الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاني فحص: روحانية متسامحة في زمن الطوائف

عبدالجبار الرفاعي

2022 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبد الجبار الرفاعي

على الرغم من أسفار العقل والروح والقلب المزمنة المسكون بها هاني فحص، لكنه رابط في الموقع الذي اختاره لنفسه منذ بداية حياته، لم يتكرر شيءٌ في حياته كما تكرر انحيازُه للضحايا والمهمشين والمعذبين والأحرار. كان صوتُه صدى أوجاع المحرومين، وانحيازُه للكرامة والحرية والعدالة، واضطهاد الإنسان من حيث هو انسان بغض النظر عن معتقده.
يبدو أن دراستَنا في حوزة النجف معا، عبر زمنين متواليين، والموقعَ الطبقي الفلاحي المشترك بيني وبين هاني فحص، ونمطَ الحساسيات النفسية المتقاربة بيننا، وأحلامَ المهمومين بقضية الكرامة والحرية والعدالة، والسعيَ من أجل انقاذ النزعة الإنسانية في الدين، هو ما جذبني اليه، وجعلني أرى ملامحًا من صورته في صورتي، وشيئًا من أحلامه في أحلامي، وفي شيء من همومه همومي، وفي بعض أسئلته أسئلتي، وبعض معاركه معاركي. لم تكن الأسئلةُ مقفلةً لديه، ولم تبلغ المفاهيمُ صيغتَها النهائية في وعيه، ولم يتوقف في محطة أخيرة في أسفاره. كانت أسئلتُه مفتوحةً تتوالد منها أسئلةٌ جديدة، ومفاهيمُه في صيرورة تخلع عليها كلَّ حين صورة بديلة، وأسفارُه لا تكف عن أن تظل أسفاراً، إنه كائن هويتُه ومهنته الأسفار، فهو لم يسافر ليصلَ بل يصلُ ليسافرَ، ويسافرُ ليمضيَ على الدوام مسافرًا. كان يهرب من السكون كما سكون الصخرة، يهرب من الغياب كما غياب الموتى، يهرب من القبح كما قبح انتهاك الكرامة.
رجل الدين الشيعي هاني فحص ظل على الدوام ثائراً، مبادئُ ثورته اللاعنف، ودوافع دعوته ارساء مرتكزات السلام، وبناء أسس العيش المشترك، واحترام كرامة الكائن البشري، بغض النظر عن أثنيته وديانته ومذهبه وطائفته. يحذّر هاني فحص من التفسير العنيف الفاشي للنصوص الدينية، بوصفه لا يمحق جمالَ الدين ورحمته وسلامه فقط؛ بل تتوالد من رحمه موجةُ إلحاد تقوّض الدينَ من داخله. كان يحذّر من نزعات الثأر والانتقام والفتك، وينبِّه إلى أن بناء الأوطان يتطلب أن نتغلب على جروحنا وذاكرتنا الموجعة، كما تغلب الفيتناميون على جروحهم وشفوا من ذكرياتها المريعة، بعد أن دفنوا أحقاد وثارات المجازر التي فتكت بهم في قبور ضحاياهم. كان يدرك أن جروح التسلط والاستبداد والتمييز والالغاء والاضطهاد والعنف النازفة في بلادنا يتأخر طويلا الشفاءُ منها، لا نشفى منها بالعقل والعلم والمعرفة فقط، بل يتطلب الشفاءُ؛ حياةً روحية أصيلة، وضميراً أخلاقياً يقظاً، وعواطف إنسانية مبرأة من سجون الطوائف.
أدرك هاني فحص ضرورةَ النقد للحياة العقلية، وتأثيرَه الحاسم في ديمومة التفكير، وضرورةَ تجديده. وكيف أنه حين يتوقف النقدُ ينغلق العقل، ويتحجر التفكير، بل يمسي التفكيرُ ضداً لذاته. أدرك أنه لن يتغير نمطُ حياتنا، من دون أن تتغيرَ ذهنياتُنا، ورؤيتُنا للعالم، ومفاهيمُ الإنسان والدين والتراث في ثقافتنا. كنا معاً في مؤتمرات وندوات متنوعة في بلدان متعددة، في كل مرة تتعزز قناعتي أن هاني فحص مثالٌ لرجل دين تجتمع في روحه آلامُ الكل، رأيته حيثما كان وأنى ذهب يحمل جراحاتِ كربلاء وأوجاعَ المهمشين، حتى يُخيّل إليّ لحظةَ أصغي لحديثه عنهم، وكأنه حامل خشبة صلبه من أجلهم، أسمع منه نشيجَ آهاتهم، واستغاثات دمائهم. لم يغادر النجفَ وحوزتها وأطيافها، مهما نأت به الأيام عنها، ظل نجفيًا أكثرَ من النجفيين، لم يتمكن من الافلات من ماضيه النجفي الذي يصفه حسب العنوان الذي انتقاه لمذكراته بأنه "ماض لا يمضي". كان رجلَ دين بروحانية متسامحة، ومدنياً بروحانية رجل دين. كان تجسيدًا لروحانية ترى كلَّ دين صيغةً لتجربة الحقيقة على شاكلته، وتذوقًا لتجليات الحقّ واشراقات أنواره على الخلق. كان مولعًا بالحاضر لا بالماضي، بالواقع لا بالتراث، لم يكن رجل دين يقلقه التفكير الحر، أو يخشى الأسئلة المشاغبة، انشغل بتطوير أسئلته الخاصة باستمرار، وظل يحرص على تعميق هذه الأسئلة، ويترقب أن تتوالد الاجابات في سياق انبثاق أسئلة جديدة منها. لم أسمعه يوما ينشغل بما ينشغل به بعضُ رجال الدين من كلام عن التحريم والتأثيم واللعن والتكفير والتبديع والتفسيق، أو عوالم القبر والبرزخ وما بعد الموت، وتدبيج مشاهد وحكايات تثير الهلع في قلوب الناس، من الكتب المليئة بالحكايات الغرائبية والمشاهد الكئيبة. لا يكف عن الحديث حول الحياة وتمجيدِ الدين لقيمتها، ورفضِ تحريم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات في الدنيا.
أما لبنان؛ فكان مسكونا بلبنان الوطن الجامع، شعارُه المزمن: "الوطن نصابنا، الوطنية هويتنا"، وان رصيدَ لبنان وثروته تكمن في تنوعه وتعدد مكوناته. يتنوع ويتعدد الانتماء في ضمير هاني فحص بتعدد مكونات لبنان الدينية والمذهبية والاثنية والثقافية، لا يتردد في مغامرة اقتحام الأحداث العاصفة، والتضامن مع ما عاشته بلدان متيم بها ويشعر بعمق الانتماء اليها. كأن خطواته ومواقفه صدى لهموم وأوجاع الإنسان في تلك البلدان، فلم يمنعه الانتماء لوطنه لبنان من الانتماء للعراق، وفلسطين، بل الانتماء الى الإنسان حيثما وأنى كان. تتوحد في ضميره هذه الانتماءات، وكأنها قصيدة لا تنشد ألحانَها إلا همومُ الإنسان.
الأديان والمذاهب والطوائف ترسم لانتماء أغلب الناس حدودًا يصعب تخطيها، وتسعى أن تضعهم داخل أسوار مغلقة ليس بوسعهم الافلات منها. لدى أغلب رجال الدين تصير هذه الأسوار صارمة لا يتخطاها إلا الأفذاذ. ما لفتني في هاني فحص هو عبور كل الأسوار، فهو عابر للطائفية والطائفة، بل والديانة، هاني فحص يتحدث خارج الطوائف، يكتب خارج الطوائف، يقاوم خارج الطوائف، ينفر من أي استثمار لشعارات ومعتقدات الطوائف. رغم انه مكرس بإيمان عميق، لم يتخلف عن عبادة يفرضها اعتقادُه الديني، وتعبّدُه الفقهي الجعفري. كلما حسبته بعيدا عن التشيع وعبور طائفته، برهنت مواقفُه وممارساته انه منخرط في كل هموم البؤساء والمحرومين من الشيعة.كان يلفتني هذا الايقاعُ المتناغم في تبنيه لآلام الشيعة وآمالهم، بموازاة آلام وآمال مواطنيهم اللبنانيين من الطوائف والأديان الأخرى، وآلام الإنسان أينما كان ضحية ومهمشًا. لم أجد لمواقفه تفسيرًا سوى انه كان عابرًا لكل ما هو طائفي، كان هاجسُه المزمن هموم الناس. يجد هاني فحص ذاتَه تشترك مع كل الناس، حيثما تحقق ما هو انساني، دائمًا يعثر على ما هو مشترك، وكأنه لا يرى ما هو خاص. لا تسجنه حدود دينية أو طائفية، ولا تكبله تصنيفات لاهوتية، ولا تمنعه هويات اثنية، ولا تعطله خرائط اعتقادية. كان يسمعُ صوتَ الله في صوت البؤساء والمعذبين، يكتشف سبيلَ الله بوصفه سبيلا يمر عبر الإنسان، وتتجلى له رحمة الله برحمة الإنسان، ويبصر نور الله بإشراقه في قلب انسان ضحية، ويجد كرم الله بإكرام الإنسان، وأن حُبَّ الله يتجسد في حُبّ الإنسان. يشتكي لي على الدوام في السنوات الأخيرة قبيل رحيله من أن مجتمعات تمزقها الحروب وينهكها التسلط والاستبداد، يصبح عبور الطائفة فيها غربة، أما ممارسة التسامح واحترام كرامة الإنسان من دون تمييز بين الأديان والطوائف فأشد اغترابًا.
حين نلتقي لا يكف عن متابعة ورصد الانتاج الفكري، يتساءل عن الأعمال الجادة الجسورة، وما يمكن أن تساهم فيه المؤسسة الدينية العريقة من اجتهادات، تضع الفكرَ الديني في الاسلام اليوم في سياق يتخطى استهلاكَه في الطقوس المهرجانية، ويعيد الصورة المفتقدة للإسلام، التي أنهكها التوحش وشناعات الدم المسفوح، والعدوان على ما يرمز للحياة والسلام والفرح والجمال.
في كل محطات حياته كانت رسالته إسلام ينشد السلام، ويمجد كرامة الكائن البشري، ويحمي حقوقَه في الحرية والمواطنة والعيش الكريم. كان قلقا من اننا كمن يربي ثعابين إلا أنه يطاردها بعد فرارها من أوكارها. نطارد الانتحاريين، لكنا نهمل المعتقدات والمفاهيم التي سمّمت أرواحهم، وأفسدت ضمائرهم. مادامت هذه المعتقدات والمفاهيم متفشية في منابرنا ومقررات التربية والتعليم في مدارسنا وجامعاتنا، وما تذيعه فضائياتُنا ووسائل اعلامنا، فلن تتوقف ولادة المزيد من الانتحاريين في مجتمعاتنا.
في كل مرة ألتقيه العامين الأخيرين قبل رحيله يحدثني جذلًا عن مبادرة انسانية يتولاها هو بمعية فريق من رجال الدين من طوائف أخرى، في جمعية "فرح العطاء"، هدفها التربية على: المحبة والتسامح والاحترام المتبادل، والسعي لإنقاذ أطفال العراق، عبر تضميد جراح قلوبهم، وتكريس السلام في أرواحهم، ورسم ابتسامة على وجوههم الحزينة. أحيانا أجده كالسمكة المختنقة، تلتقي في مشاعره أوجاع العراق المريعة. يتمنى ويقترح ويبادر بفتح أية نافذة للنور تفضح ما تختنق فيه بلادُنا من ظلام. يتصيد على الدوام صوتَ الفرح في زمن تضجرنا فيه أصواتُ البكاء.
تأخر وصولي المحطة التي بدأها هاني فحص حياته، حين سلك دربا لم يمر بأحلام الدولة الدينية، فقد كنت كما جيلي من المتدينين الشباب في العراق في سبعينيات القرن الماضي مسكونين بيوتوبيا هذه الدولة، كانت صورتُها الرومانسية في مخيلتنا كأنها عصا سحرية تفعل كل شيء بضربة واحدة، كأنها سفينة خلاص تنقذنا من فاشية صدام حسين، وكل ألوان الاضطهاد والتمييز الذي كنا ضحاياها، لأنها كما كنا نتوهم الفردوس الأرضي الذي لا تشبهه دولة في الشرق أو الغرب. أتذكر حين كنت أقرأ أدبيات الإسلام السياسي في مطلع السبعينيات، وانا تلميذ في الثانوي، كنت أتقد حماسة، أنفعل وأهيج وأتشوق، أكاد لفرط أشواقي لهذه الدولة المتخيلة أطير في السماء، إذ يخيل اليّ كأن الدنيا تتحول إلى فردوس أبدي. شعارات هذه الأدبيات تذكي الغرائز، وتؤجج المشاعر والعواطف، توهم الإنسان بأن كلَّ مشاكله الشخصية والعائلية والمجتمعية، بل كل مشاكل العالم ستحل، وتنتقل البشرية فجأة لعالم كله قسط وعدل وحق وخير ورخاء وتضامن وتراحم وسعادة، لا فقير فيه أو محروم. طفقت أفتش عن جماعة دينية تنشد هذه الوعود، واستبدت بي روح رسولية انقاذية تسعى لتغيير العالم، كي أحل مشاكله كلها دفعة واحدة، وأنجز أنا ورفاقي خلاصه الأبدي. لم تتمزق أوهامي واستفيق من هذه المتاهة العبثية إلا بعد سنوات، بعد أن تكشف لي أن تلك الوعود ليست إلا أحلام أرواح معذبة، تفتش عن ملاذ تحتمي فيه، ودواء يخفض من أوجاعها. التقيت هاني فحص في محطتي الثانية قبل نحو 40 عاما. بعد أن أدركت وقتئذ أن الدولة من أعقد المؤسسات التي ابتكرها الإنسان بعد مسيرة محطات شاقة، انها أعمق وأغنى وأهم مؤسسة سياسية حقوقية ادارية اجتماعية اقتصادية ثقافية أبدعها التفكير والخبرة البشرية، عبر تجارب خطأ أرشدته للصواب، وهدم أرشده للبناء، وحروب أرشدته للسلام، وصراعات أرشدته للحوار، ونزاعات أرشدته للتفاهم، وممانعات أرشدته للتسويات. قرأ هاني فحص الفقه وعلوم الدين في مدرسة النجف، فأدرك ان هذا التراث يتعذر عليه بناء دولة حديثة، ونظر في آراء فقهاء النجف منذ الشيخ محمد حسين النائيني مرورًا بالشيخ محمد مهدي شمس الدين حتى السيد علي السيستاني فاكتشف انهم لم يفكروا بدولة تولد في سياق المدونة الفقهية.
يسألني #هاني_فحص بألم وحسة عن سبب اخفاق الاسلاميين في العراق في بناء الدولة، رغم وفرة موارد بترول العراق وثرائه المتنوع، فأقول له: يمكننا التعرف على وعي الجماعات الدينية ونمط تفكيرهم عبر النظر للأدبيات التي يعتمدون عليها في التربية والتثقيف. في هذه الأدبيات لا نعثر على ما يشي بمفهوم واضح للدولة والوطن والوطنية والمواطنة بمعناها الحديث في الفكر السياسي، وأحيانًا نقرأ رفضًا صريحًا للمشروعية الشعبية والتعددية السياسية وتبني المساواة بين المواطنين على أساس الانتماء لأرض واحدة. قد ترد إشارات في كتاباتهم لأمثلة ما قبل الدولة الحديثة، كدولة الخلافة والدولة السلطانية. أكثر رجال السلطة لا يعرف أن الدولة الحديثة ظاهرة مركبة عميقة واسعة، ذات طبقات وأبعاد مختلفة، تتطلب خبراء من ذوي التكوين الممتاز في: الحقوق والقانون، والسياسة، والاقتصاد، والأموال، والتجارة، والتنمية، والإدارة، والتربية والتعليم، والادارة، والزراعة، والصناعة، والصحة، والثقافة، والاعلام… وغير ذلك من العلوم والمعارف الجديدة. أكثر رجال السلطة في العراق اعتمدوا على أميين ومتملقين ومتسلقين، واستبعدوا العلماء والحكماء والخبراء. أنساهم اغواء السلطة الوطن، وأكثرهم استبدلوا الوطن بالعائلة والمداحين. رأيت أكثرهم في السلطة يعملون لأنفسهم ومع أنفسهم، يعملون لأنفسهم لا للعراق،‏كلُّ شيء هدفه البقاء في الحكم، ‏مهما كان الثمن الذي ينهك الوطن. ، ينشغل بعضهم بالكلام وثرثرة الشعارات المملة عن العراق، ويحسب نفسه يعرف كل شيء عن كل شيء، يتحدث ويكتب عن قضايا تخصصية مختلفة لا يفهمها بشكل دقيق، ولا يستطيع أن يعطي الرأي الصائب فيها سوى المختصين من ذوي التكوين العلمي الرصين. معظم قادة الجماعات الدينية ممن أصبحوا زعماء للدولة من الأطباء والمهندسين والمختصين في العلوم الطبيعية، لا يمتلكون معرفة عميقة بالتراث ومسالكه المتنوعة، لم يتخصصوا في الاقتصاد والإدارة والعلوم السياسية والقانون وعلوم الإنسان والمجتمع. لا يعبأون بذوي الاختصاص، تجدهم أحياناً يكتبون ويتحدثون في مختلف التخصصات، ويتكلمون في مناسبات مختلفة، ويصدرون الأحكام في الدين والدنيا بلا دراية وخبرة. الفهم المتفشي في أدبيات الجماعات الدينية للدولة والسلطة ركيك، مبسط لا يكاد يتخطى السطح، مثلهم كمن يحسب البحر بعمق سنتمتر واحد. الدولة اليوم لا يبنيها سوى الخبراء من مختلف التخصصات، وتطبيق القانون العادل بصرامة على الجميع بلا تمييز. معيار الهوية السياسية في بناء الدولة اليوم هو الانتماء للوطن دون غيره، وتقديم مصالحه في الحاضر والمستقبل على مصالح أية دولة أو طائفة أو جماعة غير الوطن.
أنا بطبيعتي انسان أهرب من الحضور الاعلامي، قلما أحضر على شاشة التلفزيون، أتمنع من التواصل عبر الراديو وغيره من وسائل الاعلام، أنفر من الالحاح على المقابلات في الصحف والدوريات والفضائيات، وأحاول أن ألتمس الأعذار لتأجيلها. عالمي الأوراق والكتب أمس، مضافًا إلى الانترنيت والكمبيوتر اليوم. هاني فحص يحتفي باليومي والعابر والراهن، يتوهج حضورُه في مختلف وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والورقية، لا يتردد في الاستجابة لأية دعوة صادقة، ولا يفكر كثيرًا بالبرتوكولات والديكورات والعناوين والألقاب، بل يهبّ مستجيبًا للمساهمة في فعاليات وأنشطة منتديات ومؤسسات وندوات وحلقات دراسية ونقاشات مع مختلف الجماعات، عندما يظن انها تنشد بناء الأوطان وحماية كرامة الإنسان. وإن وحّدت قلوبنا المحبّة، والوفاء للإنسان بما هو إنسان، والعمل على حماية كرامته وحقوقه وحرياته، إلا أن كل واحد منا يجتهد على شاكلته.
لا أتفق وهاني فحص باتخاذ قرارات صعبة بدافع العواطف الصادقة والشهامة في لحظات انفعال غائمة. رأيته يتعجل بإعلان مواقف في محطات ملتبسة تختلط فيها الأوراق أحيانًا، وتتطلب الكثير من التريث والدراسة وتقليب الخيارات. ولا أظن ذلك غريبًا على مَن هو مختلف عن صديقه القريب ببنيته النفسية والعاطفية وشخصيته، ونمط وعيه ومحطات ‏حياته. محطات حياة هاني فحص وأقداره ومسيرته غير أقداري ومسيرتي ومحطات حياتي، طريقة تفكيري ليس بالضرورة تلتقي وطريقة تفكيره في كل شيء. كتاباتي تعكس طريقة تفكيري وخارطة أفكاري، لا أقلد أحدًا من القدماء والمحدثين مهما كان مقامه، أتعلم من الجميع، وأحترم رأي كل انسان صادق وإن كان على الضد من رأيي. أعمل باجتهادي الذي تأسس على تكويني الحوزوي والجامعي والثقافي، وما تعلمته من تجارب حياتي الموجعة وجروحها المؤلمة، وما ارتكبته من أخطاء، وما وقعت فيه من أوهام ومتاهات مريرة.


#عبدالجبار_الرفاعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ