الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب الروسي في الفضاء الثقافي العربي

شاهر أحمد نصر

2022 / 10 / 8
الادب والفن


(ترجمة التقرير الذي قدم في المؤتمر العلمي الثاني عشر "اللغة والثقافة الروسية في مرآة الترجمة" الذي عُقد في جامعة موسكو في شهر أيار -2022)
XII международная научная конференция «Русский язык и культура в зеркале перевода»

هل يمكن تصور الثقافة العالمية من دون الأدب الروسي؟ كم من الألوان والدرر ستخسر؟ وأي بؤس سيحل بالوعي الإنساني.
يحتل الأدباء والمبدعون الروس مكانة رفيعة في الوعي الإنساني عموماً، ولدى مختلف الشعوب التي تعرفت إلى إبداعهم، بما فيها شعوبنا العربية...
سأسعى في هذه الدراسة تسليط الضوء على أثر الأدب الروسي في وعي الشعوب العربية، من وجهة نظر كتاب ومثقفين عرب استطلعتُ آراءهم لهذه الغاية.
لقد شمل هذا الاستطلاع أدباء، أعضاء اتحاد الكتاب العرب، ومهندسين، وأطباء، ومثقفين من مختلف الأعمار، ومختلف البلدان والمدن.
يؤكد هذا الاستطلاع أنه لا يكاد يخلو منزل أناس متعلمين في كثير من البلدان العربية من وجود ترجمات لأعمال أهم المبدعين الروس...
ينوه كثير من الأدباء العرب بالفضل الكبير والأثر الذي حفره في وعيهم عمالقة الأدب الروسي العباقرة: ميخائيل لومونوسوف، الكسندر راديشيف، الكسندر بوشكين، نيكولاي غوغول، ميخائيل ليرمنتوف، فيساريون بيلينسكي، الكسندر هيرتسن، غوغول، ايفان تورغنيف، نيكولاي نيكراسوف، فيودور دوستويفسكي، ليف تولستوي، أنطون تشيخوف، يسينين، ماياكوفسكي، الكسندر بلوك، مكسيم غوركي، ايفان بونين، بوريس باسترناك، يفغيني زامياتين، فلاديمير نابوكوف، ميخائيل شولوخوف، آنا اخماتوفا، الكسندر سولجنستين، حمزاتوف، وكتاب روايات حرب الأنصار، وغيرهم...
ونظراً لأنّ أغلب الذين استطلعت آراءهم يرددون أسماء هؤلاء العباقرة المبدعين سأكتفي حين التنويه إليهم، في هذه الدراسة بجملة: "المبدعين والعباقرة الروس"، من دون ذكر أسمائهم تلافياً للتكرار...
يفتخر الروائي والشاعر أحمد يوسف داود أنَه "قرأ الأدب الروسي منذ بوشكين حتى روايات حرب الأنصار في الحرب العالمية الثانية، وكل ذلك كان قيماً وممتعاً جداً.. وشملت قراءاتي مؤلفات كتاب الرواية، والقصة، والشعر الذين مازلت أعتبرهم عمالقة العالم حتى الآن.. وأحبّ أن أقول إنّه من المؤلم لي أنني لم أعد امتلك من كتابات كتاب الأدب الروسي قبل الثورة البلشفية وبعدها إلا القليل النادر مما تمت ترجمته، واشتريته من مكتبة ميسلون، وجارتها مكتبة نوبل ألا القليل النادر... إذ كان أولادي يبعثرون كتبي ويهدونها لرفاقهم ..."
وأبدى الدكتور سعد الدين كليب دكتور النقد الأدبي وعلم الجمال في جامعة حلب تقديره لأهمية هذه الدراسة التي أعتقد أن لها موجباتها الثقافية، ولاسيما، أن للأدب الروسي حضوراً لافتا في الأدب العربي منذ بدايات القرن العشرين..."
وقد نوهت الأديبة نداء حسين إلى أنّ روايتها ""أولغا" التي فازت بجائزة حنا مينة في وزارة الثقافة بدمشق عام 2021 تتحدث عن روسيا، وسورية، والعلاقة بينهما... وتتابع فتقول: الأدب الروسي ركيزة أساسية في الأدب العالمي، هو أهم وأوسع قاعدة له، لا يمكن للكاتب، أو الأديب، أو المفكر أن يبني ثقافته وأفكاره من دون أن يقرأ للمبدعين الروس... فالقيم الأخلاقية والإنسانية السامية التي يطرحها الأدب الروسي ترتقي بفكر القارئ من الشبيبة، وبعقليتهم وسلوكياتهم؛ فعمق الفكرة، وسلاسة رواية الأحداث وتنقلها مع الشخصيات تضيف إلى ذخيرة القارئ أفكاراً، و تسمح له بالتحليق خارج حدود الزمان والمكان الذي يعيش فيه إلى حيث يحلّق الكاتب ويعيش ويكتب... فضاء من الخيال، والمغزى النبيل يرافق قارئ الأدب الروسي، والباحث في أعمال أدبائه العظماء منذ الطفولة وحتى الشيخوخة...
بالتأكيد للأدب الروسي دور أساسي في إغناء، ورفد الثقافة العربية بمزيد من الأفكار، والأخيلة، والمعارف فقصص الأطفال الروسية أثرت في وعيي جداً، وقراءتي القصص المترجمة عن الروسية منذ الطفولة فتحت أمام مخيلتي، وتفكيري سماءً من المفردات، والمعاني النبيلة للفارس الشهم، فضلاً عن أنها نقلت إليّ أخباراً ومشاهد طبيعية عشتها من خلال القراءة سمحت لي بزيارة عالمٍ روسيٍّ جميل، وبعيد عبر الخيال والأفكار... بقيت القصص بما تحمل من مغزى مهم في ذاكرتي حتى الآن، وهي تدفعني باستمرار إلى قراءة روايات كبار كتّاب الأدب الروسي... فالعلاقة بين روسيا وسوريا عريقة وقديمة جداً تاريخياً ودينياً وأدبياً وسياسياً، والأدب يحتوي في حقيقته على التاريخ، والدين، والسياسة، والعلم، فضلاً عن المتعة، والجمال، وكلها هدايا قدمها الأدب الروسي لنا عبر التاريخ "...
ونوّه المحامي والأديب "علم عبد اللطيف" بظاهرة القراءة عند الروس: "الناس في روسيا تقرأ في الشوارع، وفي الحدائق، وفي وسائل المواصلات.. وفي السهرة.. القراءة ليست هواية مقتصرة على المثقفين والمهتمين فقط.. الكل يقرأ.. يقرؤون الكتب والمجلات والصحف.. يشترونها ويتبادلونها اعارة او هدية...". ويتساءل إن كانت "ظاهرة القراءة الملفتة وراء ظهور أجيال من الكتاب والادباء والمفكرين والسياسيين عند الروس...؟ أم أن أدباء كبار عرفوا بغزارة انتاجهم وعمقه وتنوعه، وترجمت أعمالهم الى كل لغات العالم، ولاقت رواجاً لا نظير له بين كل أدباء العالم.. هل كان هؤلاء وراء انتشار عادة القراءة التي تحدثنا عنها؟
في كل الاحوال.. لم تكن القراءة والمتابعة لتتم لو لم يكن ثمة كتباً وادباً... لكن الأمر أصبح يشكل علاقة جدلية بين الكتابة والقراءة.. يحيلان الى بعضهما، وتتزايد وتيرة تصاعد كل من الظاهرتين بفعل الأخرى...
الأدب الروسي أحد أغنى آداب العالم.. اسهامه في تاريخ الثقافة الإنسانية متميز وفريد. عكست أعمال مبدعيه التجربة الحياتية للشعب الروسي، وكذلك فلسفته، وأخلاقه، ونظرته إلى العالم والوجود في الأطوار التاريخية المختلفة. وفي هذا السياق أعطت الأرض الروسية البشرية عدداً كبيراً من عباقرة الأدب الأفذاذ. يكفي أن نشير الى بعض القمم من عصور مختلفة، التي يمكن أن يشكل أي منها مدعاة فخر أي أدب وأي أمة... والأدباء الروس لم يكونوا ظاهرة عابرة، في فترة او مرحلة زمنية معينة.. فقد امتد حضورهم عقوداً طويلة ولا يزال..
هناك ظاهرة عرفناها في سوريا.. هي وجود مكتبات كبيرة في المدن السورية، خاصة دمشق، متخصصة باقتناء وبيع الكتب الروسية، ولا يعزى الأمر لـ (دار التقدم) السوفييتية فقط، في تسويق وترويج الكتاب الروسي، بل إن هذه المكتبات كانت دوماً تؤمن جميع الكتب الروسية ومن فترات مختلفة، بحيث يباع كتاب غوعول مثلا مع كتب لينين. واللافت هو الاقبال الكبير على اقتناء الكتب الروسية بحيث أصبحت تقليداً مهما عند الشباب، تقاس ثقافتهم بمدى اطلاعهم على الأدب الروسي.
ويعرب الأديب السعودي "علي الرباعي" عن رأيه في هذه المسألة منوهاً إلى أنّه "من الموضوعي أن نعترف بفضل ودور الأدب الروسي علينا باعتبارنا جيل ثمانيني، نما وعيه على رواية "الحرب والسلام"، "والإخوة كارامازوف"، مما أسهم في تعزيز القيم الإنسانية، وتأصيل مبادئ الخير والعدل والسلام، ولا زلتُ مقتنعاً بأنّ تفكيك الاتحاد السوفيتي لا يخلو من مؤامرة ضد المجتمعات الشرق أوسطية... فبفضل روسيا كانت تطلق الكوادر من السجون، وبدعم موسكو كانت تتم معالجة النخب وتدريسها في أعرق الجامعات، ولا ريب أن المعسكر الشرقي كان الأقرب لنا وجدانياً وعملياً في كل التفاصيل أو أغلبها، ما يؤكد التقاطع الكبير بين الاشتراكية كمبدأ والإسلام كدين..."
ويرى اللواء والشاعر "علي الجندي" أنَه "لا يمكن فصل الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتاريخية عن التطور الثقافي العام، وأنا من هذا الجيل الذي عاش بداية النهوض الثقافي والاهتمام السوفييتي بمنظومة دول العالم الثالث، والدول العربية وهي جزء منها. كلنا عشنا نحن جيل تلك المرحلة المَدْ الثقافي السوفييتي من خلال منشورات دار "التقدم" في موسكو، وسيل الكتب الأدبية: دوستوفسكي، تولستوي، ولفيف من الأدباء السوفييت والروس في مختلف المجالات الرواية والقصة، الشعر، الموسيقا ولا زلنا نحتفظ بمعظم المؤلفات السوفييتية الروسية في مكتباتنا في منازلنا، وهنا نسجل أن الإمكانية المادية كانت متوفرة حيث تقدم الكتب والمنشورات بأسعار زهيدة، على سبيل المثال مجلدات لينين اشتريتها من معرض دمشق الدولي بمبلغ خمس وثلاثون ليرة سورية، وهكذا كان من الممكن أن تقتني مكتبة في منزلك بمبلغ ألف ليرة، وأنا جربتها لكتب مهمة ولأدباء ومؤلفين كبار في روسيا والاتحاد السوفيتي."
هذا ساعد على انتشار الثقافة السوفييتية في تلك المرحلة إضافة الى التوجهات الوطنية لجيل الشبيبة المتحفز والمتلهف لتلقي المعارف التقدمية حيث كان باعتقاد كثيرين، لاسيما، ذوي الانتماء السياسي التقدمي القومي أو الشيوعي. إنّ هذا يشكل بداية النهوض والتحرر من السيطرة الاستعمارية، بالمقارنة مع سياسة ونهج الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً، وهنا لابد أن نسجل الدور الإيجابي للاتحاد السوفييتي في دعم دول العالم الثالث، في عملية نقلها الى عالم المعرفة والبحوث الحديثة من خلال قبول الطلبة وفي مختلف المجالات والاختصاصات والذين شكلوا جيلا كاملا من خريجي الجامعات والمعاهد السوفييتية".
وفي شهادته حول تأثير الأدب الروسي في حياته ووجدانه، يؤكد الأديب والناقد "أحمـد عزيـز الحسيـن" أنّه "ليس هناك من قارئَ أو كاتبٍ سوريٍّ لم يرغب في دخول محراب الأدب الروسيّ، والاستمتاع بتحفه النفيسة، وليس هناك من قارئٍ للأدب الروسيّ لم يصبحْ تلميذاً نجيباً للمبدعين الروس؛ إذ أنّ الأدب الروسي ساهم في صياغة وجدانات الأدباء والقرّاء السوريّين جميعاً سواء أكانوا شباباً، أم عجّزاً، أم رجالا، أم نساءً. وليس هناك من قارئٍ أو أديبٍ سوريٍّ محبٍّ للأدب النفيس لم يقرأ الأعمال الأدبية الكاملة لـ(دوستويفسكي)، و( تولستوي) التي ترجمها الدكتور سامي الدروبي.
وإذا قيِّض لي أن أتحدث عن تفاعلي مع هذا الأدب بوصفي أحدَ الشباب الذين رضعوا من حليبه ولبنه، وتشبّعوا بدسمه ورهافته معاً قبل خمسة عقود ونيّفٍ، وأصبح عودهم قوياً بفضله؛ فلأنّ الدسمَ الذي يحتويه هو الذي مدّ جسدي بالحيوية، وأكسب عقلي النضارة التي كان في حاجة إليها، وقد لا أكون مغالياً إذا قلت: إنّ الأدباء الروس الكبار هم من صاغوا حياتي الوجدانيّة والعقلية، وهم من جعلوني أدخل محراب الكِتَاب، وأبقى عاكفاً فيه على القراءة مواظباً لا يشبع، ولا يرتوي، ولا يكل، ولا يملّ أبداً من الإقبال على كنوزه ونفائسه. وهل هناك من يمكن أن يملّ من قراءة (الجريمة والعقاب) لدوستويفسكي، و(الحرب والسّلم) و(آنًا كارنينا) لتولستوي، و(المعطف ) لغوغول، و(موت موظف) لتشيخوف، و(داغستان بلدي) لرسول حمزاتوف ؟؟؟
وقد تبين لي، بعد قراءة مختارات من قصص (تشيخوف) أنّها لا تزال تحتفظ براهنيّتها حتى الآن على مستوى البنية الفنية والتشكيل الدلالي، وقد غدتْ بالنسبة إليَّ أنموذجاً يحتذى به في كتابة القصة القصيرة، وما أكثرَ ما نصحتُ الكتابَ الشبابَ الذين يرغبون في كتابة القصة بقراءتها، بوصفها أنموذجاً فنياً رفيع المستوى ينبغي أن يُقرَأ ويُتمثَّل كدليلٍ للكتابة الرهيفة التي لا يمكن لألقها أن ينفد. أما كتاب (داغستان بلدي) لرسول حمزاتوف فقد أمسى كتابي الأثير طوال أربعة عقود ونيف، وقد قرأته وحفظته كما يُقرَأ الشعر الشفيف ويُحفظ... ولا أعتقد أنّ هناك كتاباً قاربَ هذا الكتابَ من حيث تأثيره في حياتي على أكثر من صعيد، فقد منحني رؤيةً مغايرة للحياة تناقض الرؤية التي كنت أحتكم إليها، وجعلني أعتز بنمط الحياة البسيط الذي ينأى عن المظاهر الشكلية الفارغة، ودفعني إلى التمسك بالبيت الطينيّ القديم، بوصفه عشّاً وقوقعة، كما أكسبني عينين شعريّتين، وأمسيت بعد قراءته شخصا آخر لم أكنْهُ من قبل، وقد جعلته جليسي ونديمي، وما أكثر ما عدت إليه فمنحني المقدرة على الصمود في غربتي، وجعلني أواجه صعوبات الحياة بمرونة، وما أكثر ما سردت غيباً على أصدقائي بعض ما كنت أحفظه منه كأنني أقرأ في كتاب أمام عينيّ."
وينوه الكاتب "صلاح معنا" إلى أنّ الأدب الروسي كان دائماً من أهم روافد الثقافة العربية والسورية خصوصاً، بسبب الموقع الجغرافي لسوريا وبسبب العلاقة التاريخية بين الشعبين الروسي والعربي. وظلّت سوريا، وهي حاضرة بلاد الشام، من أكثر المتأثرين بالأدب الروسي والثقافة الروسية منذ العهد القيصري، فالأرثوذكسية ترتبط بعلاقة تاريخية وثيقة ببلاد الشام مهد المسيحية في العالم. ولقد لعبت البعثات التبشيرية المسيحية دوراُ مهماً في زيادة التبادل الثقافي والفكري بين الشعبين... أما الحقبة الأهم التي شهدت فيها تأثير الأدب الروسي في الأدب العربي ومنها سوريا فهي الحقبة السوفيتية، بعد انتصار الثورة الشيوعية في روسيا، التي كان لها تأثير هائل في الثقافة العربية، وكنا في شبابنا من أكثر المتأثرين بالأدب الروسي الثوري..
وكان للبعثات التعليمية، التي ظهرت في الحقبة السوفيتية، تأثير كبير في نشر الأدب الروسي في العالم العربي، ولقد حدث تفاعل اجتماعي وثقافي وفكري كبير بين الثقافة العربية والأدب الروسي، كما أثر الأدب الذي انتشر بعد الحرب العالمية الثانية، وانتصار السوفييت فيها على ألمانيا النازية في جيل الشباب في العالم العربي... وبدا كأنّ لينين، وستالين يعيشان بيننا...
إنَ تفعيل تأثير الأدب الروسي في الثقافة العربية يحتاج إلى مراكز مختصة بذلك..."
"لمّا كان الأدب الروسي أدب عالمي فتأثيره عالمي"، كما يؤكد الأستاذ "سلام مراد"، ولقد ترجم إلى لغات عالمية عديدة، منها اللغة العربية، بشكل مباشر أو عبر لغات وسيطة.
والآداب تتأثر، وتؤثر، وتتلاقح، كما أنّ الثقافة جسر محبة بين الشعوب.
لقد حفرت أسماء الأدباء الروس في الذاكرة السورية والعربية بسبب قوة أعمالهم الأدبية، فكان المبدعون الروس حاضرين في قراءات وذاكرة القارئ والاديب السوري والعربي. ولقد حقق مترجمو الأعمال الفذة، والعالمية انجازاً كبيراً بترجمتهم تلك الدرر العالمية، فارتبطت بأسمائهم أيضاً، وأصبحوا رسل محبة للأدب الروسي العالمي؛ فمن من القراء والكتاب لا يعرف "سامي الدروبي"، و"عبد المعين الملوحي"، و"غائب طعمة فرمان".
يتميز الأدب الروسي بالحيوية والحياة، على الرغم من نقله عبر لغات وسيطة، لأنّه أدب عالمي عريق، ولأنه أدب عظيم يمتزج بروح الشعب الروسي، وروح كتابه وأدبائه الكبار، ومثلما كانت الكاميرا الروسية "زينت"، مميزة بدقتها، ووضوح صورها، كذلك هم الأدباء الروس العين الساحرة التي ترسم الحياة بعمق".
الخلاصة والاستنتاجات:
* هناك نقاط مشتركة في وعي المبدعين الروس، والشعوب المختلفة بما فيها الشعوب العربية، مما يلعب دوراً إيجابياً في تفاعل الوعي الوطني مع الثقافة الروسية لدى قراء الأدب الروسي مما يدل على متانة أواصر هذه العلاقة في وعي ولا شعور هذه الشعوب، وتعدّ هذه أرضية متينة لتعزيز الصداقة والعلاقات المثمرة بينها...
* الثقافة الروسية والأدب الروسي غنيان بالمشاعر الإنسانية، ويدعوان إلى السلام والمحبّة والتعاون بين الشعوب، ونبذ العنف والحرب والعدوان، وإعمال العقل لفض النزاعات بين بني البشر والشعوب، ومن النادر أن تجد نزعة إلى الحرب لدى من يتعرف بعمق إلى الأدب الروسي... إنني مندهش، وأستغرب كيف يوجد في روسيا من ينزع إلى الحرب في الألفية الثالثة، وأزعم أنّه لم يتعرف جيداً وبشكل سليم إلى الأدب الروسي، وستترك هذه النزعة اثراً سلبياً على دور الثقافة الروسية في العالم... وتشير هذه الظاهرة إلى ضرورة نشر الثقافة والأدب الروسيين ليس بين الأطفال والشباب وحدهم، بل ينبغي ان تشمل مختلف شرائح المجتمع، ولا سيما الحكام...
* تمتلك روسيا مخزونا ثقافيا غنياً ومهماً يساعدها ليس فقط في نشر الروح الروسية خارج حدودها، بل والاستفادة منه في حل نزاعاتها الداخلية ونزاعاتها مع جيرانها، إن حسن استخدام التراث والمخزون الثقافي والإنساني الغني لبوشكين، وليرمنتوف، وغوغول، ودوستيفسكي، وتولستوي، وتشيخوف، وغيرهم من المبدعين الروس أفضل من إطلاق مئات الصواريخ، على أي دولة مما سيثير نزعات الحقد والعداوة، ضد الروس... بينما حسن استخدام أدب تشيخوف في القرم، والثقافة الروحية لغوغول الأوكراني - الروسي باللغة الروسية في أكرانيا أفضل بآلاف المرات من إطلاق الصواريخ، وهدير الدبابات، ويؤتي ثماره في تعزيز روح المحبّة بين الشعبين، بدلاً من العداوة والحقد والبغضاء التي تراكمها الحرب في النفوس...
* الثقافة الروسية، فضلاً عن المبدعين الروس في مجال الأدب والشعر ومختلف الفنون، غنية بمفكرين مبدعين أمثال تشرنشيفسكي، وف.إ. لينين، وبليخانوف وغيرهم الذين ينبغي نشر أعمالهم باستمرار، ولا سيما أعمال لينين الفكرية في كتبه المتنوعة، وأذكر منها كتابي "حق الشعوب في تقرير مصيرها"، وكتاب: "المادية والنزعة النقدية التجريبية"، الذي يعين القارئ في التخلص من مختلف أمراض الهلوسة الغيبية...
* الاهتمام بمسألة البعثات التعليمية المتبادلة بين الاتحاد الروسي والبلدان العربية، وعدم اقتصارها على الفروع العلمية، بل وأن تشمل الفروع الإنسانية والاجتماعية، والأدبية، واللغوية.
* تنظيم مؤتمرات ونوادي عربية روسية مشتركة للاحتفال ودراسة إنتاج المبدعين الكلاسيكيين والمعاصرين... وإجراء استبيانات واستطلاعات لمعرفة وصول وتأثير الثقافتين العربية والروسية إلى شعوب الاتحاد الروسي والشعوب العربية، ونشر نتائج تلك الدراسات على أوسع نطاق.
* الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في شابكة الانترنت الدولية وإقامة صفحات مشتركة عربية روسية تعنى بنشر الثقافتين الروسية والعربية وتعزيز أواصر التواصل فيما بينها...
* تعزز دور مؤسسات المجتمع المدني، والأدباء، والمترجمين، والنوادي والمراكز الثقافية، والتنظيمات الاجتماعية، واتحاد الكتاب العرب، والمؤسسات التابعة لوزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم العالي، والجامعات والمعاهد والمدارس التابعة لها في الدول العربية لتؤدي دورها الفعّال بالتعاون مع المؤسسات الثقافية والتربوية في روسيا الاتحادية، والاستفادة من تجاربها الغنية لنشر الأدب والثقافة الروسية في الفضاء الثقافي العربي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه