الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار آخن 11

علي دريوسي

2022 / 10 / 2
الادب والفن


سأنتظر في العراء حتى يفتح الغرب حدوده وأبوابه للمشرق العربي، سأنتظر دخول الشرق إلى الغرب، لن أنام رغم تعبي، أنا شرقي والشرقي عَنِيد برأسٍ يابس، سأنتظر هنا رغم المطر المدرار إلى أن تتوحد سماء الغرب مع الشرق، على الغرب أن يفتح حضنه للشرق لمرة واحدة، وبعد فلتُغلق الحدود مرة أخرى في وجه الرافضين للفتح.

نصف سكران راح إبراهيم يتمتم بكلمات أغنية للمغنية هيلديغارد كنيف:
"أريد كل شيء أو لا شيء،
ينبغي أن تهطل السماء وروداً حمراء لأجلي،
أتمنى أن أفهم،
أن أرى كثيراً،
لا أريد أن أظل وحيداً
لكن أن أظل حراً."

ـ أحاديثكم في الغرب مُتعبة، رأسي ثقيل، سجائركِ ثقيلة يا امرأة، الجو حار، الليل دائخ وأنا مثله.
- لقد تأخر الوقت، شارفت الساعة على الرابعة صباحاً، يجب أن نذهب للنوم، أمامنا الكثير لنعمله استعداداً لسهرة عيد ميلاد هنيلوري.
- أنا دائخ، أريد أن أنام أيضاً، لقد دخنت كثيراً هذا المساء، هل تسمح لي هنيلوري بتقديم التهانئ الآن؟
ـ أفضل بعد الاستيقاظ.
ـ أتمنى لنا جميعاً ليلة هادئة وأحلام حلوة.
ـ على كل منا أن يحكي حلمه عند الفطور. قالت هنيلوري.
ـ لا أنام كي أحلم، بل كي أنسى. قال إبراهيم ثم نظر إلى لوحة الخشخاش من جديد وأردف:
ـ يا الله، كم هي جميلة زهور الخشخاش.
ضحكت المرأتان وقالتا بصوت واحد:
ـ لا تقلق، سندعها تخشخش لك ولنا ليلة الاحتفال.
ـ أين سأنام؟ هل سننام سوية في غرفة واحدة؟
ـ السماء لا تُمطر إلا امرأة واحدة كل مساء.
ـ في غرفتي ستنام، السرير يتسع لي ولك، لا تقلق، لن أزعجك، فأمامك عمل.
**
في غرفة النوم شعر إبراهيم فجأةً بالإنتماء:
ـ أريد أن أشاركك في شراء هدية مناسبة للحلوة هنيلوري.
ـ لماذا تقول حلوة؟
ـ عفواً، لم أقصد!
ـ لا، لا تحتاج لذلك، سأشتريها من نقودي.
ـ لكنني أرغب في المشاركة!
ـ لقد طلبتها وأحضرتها، انتهى كل شيء، لا تستعجل، سيأتي اليوم الذي تدفع فيه كثيراً!
ـ ماذا تنتوين أن تقدمي لها؟ سألها متجاهلاً ما سمعه منها.
ـ ستكون هدية عيد ميلادها رحلة جماعية لنا إلى لندن!
ـ مع من؟
ـ هي وأنت وأنا.
- أنا!؟
ـ أحلام جميلة.
قَبَّلَها، نامت عارية، نام يحضنها بين ذراعيه.
**
استيقظ من نومه العميق مرتاحاً، الجسد خفيف، الرأس فارغ إلا من بقايا أحلام، السرير العريض والدافئ فارغ إلا من رائحتها.
نظر إلى ساعة موبايله، النهارُ شارف على البدء، تذكر أنه قد وضع ساعته اليدوية في الحقيبة، أين الحقيبة؟ غرفة نومها غرائبية، أربعة حيطان بألوان أربعة، الأحمر والأصفر والزهري والأخضر الزيتوني.
على الحائط الأحمر عُلقت لوحة الحواس الخمس للفنان النمساوي هانز ماكارت، خمس لوحات جنباً إلى جنب، المرأة عارية تلمس طفلها، المرأة تستمع إلى هسيس الريح وحفيف أوراق الشجر، المرأة تبصر نفسها في المرآة، المرأة تشم زهوراً برية والمرأة تتذوق تفاحة.
بحث عن خزانة الملابس، لم يجدها.
في الحائط الأصفر نافذة مغلقة، أسفلها مكتب صغير وكرسي، في الحائط الزهري باب خشبي أبيض، الباب الذي يقود إلى امرأة الخشخاش موصد، في الحائط الزيتوني ثمة باب زجاجي يطل على الشرفة، الشرفة تطل على الغابة، الأفق وراء الغابة، قطار الخلاص وراء الغابة، محطة القطار خلف الغابة والغابة ممتدة في كل الجهات، كل دروب الهروب والهزيمة تمر عبر الغابة.
فرك عينيه من جديد، سأل نفسه: أين أنا؟ أين أنام؟ هل نمت مع خيالاتي؟ أين هم سكان البيت؟
ينزل من سريره حافي القدمين، نصف عار، يفتح الباب، في الخارج أصوات ورائحة، ثمة فرح ينتظره.
ـ أعدّي لي القهوة والسجائر كي أستريح.
ـ القهوة تنتظرك، غارغويل يشتاقك، الفطور يشتهيك وامرأتان ترغبان بالاستماع إلى أحلامك.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا