الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عواقب أزمة المناخ وتزايده في جميع أنحاء العالم.

حازم كويي

2022 / 10 / 6
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


كيف تبدو سياسة التكيف وعلاقتها بالهيمنة العالمية.
كاتيا فويغت و ديفيد صموئيل وليامز*
ترجمة:حازم كويي

التغير الحاصل في المناخ يجري على قدم وساق، ستكون عواقبه وخيمة، ولم يعُد بالإمكان وقفها بالكامل.
يُعد التكيف مع عواقب تغير المناخ أمراً مهماً للغاية، أي تجنب الأضرار المرتبطة بالمناخ من خلال التدابير التقنية والاجتماعية والسياسية. هناك بحوث ونقاشات مكثفة عالمياً حول ذلك، قسم من اليسار لاينتبه له الا بالكاد. من المهم التعامل معه من أجل فهم الضرر الذي يمكن توقعه وما هي التدابير التي يجب إتخاذها. وعلى وجه الخصوص، دعم التكيف في تلك البلدان التي ستتأثر بالفعل لعواقب تغير المناخ بشكل كبير.
وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، كانت السنوات السبع الماضية هي الأكثر دفئاً على الإطلاق،كما هو في تقريرها الصادر عام 2021 .
زاد تركيز غازات الاحتباس الحراري في غلافنا الجوي بشكل مُطرد خلال نفس الفترة الزمنية،التي زعزعت أستقرار نظام المناخ.
يمكن ملاحظة هذا قبل كل شيء في متوسط درجة الحرارة العالمية. إنه أهم مؤشر مناخي،حيث أرتفع بمقدار 1.2 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة.
إذا لم تنخفض إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير في العقود المقبلة، كما تقول اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ التابعة للأمم المتحدة، التي تتوقع أرتفاع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين بحلول عام 2050.
وهذا لا يؤدي الى زعزعة إستقرار النظام المناخي نتيجة الاحترار العالمي وإلى إرتفاع مستوى سطح البحر فحسب، بل إلى زيادة تواتر الظروف المناخية القاسية. يصف الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بالتفصيل والكيفية، ويرتبط ذلك بتزايد وتيرة موجات الحرارة وشدتها، أو هطول الأمطار الغزيرة، أو الجفاف، أو ذوبان الأنهار الجليدية أو فقدان التربة الصقيعية. فالعلاقة بين الاحترار المستمر وموجات الحرارة المتزايدة والأمطار الغزيرة واضحة بشكل خاص.
إلى أي مدى يمكن رؤية الظروف المناخية القاسية المدمرة في عام 2021، عندما تحطمت سلسلة كاملة من السجلات السلبية.
في غرب كندا، تم تسجيل درجات حرارة تصل إلى 49.6 درجة مئوية شهريوليو، ولم يكن من الممكن تصورذلك سابقاً في هذه المنطقة.
كان سجل الحرارة الأوروبي 48.8 درجة مئوية في صقلية. ترافقت الظروف المناخية القاسية مع حرائق الغابات المدمرة، وآخرها في كاليفورنيا، في منطقة البحر الأبيض المتوسط (خاصة في تركيا واليونان)، في أستراليا وسيبيريا.
حدث طقس متطرف آخر مرتبط بالمناخ هو هطول الأمطار الغزيرة في يوليو،فقد سقط 201.9 ملم من الأمطار في ساعة واحدة في الصين، وهو رقم قياسي تأريخي أدى إلى مقتل 302 شخصاً مع أضرار تقدر ب17.7 ملياردولار. في أوروبا الغربية أيضاً، تم قياس 162.4 ملم من الأمطار في يوم واحد فقط، مع مئات القتلى في بلجيكا وغرب ألمانيا. وتضررحوض شمال الأمازون من هطول الأمطار الغزيرة، كما هو الحال في أجزاء من شرق أفريقيا وجنوب السودان.التي تعاني الجفاف من جانب آخر.
وهذا يُسبب مشاكل كبيرة، كما هو الحال في البرازيل وباراغواي وأوروغواي وشمال الأرجنتين، حيث ندرة المياه هي أيضاً سبب
في التأثير على الزراعة وإنتاج الكهرباء.
المرونة والقدرة على التكيف.
على هذه الخلفية، أصبح مجال البحث المتنامي للتكيف مع تغير المناخ أكثر أهمية من الناحية السياسية. تكمن جذوره النظرية في الحركة البيئية في الستينيات والسبعينيات.
مفهوم المرونة ذو أهمية مركزية هنا. صاغهُ الباحث الكندي سي إس هولينغ، الذي فهم المرونة على أنها مقاومة للأنظمة البيئية. حسب رأيه، تعتمد هذه المرونة أيضاً على مدى تكيف هذه الأنظمة مع الضغوط الخارجية القادرة على التكيف (هولينغ 1973). تم تناول هذا المفهوم في علم النفس والأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية.
هناك بالتأكيد آراء مثيرة للجدل حول كيفية فهم المرونة الاجتماعية وما إذا كانت تكنولوجية أو أجتماعية أو سياسية أو أقتصادية
فالاستراتيجيات يجب أن تكون لها الأولوية.
منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عكف العديد من مجموعات البحث حول العالم على التعامل مع التكيف ومع تغير المناخ باستخدام مفهوم المرونة. أعتبرت كل من التدابير وتنفيذها، وكذلك الأخذ في الاعتبار القدرات التكيفية المختلفة للبلدان أو المجموعات أو الأفراد.
بشكل عام، ركزت الأبحاث منذ فترة طويلة على العوامل التي يمكن قياسها بسهولة، مثل الموارد المالية والتكنولوجية والطبيعية. ومع ذلك، فإن العوامل الاجتماعية التي تحدد قدرة المجتمعات على التكيف تؤخذ في الاعتبار بشكل متزايد.
وعلى الرغم من إلحاح هذه القضية، يلعب التكيف دوراً ثانوياً في العديد من البلدان الصناعية. تركز سياسة المناخ على الحد من غازات الاحتباس الحراري، والتي تظل بلا شك مهمة للغاية. لكن لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا برفاهية من جانب واحد من أزمة المناخ.
في ألمانيا، يجب مراعاة سيناريوهات المناخ بشكل أكبر في جميع عمليات التخطيط. يجب توسيع البنية التحتية لأنظمة الإنذار المبكر ، ويجب بناء جدران الفيضانات وأنظمة التبريد وبمشاركة المتضررين.فالجميع لا يتأثر بالتساوي ولا يمكن تعديلها جميعا.
عواقب تغير المناخ، التي أصبحت ملحوظة أيضاً في ألمانيا وأوروبا في السنوات الأخيرة، كانت حقيقة واقعة في العديد من مناطق الجنوب العالمي لعقود.
في المناطق الاستوائية والصحراوية على وجه الخصوص، تكون النظم المناخية أكثرعرضة للتأثر والظواهر المناخية المتطرفة وأكثر تواتراً. لكن الضعف ينبع أيضاً من القدرة المحدودة على التكيف. في بحوث تأثير المناخ العلمي،يدل الضعف على القابلية للتأثرمن قبل الأفراد أو المجتمعات أو البلدان بأكملها عن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ. إنها مدفوعة بثلاثة عوامل محددة.
أولاً. عن طريق التعرض، أي تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة التي تحدث، وهذا يشمل أيضاً العمليات الزاحفة مثل تملح التربة أو تحمض المحيطات.
ثانياً. من الحساسية، أي شدة الضرر في حالة وقوع مثل هذا الحدث.
ثالثاً. من القدرات التكيفية، أي إمكانية التغلب على التحديات بحيث يتم تقليل الضرر أو حتى تجنبه.
بلُغة واضحة، هذا يعني أنه ليس فقط تواتر أو شدة تأثيرات المناخ التي تحدد القابلية للتأثر، ولكن أيضاً وصول المتأثرين إلى التخفيف من الموارد. وتشمل هذه شبكات أمان اجتماعي موثوقة وفعالة، وسائل الاتصال أو ببساطة الموارد المالية. ولذلك فإن المخاطر تعتمد على السياق المحلي وداخلياً من المجتمعات الموزعة بشكل غير متساو.
فالمناطق والبلدان الضعيفة تُعتبر اقتصادياً أكثرعرضة للخطر بشكل ملحوظ.
مَن يمكنه الحماية؟
على الأقل منذ تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC )المنشور مؤخراً، حيث كان هناك أيضاً أتفاق في أبحاث تأثير المناخ والأزمة الناتجة منه،الذي سيؤثر بشكل خاص على الأشخاص المحرومين بالفعل والذين يعانون من الإقصاء بسبب أصلهم أو معتقدهم أو طبقتهم أو حياتهم الجنسية.
ويتضح ذلك من خلال نظرة إلى الجنوب العالمي،حيث توزيع السلطة متأصل وتحديد من لديه الوسائل لحماية نفسه وأولئك الذين لايملكونها، ويمكن ملاحظة التوسع السريع في المناطق الحضرية، تُغذيها الهجرة من الريف إلى الحضر ومعدلات النمو السكاني المرتفعة.
يتمثل أساس التحضر في محنة العديد من الأشخاص المُهمشين، الباحثين عن عمل بأجر أو التعليم أو التنقل الى المدن بسبب الرعاية الصحية.
ومع ذلك، عادة ما تكون المساكن الميسورة التكلفة محدودة هناك، لذلك يستقر الكثيرون في المناطق المعرضة لظواهر الطقس المتطرفة، على سبيل المثال بالقرب من الأنهار أو على المنحدرات الشديدة، وغالباً في المناطق الساحلية المعرضة للخطر بشكل خاص.
الأشخاص الأقل مساهمة في ذلك هم الأكثر تضرراً من تغير المناخ بشكل خاص. هذا لا ينطبق فقط على العلاقة العالمية بين الشمال والجنوب، وإنما أيضاً في داخلها، نسبة واحد في المائة من أغنياء العالم يُسبب ضُعف إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من 50 بالمائة من فقراء سكان العالم، ولهذا السبب على الأقل، فإن أزمة المناخ هي قضية رئيسية للعدالة.
النضال من أجل العدالة العالمية.
موضوع العدالة هذا هو الآن موضوع المفاوضات الدولية. وهي مشكلة عالمية تحتاج إلى معالجة متعددة الأطراف، وأزمة المناخ هي موضوع دائم للمفاوضات في الأمم المتحدة. تم أعتماد أتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC) في قمة الأرض في ريودوجانيرو(البرازيل) عام 1992. ومع ذلك، فإن مؤتمر القمة العالمي للمناخ (مؤتمر الأطراف، COP) الذي ينعقد منذ عام 1995 هو عملية صعبة مليئة بالنكسات والحلول الوسط، التي لم تقدم حتى الآن حلولاً عادلة.
منذ مؤتمر باريس عام 2015، تناولت القمم ثلاثة مواضيع رئيسية. بالإضافة إلى إتفاقيات تَجَنبتها.
إن إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري تدور حول التكيف مع الآثار التي لا مفر منها بالفعل لأزمة المناخ. يُطلب من البلدان المتأثرة بشكل خاص صياغة خطط تكيُف وطنية، للمساعدة في حماية مجموعات السكان الأكثر ضعفاً. الموضوع الرئيسي الثالث هو التعامل مع الخسائر ومنها المتعلقة بالمناخ (الخسائر والأضرار) التي لا يمكن منعها من خلال التكيف.
معظم الناس على دراية باتفاقيات باريس للمناخ، والتي تم الاتفاق عليها عام 2015 والهادفة إلى الحد من إرتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو أقل بكثير من 2 درجة مئوية. كما تتناول قضايا التكيف والضرر والخسارة. تتناول المادة 7 التكيف مع تغير المناخ وتتعهد بتقديم الدعم للبلدان المتأثرة بشكل خاص.
وتتناول المادة 8 الضرر والخسارة لأول مرة، ومع ذلك لا تزال مسألة التمويل قيد التفاوض.
نقص الدعم وانعدام العدالة.
منذ ذلك الحين، تحاول البلدان الصناعية إجراء مدفوعات التعديلات اللازمة.
فلم تُدفع بالكامل المدفوعات السنوية البالغة 100 مليار دولار التي تعهدت بها البلدان المتقدمة في عام 2009. الأموال التي تم توفيرها حتى الآن هي في الغالب قروض مرتبطة بالتزامات السداد.
تركيز كبير على التخفيف وليس التكيف.
كما أنه من غير الواضح كيف ستصل الأموال فعلياُ إلى الأشخاص الذين هم في أَمس الحاجة إليها. على الرغم من الاختلافات الرئيسية بين المجتمعات المتضررة، هناك مطالبات مشتركة يتم تأكيدها على الصعيد الوطني، المتأثرون يريدون المشاركة بشكل أفضل في التخطيط وتعزيز قدرتهم على التكيف. خلاف ذلك، فإن الفجوة بين أولئك الذين يمكنهم التكيف والذين لا يستطيعون سوف تهدد بالاتساع.
يجب أن يصبح التكيف مع تغير المناخ موضوعاً أكثر مركزية في المؤتمرات المناخية الدولية. فالعديد من المنظمات غير الحكومية في الجنوب العالمي تحاول بالفعل لتنفيذ تلك المطالبات.
يجب أن يصبح التكيف مع تغير المناخ موضوعاً محورياً بدرجة أكبر في مؤتمرات المناخ الدولية.
للحصول على الدعم المالي على سبيل المثال، شبكة (SDI)المعنية بسكان الأحياء الفقيرة الدولية، حيث ينظم سكان المدن المتأثرون بالفقر في أكثر من 32 دولة أنفسهم ومن خلال زيادة الضغط السياسي من أجل جعل مطالبهم مسموعة وفرض التنفيذ الفعلي.
لكي تنجح أستراتيجيات التكيف، يجب أن تكون مسألة العدالة الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ. ويجب إشراك المُتضررين عند تنفيذ الحلول التقنية،عدا ذلك فالعواقب الأجتماعية تظهر في حرمان مجموعات معينة من سبل العيش وطردهم.
يجب أيضاً مراعاة عواقب فشل الحلول التقنية،أولئك الذين تكون حياتهم في خطر،في حالة فيضان أو إنكسار السدود.
هناك العديد من الأمثلة على التعديلات الفاشلة التي تزيد من الظلم بدلاً من تخفيفه.
لذلك، هناك حاجة إلى إعادة التفكير: كيف يمكن لتدابير التكيف أن تدفع التحول الاجتماعي والبيئي؟
كيف يمكن أن تساعد في تقليل التفاوتات الاجتماعية؟ كيف يمكن أن تهدف عمليات التخطيط إلى تحسين نوعية الحياة للمجموعات الأكثر تضرراً من أزمة المناخ؟
سواءاً على المستوى المحلي أو الدولي، ستصبح قضية التكيف مع عواقب تغير المناخ متفجرة بشكل متزايد بالنسبة للمجتمع.أذا تحققت التنبؤات المناخية وفي نفس الوقت تعمق الأنقسام الأجتماعي،تظهر المشاكل على نطاق غير مسبوق.من أجل الاستجابة لذلك، يجب أن يكون التكيف مع تغير المناخ شاملاً وتشاركياً. يجب ألا يقتصر الأمر على الحلول التقنية، بل يجب أن تؤخذ الحقائق الملموسة لحياة مختلف الأشخاص كنقطة انطلاق. هناك حاجة ماسة إلى إتخاذ إجراءات على جميع المستويات لحماية الأشخاص الأكثر تضرراً.
ما إذا كان الفاعلون السياسيون المسؤولون يقررون ذلك،فهي مسألة أخرى.

* كاتيا فويغت:رئيسة قسم السياسة الدولية وأمريكا الشمالية ومسؤولة سياسة المناخ في مؤسسة روزا لوكسمبورغ.
* ديفيد صموئيل ويليامز:مدير برنامج العدالة المناخية الدولية في مؤسسة روزا لوكسمبورغ في نيويورك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة