الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المصرية
محمد أبو قمر
2022 / 10 / 4الادب والفن
العامية مش لهجه ، العامية لغة ، خليط من اللغة المصرية القديمة واللغة القبطية والعربية ولغات أخري ، الخلطة الجميلة دي هي إللي بيقول عليها المثقفين ورجال الدين اللهجة العامية ، إنما هي في الحقيقة اللغة المصرية إللي ابتدعها المصريين في مواجهة اللغة العربية الصحراوية شديدة الجفاف إللي دخل بها العرب إلي مصر.
لغة العرب مكنش عندها قدرة علي استيعاب تفاصيل حياة المصريين المليانة فنون وصناعات وزراعات متنوعة ونظام سياسي تراتبي ومفهوم للدولة مكنش موجود عند العرب ، فضلا طبعا عن العلوم المختلفة زي الفلك والطب وهندسة البناء والتشييد ، ودا لأن لغة العرب مكنتش بتحتوي غير تفاصيل الحياة الرعوية والأنشطة التجارية بما في ذلك تجارة العبيد والجواري والقنص والغارات علي القواقل.
لغة أي شعب بتبقي محملة بأنشطة هذا الشعب وبكيفية إنجاز الأنشطة دي وبأسماء وأشكال الأدوات المستخدمة في إنجاز الأنشطة المختلفة للشعب ، كمان بتبقي اللغة محملة بالقوانين الداخلية لمفردات الطبيعة إللي قدر الشعب يسخرها لخدمته زي مثلا الصخره إللي بيعمل منها الانسان تمثال أو مسلة أو بينشيء بها معبد ، لو مكنش الإنسان إللي بيشتغل الحاجات دي عارف يدخل علي الصخرة من أي اتجاه ولو مكنش عارف إيه الأداة إللي من الواجب عليه يستخدمها في تعامله مع الصخرة كان ممكن يحطمها ومكنش ممكن أبدا يحولها إلي تمثال غاية في الدقة والبراعة.
المصريون كانوا يملكون ناصية الأمر ده ، لكن لغة العرب أثناء دخولهم إلي مصر كانت خالية تماما من الأبعاد دي ، والكلام ده مش انتقاص من لغة العرب ، فلكل شعب ظروف حياة مختلفة عن الشعوب الأخري ، وظروف الحياة العربية مكنش لها أي صلة بظروف حياة المصريين.
وزي ما قال بريستد في كتابه ( فجر الضمير ) إن المصريين هم أول شعب بني نسق للأخلاق في التاريخ ، والنسق ده كان بيشمل قيم التعايش والسلام والوحدة بالإضافة لقيم العمل والانتاج والابداع المستمر في الفنون والفلك والطب والهندسة وتشييد الصروح الدينية والدوواين وما إلي ذلك من التفاصيل إللي كانت بتؤكد إن المصريين مكنوش بيهتموا بإللي كان بيهتم به العرب في حياتهم الصحراوية.
يعني مضامين لغة العرب كانت بتختلف عن مضامين حياة المصريين ، الحياة الصحراوية كانت تبرر خشونة اللفظ وغلظته وعنفه وعصبيته ، والصراعات القبلية كانت مبررا للغة التعالي والتفاخر والتمايز ، وكان دا كله مبرر أيضا لفخامة اللفظ وجزالته وغرابته بالاضافة إلي ما في التعبيرات من محسنات بديعية توحي بحسن ترتيب الكلام وإيجاز المعاني لأن الكلام كان في حد ذاته هدف بغض النظر عن المعني إللي كان بيشير له.
علي العكس من ده كانت حياة المصريين ، فالحضارة المصرية ما انتجتش كلام ، إنما حولت الكلام إلي نظام ، إلي دولة ، إلي فنون متنوعة ، إلي طب يسبق عصره ، إلي هندسة بناء مبهرة ، إلي زراعة تحقق الوفرة ، إلي صناعات مختلفة إبنة عصرها ، إلي علاقة فريدة مع الخالق ، إلي قيم إنسانية مازالت متأصلة في الضمير العام.
من كل ده برزت اللغة المصرية الجميلة والبسيطة إللي بتحتوي علي مافي الروح المصرية من مرح وطيبة وعشق للحياة ، اللغة إللي بيقولوا عليها ( لهجة عامية ) ، إنما هي لغة متتضمنة كل الشروط إللي تخليها توصل المعني في أقل حيز من التركيز والكثافة وبتركيب غاية في الدقة والبراعة والجمال ، وأهم حاجه في جمالها إنها قدرت تطوع الحروف العربية بالشكل إللي يخليها تبدو عربية في حين هي مصرية خالصه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-