الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد القيسي حكاية بغدادية أصيلة ..!

يوسف العاني

2022 / 10 / 8
الادب والفن


حين يلتقي الجمهور بفنانهِ عبر المسرح او السينما او التلفزيون تصبح العلاقة بينهما علاقة حميمة تعززها وتقويها وتنميها حصيلة عطاء الفنان وامكاناته الابداعية .. وهكذا تصبح هذه العلاقة علاقة صداقة يفتقدها الجمهور حيث يغيب صاحبها الفنان .. ويتفقدها الجمهور متسائلاً عن فنانه الذي أحبه . وحالات الاهتمام بالفنان تأخذ سبلاً عديدة ، واحدة منها فضول الجمهور في ان يعرف عنه كل شيء ، تاريخه حاضره ، حياته الخاصة ، أبناءه ، دراسته ، ثقافته ، هواياته .. وحتى الاكلات التي يحبها !! .
قبل اسبوعين تقريباً نشرت جريدة العراق الغراء لقاء مع الفنان الصديق العزيز (محمد القيسي) تحدث وهو على فراش المرض عن عدة قضايا كان أهمها إصراره في ان يعود معافى ليمثل ويبدع ، وبين سطور الحديث بواعث تساؤل عن اهتمامات هذا الفنان والربط بين فنه وبين اختصاصه " المصرفي" وشغفه في المقام وتعلقه العميق ببغداديته وعراقيته الاصيلة .
وحين زرت الصديق الحبيب (أبا سحر) في مستشفى " ابن البيطار" وجلست بجانبه كما اعتدت كلما التقيته ، تحدثنا عن اشياء كثيرة وعن الاصدقاء وعن المسرح ، وعلمت ان كثيرين يسألون عنه ويتمنون له الشفاء ، ثم قال لي : يوسف انت اخوية .. ابتسمت وهمست في نفسي لماذا لا اشبع فضول الكثيرين الذين لا يعرفون هذا الانسان الفنان المعرفة الحقة ومساره الفني والحياتي الذي ارتبط به وبعدد من فناني مسرحنا العراقي؟ فذاك ما يخفف عنه بعض تساؤلات المحبين ويخفف عنه جهد الحديث !
حين تقرر تعييني مدرساً معيداً في كلية التجارة والاقتصاد من قبل عميد الكلية استاذي الدكتور جابر جاد عبدالرحمن للإشراف على النشاط الفني في الكلية عام 1950م .. كنت قد كتبت مسرحيتي (راس الشليلة) .. وكان علي ان اقدمها في حفلة من حفلات سمر لكلية التجارة والاقتصاد .. وكان من بين الطلبة الذين سبق لهم ان شاركوا في التمثيل خلال فترة دراستهم الثانوية : عبدالرحمن بهجت وراسم القيسي .. وكانت في المسرحية شخصية مراجع " بدين" يظل يروح ويجيء ويصعد وينزل دون فائدة او جدوى لإنجاز معاملته .. فاقترح راسم علي ان نفاتح ( محمد القيسي) فهو يحمل المواصفات الشكلية وهو من الممثلين الموهوبين المعروفين في ثانوية الأعظمية .
جاء محمد القيسي وعمل معنا وكأننا اسرة واحدة تربطنا علاقة حميمة تمتد سنوات طويلة .. ومنها اي هذه العائلة كان واحداً من اعضاء فرقة المسرح الحديث ، وطالباً في معهد الفنون الجميلة – فرع التمثيل – وطالباً جاداً وجيداً في كلية التجارة والاقتصاد حين اخذ موقعه الوظيفي في اكثر من بنك بجدارة الموظف الحاذق والمخلص والامين والحريص على المسؤولية والمصلحة العامة .. فكان على المسرح ملء التقدير وعراقيته الحقة خلقاً وسلوكاً وموقفاً كريماً امام الجميع حين تطلب منه معونة او يُدعى لتنفيذ مهمة مهما كانت صعبة وعسيرة .
محمد القيسي من فنانينا القادرين التزاماً وصدقاً وعفوية ، ظل كما كان لا يرفض طلباً لكي يمثل اي دور وان صغر ، يفعل ذلك كي لا " يزّعل" الاخرين ويهرع الى تلبية طلبات الاصدقاء والغرباء معاً ، فظهر على شاشة التلفزيون وفي السينما .. وحين يعود الى " البنك " تتعلق عيناه بالحساب وينصرف تفكيره الى الارقام والمعاملات المصرفية الدقيقة ..لكنه بين هذا وذاك يغمض عينيه ليردد مقام (المدمي) او " الخنبات " ويردد بوذية يستعيد بها نكهة محلته القديمة العريقة ..
ليس وفاء اكتب ، ولا تعبيراً عن صداقة استعيد شيئاً يسيراً من ذكرياتي عن ابي سحر او محبتي له ، وانما حديث صداقة احسست انني مطالب بكتابته وأبو سحر يقاوم المرض ليعود الى مكانه في المسرح او التلفزيون او السينما كما تألق منذ عام 1951م في (رأس الشليلة) ، وفي عام 1958م في (مسمار جحا) ، وفي عام 1958م ايضا في فيلم (سعيد افندي) ! كما تألق في اعمال تلتها اكدت طيبة وفن وبساطة وابداع الانسان الكريم محمد القيسي فعذراً لهذا الايجاز وتمنيات من القلب مني ومن محبيه بالشفاء العاجل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا