الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة القمع والعنف في المجتمع المغربي

محمد عبد الرحيم طالبي
كاتب

(Mohammed Talbi)

2022 / 10 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


تربى الكائن المغربي منذ نعومة أظفاره في ثقافة يسود فيها العنف والقمع، فيتعلم الطفل في المراحل الأولى من حياته هذه الثقافة من أسرته الصغيرة، فتجد الأب حين يأمر ابنه بأن يفعل شيئا ما يهدده، بقوله إن لم تفعل كذا، سأضربك... واذا لم يفعل الإبن ما أمره به والده، يتعرض لضرب أحيانا ولشتم والسب أحيانا أخرى، فكيف نريد من شخص تربى في أحضان ثقافة القمع والعنف منذ صغره أن يصبح مواطنا صالحا وانسانا أخلاقيا؟
وحينما يأتي التلميذ للمدرسة، فإنه يأتي وقد ترسخت في نفسه ثقافة القمع والعنف بحيث أنه لا يحترم إلا من يقمعه ويهينه ويعنفه( العنف قد يكون ماديا أو رمزيا)، لذلك تجده لا يحترم إلا الأستاذ الذي يهينه أو يحتقره أمام زملائه، أو يمارس عليه عنفا ماديا، فيجد الأستاذ نفسه بين نارين( أي يجد نفسه في مفارقة عجيبة)، فإذا قام بقمع التلاميذ فإنهم لن يستفيدوا أي شيء من الدروس التي يقدمها لهم، لأنهم سيكرهونه، ولا يمكن أن تستفيد وتتعلم من أي إنسان تكرهه، فما بالك بالأستاذ الذي يدرسك! أما إذا اختار الخيار الثاني؛ أي أن يحسن معاملتهم ويتعامل معهم بلطف فإنهم لن يكفوا عن إثارة الشغب والضوضاء في القسم، وبالتالي يستحيل في ظل هذا الوضع أن يستوعب التلاميذ الدروس.
لازلت أذكر عندما كنت أدرس في السنة الأولى ثانوي، كانت تدرسنا أستاذة في مادة الفلسفة صارمة جدا، وكان معظم التلاميذ (هذا إن لم يكن كلهم ) يكرهون طريقة تعاملها معهم، وأغلبهم لم يستفيدوا من دروسها شيئا، بسبب أنها كانت تقمع التلاميذ وتجعلهم يشعرون وكأنهم في سجن وليس في قسم، ذات مرة صرخت في وجهنا قائلة: " أرى الكره في أعيونكم، لماذا تكرهونني" قلت لها في نفسي حينها، " كيف تريدين منا أن لا نكرهك وانت تتعاملين معنا وكأننا في ثكنة عسكرية وليس في قسم".
إن ثقافة القمع والعنف متجذرة في مجتمعنا المغربي، ومن الصعب استئصالها، بل قد يكون من المستحيل، فتجد في هذا المجتمع المريض أن الناس لا يحترمون إلا الإنسان الذي يقمعهم، أما الذي يحترمهم ويعاملهم بلطف فيحتقرونه ويهينونه، لأنهم ببساطة تربوا منذ صغرهم على ثقافة أنه يجب عليهم احترام الآخر ليس لأنه إنسان، وبالتالي من واجبهم احترامه بل خوفا من العقاب.
إن ثقافة القمع والخوف من العقاب لا يمكن أبدا أن تنتج إنسانا صالحا أو مواطنا صالحا، بل ستنتج إنسان منافق، لا يحترم القانون إلا إذا كان هناك ضغط خارجي يمارس عليه، وبمجرد أن تسنح له الفرصة بأن يخرق القانون فإنه لن يتردد لحظة واحدة في خرقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير