطي مع وليمتكم الطيبة. قال إبراهيم ثم بربر: "إذا دُعيتم فادخلوا".
**
جلسوا حول الطاولة من جديد، رفعت سابينه كأسها، وقالت:
ـ بالخير والصحة لنا جميعاً.

نظرت هنيلوري إلى عيون سابينه بحبٍ جميل، وقرعت كأسها بكأسها، في اللحظة التي نظرتا فيها إلى عيون إبراهيم، كان قد وضع قصبة الشرب في فمه وعيونه نصف مغمضة.
ـ ينبغي عليك أن تتعلم النظر بعمق إلى عيون نَدّيمك وإلّا لن تقدر على تقبيل حبيبتك لسبعة أيام، إنه مثل شعبي في بلدنا. ينبغي أن تتعلم هذا الطقس. لا زلت جديداً في هذا البلد، ينقصكَ معرفة الكثير!
ـ كلماتك ونصائحك تجعلنيْ أتجدد، نظراتك تحركُ الفراشات في داخلي!
ـ "نظراتكِ تحركُ فراشاتي"، تعبير جميل مكتمل. علّقت هنيلوري برومانسية.
ـ هل تعرف معنى المثل الألماني "في بطني فراشات"؟ هل تعلمت شيئاً عنه في دورة اللغة؟ هل لديكم ما يشابهه باللغة العربية؟ سألت سابينه بابتهاج.
ـ نفى بهزةٍ من رأسه، لا، أبداً، ما الذي تعنيه؟
ـ هنا، حين يقع الواحد منا في الحب، يشكو شغفه العشقي للمقربين منه بقوله: "فراشات تحلّق في بطني".
ـ لا، لا أعرف عمّا تتحدثين! هناك في الشرق، يُقزّمون معرفتنا وحبنا، يختصرون حياتنا بسؤال واحد لا شريك له "هل تحب الرئيس؟"، تغيّر الكون من حولهم وما زالوا يتأوهون "ألا تحب سيادة الرئيس؟".
ـ فهمت عليك، أنا أعرف هذه القصص جيداً، لقد وُلدتُ في ألمانيا الشرقية وأمضيت هناك مراهقتي.
- الشيء الإيجابي الوحيد الذي ما زال لديكم أنتم الذكور في الشرق هو قانون تعدد الزوجات، هل صحيح أنّ الرجل في الشرق يتزوج أربع نساء؟ سألت هنيلوري نصف ساخرة!
ـ لا أجد فرقاً بينكم وبيننا. هنا يتزوج الرجل امرأة ويعشق عليها خمس! أليس كذلك هنيلوري؟ قال إبراهيم بانفعال.
- للمرأة هنا الحق أيضاً بمصاحبة من تشاء، مثل الرجل تماماً! أجابت سابينه.
ـ ليس البرلمان من يسن القوانين في الشرق وإنما النبي أما هنا فيشرعها البرلمان. الإنسان هنا مطالبٌ بثقافة الاعتراف، عليه قبول ثقافة القيم القانونية والمدنية السائدة في هذا البلد. أضافت هنيلوري بجديةٍ لا مبرر لها.

ـ القليل من التدريب الحضاري المدني لا يضر أحداً.
بهذا التعليق أنهت سابينه ذاك الحوار العصبي الذي بدا أن لا نهاية له.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با