الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أحوجنا الى التضامن و التعاطف.

محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)

2022 / 10 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


في الوقت الذي نحتاج فيه الى التضامن وأن يقف الإنسان الى جنب أخيه الإنسان، نرى العواقب الإجتماعية الكارثية التي تفرزها المشاحنات السياسية، بين القوى المتصارعة في الشرق و الغرب، مٌغامرين بذلك بأرواح الناس و مٌستقبل الأمم بكل سفالة. بالمقابل نرى الشعوب مٌذعنة لتأثير الحركات النازية و الفاشية و حٌكم السلطة الأولغارشية و الأطماع الإستعمارية، كٌل هذا يحدث تحت تأثير الخوف، قاسمة بذلك العالم الى فِرق. و الفِرق تخضع تحت ضغط التهديدات، تخضع تحت ضغط المغامرة الفجة بمستقبل الأجيال و المٌستقبل المٌشرق الذي يتطلع له الطِماح الحٌكماء. إن المشاكل الإقتصادية كانت و لا تزال هي العامل الحاسم في هذه الصراعات. و لا يٌمكن التفكير في مخرج لهذه الأزمات الجمة دون العمل على خلق مٌجتمعات رغيدة بشكل مٌعتدل.
ما هذه الأنانية الفجة؟ التي قوضت التضامن ، وغامرت بحياة الناس. الحِكمة تقتضي بأعتبار الحياة أهم شئ ، كما تقتضي أيضاً في جعل القلوب تتأثر عند تبادل الدعم و المٌساعدة.
الحرب المٌستعرة اليوم و التي ضحيتها المدنيين و العسكريين على حد سواء، ستترك بلا شك آثارمن الفواجع و الآلام، نرى المدنيين يطوفون للبحث عن ملاذات آمنة، بينما يٌساق المٌجندون كالدجاج نحو جبهات القِتال، في مشاهد و قصص تعصر القلوب. عاجزين عن التعبير بالكلمات لقساوة المٌعطيات. انا بنفسي عايشتٌ أجواء الحروب و التناحر و النزاعات، ليس بوسعي سوى أن أفكر بأولئك الذين يتأثرون بشكل مروع من تبعات الحروب. في الوقت الذي نجد فيه المٌجرمون العٌتاة الذين يعملون على جعل الحياة، موات، نرى في الجانب الآخر أولئك السادة النُبلاء الذين جسدوا قيم التضامن عبر التأريخ الطويل، يقفوا على الضفة الآخرى.
نقرأ من كٌتب التأريخ بأن الصين التانغية ، أنجبت الشاعر القديس دو فو، إن أكثر ما يٌثير الدهشة في قصائد دو فو هو قدرته على توظيف مشاعره بما ينسجم مع طبيعة الموقف الذي يلتمسه، يتحدث عن معاناة الناس، نراه يتعاطف مع الناس حتى و إن كان هو في أشد ما يكون من المصائب و أحوج ما يكون لتعاطف الناس، لهذا ظل دو فو الى يومنا هذا يحتل مكانة مٌميزة لدا الصينيين. إن تضامن شاعرنا مع عامة الناس يؤهله لأن يكون مثالأ للنفس القويمة، و ان تكون أعماله الشِعرية إرث للبشرية.
في أثناء رحلة دو فو من تشانغان الى مقاطعة فنغشيان، والتي سبقت إجتياح الثُوار العاصمة، في الفتنة الصماء التي عصفت بالصين، نرى دو فو يٌسطر ملحمته الشِعرية التي تدور مٌعظم أحداثها حول مٌعاناة الناس، في الأبيات التي تقع في الرُبع الأخير من القصيدة، نراه ما لَبِث وقد أشار الى آلام الناس و مصائبهم رغم ما حلت به من فاجعة جراء الحرب.
عندما وصلت عتبة الدار سمِعتُ نحيباً،
إبني الاصغر مات من فرط الجوع.
لم أستطع كتم جهش البٌكاء،
حينما كان الممر بأكمله يبكي.
ثم يختتم قصيدته متذكراً مآسي عامة الناس:
يجب أن يكون عامة الناس يائسين حقاً.
أٌفكر بصمت في أولئك الذين فقدوا سٌبٌل العيش،
في الوقت الذي تعالت فيه صيحات المُطبلين للحرب هذه الأيام، مُتخذين بذلك جانب قتلة الحياة الذين سلكوا مسار الخطأ و فعلوا أفعال غير مٌستقيمة. نرى الكلمات المٌنتصرة القويمة، المٌستقيمة تتردد على ألسنة الحٌكماء نابعة عن قلوب صافية، يتناقلها أصحاب الفكر النير. كلمات الشاعر دو فـو، هي التي ينبغي أن تأخذ دورها، في ظل الأزمات التي تعصف بعالمنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدانة الحرب
ما أروع تلكُم الابيات التي تٌصور الجوانب الإنسانية للحرب، الحرب التي شهدها شاعرنا في مٌنتصف القرن الثامن الميلادي، تلك الحرب التي إبتلعت أبدان الرجال تحت الأعشاب، يقول شاعرنا:
الدم الذي تدفق على الحدود يٌمكن ان يٌشكل مياه المُحيط،
و خطط الأباطرة المحاربين لتوسيع الحدود لم تنتهي بعد.
في هذين البيتين يٌسلط شاعرنا الضوء على مٌغامرة الأباطرة في دماء الناس في سبيل تحقيق أهدافهم السياسية، دون الاخذ بعين الأعتبار الدماء التي تتدفق و الأرواح التي تُزهق، في سبيل تحقيق مُرادهم. و من هذا المٌنطلق يكشف شاعرنا في أبيات القصيدة عن رغبته بأن تكون له ذرية من البنات، عوضاً عن الأولاد، لعِلمه بأن الأولاد يتم زجهم في الحروب، في رحلة الذاهبين بلا رجوع.
علمتنا الأيام أنه من السئ أن يكون لك ولداً،
من الأفضل أن يكون لك بنت عوضاً عنه.
إذا كان لك بنت، لا يزال بمقدورك تزويجها لجارك،
و إن كان لك إبن فسيُدفن تحت النباتات.
ما أحوج العالم في وقتنا الراهن أن يُنشد قصيدة دو فـو "أناشيد عربات الحرب". ليستمد منها الدروس الوعاض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية