الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن جوع التسعينات اتحدث

رياض قاسم حسن العلي

2022 / 9 / 30
الادب والفن


-------------------

لا اتذكر من عصاري تلك الايام إلاّ غبار ماقبل الغروب...
وروحي حمامة تحوم بين البساتين...
حيث الاقدام التي تسير وهي جائعة..
في عصر ذات يوم تسعينيّ وجدت شوقي صديقي ذو العيون الخضراء في شارع الكويت وهو يكاد أن يبكي من جوعه الازليّ...
وفي يدي كيس بلاستيكي فيه بضعة من تمر الزهدي..
هل تعرفون مآساة أن يحمل بصراويّ تمر زهدي وهو يعيش وسط أكوام من بساتين البرحي والحلاوي...
منحت شوقي بضعة تمرات تقويه كي يعود الى أم شوقي تلك المرأة التي لم ار أجمل منها في دوحة البصرة...
تعال وخلي اسولفلك شيحچون..
وأنا اسمع عريان السيد خلف مع بضعة عرق مغشوش ومحمد آبن حسوني كاد أن يبكي حينما مرت منتهى حبيبته السمراء...
وجنازة ضياء تمرّ في الزقاق المغبر...
وثمة رفاق يقفون في الركن الهادئ بلا سلاح مخبئ وهم يتطلّعون إلى سطوح الدور بحثاً عن دمعة نزلت من احد عشيقاته...
يلتمن علي مشتات البال
وأنفضهن نفض ولا كأني هذا الهارب من الخدمة العسكريّة ويبحث عني كل رفاق الفيصلية..
كنا نجلس قرب معمل الثلج..
مزتنا حب شمس..
تعال وخلي اسولفلك شيحچون..
ومحمد ابن حسوني يبحث عن سمرائه التي تزوّجت من جبّار الذي يبيع الرقي بسوق الفيصلية...
وثمة غبار في الطرقات...
حتّى في الشتاء..
لا أعرف سرّ تلك العلاقة بين الجوع وغبار الطرقات..
لا تتصوروا أني أكتب شعراً ذات يوم...
نعم في تلك الايام توهمت أنّي أكتب شعراً..
وعبد فلك يغني مع عريان السيد خلف...
وخلي الحزن للحزن...
يقولون لي لماذا ذاكرتك توقّفت عند التسعينات...
وهل الحزن الا حزن التسعينات..
فمتى افتح نوافد الفرح..
وأنا ارى شوقي أبن أم شوقي وهو يبحث عن تمر زهدي في بصرة دوحة البرحي...
تعال وخلي اسولفلك شيحچون..
ذات يوم وجدت في ثلاّجتنا القديمة سمكة صغيرة نسميها خشني...
سمكة واحدة...
ثم كانت أكلة نسد فيها جوع السماء...
شتريد يا ليل البعد...
هل اخبرك عن جوعنا الذي لا ينتهي...
جوع شوقي ابن ام شوقي أجمل امرأة في البصرة...
شهدن علي زور كلهن كذبن وأفترن...
وحتى العيون الخضر صارن صفر وافترن..
ودارن دواليب دهري عكس وأفترن..
وهذا محمد ابن حسوني مازال يبحث عن سمرائه الفاتنة...
وثمة رفاق من بعث النظام يبحثون عمن يشرب العرق المغشوش قرب معمل الثلج مع ضياء...
ويغني ...
أنا بياذنب دارت علي دنياي...
في المنافي الزرقاء...
اتذكر تلك الايام...
وياهواجس غثن بوسط الدليل...
ويا سهر ذوب جفن عين العليل..
هل في الغربة ميدان للضياع؟
ترى هل وجد محمد أبن حسوني حبيبته السمراء ؟
وهي تبكي خلف جنازة ضياء في عصرية ذات يوم مغبر كأيامنا السوداء...
لا تتصورا أني أكتب شعراً..
نعم في سطح بيتنا حينما كان يبحث عني رفاق الفيصلية كنت أكتب ما توهمته شعرا..
واتخيّل جارتي وهي تكتب لي بضعة اشعار تافهة...
هو سرّ..
وحينما أسكت ...
يشيع..
وأنا ابحث عن قبرك يا ضياء...
هل هذا قبرك؟
وبيدي كيس بلاستيكيّ فيه بضعة تمرات زهدي...
تعال خلي اسولفلك شيحچون..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-