الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة -الفيتو- وقضايا التحرر 8/8

سليم يونس الزريعي

2022 / 10 / 1
دراسات وابحاث قانونية


ولا عجب والحالة هذه أن لا يصدر قرار مجلس الأمن رقم 242 إلا بعد خمسة أشهر ونيف من وقوع عدوان الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967، حين صدر القرار في ۲۲ تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، وذلك بعد أن حالت الولايات المتحدة دون تحرك مجلس الأمن أو الجمعية العامة وفق قانون الاتحاد من أجل السلام، الذي استخدمته الولايات الأمريكية لخدمة مصالحها عندما عجزت عن تمرير ما تريد من قرارات تخدم مصالحها ومصالح حلفاءها في مجلس الأمن، ولذلك لم يصدر شيء من مجلس الأمن يتعلق بالعدوان الذي هدد السلم والأمن الدوليين، إلا بعد أن رتبت صيغة يرضى عنها حليفها الكيان الصهيوني(1).
لقد عجز مجلس الأمن دوما عن محاسبة الكيان الصهيوني ومن ثم لم يجرؤ ولا مرة واحدة على وضع قراراته أو تهديداته ضد هذا الكيان الغاصب "إسرائيل" موضع التنفيذ، ولذلك طغت وتجبرت وتمردت، ورفضت الانصياع لأي قرار بسبب هذا التقصير والتقاعس الدولي عن التنفيذ، الذي بات يلازم تصرفات مجلس الأمن، وذلك كله تحت غطاء امتياز الاعتراض الأمريكي المسخر دوما لخدمة هذا الكيان، ولذلك يعتقد الكثيرون في المجموعة الدولية، من أنه لا جدوى من قرارات مجلس، عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، ففضلت في كثير من الأحيان الإقلاع عن رفع الشكاوى إليه(1).
ومن ثم فإن محاضر مجلس الأمن تكشف بشكل لا لبس من هي القوى الدولية من أعضاء مجلس الأمن المعادية لتحرر الشعوب، بأن وظفت امتياز الاعتراض( الفيتو)، بشكل تعسفي ضد مقاصد الأمم المتحدة وميثاقها، وفي مواجهة قوى التحرر الإفريقية في أنجولا وناميبيا وروديسيا (زيمبابوي) وجنوب أفريقيا من قبل الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وفرنسا دولتا الاستعمار الذي كان يجثم على صدر أفريقيا والكثير من دول العالم.
فقد استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسادون غيرها من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، خلال الفترة من عام 1970 وحتى عام 1988 امتيازالاعترا(الفيتو)عشرات المرات، في إصرار إمبريالي غريب على دعم الأقليات العنصرية البيضاء من مخلفات الاستعمار الأوروبي في تلك القارة، لإحباط تطلعات الشعوب الإفريقية للتحرر من هذا الإرث البغيض.فاستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا امتياز الاعتراض بشكل ثلاثي عشر مرات، وبشكل ثنائي أمريكي بريطاني سبع مرات، واستخدمت بريطانيا هذا لامتياز منفردة خمس مرات فيما استعملته الولايات المتحدة منفردة مرتين(1)، ليكشف سلوك تلك الدول كذب ادعاءاتها عن العدالة الدول بامتياز حق الاعتراض(الفيتو) دون معايير تضمن العدالة للشعوب بعيدا عن افتئات الدول الامبريالية من خلال مكنة هذا الامتياز الظالم.
ومن الأمثلة التاريخية الصارخة لاستعمال امتياز الاعتراض من قبل الدول الإمبريالية لإعاقة قضايا التحرر، إحباط مشروع القرار رقم س 5425 المقدم من غانا والمغرب والفلبين الذي ينص على دعوه بريطانيا عدم تخويل أي سلطات أو امتيازات حكومية إلى جنوب رودیسيا حتى يتم اختيار حكومة وطنية تمثل كافة السكان، لكن بريطانيا لجأت إلى استخدام امتياز الاعتراض من أجل إحباط مشروع القرار.
وفي نفس السياق وعندما تطور الموقف في زيمبابوي في غير صالح الأصليين، قدمت كلا من بورندي ونيبال وسيراليون وزامبيا مشروع القرار رقم س 9696 يستنكرون فيه إعلان ما يسمى جمهورية زيمبابوي من طرف حكومة الأقلية العنصرية في سالزبوري، ويقررون فيه أنه على كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الامتناع عن الاعتراف بالحكومة اللا شرعية في ذلك الإقليم، وقطع كافة العلاقات السياسية والقنصلية والاقتصادية والعسكرية، وأية علاقات أخرى معها، وكذلك يطلبون فيه من الدول الأعضاء تقديم كافة المساعدات والدعم لحركات التحرر الزيمبابوية واستنكار رفض المملكة المتحدة كسلطة حاكمة استعمال القوة لإنهاء حالة التمرد العنصري ،وفي جلسة مجلس الأمن رقم 1534 بتاریخ17 آذار/ مارس1970 أحبطت بريطانيا والولايات المتحدة ذلك المشروع باستعمالهما امتياز الاعتراض(الفيتو)(1).
كما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية امتياز الاعتراض في جلسة مجلس رقم 10931 المقدم من الهند وكينيا والسودان وليبيا ويوغسلافيا، من أجل إبرام اتفاقية عادلة فيما يخص قناة بنما بين الولايات المتحدة الأمريكية وبنما، بما يضمن الطموحات الشرعية والاحترام الكامل للسيادة التامة لدولة بنما على جميع أراضيها (2).
إن سلطة مجلس الأمن في فرض احترام القانون باتت مرهونة بمدى تحقيقها للمصالح الأمريكية بشكل خاص وحلفائها والسائرين في فلكها بشكل عام، ومن ثم فإن التعسف وسوء النية في استخدام امتیاز حق الاعتراض من قبل الدول الإمبريالية يضع شكوكا كثيرة حول مصداقية مجلس الأمن وقانونية الدور الذي يقوم به، خاصة وأن بعض الدول دائمة العضوية، هي أنها دائما على حق، وفق مزاعمها، أما الشعوب الأخرى فهي التي عليها دائما أن تسدد فواتير هذه المزاعم.
------------------------.
1- د. محمد عزيز شكري، مصدر سبق ذكره، صفحة 26.
1- د. محمد المجذوب، مصدر سبق ذكره، صفحة 22.
ا 1-ويكيبيديا (الموسوعة الحرة) شبكة المعلومات الدولية، الإنترنت.
1- محمد العالم الراجحي، مصدر سبق ذكره، صفحة217.
2- المصدر السابق، صفحة 217-218.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم


.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية




.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان