الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبلور فكر القومية العربية.

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)

2022 / 10 / 3
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إذا كان العرب قد تمتعوا بحماية العثمانيين ضد الإفرنج. فمع نهاية القرن التاسع عشر، بدأ يشعرون بأن العثمانيين غير قادرين على حمايتهم وحماية الإسلام من الإفرنج، الذين أصبحت قوتهم تتجاوز ما كان مألوفا حينذاك أدرك العرب عظم الضريبة التي دفعوها عندما قبلوا الحماية الخارجية طويلا، ودفعوا أثمانا غاليا من الدل لكي يوفروا على أنفسهم دفع ضريبة الدم. لم يكن أمام العرب حينذاك للحفاظ على الإسلام وللدفاع عن أنفسهم إلا أن يدخلوا ضمن ما يسمى بالجامعة الإسلامية أوان ينفصلوا عن العثمانيين باعتبارهم (العرب) يكونوا أمة واحدة لها مميزاتها وحقوقها وذلك قصد رد التحدي الأوربي والخروج من نير الحكم التركي والعمل على النهوض قصد اللحاق بالركب الحضاري الذي رويناه في إطار ما يسمى بالحركة العربية أو القومية العربية. إذن فمتى تبلورت هذه الحركة؟
إن فكرة القومية العربية نشأت كفكرة جنينية غير واضحة المعالم في القرن التاسع عشر وتطورت وتعدلت معانيها لتبلغ النضج في أواسط القرن العشرين، فالحديث عن نشوء هذه الفكرة هو حديث عن مصادرها أي العوامل التي أدت إلى بروزها. ولكن قبل المرور إلى هذه العوامل، لابد من الإشارة إلى أن أغلب المفكرين يتفقون على أن نهاية القرن التاسع عشر هي البداية الحقيقية لهذه الحركة. فقد كان الإسلامي بعيدا عن التنبه القومي، وما كان في نفوس أهله من العاطفة الوطنية إنما كان متجها نحو السلالات الحاكمة على نحو الحالة التي كان عليها سلاطين الترك العثمانيون. لكن مظاهر العزة القومية كانت واضحة في غالبية العناصر، كالأمة العربية أمة الرسالة. وما يميز هذه العزة أو القومية هي أنها كانت متفرقة بين الشعوب العربية، وغير منتظمة لتؤلف مزاجا موحدا. و تغدو بالتالي بمفهوم القومية الأوربية المعاصر. ا لكن ربما يتساءل متسائل لماذا تأخر ظهور القومية العربية إلى هذا الوقت؟
فإضافة إلى ما قلناه، نزيد بأن عدم اليقظة المبكرة هذا يعود إلى كون الإسلام قد نهى عن العصبية أو القومية في مواضع عديدة. وبات يفرض على المؤمنين أن يكونوا إخوة متضامنين متساوين لا فرق بين عجمهم وعربيهم إلا بالتقوى؛ مما يفرض كذلك وجود إمام واحد. فالعرب مادام تاريخهم تاريخ الإسلام فإن قوميتهم يجب أن ترتبط بالإسلام. ولعل هذه ــ العلاقة بين القومية العربية والإسلام هي التي زادت في تأخر هذا المشروع. فأنصار القومية العربية كانوا غالبا من المسيحيين، وخاصة اللبنانيين والسوريين. وهم يرفضون كل تلازم بين الإسلام والعروبة، حتى يتمكنوا حسب تقديرهم، من الحصول على الضمان الكافي لحقوقهم كأقلية، وحتى لا يكون في مقاومة الترك مقاومة للخلافة الإسلامية. وهكذا كانت نهاية القرن التاسع والنصف الأول من القرن العشرين، هي بداية ظهور الفكر القومي العربي. هذا الفكر كان في البداية محكوما عليه أن يعتني بالجانب السياسي على حساب الجوانب الأخرى، وذلك لأنه كان في مواجهة قوى خارجية، وإيديولوجيات تريد الفتك به وهو في مراحله الجنينية الأولى.
إن الفكر القومي لم يظهر مصادفة أو نتيجة ظروف طارئة وإنما ظهر بعد سلسة من الأحداث والتطورات على امتداد القرن التاسع عشر، كان أبرزها مشروع محمد علي التحديثي ومشاريع رجال الإصلاح. وقد ترافق ذلك مع اشتداد الضغط العثماني والغربي ومع تكوين برجوازية وطنية و مثقفين ليبراليين وجدو في المشروع القومي تعبيرا عن مصالحهم المستجدة ومصالح مجموع الشعب. فالفكر القومي العربي هو وليد الحركة الإصلاحية والتحديثية والمشاريع النهضوية الليبرالية وحصيلة المواجهة مع التبعية والاستعمار.
إن الوعي العربي لم يكن محصلة للتأثر بالفكر الغربي وحده، وإنما كانت إرهاصاته الذاتية الناشئة عن التنبه والإحياء في نطاق الإسلام والحركة العربية بما تنطوي عليه من رد التحدي الداخلي المتمثل في التدهور ونقد للإسلام المتمثل بالسلطة العثمانية ورفض لهذه السلطة. ولكن رغم ذلك فإن هذا التنبه لم يستثمر خارج المؤتمرات الغربية خاصة فكر الثورة الفرنسية ولكن مع التشبث بأنموذج القومية الألمانية لكن هذا لم يمنع من التأثر بالقومية الفرنسية والإنجليزية. إذن نشؤ الفكر القومي العربي لم يأت محلة التأثر بالفكر الغربي وحده ولكنه وكما أسلفنا الذكر، أنه وليد الظروف الداخلية التي كان يعيش فيها العرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير