الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر الأمن الغذائي وتحديات الإستقرار الافريقي:

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2022 / 10 / 9
الصناعة والزراعة


(رأي خاص)

يستضيف مقر الإتحاد الافريقي بدولة اثيوبيا يوم غدٍ الإثنين، العاشر من اكتوبر الجارٍ مؤتمراً للأمن الغذائي والتغذية تحت شعار "حشد الدعم من أجل الأمن الغذائي والتغذية"، وقد جاء هذا المؤتمر المهم مُحاطاً بواقع القارة الافريقية التي تشهد تراجع كبير في معدل نمو الإقتصاديات والتدهور المريع في الحالة المعيشية للمجتمعات؛ إضافةً لتزايد الإضطرابات الأمنية والسياسية وإنتشار الأوبئة والفقر والبطالة والمخدرات وفساد الجماعات المسيطرة علي السلطة والثروة في عدد من بلدان افريقيا.

افريقيا ليست قارة فقيرة كما يصورها الذين يحاولون تضليل الرأي العام بمعلومات مغلوطة أو منْ يستغلون الموارد لصالح تضخيم سلطاتهم وثرواتهم دون تنمية المجتمع؛ إنما الحقيقة أنها من القارات الغنية جداً، وتمتلك قارتنا موارد متنوعة ومتعددة علي سطح وباطن الأرض، وهذه الموارد الضخمة لم يتم إستغلالها بطريقة صحيحة تجعلها تنصب في تنمية وبناء الدول الافريقية، وتعتبر الحروب والفساد المالي والإداري من أخطر الأمراض المهددة للأمن الغذائي وتعيق تقدم الشعوب ونهضتها وصعود الدول إلي مرحلة المساهمة الفاعلة في تطور العالم.

يمكن النهوض والتطور من خلال مراجعة إستراتيجية تلك البلدان فيما يخص الحوكمة والتخطيط الإقتصادي والسياسي عبر وضع خطط جديدة تساعد في إدارة البلدان والإستفادة من تنوع هذه الموارد في بناء افريقيا الجديدة، ويتطلب هذا الأمر توفير أحزمة الأمن والإستقرار السياسي وتطبيق حزمة من التدابير القانونية والسياسية التي من شأنها ضبط مسألة إدارة الموارد وتوزيعها وتطبيق خطط إقتصادية متطورة، ولا تنفصل عملية الأمن الغذائي عن قضايا السلام ومعادلة العدالة الإجتماعية والإقتصادية، وهذه المسائل يجب أن تؤخذ حزمة واحدة في تشريح الأوضاع ومعالجة الإختلالات البنيوية في القارة الافريقية.

هنالك أوضاع إقتصادية متدهورة للغاية في السودان الذي يشهد أخطر أنواع الصراعات السياسية في التاريخ الافريقي، ويتخوف الكثيرون من تفاقم حالات الفقر والنزوح والمجاعة المحتملة حال إستمرار الأزمة السياسية في ظل عدم توافق المكونات المدنية والعسكرية لإنتاج برنامج يعيد الجميع إلي مسار الإنتقال المدني والديمقراطي وتنفيذ إتفاق جوبا لسلام السودان من أجل توفير مناخ ملائم لعودة أولئك النازحيين إلي بلدانهم ومساهمتهم في عملية الإنتاج والنمو الإقتصادي للمدن والأرياف، ويتوجب إستعادة صورة الديمقراطية التشاركية في إنسجام تام مع ترجمة السلام من النصوص إلي التطبيق؛ ويمثّل الأستقرار بوصلة المرور علي طريق الإصلاح وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وفتح مساحة للعمل والإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي، ولكن علينا تجنب مخاطر المجاعة وإيجاد فرص للإستثمار الزراعي والصناعي مع توفير قوانيين تسهل التعاون الإقتصادي مع الدول المجاورة والصديقة حول العالم.

اثيوبيا خرجت من دوامة النزاعات المسلحة الطاحنة بين الحكومة والمتمردين، وهنالك مؤشرات جادة لفتح بوابة حوار بين الحكومة وأولئك الذين حملوا السلاح في مواجهتها، ومنذ أن إندلع النزاع المسلح باثيوبيا قرأنا عدة تقارير تتحدث عن المؤثرات السلبية للحرب علي إقتصاد الدولة ونزوح الملايين وتوقف عجلة الإنتاج، وأعتقد أن الذهاب إلي الحوار يجعل الأمر ميسراً لإنهاء معاناة النازحيين وإحداث الإستقرار الذي ينعش الإقتصاد ويضمن الحفاظ علي الأمن الغذائي ليس لإثيوبيا وحدها بل لجميع دول القرن الافريقي.

رغم تصاعد التحول الخطير الذي تشهده افريقيا في تبدل الحكومات مثلما حدث في دولة بوركينافاسو وغيرها إلا أن مؤشر التقدم في الحوار الوطني والسيادي بدولة تشاد يجدد التفاؤل بامكانية تحقيق الإستقرار، فقد إستمعنا مساء أمس الأول لخطاب رئيس المجلس العسكري الإنتقالي محمد دبي حول الحوار وضرورة بناء تشاد جديدة وهو خطاب سيطرة عليه العاطفة الإيجابية أو المعقلنة والموجهة نحو مسار ذو أهمية في وضع التصورات المستقبلية للدولة التشادية، وهذا الأمر مهم للغاية ومتصل بمسألة الأمن الغذائي الذي يرتبط بأمن وإستقرار المجتمعات، وليس لقارة افريقيا سبيل لنهضة إقتصادية إلا عبر إجراء حوار إستراتيجي يحقق الإستقرار.

9 اكتوبر - 2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة