الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2022 / 10 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


البعض يفرق تبعا لأهداف خاصة بين الملكية العامة وبين الملكية الرسمية أو ملكية الدولة أو ما يعرف بالمال الحكومي أو مال الدولة، على أعتبار أن الدولة الغير شرعية أو الحكومة الغير شرعية وفقا للمعتقد الديني ملكيتها مشوبة بالحرمة ويقع عليها ما يقع من أحكام في المال المشبوه، وبالتالي فملكيتها ليست ملكية عامة محترمة وفقا للشريعة حسب تفسير وتخريج يعض الفقهاء، ويفرقون في هذه المسألة أيضا بين حالتين، الأولى عندما يتعلق المال في بلاد غير المسلمين فتعتبر عند البعض من باب الغنائم التي يجوز تملكها للمسلم دون حرمة للمال العام ويسقطون عنها صفة الملكية العامة، والحالة الثانية أن تكون الأموال والحكومة في بلاد المسلمين فيحلون البعض أخذها بأعتبارها أموال مغتصبة من المال العام ويجب توزيعها أو التصدق بها للفقراء، أو تسليمها للحاكم الشرعي المختص لتزكيتها أو الأذن بصرفها وفقا للقواعد المعمول بها وفقا للمذهب المتبع، هذا التخريج غير حقيقي وباطل وفقا لقاعدة "تغير اليد المتصرفة بالمال العام لا يغير من طبيعته لأن الأصل في الوصف وليس بالتصرف"، وهذا أيضا نجده في فتاوي السيد السيستاني أيضا " لا نأذن بالتصرف في اموال الحكومة في الدول الاسلامية بغير الطرق القانونية باي نحو من الانحاء".
في التقسيم الطبيعي للملكية وفقا للفهم الشرعي ويشاركه الفهم القانوني أن الملكية بحسب طبيعة السلطان الممارس عليها هما:.
• ملكية محمية بسلطان المالك أو المتصرف شرعي أو قانوني أو طبيعي، وهذه لا يمكن تصور فيها مجهولية المالك لسبب أن المالك معلوم وهو صاحب حق السلطنة على ماله سواء كان فردا أو مجموعة من الأفراد، أو أنه مال جماعي لا مالك له فهو مملوك على الشيوع العام والتصرف به حسب الحاجة والواقع.
• ملكية بلا سلطان أو سلطان مدع يحتاج لإثبات العلاقة بيم الملكية وبين الحائز أو المتصرف بحسب القاعدة الفقهية التي تقول "الحيازة في الملكية بلا منازع سند الملكية حتى يتنازع عليها فيصبح الإثبات اليقيني مصدر الملكية"، بمعنى أن أي ملكية في الوجود هي ملكية من حاز عليها أو تصرف بها بدون منازع كقاعدة عامة، لو حدث نزاع على ملكية تتحول القاعدة إلى الأتجاه العكسي من يثبت بالدليل الراجح هو المالك ولو لم يكن حائزا أو متصرفا بها، هذا يقودنا إلى عدم وجود مال أو ملكية مجهولة بالأصل المجهولية تثار عندما يحدث نزاع على السلطنة، عندها يصبح المال ليس مال مجهول المالك بل مال متنازع عليه، أمامنا حالتين بعد النزاع الأولى أثبات أحد الخصوم سند ملكيته وبالتالي لا مجهولية فيه، والأحتمال الأخر عجز المتخاصمين عن الإثبات فيتحول المال أو الملكية من متنازع عليها إلى ملكية مجهولة المالك.
إذا كيف يمكن تشخيص مجهول المالك ما عدا ما ورد في النقطة الثانية أعلاه حتى يمكن إفرازه كنوع مستقل من الملكية، الحقيقة كل الصور التي وردت في المعالجات الفقهية حول المال مجهول المالك لا تتعلق بطبيعة المال أو الملكية، وإنما هي أوصاف أعتراها ما يعرف بالشبهة الشرعية في إثبات ماهيتها، من الصور التي ترد كثيرا على أنها من الملكية المجهولة هي غياب مدعي السلطان لسبب عدم رغبته في الإعلان عنها أو لعدم قدرته للوصول إليها لعدم معرفة طريقها أو لفقدانه مثلا حجة ملكيتها، أو كون المالك لها الحقيقي ممنوع واقعا أو فعلا من أن يصل لها بسبب الغياب أو الموت مثلا، وقد يكون المالك مغيبا بالموت أو الفدان ولكن أصحاب حق التصرف لا يستطيعون بسبب عدم أمتلاك الحجة أو عدم العلم بالملكية أو عدم القدرة على المطالبة بسبب الغرم أو الخوف أو القهر من المطالبة بها.
في جميع الحالات المذكورة علينا التفريق بين الملكية بطبيعة الملك أو المال بين المنقولة وغير المنقولة، بالحيازة تثبت الأولى وفقا للمتعارف عليه حتى يقوم الدليل بالتنازع أو الدليل ببطلان الحيازة، فهي ثابته للحائز قانونا أما شرعا فهي تعتمد على سلامة اليقين في سبب الملكية، وبالتالي الفرق بين القانون والشريعة هو المعيار الخارجي الذي يحتكم له الحائز أو حتى غيره، فوضع اليد والتصرف الطبيعي بالمال والملكية المنقولة سبب ظاهري يعزز عائدية الملك أو المال المنقول، ولكن في الشريعة لا يصلح هذا المعيار بإثبات الملكية ويرجع فيها إلى مبدأ الحلال والحرام الذي يثبت عليه يقين الحائز للمنقول لبيان شرعيته، ويكفي في فسخ سبب التحليل أن يدع شخصا خلاف الظاهر ليصبح المال محل تنازع بحاجة لمن يقضي به وفقا للأصول القضائية الشرعية.
من هذا يتبين أن الملكية في جميع الأحوال معلومة ولا تخلو ملكية من مالك معلوم ظاهر بسند أو بعرف أو أفتراض، وكل مالك له سلطان على ملكه ما لم يتعذر عليه أن يمارسها لسبب لا يد له فيه، أما المجهولية التي يطلقها البعض على عائدية مال أو ملك ليست من طبيعة المال أو الملكية فهي أمر طارئ وأستثنائي يجب أن يعالج وفق دائرة المستثنى من القاعدة العامة، وأن لا يفرد بعنوان خاص ومسمة خارج ما أستثنته القاعدة أصلا، ولا يرتب ذلك وضعا قانونيا ولا شرعيا إلا في معالجة ما يتم معالجته في أساس القاعدة الحاكمة، وبناء على ذلك فإن ما يعرف اليوم وموظف سياسيا ولمصالح خاصة من مفهوم مجهول المالك، ما هو إلا تحريف بمبدأ شرعي وتغييرا لقواعد التحليل والتحريم خاصة إذا ما تم تعريف المال العام المملوك للمجتمع أو الدولة أو تحت سيطرة الحكومة من أنه مال مجهول المالك، فهذا تزوير وتحريف أستخدمت فيه الشبهة الشرعية كأساس للتعريف به ومن ثم إظهاره على أنه نوع خاص من أنواع الملكية يجب أن يوضع تحت سيطرة جهة معينة لا تملك هي أصلا المشروعية ولا الشرعية في التملك لأنها ليست صاحبة ولاية شرعية حقيقية، لا باسم الإمام مالك الشرائط في الإمامة المعتبرة، ولا في حدود الولاية الشرعية في الإدارة طالما أنه لا يدير فعليا روابط المجتمع، خاصة مع وجود هيئة ممثلة للمال العام ومديره له وفق قاعدة "الدولة مالك لما لا مالك له" وهي صاحبة الولاية القانونية والشرعية به وفقا لقاعدة (لا بد للناس من أمير بر أو فاجر).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر