الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدل بيين هييجل وماركس باختصار شديد !

ادم عربي
كاتب وباحث

2022 / 10 / 11
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كتب ماركس في ملحق الطبعة الثانية لراس المال :" إن التلاعب الذي لحق بالجدلية على يد هيغل لا يمنع كونه أول من عرض بتوسع وادراك اشكال حركتها العامة. رأسها عنده في الاسفل والمطلوب قلبها لاكتشاف النواة العقلية في وسط الغلاف الصوفي." فما هي انتقادات ماركس لهيجل فيما ورد اعلاه من نص لماركس ؟ ما هي النواة العقلية؟ اجاب عنها التوسير بقولة " عملية بدون ذات" ولذلك لا تحتمل "نفي النفي " فهما ليسا كافيان .
لكن لا بد من تناول سمات الفكرة بتعريف هيجل حييث يرىى هيجل ان الحركة الذاتية للفكرة هي اساس تكون العلم والمعرفة ، وفي ثلاثية هيجل يمكن لنا ان نرى المراحل الثلاث التي تمر بها الفكرة لبلوغ العلم:
اولا تنشا الفكرة بالانقطاع عن الواقع فتكون بذلك غيبية لذلك هي في تجريدها فكرة هي فقط فكرة ، تنسلخ الفكرة عن الواقع وتصبح شيئا مستقلا او كائن مستقل ، لكنها لا تحوي ما في الواقع من ثراء وتبقى دون الملموس.
ثانيا : تظهر الفكرة لذاتها ظهورا مفارقا وغريبا ، ترى الفكرة ما فيها من نقص ولا تتعرف على ذاتها في ما انتجته فتجد نفسها صورة دون ذاتها ودون الواقع والملموس، فيقع السلب في داخلها وتنفي ذاتهامن حيث هي ادراك جزئي.
ثالثا : تعود الفكرة فتتماثل مع مفارقتها لذاتها فتبلغ الكل: "إن الحق هو الكل. ولكن الكل ليس إلا الماهية في تحققها واكتمالها عن طريق نموها. فالمطلق يجب القول عنه انه في جوهره نتيجة، أي هو لا يصير ما هو اياه الا في الختام. في هذه الصيرورة تقوم طبيعته من حيث هو دخول فعلي في الواقع، ذات او انماء لنفسه بنفسه" (الفينومينولوجيا، المقطع ال20[6]). عندئذ تتماهى مع الحق ("المعقول متحقق والمتحقق معقول"، مقدمة الخطوط الكبرى لفلسفة الحق). تصبح الفكرة، في عرف هيغل بعد هذا المخاض،"الفكرة بما هي كذلك"،"الفكرة بما هي فكرة"، "الفكرة المطلقة".
من خلال النصوص اعلاه نرى ان هيجل يميز نوعين من النفي ، النفي المجرد ، اي انه نفي ليس فيه ما ينفيه يشبه عملية الاعدام ، الثاني هو نفي الوعي" الذي لا يقضي على ما ينفيه، بل يلغيه ويبقيه ويتخطاه في آن معا
بعد هذا العرض البالغ الايجاز لمنهجية نمو الفكرة ودور النفي فيهاعند هيغل، نتناول بالتحليل نصا لماركس - مستقى من كتابه العائلة المقدسة، 1843 - يتناول فيه بالنقد نظرية هيغل السياسية مبرزا خصائص المنهج الهيغلي:
حِلُ هيغل هنا الوعي بالذات محل الانسان: وهكذا يبدو هنا الواقع الانساني المتعدد الوجوه شكلا محددا من اشكال الوعي بالذات، وواحدا من تحديداته. لكن تحديدا ما للوعي بالذات هو "مقولة خالصة"، "فكرة" خالصة ااستطيع ان ألغيها( aufheben ) في " الفكر الخالص "، وأن أتخطاها بالفكر الخالص. في فينومينولوجيا هيغل،
لا تُمس الأسس المادية ، الحسية، الموضوعية لمختلف الصور المستلبة لوعي الانسان بالذات. وينتج عن هذا الكتاب الهدّام فلسفة محافظة تعتقد أنها تخطت العالم الموضوعي، الحركة الحسية الواقعية ، حين حوّلته الى "موضوع فكري"، الى تحديد من تحديدات الوعي بالذات، وحين استطاعت في "اثير المعرفة الخالصة" إذابة الخصم الذي تحول اثيراً. يقود منطق الفينومينولوجيا إلى إبدال كل واقع انساني ب"المعرفة المطلقة": ف"المعرفة "هي الشكل الوحيد الخاص بالوعي بالذات، والوعي بالذات هو النمط الأوحد للوجود الانساني، وهذه المعرفة "مطلقة " لأن الوعي بالذات لا يدرك سوى ذاته ولا يعيقه أي عالم موضوعي. يجعل هيغل من الانسان انسان الوعي بالذات بدل ان يجعل من الوعي بالذات وعي الانسان بالذات، الانسان الواقعي ومن ثم الحي والمتكيف في عالم موضوعي واقعي. يقلب هيغل العالم على رأسه (اي رأسا على عقب) ويستطيع، من ثم، اذابة كل الحدود ذهنيا مما لا يمنع بقاءها على ما هي عليه للطبيعة الحسية الشقية، للانسان الواقعي...تسعى الفينومينولوجيا إلى اثبات أن الوعي بالذات هو الواقع الوحيد وانه الواقع الكامل.
يقر ماركس في هذا النص بالطابع" الهدّام " لفينومينولوجيا الروح، وهو بذلك يكيل للكتاب مديحا اذ انه ينظر اليه من باب الثورة والتغيير وهو(أي ماركس) ما زال في اوساط االيسار الهيغلي ولو كان رافضا لمعظم مفكري هذا التيار وناقدا لاذعا لهم ("نقد النقد الناقد"). لكنه الى جانب ذلك يقوم" بتفكيك" الكتاب خارجا بالنتائج الاتية:
1)الوعي بالذات هو المفهوم الاساس في الفينومينولوجيا بما هو قدرة نفي للشيء او الموضوع، ثم للذات . الوعي بالذات اهتزاز محض لا تطاله الشيئية.
2)هذا الوعي بالذات النافي والرافض يحلّ في الفينومينولوجيا محل الانسان الواقعي.
3 ) يصبح الانسان احد تحديدات الوعي بالذات اي ان الواقع يصبح احد مراحل او اشكال الفكرة.
4) مع تحول الانسان الى مقولة فكرية يصبح نقده بالفكر او حذفه بالفكر ممكنا.
5) يتحول فكر هيغل الثوري والهدّام الى فكر محافظ: يلغي التحديدات(أو الواقع المرفوض )في الفكر دون مسّه في الواقع.
6) نقطة الوصول في الفينومينولوجياهي "المعرفة المطلقة" التي ترى في الوعي بالذات الواقع الوحيد والواقع التام.
وهكذا يكشف ماركس المثلث الهيغلي:
أ)الوعي بالذات.
ب)النفي الذي يلغي ويبقي ويتخطى في الفكر وحده.
ج) المعرفة المطلقة التي توحّد الذات والموضوع مبقية ومتخطية التحديدات السابقة كلها.
يبقى ان نقول ،في الختام،ان ما اخذه ماركس عن هيغل هو"الجدلية (التي هي)في جوهرها ناقدة وثورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا