الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال من أجل إلغاء امتياز الاعتراض(الفيتو) 3/7

سليم يونس الزريعي

2022 / 10 / 10
دراسات وابحاث قانونية


على مدى عمر التنظيم الذي انبثق بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية،جرت محاولات عديدة ٌلإلغاء حقا الاعتراض أو الحد منه، إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود نظرا لتمسك الدول صاحبة الامتياز بتلك المكنة، إضافة إلى ما تملكه بعض هذه الدول من وسائل الضغط على الدول المطالبة بإلغائه سواء كانت تلك الوسائل اقتصادية أو سياسية أو غيرها.
ومع ذلك فإن الدول التي اجتمعت في سان فرانسيسكو لم تسلم بحق الاعتراض بعد إقراره في تلك الفترة بعد انتهاء الحرب العالمية، إلا على مضض، إلا أنها عندما أحست بمدى الإجحاف الذي لحقها عند ممارسة الدول الدائمة لذلك الامتياز، بدأت تغمز من ذلك الحق، فكانت أستراليا أول تلك الدول التي عبرت عن ذلك الامتعاض حين اقترحت في تشرين الأول/أكتوبر 1946 إدراج مسألة تطبيق المادة السابعة والعشرين على جدول أعمال مجلس الأمن، وحصر حق الاعتراض في المسائل التي تتخذ طبقا للفصل السابع، ومنع ذلك على ما يتخذ طبقا للفصل السادس، بيد أنها باءت بالفشل عند التصويت عليها.
وطالبت كوبا في 2 تشرين الأول/أكتوبر1946 بإلغاء حق الاعتراض، غير أن الدول العظمى ما عدا الاتحاد السوفيتي آنذاك، استبسلت في الدفاع عن هذا الحق، وتذرعت بحجة أنه ضروري، وأن الإبقاء عليه لازم لاستمرار الأمم المتحدة.
فيما سعت ليبيا على مدار سنوات من أجل إلغاء هذا الامتياز باعتباره منافيا لحق الدول والشعوب في المساواة وسجلت ذلك في أكثر من مناسبة، وقد ثبتت ليبيا ذلك رسميا في برقية بتاريخ 12/5/1975 إلى رؤساء جميع الدول التي صوتت إلى جانب القرار التاريخي الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي بقضي باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية، وطالبت بإلغاء حق الاعتراض، كما ركزت ليبيا كل جهودها في ذلك على كلفة المستويات الثنائية والجماعية وفي المنظمات الإقليمية(1).
ومع إدراك بعض الدول التي تطالب بإلغاء هذا الامتياز صعوبة ذلك، لأن إلغاءه ليس بالأمر اليسير، فهو يتطلب تعديلا في الميثاق، والميثاق لا يعدل إلا بموافقة الخمسة الدائمين جميعهم، وليس بمقدور هؤلاء الموافقة على التعديل والتخلي عن ذلك الحق، إذا كانوا يرون فيه امتيازا أو حصانة أو درعا، واستنادا إلى هذا الوضع أو هذه الصعوبة، فإن ذلك البعض من الدول يكتفي اليوم بالمطالبة بإبقاء على ذلك الحق ولكن بالتضييق في مداه ونطاقه وآثاره، تلك الحلقة الخماسية المقفلة تماما، التي لا يمكن الدخول إليها أو كسرها إلا من داخلها، وهذا ما لا يمكن لأحد أن يتوقعه من تلك الدول.
ومع أن جميع الدول، التي ترى في هذا الحق نقيضا للمساواة، وللسؤال حول الشرعية التي يرتكز عليها الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على تمتعهم بهذا الامتياز دون سائر أعضاء الأمم المتحدة، وأن هناك صعوبات هائلة في طريق تخلي تلك الدول عن هذا الامتياز، ومع ذلك لم تكف عن المطالبة بإلغائه أو الحد منه، وقد تجاوبت الجمعية العامة مع هذا التيار، فأصدرت عدة توصيات دعت فيها الدول الدائمة العضوية إلى بذل الجهود للتضييق أو التخفيض من استعمال حق الاعتراض0الفيتو)، وتحديد المسائل التي قد تكون موضوعا لاستعمال هذا الالتزام دون إساءة(2).
كما أن إلغاء حق الاعتراض قد جرى تثبيته على جدول أعمال بعض المؤتمرات الدولية والإقليمية، فقد أصدر المؤتمر الخامس لدول عدم الانحياز عام 1986 والمؤتمر السادس عام1989، عدة قرارات يدعو فيها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى بذل مساعيها لتأييد إعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة، وبصورة خاصة حق الاعتراض(الفيتو)، الذي تتمتع به الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وأصدر مؤتمر وزراء الخارجية لمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1977 ومؤتمر وزراء الوحدة الأفريقية عام 1986 قرارات مماثلة، وقد تقدم الوفد الليبي المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام وعام 1978 وعام 1980وعام 1981 وعام 1984، بمشروع قرار حول حق الاعتراض(الفيتو) تضمن الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة إعداد دراسة عن البدائل الممكنة لقاعدة إجماع الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، والتأكيد على مبدأ المساواة بين الدول وإشراكها جميعا في حفظ السلم والأمن الدوليين ودعم دور مجلس الأمن في هذا الخصوص، وقد واجه المشروع معارضة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الدائرة في فلكها عدا الصين، وبذلك لم يحصل على الأغلبية المطلوبة(۱).
وعالجت محكمة العدل الدولية موضوع حق الاعتراض في أكثر من فتوی، منها الفتوى الخاصة بشأن قبول دولة في عضوية الأمم المتحدة الصادرة في عام 1948، وكذلك في قرار الجمعية العامة " الاتحاد من أجل السلام" الصادر عام1950(۲)، رغم أن قرار الجمعية العامة صنعه الكبار في مواجهة بعضهم البعض للهروب من حق الاعتراض(الفيتو) الذي يمارسه بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في مواجهة الأطراف الدائمة الأخرى، إلا أنه سرعان ما تراجع أولئك الذين سعوا للتشريع لذلك عندما تغيرت موازين القوى في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما لا يخدم توجهاتهم، لأنهم في الأساس لم يكونوا يسعون وراء تعزيز علاقات المساواة والديمقراطية عبر نظام الأغلبية في الجمعية العمومية، ولكن من أجل تمرير سياساتهم في محفل آخر.
-----------------------
(1) د. محمود صالح العادلي، مصدر سبق ذكره، صفحة 44-46.
(2) د. محمد المجذوب، مصدر سبق ذكره، صفحة214.
1- د. عبدالسلام صالح عرفة، مصدر سبق ذكره، صفحة69.
2- د. محمود صالح العادلي، مصدر سبق ذكره، صفحة 42.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية الأيرلندي: 100% من الفلسطينيين بغزة يواجهون شب


.. ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال




.. French authorities must respect and protect the right to fre


.. تحقيق مستقل: إسرائيل لم تقدم إلى الآن أدلة على انتماء موظفين




.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل يتيح ترحيل المهاجر